القوات الأجنبية في العراق بين الراغب والممتعض

20-01-2024
محمد حسن الساعدي
الكلمات الدالة العراق أميركا اقليم كوردستان غزة محمد شياع السوداني
A+ A-
 
‏تزايدت الدعوات لسحب قوات التحالف الدولي من العراق وذلك بعد الغارة التي شنتها طائرة بدون طيار في الرابع من كانون الثاني الجاري، والتي أدت إلى وقوع ضحايا في عناصر أحد الفصائل المسلحة في الحشد الشعبي، ما أثارت غضباً شعبياً وجماهيراً ورسمياً، حيث أعلنت حكومة محمد شياع السوداني أنها شكلت لجنة من الطرفين لإنهاء وجود القوات الدولية في العراق.
 
يمثل إبقاء القوات الدولية أمراً بالغ الأهمية للعراق، وترى واشنطن أن وجودها في العراق مهم، ليس فقط لمنع عودة ظهور داعش بل يأتي في إطار تفعيل دور الولايات المتحدة الأميركية في منطقة الشرق الاوسط، وسط الصراع الدائر في قطاع غزة والحرب الشعواء التي تمارسها تل أبيب ضد الفلسطينيين وتحديداً في غزة، وأن أي قرار يتخذ من جانب واحد يمكن أن يقود العلاقة بين بغداد و واشنطن الى المجهول، حيث يشير البنتاغون إلى أنه ليست لديه خطط لسحب قواته من العراق في الوقت الراهن، ولم يكن على علم بأي خطط من الحكومة العراقية تطلب منه القيام بذلك.
 
‏إن العلاقة بين الولايات المتحدة الأميركية والعراق تتعرض لضغوط متزايدة منذ الحرب على غزة في السابع من تشرين الأول من العام الماضي، وأن العراق ضاعف من مطالباته لأميركا باحترام سيادة العراق ووقف هجماتها على معسكرات الحشد الشعبي، حيث دعا السيد رئيس الجمهورية عبد اللطيف رشيد في التاسع من الشهر الجاري إلى ضرورة وضع برنامج قابل للتطبيق ومحدد، وأن تلتزم به القوات الأميركية العاملة في العراق، وأن وجود التحالف الدولي ينبغي أن يقتصر على دعم القوات الأمنية وتقديم المشورة، بالإضافة إلى أن تصريحات السيد رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني هي الأخرى كانت واضحة في موقفها الثابت بإنهاء وجود القوات التحالف الدولي بعد انتهاء مبررات وجوده، بالمقابل فإن الولايات المتحدة الأميركية لا تريد مغادرة العراق في هذا الوقت الحرج، وإذا فعلت ذلك فإنها ستفعل ذلك وفقاً لشروط، وفي الموعد وفي الوقت المناسب لها.
 
‏لايزال أمام الحكومة العراقية الكثير لعمله وبمصداقية من أجل وضع مصالح البلاد في المقام الأول، وحماية العراق من أن يكون ساحة صراع للآخرين، على أن تكون هناك مفاوضات شفافة مع التحالف الدولي وبحوار شامل يشمل جميع شركاء التحالف، وعلى أن يغطي مختلف القضايا الأمنية والاقتصادية والبيئة والاجتماعية والثقافية، وأن أي حوار أو أسلوب آخر مع المجتمع الدولي لن يكون ذي جدوى، بل سيكون محفوفاً بالمخاطر وقد يؤدي إلى نتائج عكسية خاسرة للجميع، بالمقابل على واشنطن أن تحترم وضع العراق الحالي وخصوصيته، وأن تمنح الحكومة المسافة اللازمة من أجل حل الاشكال والخلافات، وأن أي ضغط تمارسه القوى الغربية لن يكون ذي نتائج إيجابية، بل على العكس سوف تكون نتائج مضرة بمصالح الجانبين خصوصاً مع عودة بعض جيوب العصابات الداعشية ومع عدم الاستقرار في المنطقة الناجم من الأحداث في غزة، حيث تشير عدد من التقارير المخابراتية العراقية إلى أن الآلاف من مقاتلي داعش يخرجون إلى العلن تحت حماية القوات الأميركية في منطقتين في غرب العراق، ووفقاً لتقارير استخباراتية فإن تنظيم داعش أثناء ذروة قوته يتألف من 35 الف داعشي في العراق قتل 25 ألفاً منهم، في حين اختفى أكثر من عشرة الاف ببساطة.
 
وتؤكد المصادر أن واشنطن تلعب دوراً حيوياً في تمكين عبور المجموعات التابعة إلى داعش عبر الحدود، وقد يعطي انشغال المجتمع الدولي بالحرب على غزة وروسيا وأوكرانيا الفرصة لعصابات داعش لإعادة تنظيم صفوفها، مع الاستمرار في تلقي الدعم اللوجستي الداخلي والخارجي.
 
‏على الرغم من النجاحات المتعددة التي تقوم بها الحكومة وتحديداً في مجال الاعمار والاستثمار وتحقيق أهم هدفين (موازنة الثلاث سنوات وانتخابات مجالس المحافظات) إلا أن المشوار مازال صعباً أمام حكومة السيد محمد شياع السوداني، وأن هناك ملفات مهمة مازالت لم تفتح، وأهمها ملف الفساد الخطير وإعادة الاموال المنهوبة إلى خزينه الدولة، بالإضافة إلى تعزيز الاقتصاد العراقي وإعادة بناء القطاع الخاص وحصر السلاح بيد الدولة وتنظيم العلاقة بين بغداد وواشنطن، وبما يحقق التعاون المشترك بين البلدين دون المساس بالسيادة الدولة أو أن يكون العراق منطلقا لتهديد جيرانه، وأن تعمد الحكومة إلى حل الخلافات بين الحكومة الاتحادية وإقليم كوردستان وبصوره سريعة وشفافة، وبما يحقق الاستقلالية في القرار السياسي والسيادي ككل.
 

تعليقات

علق كضيف أو قم بتسجيل الدخول لمداخلات أكثر

أضف تعليقاً

النص المطلوب
النص المطلوب
 

آخر الأخبار

جليل إبراهيم المندلاوي

العراق بين الحياد والتصعيد.. تداعيات حرب اليمن

مع تصاعد التوترات العسكرية في المنطقة نتيجة للعمليات العسكرية الأميركية ضد الحوثيين في اليمن، يطرح تساؤل جوهري هام حول احتمالية امتداد هذه التداعيات إلى العراق الذي يشكل نقطة التقاء للعديد من المصالح الإقليمية والدولية، والذي يواجه تحديات متزايدة في ظل التعقيدات الجيوسياسية في الشرق الأوسط، كما يثار السؤال عن مدى قدرته على الحفاظ على استقراره في ظل العلاقات المعقدة بين الفصائل المسلحة في العراق وإيران، والتي يمكن أن تتسبب في زعزعة الأمن الداخلي للبلاد، ومن الممكن أيضا أن تؤدي التفاعلات الإقليمية المعقدة في الشرق الأوسط إلى انخراطه في هذا الصراع، مما قد يعرضه لتهديدات مباشرة من القوى الكبرى.