هيبة الدولة و(سراديب) قيس الخزعلي

27-06-2020
معد فياض
الكلمات الدالة قيس الخزعلي مصطفى الكاظمي الميليشيات المسلحة
A+ A-
من يعمل تحت الشمس من أجل وطنه وشعبه هو من يحق له الحديث عن المواطنة والشجاعة، أما من يتحدث من تحت الأرض، من السراديب، خائفاً من مواجهة الحقائق والناس، فهذا لا يحق له سوى الصمت المذل.. ومن يتحدّ الصعاب ليخلق ما كنا نعتبره بات من المستحيلات، هو من يختصر أصوات العراقيين ومحبتهم وتأييدهم، أما من يصنع الموت ويحترف الاختطاف والابتزاز ويشيع الرعب بين الناس، فهذا بالفعل لا يحق له سوى أن يعيش حياته في الجحور المظلمة مثل الأفاعي التي تنفث سمومها كلما أتيحت لها الفرصة.
 
فبينما يعمل رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي على إنهاء دور الميليشيات المسلحة خارج القانون وتحقيق الأمن للعراقيين، ينبري زعيم ميليشيا ما تسمى بـ"عصائب أهل الحق" لإطلاق تهديداته الفارغة وشن هجومه الأجوف ضد هيبة الدولة المتمثلة بقرارات الشرعية التي يجسدها رئيس الوزراء بمحاربته للعصابات التي هددت ومنذ ما يقرب من 17 سنة أمن الدولة وحياة العراقيين واستقرارهم، وبذلك يحصد، الكاظمي، تأييد ومناصرة العراقيين، بينما يجني الخزعلي، وأمثاله من زعماء العصابات المنفلتة، استنكار وكراهية الشعب العراقي بسبب ممارساته الميلشياوية ضد أبناء الشعب.
 
وفي الوقت الذي يتحرك فيه الكاظمي بكامل طوله وهو يقود قوات مكافحة الإرهاب البطلة بقيادة العراقي الأصيل عبدالوهاب الساعدي لملاحقة أوكار الجريمة، ينحسر الخزعلي في سراديبه ليطلق التهديدات لابتزاز الحكومة وإضعاف هيبة الدولة التي تمثل هيبة كل العراقيين بمختلف قومياتهم وأديانهم وطوائفهم.
 
الكاظمي لم يأت على مقاسات زعماء الميليشيات الموالية لدول وأنظمة أخرى، ولم يشتغل في منظومات هذه الميليشيات ووفق أمزجتهم وأجنداتهم، بل تطابقت طموحاته وفق مقاسات العراقيين وطموحاتهم، وامتزجت أفكاره الوطنية مع ما طمح إليه العراقيون كونه واحداً من أبناء الشعب العراقي، ولا يمكن مقارنته بمن سبقه من رؤساء الحكومات التي سكتت و"غلست"، حسب تعبير الخزعلي، على جرائم الميلشيات والعصابات المسلحة التي اشتهرت إنجازاتها على الاختطاف والتهديد والقتل والتخريب وسرقة أموال الدولة.
 
الخزعلي، ومن موقعه تحت الأرض، يخلط الأوراق لأن بوصلته الخربة فقدت الاتجاهات، فمرة يهدد، ومرة يحاول ابتزاز الحكومة المتمثلة برئيسها، ومرة يهاجم إقليم كوردستان، وهي ليست المرة الأولى، متحدثاً عن أن "منافذ كوردستان خارج سيطرة الدولة بالمطلق ولا تعود إيراداتها لخزينة الدولة، فعمليات تهريب النفط من منافذ كوردستان حدث ولا حرج"، متسائلاً: "هل سيشمل تعهد رئيس الحكومة إطلاق حملة على ما موجود في منافذ إقليم كوردستان". وهنا نقول له إن موضوع منافذ الإقليم مسألة خاضعة للحوارات والنقاشات بين الحكومة الاتحادية وحكومة الإقليم، وهذا الموضوع ليس خافياً على بغداد، ولم تنكره أربيل، ولكن ماذا عن أرصفة ميناء أم قصر التي تسيطرون عليها، وماذا عن نفط البصرة الذي تهربونه لحسابكم، وماذا عن بقية المنافذ الحدودية التي تستولون على مواردها.
 
قيس الخزعلي الذي تدرج في تسلق طريق الإرهاب، وبدعم من إيران، من ميلشياوي في ما يسمى بـ(جيش المهدي)، حتى زعيم ميليشيا (العصائب) التي لم ولن ينسى العراقيون ما فعلت من جرائم اختطاف وتهديد وقتل وابتزاز، يشعر اليوم ببداية العد التنازلي لإنهاء دور هذه الميليشيات ومحاسبتها وسحب البساط من تحت أقدامها لاستعادة هيبة الدولة، هيبة العراق والعراقيين، وبالتأكيد هذا لا يعجبه، ولا يعجب بقية زعماء الميلشيات.
 
ما يشكل خطورة أكيدة على وجود بؤر هذه المجموعات المسلحة المنفلتة هو تأييد العراقيين للخطوات الشجاعة التي بادر إليها رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، حيث عبروا في تظاهرات شعبية، وكذلك في كتاباتهم عبر وسائل التواصل الاجتماعي، عن تأييدهم لعملية يوم الجمعة بمحاصرة أحد أوكار كتائب حزب الله العراقي التي كانت تنوي إطلاق الصواريخ على المناطق الآمنة ببغداد وإشاعة القتل والفوضى وإلقاء القبض على المتورطين في هذه العملية، والوقوف مع رئيس الحكومة، مطالبين منه المضي إلى أمام لإنقاذ البلد من الميلشيات ومحاسبة الفاسدين واستعادة هيبة الدولة وتحقيق الأمن والاستقرار لجميع العراقيين.

تعليقات

علق كضيف أو قم بتسجيل الدخول لمداخلات أكثر

أضف تعليقاً

النص المطلوب
النص المطلوب
 

آخر الأخبار

طلال الصميدعي

بين بغداد ودمشق.. حوار الدوحة يرسم ملامح مرحلة جديدة

في مشهد يعكس تغيراً نوعياً في مسار العلاقات الإقليمية، احتضنت العاصمة القطرية الدوحة يوم الثلاثاء 15 نيسان، لقاءً جمع رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني ورئيس الجمهورية السورية أحمد الشرع، بوساطة من أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، خلال زيارة سريعة لم يعلن عنها، اللقاء الذي جاء بعيداً عن الأضواء الإعلامية، يحمل مؤشرات واضحة على أن المنطقة تسير نحو مرحلة جديدة، تُبنى على الحوار وتصفير المشاكل.