أربعة ارهاب : قانون مكافحة الإرهاب العراقي رقم (١٣) لسنة ٢٠٠٥ ، المادة الثانية رابعاً التي تنص على "العمل بالعنف والتهديد على اثارة فتنة طائفية او حرب اهلية او اقتتال طائفي وذلك بتسليح المواطنين او حملهم على تسليح بعضهم بعضا وبالتحريض او التمويل . "
كان لهذا النص القانوني أبعاد آخرى لا تمت للإنسانية بِصلة معتقلين وسُجناء تمت محاكمتهم بإعترافات تحت التعذيب والقتل ومازلوا حتى يومنا هذا يقبعون خلف قضبان السجون ..!
القتل على الهوية : عمر ..علي ..حسين ..عثمان فاسمك قد يكون حكماً بتعذيبك وإعدامك وترك جثتك في أقرب مرمى للنفايات .
سيارات مفخخة ، تفجير المساجد ، انتحاري داخل كنيسة للديانة المسيحة ، زرع عبوات ناسفة على قارعة الطريق ثم موت ..موت ..موت. الكثير من الموت ، والكثير من الأرامل .
أطفال ايتام ملامحهم قادرة على أن تخبرك أن الحزن لهُ مستقرٌ ودار في قلوبهم البريئة .
وللقصص بقية !
نعم هي قصص وليست قصة واحدة ، قصص أشد رعباً من أفلام هوليوود التي تُصدر لنا ويشاهدها العالم أجمع على إنها مقتبسة من قصص واقعية ، لكي أدخل في صُلب الموضوع كنت بصدد كتابة مقال يتحدث عن الحاضر فيما يتعلق بالحكومة العراقية المنتخبة ، التشكيلة الوزارية التي سوف يقدمها رئيس الوزارء المكلف عادل عبد المهدي، وهو ينتهج أسلوباً جديداً بدءاً من إنتقال مقرهُ بعيداً عن اسوار المنطقة الخضراء المحصنة إنتهاءاً بفتح باب الترشيح الإلكتروني أمام من يجد في نفسه الكفاءة والقدرة على تسلم مهام الوزارات لشغل مناصب مهمة وتسلم حقائب وزارية على حسب الكفاءة بعيداً عن المحاصصة التي نخرت مفاصل الدولة العراقية بالفساد على مدار السنوات السابقة .
رئيس جمهورية العراق الذي يتأمل فيهِ الرأي العام العراقي خيراً وبصيص أمل لواقع سياسي ينعكس على المواطن بتحسن الاوضاع .
جميع هذهِ أحداث تحمل أبعاد اخرى على ارض الواقع .
كان من الارجح الكتابة عن كل ذلك ، لكن ذاكرتي لم ترضخ للواقع ، الحاضر لهُ عشرات الأوجه والقصص والاحداث والتحليلات هنالك ماهو منطقي منها وهو غير منطقي كإبتعاد العراق في تشكيلاته الوزاري عن المحاصصة مثلاً ..!
أليس من السهل الكتابة عما يدور اليوم والاستعانة بما توفر من معلومات في بناء مقال جيد برؤية متفق عليها ، لكن للماضي أثرهُ أيضاً ، وثأرهُ وتاريخٌ طويل من المعاناة يستحق إعادة فتحهُ والمرور من خلاله لنذكر ونَتذكر ، ونتعلم لكي لا يُكرر جيل آخر قادم ما ورثهُ من أفكار تم زرعها في نواة المجتمع العراقي لرسم أشكال عنصرية أودت بحياة الكثير من أبناء المجتمع دون ذنب واحد فقط كونهم يحملون الجنسية العراقي وكانوا متواجدين خلال فترة شهدت أحداث إجرامية غير عادية مر بها العراق آنذاك .
كان للصراع الطائفي الذي بدأ عام ٢٠٠٦ وأمتد لسنوات بعدها بداية صفحة ملطخة بدماء الأبرياء من الشعب العراقي ، بإعتبارها الفترة الأسوء والأكثر دموية بالنسبة لنا كعراقيين ، حيث أخذت هذهِ الأحداث وآثارها أوجه وأبعاد آخرى فيما بعد غيرت من بنية المجتمع العراقي ككل .
شهدنا تغيرات غير متوقعة مسرح الجريمة لم يكن حدود المنطقة الخضراء المحصنة التي تحتضن قادة العملية السياسية القادمين من خارج حدود العراق حيث احتلوا قصور الرئيس العراقي السابق صدام حسين وكانت برفقتهم جارتهم السفارة الأمريكية المُطلة على نهر دجلة والتي بدأت مرحلة التشييد آنذاك ، بينما يتم تفجير السيارات المفخخة على الأبرياء وتعج طُرقات مدينة بغداد بالشهداء، ويُقتل أحد أهم الأطباء وأساتذة الجامعات في تصفية ممنهجة وجرائم قتل منظمة ، كانت السفارة الأمريكية تُشيد لها حصن حَصين وتتحرك الناقلات المُحملة بمواد البناء والإسمنت وكل ما هم بحاجتهُ لتوفير الرفاهية والأمان داخل حدود المنطقة الخضراء ، أما الجحيم الذي تشتعل نيارنهُ حول أبناء البلد طوال الليل والنهار هو تحصيل حاصل .
كان كل مكان وأي مكان هو مسرحاً للجريمة ..الأسواق ، المساجد ، المدارس ، المستشفيات ، كل الطرق الآمنة والمدن التي كانت تنعم بالهدوء والإستقرار في يوم وليلة تحولت لمُدن يسكنها الأشباح وقُطاع الطرق ، لا آمان ، لا قانون ، أصبح العراق منذ ذلك الحين هو الخبر العاجل والخبر الأول بالنسبة للإعلام العربي والعالمي ، نشأ جيل يرى الدماء تسيل بأم عينهُ ويعتبرها أمر طبيعي ، هل تتخيل معي عزيزي القارئ ما معنى أن يرى طفل والدهُ يُقتل امامهُ !!
انتحاري يفجر نفسهُ و يتسبب ببتر ذراعي الطفل أو غياب الضوء الى الأبد عن عينيه !!
أي طفولة تلك التي شهدها هذا الجيل ، مع هذهِ الذاكرة التي تركت آثارها علينا نحن اليوم لا نحتاج تشكيلة وزارية بعيدة عن المحاصصة الحزبية ، نحتاج إلى مشاريع وخطط تؤهل الأجيال فكرياً ومعنوياً لتكون على أتم الإستعداد لبناء عراق جديد
جذور نقية تنتج ثمراً مُثمراً يعود خيرهُ للوطن والمواطن .
هذا المقال يعبر عن وجهة نظر الكاتب وليس له علاقة بوجهة نظر شبكة رووداو الإعلامية.
تعليقات
علق كضيف أو قم بتسجيل الدخول لمداخلات أكثر
أضف تعليقاً