لقد استطاعت المقاومة الإسلامية في فلسطين منذ انطلاق عملية طوفان الأقصى أن تضع أولويات لهذه المعركة، وكانت مستعدة تماماً لكل نتائجها، لذلك نجد أنها استطاعت أن تكون لدى الجيش الإسرائيلي بل للعالم أجمع الذي وقف أغلبه مع الكيان الصهيوني في حربه ضد الأبرياء العزل.
المعركة لم تكن متكافئة يوماً، بل أن القسوة التي استخدمها الجيش الصهيوني عبّرت أدق تعبير على الانقسام الداخلي والفشل الذريع في قدرته على إدارة المعركة، أو الصمود أمام الضربات التي يتلقاها على يد حماس، والتي اتسمت بالدقة، حيث قتل في هذه العملية السريعة والخاطفة أكثر من 1500 شخص منذ اليوم الأول، وفقاً لوسائل إعلام إسرائيلية، حيث قال إسحاق هرتسوغ رئيس إسرائيل إنه لم يقتل هذا العدد الكبير من اليهود في يوم واحد منذ المعركة التي حصلت في الحرب العالمية الثانية.
لفهم الحسابات الأساسية بات من الضروري النظر في المقاربات الدقيقة التي اتبعها محور المقاومة تجاه الجيش الإسرائيلي، فضلاً عن قواعد الاشتباك وحدود المواجهة المتغيرة، حيث مثلت أحداث السابع من تشرين الأول انعكاسة كبيرة لإسرائيل، حيث كشف عن نقاط الضعف في أجهزتها الاستخبارية والعسكرية، والتي اعترفت فيها إسرائيل فيما بعد وضعية الحرب الصعبة والمعقدة في غزة، لأنها حملت ومنذ البداية خطر التوسع، لذلك تواجه إسرائيل خطراً وتحديات أمنية من جميع الاتجاهات، مما أدى إلى تكثيف المخاوف الأمنية في الداخل الإسرائيلي.
تسلط الأحداث في عملية "طوفان الأقصى" إلى أن محور المقاومة قد تبنى ستراتيجية متعمدة لا تصل إلى حد الدخول المباشر في الحرب مع الكيان الإسرائيلي، بل ذهبت أبعد من ذلك، من خلال السيطرة على المعركة والتزام الصمت في مواجهة العنجهية الصهيونية، ولا تتمحور حول التصعيد التدريجي، معتمداً في ذلك على مرونة حركة حماس وقدرتها على الصمود وتوقعها أن الضغوط الدولية المستمرة سوف ترغم إسرائيل على التفاوض والتواصل في نهاية المطاف، إلى اتفاق مع حركة حماس حول الأسرى بين الجانبين، بالإضافة إلى اعتماد محور المقاومة على حسابات دقيقة ويبتعد عن التحركات المتهورة والمحفوفة بالمخاطر التي تحركها العواطف، كون المقاومة الفلسطينية لديها الكثير من البطاقات التي يعتمد ويلعب عليها، والتي تعد ستراتيجية في قتاله ضد الكيان الصهيوني، ولكنه يمتنع عن لعبها جميعاً مرة واحدة.
حيث في جوهر الموقف يتبنى محور المقاومة توازناً دقيقاً باستخدام عنصري الردع وحرب الاستنزاف مع الحسابات الدقيقة في تحقيق أقصى قدر من التأثير، مع تقليل خطر نشوب صراع أوسع نطاقاً وأكثر تهديداً.
تعليقات
علق كضيف أو قم بتسجيل الدخول لمداخلات أكثر
أضف تعليقاً