رووداو - أربيل
دفع الهجوم الذي تشنه القوات التركية والفصائل السورية المسلحة الموالية لها على مناطق كوردستان سوريا منذ الأربعاء الماضي، نحو 100 ألف شخص للنزوح حتى الآن، وفق ما قدرت الأمم المتحدة، في وقت تتواصل فيه الاشتباكات العنيفة مع محاولة قوات سوريا الديمقراطية التصدي للتقدم التركي.
وتستمر التصريحات الأمريكية المتناقضة حول الهجوم التركي، فبعدما حذر وزير الدفاع الأمريكي، مارك إسبر، من "عواقب وخيمة"، قال قائد هيئة الأركان أن العملية التركية "محدودة نسبياً".
وبعدما طالته انتقادات لاذعة متهمة إياه بالتخلي عن الكورد ومحذرة من انتعاش تنظيم "الدولة الإسلامية - داعش"، كلّف الرئيس الأمريكي دونالد ترمب دبلوماسيّين التوسّط في "وقف لإطلاق النار" بين حليفيه، الكورد شركاؤه الأبرز في الحرب ضد "الجهاديين"، وأنقرة شريكته في حلف شمال الأطلسي.
وأعلنت الأمم المتحدة، اليوم الجمعة، أن "ما يقرب من مئة ألف شخص قد غادروا منازلهم"، مشيرة إلى أنه "رغم أنه تمّ إيواء معظمهم في المجتمعات المضيفة، إلا أنّ أعداداً متزايدة منهم ما زالوا يتوافدون على مراكز الإيواء الجماعية والمدارس" في مدينة الحسكة.
وجراء التصعيد، باتت بلدات حدودية بأكملها شبه خالية، وشوهد عشرات النازحين لدى وصولهم إلى بلدة تل تمر التي تكتظ تدريجياً بالفارين.
وقال رياض أحمد (56 عاماً)، في تصريح صحفي: "نحن هنا بلا مأكل أو مشرب، ولا فرش لدينا ننام عليها، خرجنا تحت وابل من القصف".
وحذرت منظمات دولية من كارثة إنسانية جديدة في النزاع المستمر منذ العام 2011 في سوريا، واعتبرت منظمة أطباء بلا حدود، اليوم الجمعة، أن التصعيد "سيفاقم من الصدمات التي تكبّدها السوريون خلال أعوام من الحرب والعيش في ظروف محفوفة بالمخاطر".
وأغلق مستشفى في تل أبيض، كانت تدعمه المنظمة، أبوابه بسبب مغادرة معظم أفراد الطاقم الطبي مع عائلاتهم.
وأخلت الإدارة الذاتية بكوردستان سوريا، اليوم الجمعة، مخيم المبروكة للنازحين، الواقع على بعد 12 كيلومتراً من الحدود، وتبحث عن موقع بديل لمخيم عين عيسى، لحماية 20 ألف نازح في الموقعين من القصف التركي.
من جهته أحصى المرصد السوري لحقوق الإنسان مقتل سبعة مدنيين بالنيران التركية، اليوم الجمعة، لترتفع بذلك حصيلة القتلى منذ الأربعاء إلى 17 مدنياً.
وأعلنت أنقرة الجمعة مقتل أربعة جنود أتراك وإصابة عدد آخر في إطار العملية العسكرية، في حين تؤكد قوات سوريا الديمقراطية أن عدد قتلى الجنود الأتراك، أكبر بكثير.
وسبق أن نددت عدة دول، على رأسها بريطانيا، فرنسا، هولندا، إيطاليا، بلجيكا، النرويج وغيرها، فضلاً عن عدد من الدول العربية، في مقدمتها السعودية، الإمارات، مصر والأردن، الهجوم التركي على مناطق كوردستان سوريا، وأكدت أنه سيؤثر سلباً على الحرب ضد تنظيم داعش، فيما حذرت منظمات إغاثية من وقوع كارثة إنسانية جديدة جراء الهجوم.
وطرح الرئيس الأمريكي، دونالد ترمب، أمس الخميس، ثلاثة خيارات لحل الأزمة التي تشهدها كوردستان سوريا منذ أن بدأت تركيا، الأربعاء الماضي، هجوماً عسكرياً عليها، بدعم من الفصائل السورية المسلحة الموالية لأنقرة، وقال ترمب، في تغريدة على صفحته بموقع "تويتر"، إن "لدينا واحد من ثلاثة خيارات، الأول إرسال الآلاف من القوات والانتصار عسكرياً، والثاني هو ضرب تركيا بشدة من الناحية المالية، مع العقوبات، أما الثالث فهو التوسط في صفقة بين تركيا والكورد".
من جهته دعا الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، أمس الخميس، تركيا إلى "أن تنهي في أسرع وقت" هجومها في سوريا، منبهاً إياها إلى "خطر مساعدة داعش في إعادة بناء خلافته".
من جهتها أعلنت النرويج، العضو في حلف شمال الأطلسي، أمس الخميس، تعليق تصدير أي شحنة أسلحة جديدة لأنقرة بعد بدء الهجوم التركي في شمال شرق سوريا، وقالت وزيرة الخارجية النرويجية، اين إريكسن سوريدي، في تصريح صحفي: "لأن الوضع معقد ويتغير بسرعة، لن تنظر وزارة الخارجية في سياق إجراء وقائي في أي طلبات لتصدير معدات دفاعية ومعدات ذات استخدامات مختلفة إلى تركيا حتى إشعار آخر".
أما إيطاليا، فاستدعت، أمس الخميس، السفير التركي في روما إثر الهجوم الذي شنته أنقرة على كوردستان سوريا، وقالت وزارة الخارجية في بيان: "إثر الخطوات العسكرية التركية في شمال شرق سوريا، أمر وزير الخارجية لويجي دي مايو باستدعاء السفير التركي في إيطاليا".
وبدأت العملية العسكرية التركية المدعومة من فصائل سورية مسلحة موالية لأنقرة، يوم الأربعاء 9/10/2019 باستهداف مناطق متفرقة من كوردستان سوريا، خصوصاً مدينتي "سري كانييه" و"كري سبي"، وتسببت بمقتل وإصابة عشرات المدنيين، بينهم أطفال ونساء، فضلاً عن نزوح آلاف المدنيين باتجاه مدن ومناطق أخرى في كوردستان سوريا، وأثار الهجوم التركي استياءً واستنكاراً دولياً في ظل خشية دول عدة من عودة تنظيم داعش، وحدوث أزمة إنسانية جديدة.
تعليقات
علق كضيف أو قم بتسجيل الدخول لمداخلات أكثر
أضف تعليقاً