ادارة بايدن واثرها في التوجهات الجديدة للسياسة الخارجية السعودية

08-10-2023
زيد البيدر
الكلمات الدالة السعودية أميركا
A+ A-
 
كانت الحملة الانتخابية للرئيس الاميركي جو بايدن كفيلة برسم مسار مختلف للعلاقات بين الجانبين، من خلال الوعود الانتخابية التي قطعها للناخبين فيما يخص السياسة الخارجية الاميركية ضد السعودية، والتي تضمنت ايقاف التعاون بشان حرب اليمن ومحاسبتها عن مقتل خاشقجي وملف حقوق الانسان والديمقراطية، ولم تخلو من تصريحات شديدة اللهجة ضد السعودية وولي عهدها الملك محمد بن سلمان.
 
وبدأ الرئيس الاميركي مصراً على تطبيق وعوده الانتخابية، وذلك من خلال ايقاف الدعم الاميركي للسعودية في حرب اليمن في شباط 2021، أي بعد ايام قليلة على تسلمه السلطة، وموافقته على نشر تقرير للاستخبارات الاميركية تتعلق بمقتل جمال خاشقجي كانت ادارة ترمب قد رفضت نشره، والذي حمّل السلطات السعودية وعلى رأسها ولي العهد محمد بن سلمان المسؤولية عن مقتل جمال خاشقجي وكذلك رفضه التواصل ولقاء ولي العهد السعودي.
 
احدثت تلك الاجراءات توتراً في العلاقات لكن لم تصل الى مرحلة القطيعة بين الجانبين، اذ ربما كانت السياسة الأميركية تجاه السعودية بتلك المرحلة تهدف الى الضغط على النظام السعودي من اجل حمله على تنفيذ اصلاحات داخلية تتعلق بالديمقراطية وحقوق الانسان، او ربما كانت اشبه بتطبيق جزءاً من وعودها الانتخابية دفعاً للاحراج امام جمهورها.
 
والسعودية رغم انها كانت منزعجة من تلك التصريحات والاجراءات التي اتخذتها الادارة الأميركية، الا انها لم تتخذ موقفاً في تلك المدة تجاه ذلك، ويمكن ان يرجع ذلك الى محاولتها (السعودية) حل الخلافات مع الادارة الأميركية الجديدة من خلال استخدام الوسائل الدبلوماسية، او انها كانت بمرحلة دراسة جميع الخيارات المناسبة للرد على تلك الممارسات.
 
لكن ما ازعج السعودية وجعلها تعيد تقييم توجهاتها الخارجية، هو عدم التحرك الأميركي وايقاف الهجمات التي ينفذها الحوثيون على المنشآت الحيوية السعودية ومنها شركة ارامكو، اذ كثف الحوثيون من هجماتهم على الاراضي السعودية منذ نهاية عام 2021، والتي طالت الامارات العربية ايضا، ويشير تقرير صادر عن مركز الدراسات الستراتيجية والدولية، إنه خلال الأشهر التسعة الأولى من عام 2021، بلغت الهجمات التي نفذها الحوثيون على الاراضي السعودية  702 هجوما في المجمل.
 
ان السكوت الأميركي وعدم التعامل مع السعودية كحليف ينبغي توفير الحماية له، على غرار ما تتعامل مع  غيرها من الحلفاء، جعل السعودية تتخذ مجموعة من الخطوات التي يمكن ان تكون بداية لمرحلة جديدة، تكون فيها بعيدة عن الاستقطابات الدولية، او تكون تلك الاجراءات جزءاً من سياسة ضغط على الجانب الأميركي من اجل يدرك اهمية وتأثير السعودية في محيطها الاقليمي والدولي ويعاملها كحليف ستراتيجي ملتزم بالدفاع عنه باستخدام جميع الوسائل ومنها العسكرية.
 
وكانت بداية تلك السياسة في ملف الطاقة، اذ رفضت السعودية الدعوات والضغوط الاميركية الهادفة الى زيادة الانتاج من اجل خفض اسعار النفط، بل اتجهت السعودية الى زيادة التنسيق والتعاون مع روسيا وأعضاء منظمة اوبك او بما يعرف بدول (اوبك بلس) من اجل خفض الانتاج وهو اجراء اصبحت دائما ما تلجأ اليه عند انخفاض الاسعار، متجاهلة التحذيرات الأميركية تجاه تلك الخطوة.
 
وكذلك قيام السعودية بعقد اتفاق ستراتيجي شامل مع الصين في نهاية عام 2022، يشمل جميع الجوانب السياسية والاقتصادية والعسكرية، وهذا ما ازعج الولايات المتحدة الأميركية وجعل البيت الابيض يعلق على الزيارة بانها "مثال على محاولات الصين لبسط نفوذها في أنحاء العالم"، مشددا على أنها لن تغير سياسة الولايات المتحدة تجاه الشرق الأوسط، وسبقت تلك الخطوة قيام السعودية بالتوقيع ايضاً على اتفاقية مع روسيا تهدف الى تطوير مجالات التعاون العسكري المشترك مع الجانبين.
 
وايضا كان التغيير الاخر في توجهات السياسة الخارجية السعودية من خلال الاتفاق الذي عقدته الرياض مع ايران في العام الحالي، والذي تم برعاية صينية بهدف عودة العلاقات بين البلدين، وهو ما مثل صفعة قوية للولايت المتحدة الأميركية وعبرت ردود فعل الخبراء والمراقبيين الأميركيين عن صدمة كبيرة لدرجة استعمل بعضهم عبارات غير دبلوماسية لوصف ذلك.
 
يضيف الى ذلك الموقف السعودي من الحرب الروسية الاوكرانية والذي اتبع الحياد ولم ينجر الى التحشيد الأميركي ضد روسيا باي شكل من الاشكال.
 
ان التوجهات الخارجية السعودية ربما كانت ردة فعل على السياسة الأميركية المتخبطة والتي عمقت من ازمات المنطقة ولم تقدم اي شيء لحلفائها، بل زادت من التحديات التي يواجهونها. فعلى سبيل المثال لم تستطيع الولايات المتحدة من ردع ايران وايقاف التهديد الذي تمثله لدول المنطقة من خلال تمدد نفوذها في عدة بلدان عربية بواسطة جماعات مسلحة مرتبطة بها، واصبحت تشكل تهديداً كبيراً على دول المنطقة ومنها السعودية، وكذلك عجزها عن ايقاف البرنامج النووي الايراني والذي تعده السعودية تهديداً كبيراً للمنطقة والعالم.
 

تعليقات

علق كضيف أو قم بتسجيل الدخول لمداخلات أكثر

أضف تعليقاً

النص المطلوب
النص المطلوب
 

آخر الأخبار

يلماز سعيد

هل يصمد اتفاق عبدي والشرع بعد الإعلان الدستوري؟

شهدت الساحة السورية تطوراً سياسياً لافتاً تمثل في الاتفاق بين قائد قوات سوريا الديمقراطية (قسد) مظلوم عبدي، ورئيس سوريا الانتقالي أحمد الشرع، في ظل متغيرات ميدانية وسياسية معقدة أثرت على مواقف القوى الإقليمية والدولية.