رووداو ديجيتال
مع اقتراب موعد الانتخابات في ألمانيا، تزايدت مخاوف الجاليات المسلمة من تداعيات صعود اليمين المتطرف، الذي جعل من ملف الهجرة محور حملاته السياسية.
في مدينة غلزنكيرشن، التي كانت تعرف قديماً بـ"مروج الكنائس" لكثرة الكنائس التي أُنشئت فيها، بات البعض يطلق عليها اليوم "مروج المساجد"، حيث تحتضن 31 مسجداً من أصل 3000 مسجد في عموم ألمانيا.
ومع بدء الحملات الانتخابية، تحولت المساجد إلى مراكز تعبئة انتخابية، حيث يحثّ المسلمون بعضهم بعضاً على ضرورة المشاركة الفعالة في الانتخابات وعدم التفريط بأصواتهم، معتبرين أن المرحلة القادمة ستكون حاسمة لمستقبلهم في ألمانيا.
"الاستهداف كان ضد اليهود، والآن ضد المسلمين"
في مسجد "الإخوة" بمدينة غلزنكيرشن، يقف الإمام إبراهيم الحوراني أمام المصلين، متحدثاً باللغتين العربية والألمانية عن أهمية المشاركة السياسية لحماية الحقوق الدينية للمسلمين. الإمام إبراهيم، وهو ابن لأم ألمانية وأب فلسطيني، يشدد على أن التصويت حق لا ينبغي للمسلمين التهاون فيه.
يقول إبراهيم الحوراني لشبكة رووداو الإعلامية: "كأن التاريخ يعيد نفسه. هذا ما كنا نعيشه عام 1933 قبل وصول هتلر إلى السلطة، حيث كانت الأوضاع السياسية والإعلامية والنقاشات الدائرة تشبه كثيراً ما نراه اليوم. الفرق الوحيد هو أن الاستهداف حينها كان ضد اليهود، أما الآن فهو ضد المسلمين".
ورغم أن المسجد ذو طابع كوردي، إلا أنه يستقطب أيضاً عدداً كبيراً من العرب، الذين يتوافدون إليه للصلاة والمشاركة في النقاشات السياسية الدائرة حول مستقبل الجالية المسلمة في ألمانيا
رياض، شاب سوري يعيش في ألمانيا منذ عشر سنوات، يرى أن الانتخابات هذه المرة أكثر أهمية من أي وقت مضى، خاصة في ظل تصاعد الخطاب المناهض للمهاجرين، وينتظر توصية الجمعية الإسلامية بشأن الحزب الذي سيصوت له.
في حديثه لرووداو، يشير إلى "عدم وجود حزب يرضي جميع متطلبات المسلمين"، موضحاً: "نحن في دولة غربية، لها قوانينها، لكن علينا قدر الإمكان أن نقترب من الحزب الذي يحقق لنا الحد الأعلى من الأهداف".
ومع تصاعد الخطاب المناهض للمهاجرين من قبل الأحزاب اليمينية الألمانية، بات المسلمون يتعرضون للاستهداف أحياناً بشكل مباشر وغير مباشر، ويرون، كغيرهم من مكونات هذا البلد، أن نتائج هذه الانتخابات سيكون لها تأثير على حريتهم الدينية في ألمانيا.
أما روا قرداخي، وهو ناخب مسلم، فيؤكد أن المشاركة في الانتخابات باتت ضرورة ملحّة لتعزيز موقع المسلمين في المجتمع الألماني.
في حديثه لرووداو، يؤكد أن "التصويت هذه المرة في ألمانيا بالغ الأهمية"، مضيفاً: "نحن، كأشخاص لا ننتمي بالكامل إلى المجتمع الألماني، من الضروري أن نشارك في الانتخابات، حتى يكون لنا قوة وتأثير هنا في ألمانيا".
المخاوف من تأثير نتائج الانتخابات على الحريات الدينية ليست بعيدة عن ذهن هيرش حمه خان، وهو مسلم مقيم في ألمانيا منذ 30 عاماً، وشارك في معظم الانتخابات السابقة.
في كل مرة، يذهب للتصويت مرتدياً الزي الكوردي التقليدي، ويرافقه أطفاله ليشهدوا على أهمية التصويت.
هيرش حمه خان يوضح لرووداو المشهد الانتخابي الألماني قائلاً إن "الأحزاب الرئيسية في ألمانيا مثل الاتحاد الديمقراطي المسيحي، الحزب الاشتراكي الديمقراطي، وحزب الخضر، جميعها تتصدر المشهد السياسي. وهناك أيضاً أحزاب أخرى صغيرة".
ورغم عدم كشف الناخبين عن توجهاتهم، ألمح إلى إمكانية أن يصوّت هذه المرة للحزب المسيحي الديمقراطي.
يشكل المسلمون ثاني أكبر مجموعة دينية في ألمانيا بعد المسيحيين، إذ يتجاوز عددهم خمسة ملايين نسمة، ما يجعلهم قوة انتخابية قادرة على التأثير في المشهد السياسي.
تعليقات
علق كضيف أو قم بتسجيل الدخول لمداخلات أكثر
أضف تعليقاً