رووداو – أربيل
عادت النازحة الموصلية "سعدية صالح" إلى مدينة الموصل برفقة 8 من أحفادها، إلا أنها وجدت نفسها مُضطرةً للعودة مجدداً إلى مخيم "حسن شام"، ورغم أنها لا تعلم كيف تتولى حماية أحفادها، إلا أن المرء يشعر بأنها تُداريهم وترعاهم على أكمل وجه، فيما تتلخص آمالها وأمانيها في كيفية إبعاد الخطر والجوع عنهم، وهو ما يتوفر لها داخل هذا المخيم.
وقالت النازحة الموصلية، سعدية صالح، لشبكة رووداو الإعلامية: "لقد عدتُ إلى منزل شقيقة زوجي في الموصل، لأن منزلنا تعرض للدمار، وبقيتُ هناك لمدة شهر، وكانت الأوضاع سيئة للغاية ولا تُحتمل، كما أن الأمان غير متوفر هناك، وأسعار كل شيء مرتفعة، كنتُ أجلس وأبكي، لذلك فإن هذا المكان أفضل لي بكثير، نحن 10 أشخاص، والغالبية أطفال، إنهم يقدمون لنا الطعام، حيث نتناول قسماً منه ونبيع القسم الآخر ونشتري بثمنه اللحم والخضار، كما أنهم يقدمون الملابس للأطفال".
على الرغم من أنهم يعيشون تحت أشعة الشمس الحارقة، ويواجهون حياةً صعبةً وقاسيةً تحت خيمٍ هَشَّةٍ ومثقوبة، إلا أن النازحين العراقيين يرون في حياة المخيم أفضل الخيارات.
اضطر أهالي الموصل للنزوح عن ديارهم وممتلكاتهم بسبب الحرب على تنظيم داعش، وبعد مرور عامين على نزوحهم، لا يرغب قسم من أهالي الموصل بأن يُجبروا مجدداً على ترك مخيمات النزوح والعودة إلى المدينة، لأن أوضاع النزوح رغم صعوبتها، إلا أنها تبقى أفضل من أوضاع الموصل الحالية بحسب رأيهم.
تحت هذه الخيم التي لا أبواب ولا عناوين لها، توجد الكثير من قصص الألم، الشابةُ الأرملةُ "عيدة عويد" أم لطفلين، وتقول إنها عادت مرةً واحدةً إلى الموصل، إلا أنها لم تعد ترغب بالعيش فيها أبداً، لذلك ستبقى في المخيم ما استطاعت.
وفي هذا السياق تحدثت النازحة عيدة عويد، لرووداو، قائلةً: "أنا أرملةٌ منذ 8 سنوات، ولم أعرف طعم الأمان أبداً، لقد كنت أتنقل بين المنازل، فتارةً في منزل والدي وتارةً أخرى في منزل والد زوجي، أما الآن فأعيش بسلام في المخيم، فإلى من سأعود في الموصل؟، لم يعد لي شيء هناك".
يوجد في حدود محافظة أربيل 38 ألف و871 نازح عراقي يعيشون في 8 مخيمات، غالبيتهم من أهالي الموصل، حيث أن أكثر من 6 آلاف عائلة تعيش في مخيمات نازحي الموصل الثلاثة بأربيل، والتي لا تزال مترددة في اتخاذ قرار العودة.
من جهته قال مدير مخيم حسن شام، رشيد درويش، لرووداو، إن "هناك أكثر من 6 آلاف عائلة موصلية في مخيمات (حسن شام، يو2، والخازر)، ونحن ضد إعادة النازحين بالقوة، ولا نضغط عليهم أبداً، كما أن بعض الذين قرروا التوجه إلى الموصل، عادوا مجدداً إلى المخيمات، وقد استقبلناهم ووفرنا لهم كافة المستلزمات كما فعلنا في المرات السابقة، وهناك عوائل جديدة تتوافد من الموصل بشكل يومي، كما أن أكثر من 20 عائلة كانت موجودة هنا وذهبت إلى الموصل، وعادت اليوم إلى المخيمات مجدداً".
يبدي النازحون رضاهم عن العيش هنا، ويقولون إن مرارة النزوح أهون من قساوة العيش، إلا أنهم يؤكدون على تمسكهم ببصيص الأمل، ويتطلعون كباراً وصغاراً إلى بزوغِ فجرِ حياةٍ أجمل.
ترجمة وتحرير: أوميد عبدالكريم إبراهيم
تعليقات
علق كضيف أو قم بتسجيل الدخول لمداخلات أكثر
أضف تعليقاً