بدعوة من مؤسسة نارم للحوار والتنمية، شاركت في ندوة حوارية عقدت في مقر المؤسسة وذلك يوم الإثنين، 27 كانون الثاني 2025.
جاءت الندوة لمناقشة "أهم منجزات السياسة الخارجية للحكومة العراقية"، بحضور معالي الدكتور فؤاد حسين، نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية العراقي، حيث دار نقاش ثري ومفتوح حول الأسس النظرية للسياسة الخارجية العراقية، وكيفية انعكاسها على المواقف الإقليمية والدولية في ظل التغيرات المستمرة في النظام العالمي
طرحت على وزير الخارجية العراقي الدكتور فؤاد حسين سؤالاً محورياً حول الأسس النظرية للسياسة الخارجية العراقية، وكيفية تجليها في المواقف الإقليمية والدولية، كشف عن رؤية واضحة ومتوازنة للعراق في التعامل مع التحديات الدولية والإقليمية. في هذا السياق، عرض الوزير تفصيلاً لنقاط أساسية تتعلق بالرؤية الدبلوماسية، الاقتصاد كركيزة في السياسة الخارجية، وأهمية الحرية كجزء من القوة الناعمة العراقية.
يمكن ان نقسم الحوار إلى أقسام، بحسب طبيعة الإجابة الواردة :
أولاً: السياسة الخارجية كمنفذ لرؤية الدولة
خلال النقاش، أوضح الوزير أن وزارة الخارجية ليست جهة مستقلة في صناعة السياسة الخارجية، بل تعمل كجهة تنفيذية تنفذ رؤية الدولة التي يتم تحديدها من قبل مؤسساتها، مثل: رئاسة الجمهورية، رئاسة الوزراء، مجلس النواب، إضافة إلى النخب السياسية وما تنتجها من دراسات وبحوث تتعلق بهذا الشأن.
هذا الإطار يعكس طبيعة النظام السياسي العراقي المبني على التعددية المؤسسية التي تتكامل لتشكيل رؤية شاملة تخدم مصالح العراق العليا في مختلف القضايا.
ثانياً: الاقتصاد حيث يعد ركيزة أساسية للسياسة الخارجية
من النقاط التي تناولها الوزير بالتفصيل كان دور الاقتصاد في الدبلوماسية العراقية، حيث شدد على أن العراق يعتمد بشكل كبير على العلاقات الاقتصادية لتحقيق الاستقرار الداخلي وتعزيز مكانته الإقليمية. وقد أوضح أن: العراق يصدر 3.3 مليون برميل نفط يومياً، حيث يذهب ثلثا الصادرات (حوالي 2.2 مليون برميل) إلى الأسواق الآسيوية، وتشمل: (900 ألف برميل إلى الهند، الباقي إلى الصين).
ويبلغ حجم التبادل التجاري مع الصين بلغ 50 مليار دولار، مما يجعلها الشريك الاقتصادي الأكبر للعراق.
كما أكد الوزير أن هذا الواقع الاقتصادي يعزز الأمن الداخلي، حيث أن العلاقات الاقتصادية مع دول الشرق، مثل الصين والهند، توفر فرصاً جديدة للعراق للتفاعل مع القوى الكبرى.
ثالثاً: العراق ودوره الوسيط في الصراعات الإقليمية
أحد المحاور المهمة التي سلط الوزير الضوء عليها هو دور العراق كوسيط في حل النزاعات الإقليمية، حيث أشار إلى أن استقرار العراق مرتبط باستقرار المنطقة. ومن أبرز القضايا التي تناولها: هو الصراع الأميركي – الإيراني: حيث أكد أن العراق يعمل على تخفيف التوتر بين الجانبين لحماية مصالحه وأمنه الداخلي.
الأمر الآخر هو التنافس السعودي – الإيراني: العراق لعب دوراً محورياً في تسهيل الحوار بين الطرفين، مما يعزز مكانته كوسيط موثوق.
وفيما يخص الأزمة السورية: أوضح أن العراق يعتبر استقرار سوريا ضرورة حتمية، حيث أن العراق وسوريا تربطهما حدود طويلة وعلاقات تاريخية.
رابعاً: الحرية كقوة ناعمة في النظام الديمقراطي
في ختام حديثه، ركز الوزير على أن الحرية هي السمة الأبرز للقوة الناعمة العراقية، مشيراً إلى أن العراق يعمل بشكل دؤوب على تعزيز الحريات وترسيخها في إطار النظام الديمقراطي. وأوضح أن: الحرية السياسية، المتمثلة في حرية التعبير والنقاش داخل البرلمان، تعكس طبيعة النظام الديمقراطي العراقي، حتى في ظل وجود خلافات وصراعات داخلية.
الأساس في الحرية الفكرية والاجتماعية، هو التعددية الفكرية والنقد البناء ضمن حدود القانون، مما يعكس انفتاح النظام على الآراء المختلفة.
يسعى العراق إلى حماية هذه الحريات بقوانين تتماشى مع الهوية الثقافية والدينية للمجتمع العراقي.
وأكد على أن هذا التركيز على الحرية يعزز صورة العراق كدولة ديمقراطية ناشئة، ويضيف إلى قوته الناعمة التي تشمل أيضاً الإرث الحضاري، التعددية الثقافية، والانفتاح على العالم.
خامساً: تحديات السياسة الخارجية العراقية
رغم هذه الإنجازات والرؤية الواضحة، أشار الوزير إلى أن العراق لا يزال يواجه تحديات معقدة، منها: التوترات الإقليمية المستمرة، التي تؤثر على استقرار العراق وأمنه الداخلي. والاعتماد الكبير على النفط، مما يجعل الاقتصاد العراقي عرضة لتقلبات الأسواق العالمية.
سادساً: نحو مستقبل مستقر ودبلوماسية مؤثرة
في ختام حديثه، أكد الوزير أن العراق يسعى إلى تحقيق رؤية دبلوماسية تعتمد على: تعزيز علاقاته الاقتصادية مع القوى الكبرى لتحقيق التنمية والاستقرار. واستخدام القوة الناعمة كأداة لترويج صورته كدولة ديمقراطية منفتحة.
كما أننا يفترض بنا ان نسلط الضوء على ان العراق لعب دور محوري في حل النزاعات الإقليمية، مما يعزز مكانته كوسيط دولي موثوق.
سابعاً: العراق بين المبادئ والمصالح
في النقطة الأخيرة يتبين ان السياسة الخارجية العراقية تعتمد على البراغماتية والمرونة في التعامل مع التحديات الدولية، مع التركيز على المصالح الوطنية العليا. حديث وزير الخارجية الدكتور فؤاد حسين يعكس رؤية واضحة تسعى إلى تحقيق الاستقرار الداخلي والإقليمي من خلال الدبلوماسية الاقتصادية والقوة الناعمة. ورغم التحديات، فإن العراق يبدو مصمماً على بناء دبلوماسية مستقلة وفعالة قادرة على مواجهة تعقيدات النظام العالمي المتغير.
تعليقات
علق كضيف أو قم بتسجيل الدخول لمداخلات أكثر
أضف تعليقاً