نبوءات المهدي المنتظر حول قيام الدولة الكوردية

26-09-2017
فرست مرعي
الكلمات الدالة نبوءات المهدي المنتظر الدولة الكوردية
A+ A-

أعلنت الأحزاب الكوردية في إقليم كوردستان العراق بقيادة السيد مسعود البارزاني رئيس إقليم كوردستان، عن تنظيم استفتاء حول الاستقلال عن العراق في 25 أيلول/ سبتمبر 2017م.

وكانت تركيا وإيران قد عارضتا بشدة الاستفتاء الذي أجري في كوردستان العراق، مؤكدة أن لهما موقف واضح من وحدة الأراضي العراقية.

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، بهرام قاسمي، مشيراً إلى قرار السلطات الكوردية في أربيل: "إن القرارات المنفردة والبعيدة عن المعايير والأطر الوطنية والشرعية، ستؤدي إلى المزيد من المشاكل وتفاقم الأوضاع الأمنية في العراق".

ويرى محللون أن إثارة القضية الكوردية سواء في العراق أو في تركيا، وحتى سوريا، قد تنعكس على القضية الكوردية في إيران نفسها، حيث تضطهد طهران منذ عقود أكثر من سبعة ملايين كوردي غربي البلاد.

وتخشى إيران من استقلال إقليم كوردستان في العراق، لأن مثل هذه الخطوة سوف تشجع الكورد الإيرانيين، على المطالبة بالمزيد من الحقوق السياسية والاقتصادية والاجتماعية.

وقامت طهران بإعدام العشرات من النشطاء الكورد المطالبين بالحقوق القومية والدينية خلال العام الماضي غربي البلاد بتهم الإخلال بالأمن القومي الإيراني، الأمر الذي أدانته مؤسسات دولية بشدة.

وتتابع إيران القضية الكوردية في الدول المجاورة الثلاث، تركيا والعراق وسوريا بحساسية كبيرة، حيث حصل الكورد في الدول المذكورة على بعض حقوقهم القومية بنسب متفاوتة، بينما لا تزال طهران تعارض أبسط الحقوق القومية، منها الزي الكوردي في الإدارات، وتعليم لغة الأم في المدن الكوردية. 

لقد تعرّض الشعب الكوردي  الذي غالبيته  مسلمون على مذهب أهل السنة والجماعة بنسبة (80%) خلال تاريخهم الطويل، لحملات عديدة من التشويه طالت جنسهم وتراثهم، لكن لم يصل الحد بأحد إلى التنبؤ بمستقبلهم، وكيف أنهم سيستولون على مناطق ليست جزءاً من بلادهم، وأنهم يعيثون في الأرض فساداً، والغريب أن هذه النبوءات منسوبة زوراً إلى آثار تعود إلى الخليفة علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وعند مقارنة هذه الآثار بالحقيقة وأدوات البحث العلمي، فإنه سرعان ما تنهار انهيار بيت العنكبوت، حيث يبدو التهافت والتحريض الطائفي واضحاً في ثنايا هذه النصوص البشرية الموضوعة أصلاً لغايات سياسية وعنصرية تخدم أهدافاً محددة.

ومع ذلك فإن الكورد يكنون حباً عميقاً لأهل بيت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، وهذا يبدو واضحاً في كثرة تسمية أبنائهم بأسماء أهل البيت أمثال: علي وفاطمة وزينب والحسن والحسين،  فضلاً عن انتشار الطرق الصوفية في كوردستان كالقادرية والرفاعية والكسنزانية التي تنتهي بمرجعيتها الى شخصيات تنتهي بنسبها إلى البيت النبوي.

ولكن رغم ذلك جاءت العديد من الروايات والآثار المنسوبة إلى أئمة الشيعة الاثنى عشرية، وتحديداً الإمام علي بن أبي طالب والإمام السادس جعفر الصادق، والإمام الثاني عشر (المهدي المنتظر) الذي غاب سنة 260هـ/874م، وإلى محدثي وعلماء الشيعة الكبار، وهي تحض على مقاطعة الكورد وعدم إقامة علاقات المصاهرة والتجارة معهم باعتبارهم قوماً (من الجن كشف الله عنهم الغطاء)، كما ترد في هذه الروايات العديد من حالات الاحتكاك والاحتقان السياسي التي ستجري في المستقبل أو جرت فعلاً في زمن ورود هذه الروايات أو ما قبلها.

وهذه الروايات والأحاديث جاءت في أمهات الكتب الشيعية: ككتاب (الكافي) لثقة الإسلام (محمد بن يعقوب الكليني المتوفى سنة 329هـ/939م)، الذي يعد أصح كتاب للأحاديث عند الشيعة الاثني عشرية، على غرار كتاب  المحدث البخاري عند أهل السنة والجماعة.

 روى (الكليني) في كتاب (الكافي) في عدد من الروايات عن (أبي الربيع الشامي) قال: "سألت أبا عبد الله (جعفر الصادق) عليه السلام فقلت: إن عندنا قوما من الأكراد، وأنهم لا يزالون يجيؤون بالبيع، فنخالطهم ونبايعهم؟، قال: يا أبا الربيع لا تخالطوهم، فإن الأكراد حي من أحياء الجن، كشف الله تعالى عنهم الغطاء فلا تخالطوهم". 

ويقول شيخ الطائفة  الطوسي المتوفى سنة  460هـ/1069م في كتابه (تهذيب الأحكام)، وهو من كتب الحديث الأربعة المعتمدة عند الشيعة الاثني عشرية ما نصه: "حدثني أحمد بن إسحاق أنه كتب إلى (أبي محمد) يسأله عن الأكراد فكتب إليه: لا تنبهوهم إلا بحر السيف (أي القتل)"، جاءت كلمة (حر) في لسان العرب لابن منظور،  بمعنى أي القتل اشتدَّ.

وقد نقل هذه الروايات العشرات من علماء وفقهاء ومراجع الشيعة في مختلف العصور، في كتبهم المعتمدة لدى الطائفة، ولا زالت تدرس في حوزاتهم العلمية إلى وقت كتابة هذا المقال، ومن أبرز هؤلاء العلماء والفقهاء في التاريخ المعاصر، حسب التسلسل التاريخي لوفياتهم:

1- الكلام في شرح شرايع الإسلام،  لمحمد بن الحسن النجفي المعروف بالجواهري المتوفى سنة 1266هـ/1849م.
2- مستدرك سفينة البحار لعلي النمازي الشهرودي المتوفى سنة 1405هـ/1985م
3- وسيلة النجاة لمرجع إيران والعراق أبو الحسن الأصفهاني المتوفى سنة1367هـ/1946م.
4- جامع المدارك في شرح الجوهر النافع، لأحمد بن السيد يوسف بن السيد حسن الموسوي الخوانساري المتوفى سنة 1405هـ/1985م.
5- منهاج الصالحين، وكتاب (مستمسك العروة الوثقى(  لمرجع الشيعة في العراق والعالم محسن الحكيم الطباطبائى البروجردي المتوفى سنة 1390هـ/ 1970م.

ولكنهم رغم القسوة والشدة واستعمال حرب الإبادة من قبل الشاهات الصفويين ضد الكورد السنة، أمثال: إسماعيل وحفيده عباس في القرنين العاشر والحادي عشر الهجريين/ السادس عشر والسابع عشرالميلاديين على التوالي، لم يستطيعوا إلاّ تشييع قسم قليل من هذا الشعب بدعم مباشر من بعض شيوخ ومريدي الطرق الصوفية الباطنية الممزوجة بالتشيع: كالقلندرية والحروفية، والبابائية، واليسوية، والبكتاشية التي انتشرت آنذاك في الهضبة الإيرانية وكوردستان، وكانت لها بنية راسخة إلى حدٍ ما عند العديد من الشخصيات الدينية من شيوخ التصوف وكبار مريديهم.

وبشأن تنبؤات المهدي المنتظر حول قيام الدولة الكوردية، ينقل الحاج الشيخ محمد مهدي زين العابدين النجفي في كتابه الموسوم (بيان الأئمة للوقايع الغريبة والأسرار العجيبة)، تحت باب: (نور الأنوار)، و(الشيخ الكوردي)، و(ظهور الأكراد البارزون)، جاء فيها ما نصه: "وارتفع علم العماليق في كوردستان، وفي رواية أخرى قال: وعقدت الراية لعماليق كردان، وقال أمير المؤمنين (عليه السلام): ويل للبغداديين من سيوف الأكراد".

وفي البيان (57) يذكر الشيخ النجفي في الأخبارعن ظهور المفقود بين التل وخروج الأصفر وفتنة شهرزور (المنطقة الواقعة في أطراف السليمانية من جهة الشرق إلى الحدود الإيرانية)، وظهور الشيخ الكوردي، وهجوم الغربيين على دول الخليج والبصرة والحجاز والشام ...".

وفيما بعد يشرح مؤلف الكتاب الخطبة والمصطلحات الواردة فيها كالعماليق وكوردستان قائلاً: "العماليق جمع العمالقة وهم طائفة وفرقة من الأكراد، وهم من أولاد عمليق بن آدم بن سام بن نوح (عليه السلام)، وهم متفرقون في أطراف الأرض، وفي الزمان السالف كان منزلهم الشام، وكوردستان منطقة جبلية تقع بين الأناضول وأرمينيا وأذربيجان والعراق وتتقاسمها تركيا والعراق وإيران والاتحاد السوفييتي، سكانها أكراد، فهؤلاء الأكراد عبّر عنهم بالعماليق لأن أصلهم من أولاد عمليق بن آدم، فأما تحركهم دولة أخرى كما يظهر من قوله (علي بن أبي طالب) وعقد الراية لعماليق كوردستان بأن يعقدها لهم شخص آخر ودولة أخرى فيرتفع علمهم، وأما أنهم يقومون بثورة ويتحركون فيطلبون الاستقلال والدولة".

وعند مناقشة هذه النصوص المارة الذكر مناقشة علمية - يتبيّن لنا تهافتها- وأن واضعها كان يبغي خدمة طرف بعينه، ألا وهو إيران، فالكتاب مطبوع في طبعته الثانية في بيروت سنة 2003م في عهد الجمهورية الإسلامية!، والمعلومات الواردة فيه ترجع دون شك إلى الربع الثالث من القرن العشرين، لأن الكتاب وضع أو ألف سنة1383هـ/ سنة1963م، وهذا ينطبق على حكم الشاه (محمد رضا بهلوي) الذي حكم إيران من سنة1941 لغاية 1979م.

 ومن جانب آخر فإن الإمام علي بن أبي طالب استشهد سنة 40هـ فكيف يتطرق إلى ذكر بغداد التي بنيت بعد استشهاده بأكثر من مائة سنة في 145-149هـ في عهد الخليفة العباسي أبو جعفر المنصور؟، كما أن العمالقة الذين اعتبرهم (الشيخ النجفي) طائفة من الكورد هم أصلاً من الكنعانيين الذين كانت فلسطين تسمى باسمهم (بلاد كنعان)، وهم قبائل سامية كانت تستوطن بلاد كنعان (فلسطين) في بداية الألف الثالث قبل الميلاد قبل أن تهاجر إليها القبائل البلستينية (الفلسطينية) من الجزر اليونانية "كريت" وغيرها في نهاية الألف الثاني قبل الميلاد.

بعدها يشيرمؤلف النبؤة إلى خطبة للإمام علي بن أبي طالب: "... ثم يظهر برأس العين رجل أصفر اللون على رأس قنطرة فيقتل عليها سبعين ألفاً صاحب محل، وترجع الفتنة إلى العراق وتظهر فتنة شهرزور وهي الفتنة الصماء والداهية العظمى، ثم قال الراوي، فقامت جماعة وقالوا: يا أمير المؤمنين بين لنا من أين يخرج هذا الأصفر وصف لنا صفته، فقال "أصفه لكم مديد الظهر قصير الساقين سريع الغضب، يواقع اثنتين وعشرين وقعة وهو شيخ كوردي بهي طويل العمر، تدين له ملوك الروم ويجعلون خدودهم وطاءه على سلامة من دينه وحسن يقينه...". 

ويظهر أن المقصود بالشيخ الكوردي والأصفر، الزعيم الكوردي الراحل ملا مصطفى البارزاني (1903-1979م)، لأن الحركة الكوردية ضد السلطات العراقية بدأت في شهر أيلول/ سبتمبر عام1961م  بقيادته، والشيخ النجفي صنف كتابه في سنة1383هـ/ 1963م، والعلاقات بين الحركة الكوردية وإيران لم تكن على ما يرام في تلك الحقبة مثلما صارت جيدة جداً في الحقبة التي تلتها، وخاصة في السنوات التي تلتها لغاية 1975م، حيث انهارت الحركة الكوردية بعد توقف الدعم الإيراني لها، وربما يقصد بالأصفر لون الحزب الديمقراطي الكوردستاني بقيادة البارزاني.

وفي موضع آخر يذكرالشيخ النجفي عن كوردستان بقوله: "وسكان هذا الإقليم كلهم كورد، وهؤلاء الكورد، أي سكان هذا الإقليم خاصة وهو إقليم كوردستان، لهم ثورة قبل ظهور الإمام القائم - المهدي المنتظر ... يطلبون فيها المملكة والدولة والاستقلال، فيقومون بثورة ويرفعون شعاراتهم في إقليمهم، وذلك عند ضعف الحكومات المجاورة لهم وعدم وجود من يكون معارضاً لهم، فينهضون ويثورون بعشائرهم وقبائلهم ويرفعون العلم الخاص بهم ويعقدون للكتائب من جيشهم راية خاصة لهم بعد أن يرتبون (هكذا) دولة لهم، ففي بعض الروايات أنهم يحكمون البلاد(مناطقهم) المجاورة لهم من السليمانية وكركوك وأربيل وخانقين وأطراف هذه البلاد ويكون شمال العراق بأجمعه".

وفي شرحه لاحتلال الكورد بغداد عملاً بالرواية آنفة الذكر، يقول: "وفي بعض الروايات أنهم يهجمون على بغداد ويقتلون من جيش بغداد جمعاً كثيراً (هكذا) ويوقعون واقعة عظيمة في بغداد، كما يدل على ذلك الخبر المتقدم عن الإمام أمير المؤمنين ... حيث قال:"ويل للبغداديين من سيوف الأكراد".

ويستطرد قائلاً بأن الكورد من الطوائف التي تحارب القائم عليه السلام، ويحاربهم فيقضي عليهم ويغلبهم فيقتل من يقتل منهم والباقي يكونون تحت طاعته ويمتثلون لأوامره ونواهيه فيدخلون تحت سيطرته طوعاً أو كرهاً، كما سيقضي على كل من يحاربه من الطوائف والدول.

وفي اعتقادي أن المقصود بها (جمهورية مهاباد الكوردية في إيران) التي أسسها (قاضي محمد) سنة 1946م بدعم سوفييتي أثناء سيطرته على شمال إيران في سنوات الحرب العالمية الثانية، ولما كان الشيخ النجفي الإيراني مخلصاً لشاه إيران (محمد رضا بهلوي)، الذي قضى على هذه الجمهورية، وأعدم قادتها، وعلى رأسهم (قاضي محمد) في 31 آذار/مارس1947م، فإنه جاء بهذه الدسيسة ونسبها زوراً وبهتاناً إلى الإمام علي بن أبي طالب لكي يثبت للعالم أن الكورد لن تقوم لهم قائمة أو كيان إلا اعتماداً على الدعم الأجنبي، وهذا هو نفس الأسلوب التي يردده خصوم الكورد حالياً من أنهم ينتظرون الدعم الغربي والإسرائيلي، وأنهم يتحينون الفرص للانقضاض على الأنظمة والحكومات التي تحكم الأجزاء العديدة من بلادهم كوردستان. 

ولكي يحول هذا النبؤة إلى واقع، شكل مقتدى الصدر جيش المهدي في نهاية شهرآذار/ مارس عام 2004م في الوقت الذي تبوأ فيه السيد مسعود البارزاني رئاسة مجلس الحكم في العراق آنئذٍ، ويعتقد أن غالبية جيش المهدي هم من فدائيي الرئيس الأسبق صدام حسين الساكنين مدينة الثورة(حالياً مدينة الصدر)، والذي كان له دور خبيث في اغتيال وتهجير الآلاف من أهل السنة في بغداد والمحافظات في سنوات 2006-2007م.

فبينما يردد البعض شعارات سياسية ضد الكورد، نلاحظ أن الشيخ النجفي الإيراني اعتمد على آثار دينية تراثية (تنبؤات) أشبه بالميثولوجيا، لإثبات أن الكورد يستغلون الفرص اعتماداً على قوى أجنبية، وإذا حالفهم الحظ فإن دولتهم أو كيانهم سرعان ما يزول وإن طال أمده على يد القائم (المهدي المنتظر).

ويظهر أن تصريحات الشيخ النجفي حول إبادة (المهدي المنتظر) للكورد وفي روايات كثيرة قبلها للعرب، تشبه إلى حد كبير تصريحات الحاخام اليهودي (عوفاديا يوسف) حول إبادة الماشيح (المسيح المنتظر) للعرب... فهل هناك أوجه تشابه بين هذه الميثولوجيا والميثولوجيا اليهودية؟.

هذا المقال يعبر عن وجهة نظر الكاتب وليس له علاقة بوجهة نظر شبكة رووداو الإعلامية.

تعليقات

علق كضيف أو قم بتسجيل الدخول لمداخلات أكثر

أضف تعليقاً

النص المطلوب
النص المطلوب