بعد سقوط نظام البعث البائد في عام (2003) جرت في العراق الاتحادي الفيدرالي ثلاث دورات انتخابية محلية لمجالس المحافظات في السنوات (2005)، و(2009)، و(2013)، وبعد التظاهرات الشعبية في تشرين من سنة (2019)، كانت إحدى مطالب الثُّوّار (التشرينين) إلغاء عمل مجالس المحافظات، ومِنْ ثَمَّ صوّت مجلس النواب العراقي على إلغاء عمل مجالس المحافظات في (15) محافظة، وكانت هذه الخطوة مخالفة دستورية الغرض منها امتصاص غضب الشارع العراقي، ولا يجوز إلغاء عمل مجالس المحافظات، والتعامل مع هذه القضية بمزاج الشارع.
ونحن مقبلون على الدورة الرابعة، والاستعدادات جارية لخوض الانتخابات المحلية في (18 كانون الأول 2023) لمجالس المحافظات، فقد وجدنا في الدورات الثلاثة السابقة أحزاباً، وشخصيات موسمية التي تظهر إبان الانتخابات، وبعد إعلان النتائج تختفي تلك الأحزاب، والشخصيات من الساحة، وهذه الأحزاب الموسمية بدأت بفتح مقرات لها في المحافظات، واستقطبت الناخبين عبر الإغراءات المادية التي تأتي لتلك الأحزاب من خارج الحدود، وكثير من تلك الأحزاب الموسمية هي تابعة وظلّ للأحزاب الكبيرة التي أثبتت إخفاقها في إدارة شؤون الحكومات المحلية، وأصبحت مرتعاً للفساد، وغسيل الأموال، وعدم الاستقرار الأمني، وزيادة المشكلات الاقتصادية، وانعدم الخدمات، والبُنى التحتية لاسيما في بغداد، وبقية المحافظات العراقية.
ولهذا يرون أن مجالس المحافظات حلقة زائدة بسبب الأحزاب الموسمية التي تظهر متحمسة بإطلاق الوعود الكاذبة، والشعارات البَرّاقة من أجل اللعب على مشاعر الناخبين، واستدراجهم، وبعد إعلان النتائج الانتخابية، فتراهم يختفون فجأة، ويُغيِّرون أرقام هواتفهم، وعدم زيارة جماهيرهم في المناطق التي حصلوا على أصوات كبيرة الذين لولا تلك الجماهير لما حَلَمَ يوماً أن يكون نائباً في مجلس النواب العراقي، أو عضواً في مجلس المحافظة، وهو مجلس خدمي، ويراقب عمل، وأداء الحكومة المحلية.
إن كثيراً من الأحزاب الموسمية ظهرت بعد التظاهرات في أنحاء العراق، وهي عبارة عن واجهات للأحزاب الكبيرة المعروفة بإخفاقاتها المتكررة، وهذه الأحزاب تظهر بمُسمّيات تحاول تضليل المواطن، والناخب العراقي، وخير دليل بعض الأحزاب، والشخصيات الموسمية التي ظهرت في الانتخابات التشريعية النيابية في عام (2021)، وكانت تلك الأحزاب الموسمية لها ارتباطات بالأحزاب الولائية حتى ما يُسمّى بالنواب (المستقلين) فهم ليسوا مستقلين كما يدعون، فلا توجد شخصيات مستقلة في العراق.
وفي كل موسم انتخابي تظهر أحزاب حاملة للشعارات القومية، أو الطائفية، وهي محدودة التأثير، والغرض منها تشتيت أصوات الناخبين لاسيما في المناطق الكوردستانية خارج إدارة إقليم كوردستان، ومزاحمة الأحزاب، والقوى السنية، وتشتيت الأصوات في المناطق الكوردستانية مع وجود إغراءات مالية، والوعود بالتعيينات، وتقديم الأسلحة كهدايا للمرتزقة الذين يروجون لتلك الأحزاب الموسمية، ولا تملك برامج انتخابية واضحة المعالم تخدم المواطن، والغرض الأساسي من تلك الأحزاب الموسمية هو الوصول إلى السلطة أما المواطن فيبقى ذكرى جميلة من محطاته الانتخابية، ويصبح في رفوف النسيان.
وقد عجز المجتمع العراقي عن إنتاج، وتأسيس حزبي وطني عابر للقومية، والدين، والمذهبية، والمناطقية منذ تأسيس الدولة العراقية في سنة (1921) حتى سقوط نظام البعث البائد في عام (2003) سوى الحزب الديمقراطي الكوردستاني الذي يملك قاعدة جماهيرية كبيرة في محافظات إقليم كوردستان، فضلاً عن نينوى، وكركوك، وديالى، وصلاح الدين، وجمهوره قابل للزيادة في كل موسم انتخابي، ومحافظ على مكانته، ومقاعده في مجالس المحافظات، وهذا الحزب فيه الكوردي، والعربي، والتركماني، والكلداني، والسرياني، والآشوري، والمسلم، والمسيحي، والإيزيدي، والكاكائي.. إلخ، ومقراته موجودة دائماً إما في الموقع الأصلي، أو في الموقع البديل.
الأحزاب الموسمية تهديد للمجتمع العراقي، وتفتت نسيجه الاجتماعي (عشائرياً)، والقومي، والديني، والمذهبي.
تعليقات
علق كضيف أو قم بتسجيل الدخول لمداخلات أكثر
أضف تعليقاً