ليس بخاف على الجميع أن الانتخابات ليست المظهر والمبدأ الوحيد للنظام الديمقراطي، بل هي واحد منها لا غير، وإلى جانبها هناك العديد من المبادئ الأخرى المتساوية في الأهمية وفي كونها أساسية، ولا يمكن أن يضحى بأي منها من أجل الآخر، ولا أن يحل أحدها محل آخر، من قبيل: الحقوق والحريات الأساس للإنسان، الفصل بين السلطات، استقلال القضاء، سيادة القانون، الشفافية والمساءلة في الشؤون العامة، العدالة الاجتماعية والتساوي في الفرص السياسية والاقتصادية، حرية التعبير وفي النهاية وجود وسائل إعلام حرة ومستقلة ومهنية تميز النظام.
من الطبيعي والمشروع في أي عملية دعاية انتخابية، أن تكون لكل طرف مشارك وسائله الإعلامية الدعائية الموجهة ليسعى من خلالها إلى جذب الناخبين لبرنامجه، لكن وسائل الإعلام هذه تخدم في النهاية مالكها والطرف الممول لها.
خارج هذا الإطار يجب أن يكون ثم إعلام مختلف مستقل وحر ومهني يخدم النظام الديمقراطي بصورة عامة، ويخدم العملية هذه، وفي غياب هكذا إعلام، سيكون أحد أعمدة النظام غائباً وستبرز تساؤلات جادة بشأن سلامة الديمقراطية وعملية الانتخابات في حد ذاتها.
فعندما تكون وسائل الإعلام الموجهة التابعة للأطراف منشغلة كلها بالدعاية الانتخابية ومهتمة بإنجاح مالكيها، تتطلب سلامة النظام الديمقراطي أن يوجد إعلام مختلف عن هذا يحمل هماً آخر: نشر الوعي والاطلاع على الانتخابات، توضيح أهمية تصويت الأهالي ومشاركتهم، منح الفرصة للناخب من خلال مشاهدة الحوارات ومقارنة برامج الأطراف ببعضها البعض، والحصول على المعلومات والرؤية الواضحة تماماً ليتخذ قراراً من منطلق الوعي عند التصويت.
وفي الحقيقة، يقال إن الإعلام مؤسسة مجتمعية وعليها واجب وطني، وواجبها هو توفير البيانات والمعرفة ووضوح الرؤية لأفراد المجتمع ليتخذوا القرارات الصائبة حيثما دعت الحاجة إلى اتخاذ قرارات في أي مجال، بناء على تلك المعلومات والبيانات.
إن مؤسسة رووداو الإعلامية ومن خلال التزامها بهذا الأسلوب المستقل والمهني الذي تعرف به وحفاظها عليه، قدمت في هذه الانتخابات ومنذ بداية الحملات الانتخابية حتى الإعلان عن نتائجها الأولية، خدمة جيدة لهذه العملية وللتصويت والوعي الديمقراطي ولسمعة الإقليم، فكانت في مستوى التوقعات المحلية والخارجية.
وإن تحريت الحق، فإن شعباً كشعبنا يريد النجاح في امتحان الديمقراطية، لن تنفعنا وسائل الإعلام الموجهة، مهما كان عددها، في هذا الامتحان ولن تساعدنا في نيل أي درجات نجاح، ما يلزمنا ويجب أن يكون عندنا منه، ونطوره، وندعمه، ونعرضه على العالم، لننال الدرجات العليا، هو إعلام حر مستقل مهني، والذي هو واحد من المظاهر المشرقة والمبادئ الأساس للنظام الديمقراطي الحقيقي.
تعليقات
علق كضيف أو قم بتسجيل الدخول لمداخلات أكثر
أضف تعليقاً