كولان.. الحلم.. الحقيقة

28-05-2023
جواد ملكشاهي
الكلمات الدالة كولان اقليم كوردستان
A+ A-
 
مرت المسيرة النضالية للشعب الكوردي في جنوب كوردستان خلال القرن الماضي بالكثير من المنعطفات والتحديات الكبرى، لكن ارادة وطموحات شعب كوردستان المكافح من اجل الحرية والديمقراطية كانت اكبر واقوى من جميع تلك التحديات التي واجهته، سواء على يد الأنظمة الدكتاتورية والشوفينية العراقية او من سلطات دول المنطقة التي ترى في حرية الشعب الكوردي تحجيما لسطوتها على شعوبها ضمن حدودها وانحسارا لهيمنتها في المنطقة وتمددها نحو الدول الاخرى. 
 
اتفاقية الجزائر الخيانية التي رسم خطوطها العريضة وزير الخارجية الاميركي الأسبق هنري كيسنجر ووقعت من قبل شاه ايران وصدام حسين بوساطة من الرئيس الجزائري هواري في عام 1975 كانت مؤامرة دولية اقليمية دنيئة على شعب اعزل لتركيعه والتخلي عن طموحاته في بناء كيان مستقل والخلاص من سطوة الانظمة العنصرية التي تقاسمت ارضه عنوة، في مؤامرة سميت باتفاقية سايكس بيكو التي حاكتها كل من بريطانيا وفرنسا المنتصرتين في الحرب العالمية الاولى. 
 
بعد تلك المؤامرة الخيانية وانتكاسة عام 1975 وفي الوقت الذي كان النظام البعثي والشاهنشاهي الايراني في غمرة نشوتهم بنصرهم المزيف على الحركة التحررية الكوردستانية، والاحباط الذي خيم على معنويات شعب كوردستان، كانت قيادة الحزب ورغم الواقع المرير لم تستسلم للأمر الواقع، وبدأت منذ الايام الاولى للانتكاسة بالعمل والسعي الدؤوب لتنظيم الخلايا الحزبية من جديد واعادة الروح اليها، كونها كانت تعلم جيداً ان هذا الظرف هو مؤقت ولابد من رفع الهامات ومواجهة التحديات لتنظيم الجماهير واعدادها لثورة اخرى تقود النضال القومي للمرحلة المقبلة.
 
ومن هذا المنطلق قامت قيادة الحزب الديمقراطي الكوردستاني وعلى رأسها الخالد ادريس بارزاني وفخامة الرئيس مسعود بارزاني وشخصيات قيادية سياسية وعسكرية بدراسة شاملة للأوضاع في العراق وايران والمنطقة، وقررت ان تعيد المفارز المسلحة الى القرى الكوردستانية الحدودية وذلك باعلان انطلاقة ثورة كولان المجيدة في 26 آيار من عام 1976، حيث كانت لهذه المفاجأة وقع ايجابي كبير في نفوس الكوردستانيين ورفعت من معنوياتهم واعادة الثقة اليهم، وتوسعت قاعدة ثورة كولان المجيدة لتشمل غالبية القرى والقصبات فضلاً عن بناء خلايا وتنظيمات في داخل المدن الكبيرة. 
 
وقد كانت لهذه الثورة العظيمة التي تعد امتداداً لثورة ايلول العظيمة انجازات ومكاسب كبيرة منها تشكيل الجبهة الوطنية الديمقراطية التي كانت تعرف في حينها بـ(جود) التي رسما خطوطها الخالد ادريس بارزاني وتمكنت من جمع القوى الكوردستانية والوطنية العراقية في خندق واحد ضد النظام الدكتاتوري.
 
كما كانت انتفاضة آذار الشعبية العظيمة في عام 1991 التي انهت وجود نظام البعث في كوردستان وانشاء اقليم كوردستان وتشكيل برلمان وحكومة اقليم كوردستان وما تلتها من بناء مشاريع البنى التحتية واعادة تعمير القرى والقصبات المدمرة والمشاريع العمرانية في مجال التربية والصحة والطرق والجسور وافتتاح الجامعات وبناء مدن حضارية جديدة والتطور الكبير الذي حصل في جميع مرافق الحياة في الاقليم، كل تلك المنجزات والمكاسب هي من عطاء ثورة كولان المجيدة.
 
واليوم وبفضل تلك الثورة المباركة اصبح اقليم كوردستان جزءا مهما وحيويا من معادلات المنطقة ومركزا لاستقطاب الاستثمارات المحلية والاجنبية ومكانا للتواجد الدبلوماسي الاقليمي والعالمي، فضلا عن الدور الكبير الذي يلعبه في العملية السياسية ومشاركته الفاعلة في ادارة الحكم، بحيث اصبح استقرار وازدهار اقليم كوردستان نواة لأي متغيرات سياسية واقتصادية في العراق والمنطقة.
 
فتحية لثورة كولان وقادتها والف تحية لشهداء ثورة كولان التقدمية، ومجدا لبيشمركة كولان الذين حموا ارض كوردستان وشعبها من مكائد القوى الشريرة في المنطقة.   
 

تعليقات

علق كضيف أو قم بتسجيل الدخول لمداخلات أكثر

أضف تعليقاً

النص المطلوب
النص المطلوب
 

آخر الأخبار

طلال الصميدعي

بين بغداد ودمشق.. حوار الدوحة يرسم ملامح مرحلة جديدة

في مشهد يعكس تغيراً نوعياً في مسار العلاقات الإقليمية، احتضنت العاصمة القطرية الدوحة يوم الثلاثاء 15 نيسان، لقاءً جمع رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني ورئيس الجمهورية السورية أحمد الشرع، بوساطة من أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، خلال زيارة سريعة لم يعلن عنها، اللقاء الذي جاء بعيداً عن الأضواء الإعلامية، يحمل مؤشرات واضحة على أن المنطقة تسير نحو مرحلة جديدة، تُبنى على الحوار وتصفير المشاكل.