رهائن حماس كابوس يعيد للديمقراطيين ذاكرة أزمة رهائن إيران

29-10-2023
مجاشع التميمي
الكلمات الدالة غزة حماس اسرائيل أميركا
A+ A-

الرؤية الاميركية بشأن الأوضاع في غزة باتت تختلف عن الإسرائيلية في قضية حسم المعركة والتوغل البري، لأن واشنطن تضع أولوية لإنقاذ الرهائن الأميركيين على القضاء وحسم المعركة، ورغم أن تل أبيب وواشنطن ترغبان في القضاء على حماس لأنهما يعتبرانها منظمة "إرهابية" لكن هناك محاذير خطيرة إذا ما قامت إسرائيل بعمل بري شامل في الوقت الحاضر.
 
هذا القلق الأميركي يكمن في الخشية على حياة الرهائن وخاصة الأميركيين لأن العام المقبل سيتم اجراء الانتخابات الأميركية ومسألة الرهائن مهمة جداً بنظر المرشحين للرئاسة، لذلك اعتقد ان الرئيس الأميركي جو بايدن يريد أن تتمهل إسرائيل في الاجتياح البري لغزة وإعطاء مجال للمفاوضات بشأن اخلاء سبيل الرهائن، كون الولايات المتحدة تهتم بقضية الرهائن أكثر من القضاء على حماس في الوقت الحاضر؛ لأن الديمقراطيين في الولايات المتحدة على اعتاب انتخابات وهم يتذكرون ما حصل في طهران حينما تم احتجاز 52 أميركياً من سكان السفارة كرهائن لمدة 444 يوماً من 4 تشرين الثاني  1979 حتى 20 كانون الثاني 1981 حينها فشل الرئيس الأميركي الأسبق جيمي كارتر في اطلاق سراح الرهائن الأميركيين في السفارة الأميركية بطهران وهو ما تسبب بخسارته وفوز الرئيس رونالد ريغان، لذا ستعمل الادارة الأميركية على ممارسة ضغوط على إسرائيل للقبول بحل ربما يكون غير مرضٍ لحماس واسرائيل.
 
إلى الآن إسرائيل ترفض وقف العدوان وتبادل الاسرى ولكن ربما تقبل بتبادل إطلاق عدد من السجناء الفلسطينيين الموجودين في إسرائيل مقابل الرهائن حيث تُجرى مفاوضات بقيادة قطر لحل الازمة، كون حماس تريد من إسرائيل اخراج السجناء الفلسطينيين الموجودين في المعتقلات الإسرائيلية والبالغ عددهم أكثر من 6000 سجين مقابل 229 رهينة لدى حماس لكن إسرائيل رفضت هذا الاقتراح، ولغاية الان لا أحد يعرف وفق أي شروط ستخلي حماس هذه الرهائن.
 
اذاً علينا ان نتذكر ان سياسة الولايات المتحدة وإسرائيل في الوقت الحاضر ترميان إلى القضاء التام على حماس وتعدان وجود حماس عقبة في طريق تسوية القضية الفلسطينية لذلك تعملان على ضرب حماس بالطرق كافة، ولهذه الأسباب تم قطع التيار الكهربائي وكل الاتصالات عن غرة كي لا يكون لقادة حماس أي مجال للدفاع عن انفسهم أو البقاء في غزة؛ اذاً هذه هي السياسة العريضة للولايات المتحدة الأميركية وإسرائيل وهما يعتقدان أن حماس أشبه بداعش، فالصور التي تدعي إسرائيل انها تمتلكها واطلعت الرئيس الأميركي ووزيري خارجيته ودفاعه عليها هي صور بشعة لا يمكن قبولها وهي منافية لحقوق الانسان (لكن لم يثبت ذلك) وهذه الصور حصلت أثناء الاجتياح في السابع من الشهر الجاري ضد المستوطنين الإسرائيليين في غلاف غزة، وهو ما اعلن عنه وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن حيث قال انه شاهد صوراً لأطفال رضع قتلوا بالرصاص، لذلك واشنطن والغرب وتل أبيب يعدون حماس منظمة "إرهابية" ويجب القضاء عليها بشكل تام ويقولون إنه لا يمكن حل القضية الفلسطينية بوجود حماس وان حل الدولتين ممكن تحقيقه لكن بعد القضاء على حماس.
 
اما قضية التطبيع مع إسرائيل فإن الأوضاع تغيرت حيث كان الصراع بشأن فلسطين هو صراع عربي إسرائيلي خاصة في الحروب التي جرت القرن الماضي (1948 و1976 و 1973) حيث كان هناك دور مباشر للجيش العراقي والسوري والمصري واللبناني والأردني فقد كانوا يقاتلون إسرائيل، لكن اليوم النزاع اصبح فلسطينياً إسرائيلياً وغياب عربي، فيما نجد غالبية الدول العربية تريد التطبيع مع إسرائيل، وحتى في الظرف الحالي ينتظر عدد من الدول العربية ومنها المملكة العربية السعودية حل مشكلة غزة كي تبدأ بالتطبيع مع تل ابيب، لأن غالبية العرب يعدون أن الخطر الأكبر عليهم ليست إسرائيل، بل إيران، معللين ذلك بسيطرة طهران بشكل مباشر أو غير مباشر على العراق وسوريا ولبنان واليمن وحتى غزة، وانها تريد السيطرة على مقدرات هذه الدول بما فيها الثروة النفطية في دول الخليج العربي، أي أن طهران لها مطامع في هذه الدول.
 
لذلك فإن غالبية الدول الخليجية باستثناء العراق تريد التطبيع مع إسرائيل ولا تجد في إسرائيل عقبة في تنميتها واستقرارها، وهذه الرؤية مختلفة عن السابق حينما كانت الدول العربية تطالب بتحرير فلسطين من النهر إلى البحر، والبعض كان يريد القاء اليهود في البحر؛ اذا الوضع الجيوسياسي في المنطقة تغير تغييراً جذرياً وربما القادم سيكون مفاجئاً وصادماً بعد انجلاء غبار معركة غزة.
 

تعليقات

علق كضيف أو قم بتسجيل الدخول لمداخلات أكثر

أضف تعليقاً

النص المطلوب
النص المطلوب
 

آخر الأخبار

جليل إبراهيم المندلاوي

العراق بين الحياد والتصعيد.. تداعيات حرب اليمن

مع تصاعد التوترات العسكرية في المنطقة نتيجة للعمليات العسكرية الأميركية ضد الحوثيين في اليمن، يطرح تساؤل جوهري هام حول احتمالية امتداد هذه التداعيات إلى العراق الذي يشكل نقطة التقاء للعديد من المصالح الإقليمية والدولية، والذي يواجه تحديات متزايدة في ظل التعقيدات الجيوسياسية في الشرق الأوسط، كما يثار السؤال عن مدى قدرته على الحفاظ على استقراره في ظل العلاقات المعقدة بين الفصائل المسلحة في العراق وإيران، والتي يمكن أن تتسبب في زعزعة الأمن الداخلي للبلاد، ومن الممكن أيضا أن تؤدي التفاعلات الإقليمية المعقدة في الشرق الأوسط إلى انخراطه في هذا الصراع، مما قد يعرضه لتهديدات مباشرة من القوى الكبرى.