تتفق القراءات الاستخبارية على حرب استنزاف طويلة في غزة, لحين انضاج حلول الادارة الجديدة للقطاع من قبل السلطة أو المجتمع الدولي، فيما ترى بابعاد العراق عن خيار المواجهة أفضل مصدات حماية الاستقرار الداخلي مع توقيتات انتخابات مجالس المحافظات و ما بعدها.
ولأن استثنائيات القرار العراقي متجددة بعوامل الزمن السياسي، فان الابتعاد عن خلق جبهات مواجهة بديلة هو أقصر طرق النجاة لجميع المكونات، فالحروب لا تفرق بين كوردي أو شيعي أو سنيي، مسيحيا كان أم مسلما، خاصة مع قواعد الاشتباك السياسي المتداخلة في جميع المناطق.
ليس منطقيا اختزال وجود المكون السني برئاسة البرلمان أو شخص الحلبوسي تحديدا، لأن المهمة أكبر وأشق من استنساخ تجربة المحاكم الدولية، مثلما ليس من العقل اختبار شعبية التيار الصدري في الانتخابات أو غيرها، ما يفرض على الجميع قراءات واقعية جديدة، بعد أن أوصلت كل عواصم النفوذ الاقليمي رسائل محددة برفض العودة لاستهداف المكون.
يمتلك الحلبوسي شعبية في مناطق و لا يجدها في أخرى، بنفس طريقة حساب البيوت السياسية المختلفة، التي تشترك بالمظلومية و النفوذ في وقت واحد، وهي حالة غير متعارف عليها الا في العراق، نتيجة تفضيل المراهقة السياسية التي تخلط المزاج بالحقوق، وتعتبر المكون والمذهب أكبر من الدولة.
أغلب القوى العراقية لم تتعمق في معرفة التسويات الدولية، لذلك تضع قدما في طهران واخرى في واشنطن، وربما ثالثة ورابعة في إسطنبول وموسكو، لذلك تتفاجأ بالحلول التي لن يكون أخطرها تبني واشنطن قصف الفصائل وتخلي ايران عن المواجهة المباشرة الى جانب حماس، والبراءة من اختطاف الحوثيين لباخرة اسرائيلية، بينما ظل التصعيد التركي اعلاميا.
لا اعرف أسباب تعلق السياسيين العراقيين بخيار القوة لحسم الخلافات بينما كانوا يعدونه انتهاكا خطيرا للحقوق قبل عشرين عاما، وليس هناك من مبرر للانتقال من الاسلام السياسي الى القومية الا فشل الأولى في الوصول الى عقول العراقيين المتشبعة بشعارات خذلتهم لسنوات طوال، بحكم المتغيرات في موازين القوى بالمنطقة، التي كان الكورد قد توقعوها قبل ثلاثين عاما وحصلوا على بعض حقوقهم منها بشق الأنفس.
ولأن المتداول في الغرف المغلقة يتناقض تماما مع المعلن لما يسمونه الجمهور المكوناتي والانتخابي، فان الانتقال من موقف لأخر ببطء حركة البطريق يدفع الى الواجهة فرضية الحروب البديلة عن المواجهة المباشرة بين ثلاثية النفوذ في غزة وجوارها، انها دبلوماسية الأضواء الكاشفة لخطوط التفكير الخلفية، والتي تُميز بين التحذير والتصعيد الحقيقي، واختفاء استراحة المحارب لضبط موازين القوى الجديدة.
تعليقات
علق كضيف أو قم بتسجيل الدخول لمداخلات أكثر
أضف تعليقاً