الذين يتخندقون وراء شعارات التصعيد وتدليس الأزمات يكرهون العراقيين أكثر من غيرهم، حتى لو رفعوا كل شعارات الطهارة السياسية.
حاولوا اسقاط العراق في فخ التناحر القومي والطائفي، فقطعوا نصف الطريق قبل أن يلتفت العقلاء الى المصير المجهول، ليحزموا خيار الدفاع عن الأرض بوصفها رداء الشرف الذي لا يتمزق.
الشرف في قضية الأوطان يستوعب جميع قيم العدل و المساواة، ورفض تجميع الأزمات، لذلك أفشل مختلف عناوين العداء للأخوة العراقية، التي وصفها الرئيس مسعود بارزاني بأنها التوازن والشراكة لضمان الاستقرار، يقابلها نجاح رئيس مجلس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني باخماد خطاب الطائفية والعنصرية.
نحن عرب وكورد وايزديون وتركمان، مسيحيون ومسلمون، شيعة وسنة، لكننا قبل ذلك أبناء أرض وتاريخ تستوعب جميع خلافاتنا، التي تغذيها ابتكارات العقول الأحادية الاتجاه، والتي لا تنظر بمسافات متساوية الى جغرافية المكان، لذلك سقطت بمتاهة القرار الشمولي، الذي تحول الى ماركة عراقية مسلجة بأسم أنانية الحكم.
عدم بلوغ مرحلة الفطام السياسي مشكلة أصحابها الذين لم تختبرهم مصاعب الزمن، وتقمص جميع الأدوار أقصر مراحل الفشل الانساني، لذلك تتجه أنظار العراقيين دائما الى صبر الجبل وتسامح السهل، لاستمرار مجرى الحياة العراقية، بينما سيبقى خارج الزمن أولئك الذين وضعوا الأخوة العراقية بين هلالين كبيرين.
المتحررون من العقد النفسية هم الأكثر قدرة على ايجاد الحلول لأصعب الأزمات، من معرفة مصير الأبرياء وانصاف ضحايا قرار السلطة من جميع مكونات الشعب العراقي، وحتى تحرير العقول من الأحكام الجاهزة. فالدم واحد وإن اختلفت فصائله.
لم يكن العراقيون الا ضحايا للسلطة بمرحلة دون زمن. مرت عليهم تجارب وشعارات تقترب من طلاسم الخرافة لكنهم ظلوا يحترمون بعضهم. يخجلون عن سؤال بعضهم البعض عن الهوية والطائفة، بينما يتباهى بها سياسيون لم يعرفوا قيمتها وقت الشدائد.
صحيح أن الشروال أصبح جزءا من الهوية مثل العقال والقلنسوة، لكن البيت من الداخل عالي البنيان وسيبقى قويا، بعد أن عرف الجميع حدود المناورة واستوعبوا خطر الأستقواء بالخطأ. لا يحن على العراقي أكثر من أخيه، لذلك استوعبت كوردستان ضحايا العقد النفسية من كل المكونات، بينما لا تزال الكوفية عنوان للنخوة، ولا يعرفها الا الذين اكتووا بظلم السلطة، التي دائما ما تبحث عن المعالجات بالتوقيت الغلط الذي لا يعبر عن حسن النية، حسبما ذكره الرئيس مسعود بارزاني في كتابه الأخير.
تعليقات
علق كضيف أو قم بتسجيل الدخول لمداخلات أكثر
أضف تعليقاً