على الرغم من مرور 70 عاماً على اعتماد الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وعلى الرغم من مرور أكثر من سبع سنوات على الأوضاع والتغيرات في سوريا، إلا أن الكورد في سوريا ما زالوا محرومين من أبسط الحقوق، بما فيها حق اللغة، ولا يزال الدستور السوري يخلو من أي اعتراف باللغة الكوردية.
يحتفل العالم في العاشر من ديسمبر من كل عام باليوم العالمي لحقوق الإنسان، الذي اعتمدته الجمعية العامة في 10 ديسمبر 1948، ويتكون الإعلان العالمي لحقوق الإنسان من 30 مادة، المادة 26 من الإعلان تتحدث عن الحق في التعليم وحرية اختيار الأهالي نوع التعليم لأبنائهم، حيث جاء فيه:
1- لكلِّ شخص حقٌّ في التعليم، ويجب أن يُوفَّر التعليمُ مجَّانًا، على الأقل في مرحلتيه الابتدائية والأساسية، ويكون التعليمُ الابتدائيُّ إلزامياً، ويكون التعليمُ الفنِّي والمهني متاحاً للعموم، ويكون التعليمُ العالي مُتاحاً للجميع تبعًا لكفاءتهم.
2- يجب أن يستهدف التعليمُ التنميةَ الكاملةَ لشخصية الإنسان وتعزيز احترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية، كما يجب أن يعزِّز التفاهمَ والتسامحَ والصداقةَ بين جميع الأمم وجميع الفئات العنصرية أو الدينية، وأن يؤيِّد الأنشطةَ التي تضطلع بها الأممُ المتحدةُ لحفظ السلام.
3- للآباء، على سبيل الأولوية، حقُّ اختيار نوع التعليم الذي يُعطى لأولادهم.
وجاء في البند الثاني من المادة الأولى من المبادىء الأساسية للدستور السوري المعتمد في 27.02.2012، أن "الشعب في سوريا جزء من الأمة العربية"، وبحسب المادة الرابعة، فإن "اللغة العربية هي اللغة الرسمية للدولة".
الكورد في سوريا مكون أساسي وشعب يعيش على أرضه منذ الأزل، وشارك في الدفاع عن سوريا أرضاً وسيادةً منذ تأسيس الدولة السورية الحديثة، ورسم حدود الخارطة السورية، وقدم قوافل من الشهداء في سبيلها، ومع ذلك خلت كل الدساتير السورية، بدءاً من دستور 1928 ودساتير فترة الانتداب الفرنسي، وفترات الانقلابات حتى قدوم حزب البعث إلى السلطة، وليومنا هذا، من أي اعتراف رسمي باللغة الكوردية كلغة رسمية لشعب يعتبر المكون الثاني في سوريا.
بعد بدء الأزمة في سوريا عام 2011، افتتحت في مناطق كوردستان سوريا العديد من المعاهد والمدارس والمراكز التي تدرس وتهتم باللغة الكوردية، وأسست لذلك لجان وهيئات، ومع ذلك تبقى تلك المحاولات من الناحية القانونية غير "رسمية" وقابلة للانتهاك، طالما لا يذكر الدستور السوري اللغة الكوردية كلغة رسمية في البلاد أو في المناطق الكوردية على الأقل، وبالتالي فإن أي محاولة لرسمية اللغة الكوردية تبقى غير مصانة من قبل القانون والسلطات.
بالنظر إلى تجارب عدة دول في العالم، فإنه يعتمد فيها أكثر من لغة رسمياً في الأقاليم التي تتحدث بها، على الرغم من العديد القليل من المتحدثين ببعض تلك اللغات، لكن القانون والدستور يحفظان حقوق تلك الشعوب في التحدث بلغاتها، وهنا على سبيل المثال لا الحصر:
-في إسبانيا، إضافة إلى اللغة الإسبانية الرسمية في البلاد، تعتبر اللغة الكاتالانية (يتحدث بها 11.5 مليون شخص)، اللغة الغاليسية (3-4 مليون)، اللغة الأستورية (100 ألف)، اللغة الأراغونية (11 ألف شخص)، إضافة إلى لغات أخرى، لغات رسمية.
-في روسيا، هناك 27 لغة رسمية إضافة إلى اللغة الروسية.
-في سويسرا يوجد أربع لغات رسمية هي الفرنسية، الألمانية، الإيطالية، والرومانية.
-في العراق تعتبر العربية والكوردية لغتان رسميتان في البلاد، ويحق للآشوريين والتركمان التعلم بغلتهم في مناطقهم.
-في بلجيكا تعتبر الهولندية، الفرنسية، والألمانية لغات رسمية في البلاد، على الرغم من أن متحدثي الألمانية لا يتجاوزون نسبة 1% من سكان البلاد.
بالعودة إلى الازمة السورية، فإن الأوضاع في سوريا تتجه نحو حل سياسي، وفي هذه المرحلة يتم الحديث عن تشكيل اللجان الدستورية، لجنة من قبل النظام، لجنة من المعارضة، ولجنة من المجتمع المدني، ويبلغ أعضاء كل لجنة 15 شخصاً، حيث يشارك الكورد أيضاً من خلال المجلس الوطني الكوردي في سوريا ضمن صفوف المعارضة، إضافة إلى احتمالية تواجد الكورد في اللجنة المدنية.
بتاريخ 27.08.2013 تم اعتماد وتوقيع وثيقة بين المجلس الوطني الكوردي في سوريا والائتلاف الوطني لقوى المعارضة السورية، حيث جاء في البند الأول من الوثيقة:
"يؤكد الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية التزامه بالاعتراف الدستوري بهوية الشعب الكوردي القومية، واعتبار القضية الكوردية جزءاً أساسياً من القضية الوطنية والديمقراطية العامة في البلاد، والاعتراف بالحقوق القومية للشعب الكوردي ضمن إطار وحدة سورية أرضاً وشعباً."
الدستور هو القانون الأعلى الذي يحدد القواعد الأساسية لشكل الدولة ونظام الحكم وشكل الحكومة، وينظم السلطات العامة فيها من حيث التكوين والاختصاص والعلاقات التي بين السلطات وحدود كل سلطة والواجبات والحقوق الأساسية للأفراد والجماعات، ويضع الضمانات لها تجاه السلطة، لذلك فإن الكورد أمام مرحلة تاريخية حساسة، قد تشهد انعطافاً في التاريخ السوري، وأي استحقاق للكورد، وشكل ومضمون الاستحقاق، سيحدد مصيره لعشرات السنوات، أو ربما لفترات طويلة قادمة.
هذا المقال يعبر عن وجهة نظر الكاتب وليس له علاقة بوجهة نظر شبكة رووداو الإعلامية.
تعليقات
علق كضيف أو قم بتسجيل الدخول لمداخلات أكثر
أضف تعليقاً