سيناريوهات مشاركة التيار الصدري في انتخابات مجالس المحافظات

29-07-2023
سهاد طالباني
الكلمات الدالة التيار الصدري
A+ A-

حتى لحظة كتابة هذا المقال لم يصدر عن التيار الصدري أي موقف رسمي أو معلن يفيد بمشاركة التيار في انتخابات مجلس المحافظات المزمع عقدها نهاية العام الحالي، وإن كانت بعض المؤشرات والتسريبات حول وجود نية للتيار لخوض هذه الانتخابات والعودة إلى الحياة السياسية قد ظهرت هنا وهناك. 
 
يرى البعض أن التظاهرات الحاشدة التي نفذها التيار الصدري احتجاجاً على حادثة إحراق المصحف في السويد تعطي إشارة بأن التيار قد عقد النية على العودة إلى المشاركة في الحياة السياسية، خاصة أن هذه التظاهرات تزامنت مع عودة النشاط الى بعض المنصات الإعلامية شبه الرسمية للتيار وخاصة حساب وزير الصدر. كذلك تداولت وسائل إعلام مختلفة تصريحات منسوبة إلى قيادي في التيار الصدري تفيد بأن قرار مشاركة التيار في الانتخابات قد تم اتخاذه بالفعل، وأن التيار سيخوض انتخابات مجالس المحافظات بثلاث قوائم انتخابية.
 
ومع عدم وضوح موقف التيار الرسمي حتى الآن، فإنه يمكن الحديث عن أربعة سيناريوهات محتملة فيما يتعلق بمشاركة التيار الصدري في انتخابات مجالس المحافظات وعودته إلى الحياة السياسية.
 
السيناريو الأول هو أن يستمر التيار في مقاطعة العملية السياسية في البلاد وبالتالي عدم خوض الانتخابات المقبلة. وهو سيناريو يجب عدم إهماله على الرغم من أنه سيناريو ضعيف. فمن غير المعقول أن التيار لم يستفد من دروس المرحلة الماضية التي قرر فيها الابتعاد عن الحياة السياسية في البلاد، وهو ما أدى إلى تسليم مفاتيح الحكومة لمنافسيه في الإطار التنسيقي على طبق من فضة، والذين بدورهم لم يتوانوا عن التشبث بهذه الفرصة وقاموا بإعادة ترتيب أوراقهم على المستويين السياسي والإداري، وهو ما أكسبهم زخماً سياسياً كبيراً، وسيصبح أكبر بالتأكيد في حال إصرار التيار الصدري على موقفه، بل إن ذلك قد يشكل خطراً وجودياً (من الناحية السياسية) على التيار نفسه، وبحيث تصبح عودته إلى الساحة السياسية في وقت لاحق أكثر صعوبة.
 
أما السيناريو الثاني فهو المعاكس تماماً للسيناريو الأول، وهو أن يقرر التيار خوض انتخابات مجالس المحافظات بشكل رسمي، وهو ما يعني عودة التيار إلى الحياة السياسية من بوابة هذه الانتخابات، وبالتالي العودة كمنافس رئيسي للقوى السياسية الأخرى في الإطار التنسيقي، وبالتحديد ائتلاف دولة القانون وعصائب أهل الحق. إلا أن هذا السيناريو لا يتوقف عند ذلك، فهو بالضرورة يعني أن جميع الأحزاب والقوى السياسية ستبدأ في عملية إعادة رسم وتشكيل التحالفات، سواء لمواجهة التيار الصدري أو للتحالف معه، وهذا يعني إعادة رسم خارطة التوازنات بين القوى السياسية التي يرى البعض أنها اختلت منذ الاستقالة الجماعية لنواب التيار الصدري من مجلس النواب. وكما هو معروف فإن الدخول في عمليات إعادة تشكيل التحالفات والتوازنات يعني بالضرورة الدخول في مفاوضات واتفاقيات بين مختلف القوى السياسية، وهذا يعني تحقيق مكاسب لدى البعض وتنازلات لدى البعض الآخر. 
 
ثالث السيناريوهات هو أن يشارك التيار الصدري في الانتخابات لكن دون أن يخوضها رسمياً، بمعنى أن يوجه التيار أنصاره وقوته التصويتية لصالح قوائم من خارج التيار، ولكنها متحالفة معه. وقد يحقق هذا السيناريو هدفين رئيسيين، الأول هو إضعاف وجود القوى السياسية المنافسة للتيار في مجالس المحافظات، والثاني إعادة رسم التوازنات السياسية دون أن يكون التيار جزءاً منها، ولكنه بالتأكيد سيكون مؤثراً فيها. لكن هذا السيناريو ليس خالياً من المخاطر، فحتى ينجح هذا التوجه يجب أن يضمن التيار ولاء حلفائه بعد الإعلان عن النتائج، وأنهم لن ينقلبوا عليه ليدخلوا في تحالفات مع القوى الفائزة الأخرى، وهو أمر لا يمكن اعتباره جديداً إذا ما درسنا خرائط المواقف والتحالفات السياسية في العراق منذ العام 2003 وحتى آخر انتخابات برلمانية.
 
السيناريو الرابع هو أن يقرر التيار الصدري المشاركة في انتخابات مجالس المحافظات رسمياً، لكن أن يدفع باتجاه تأجيلها إلى الربع الأول من العام القادم حتى يتسنى للتيار إعادة ترتيب بيته الداخلي من جهة، وبناء تحالفاته مع القوى السياسية الأخرى من جهة ثانية. هذا السيناريو سيواجه رفضاً شديداً من قبل بعض القوى وخاصة داخل الإطار التنسيقي، حيث ترى قوى مثل ائتلاف دولة القانون وعصائب أهل الحق أن عقد الانتخابات بأسرع وقت سيمكنها من الاستفادة من الوضع السياسي الحالي وتحقيق مكاسب كبيرة، ولذلك يمكن أن يؤدي هذا السيناريو إلى صراعات بين التيار الصدري وهذه القوى السياسية، وهو ما قد ينذر باحتمال عودة الصراع إلى الشارع، والدخول مرة أخرى في نفق عدم الاستقرار. 
 
بكل الأحوال فإنه لا يمكن التقليل من أثر أي سيناريو من السيناريوهات الأربعة على المشهد السياسي والأمني في البلاد، فالتيار الصدري هو أحد أهم القوى السياسية التي تملك تأثيراً كبيراً على هذا المشهد، وأي قرار سيتخذه التيار سيكون له آثار مباشرة على التطورات السياسية والأمنية في المرحلة القادمة.
 

تعليقات

علق كضيف أو قم بتسجيل الدخول لمداخلات أكثر

أضف تعليقاً

النص المطلوب
النص المطلوب
 

آخر الأخبار

طلال الصميدعي

بين بغداد ودمشق.. حوار الدوحة يرسم ملامح مرحلة جديدة

في مشهد يعكس تغيراً نوعياً في مسار العلاقات الإقليمية، احتضنت العاصمة القطرية الدوحة يوم الثلاثاء 15 نيسان، لقاءً جمع رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني ورئيس الجمهورية السورية أحمد الشرع، بوساطة من أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، خلال زيارة سريعة لم يعلن عنها، اللقاء الذي جاء بعيداً عن الأضواء الإعلامية، يحمل مؤشرات واضحة على أن المنطقة تسير نحو مرحلة جديدة، تُبنى على الحوار وتصفير المشاكل.