لقاء أردوغان بحزب الشعوب الديمقراطي: هل تقترب تركيا من سلام تاريخي؟

12-04-2025
رووداو
الكلمات الدالة تركيا أردوغان دام بارتي
A+ A-

في لحظة سياسية لافتة، التقى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، يوم الخميس 10 نيسان 2025، بوفد من حزب "المساواة والديمقراطية للشعوب" (DEM) في المجمع الرئاسي بأنقرة، في أول اجتماع علني من هذا النوع منذ أكثر من 13 عاماً.
 
اللقاء الذي وصفه بعض المراقبين بـ"الخطوة الجريئة"، يأتي ضمن ما أسمته الحكومة التركية بـ"مسار تركيا من دون إرهاب"، ويُعيد إلى الواجهة النقاش حول مستقبل القضية الكوردية في تركيا، وإمكانية العودة إلى مسار السلام الذي توقّف في 2015 بعد انهيار المفاوضات بين الدولة وحزب العمال الكوردستاني (PKK).
 
يكتسب اللقاء أهميته من كونه أول اعتراف رسمي ضمني من الدولة التركية بضرورة الحوار مع الشريك الكوردي السياسي، بدل الاكتفاء بالمقاربة الأمنية، فحزب DEM، الذي يمثل قاعدة شعبية واسعة من الكورد والأقليات في تركيا، طالما طُرد من دائرة الشرعية السياسية عبر حملات قضائية واتهامات بالارتباط بحزب العمال الكوردستاني PKK، لكن واقع الحال يؤكد أن أي حلّ للقضية الكوردية لا يمكن أن يتحقق دون حوار شامل، يضم الأحزاب الكوردية ومكونات المجتمع المدني إلى جانب الدولة.
 
لكي تنجح هذه الخطوة وتتحول إلى مسار سلام فعلي، لا بد من توفر جملة من الشروط الأساسية، أبرزها:
 
- إرادة سياسية صادقة ومستدامة لا ترتبط بحسابات انتخابية مؤقتة.
 
- إنهاء سياسة الحظر والملاحقة بحق العمل السياسي الكوردي، ووقف استخدام القضاء كأداة ضغط.
 
- إشراك كافة الأطراف المؤثرة، بما فيها منظمات المجتمع المدني وزعماء محليون، لخلق قاعدة دعم شعبي لأي اتفاق مستقبلي.
 
- ضمانات دستورية وتشريعية تكرّس الحقوق الثقافية والسياسية للكورد وغيرهم من المكونات.
 
إن أي تهدئة داخلية في تركيا ستنعكس حتماً على ملفات إقليمية، وعلى رأسها الملف السوري، فالتقارب مع الحزب الكوردي في الداخل قد يُمهّد لتغيّر في نظرة أنقرة إلى الإدارة الذاتية في شمال وشرق سوريا، وربما يقود إلى حوار غير مباشر أو تفاهمات أمنية تحدّ من التوتر المتكرر على الحدود.
 
كما أن انخراط تركيا في مسار تفاوضي داخلي سيفتح الباب أمام المجتمع الدولي للعب دور أكثر فعالية في دعم جهود السلام الإقليمي، وربما إحداث اختراقات في ملفات شائكة مثل اللاجئين، والتوازنات في شمال سوريا، ومكافحة الإرهاب.
 
إن ما جرى في أنقرة لا يمكن فصله عن ديناميكيات الداخل التركي، لكنه أيضاً يحمل بذور تحول كبير، إذا ما تم البناء عليه بصدق وشجاعة سياسية. إنها لحظة اختبار حقيقية للدولة التركية؛ هل تمضي نحو تسوية تاريخية تنهي عقوداً من الصراع، أم أن اللقاء مجرد ورقة ضغط ظرفية تُطوى مع أول منعطف سياسي داخلي؟..  الأيام المقبلة كفيلة بالكشف عن النوايا الحقيقية.
 

تعليقات

علق كضيف أو قم بتسجيل الدخول لمداخلات أكثر

أضف تعليقاً

النص المطلوب
النص المطلوب
 

آخر الأخبار

طلال محمد

أهمية مشاركة الكورد في إدارة سوريا الجديدة

في ظل ما مرت به سوريا من حرب مدمرة منذ عام 2011، برزت الحاجة الملحة إلى إعادة بناء الدولة السورية على أسس جديدة قائمة على العدالة، المواطنة، والتعددية. وفي هذا السياق، تبرز قضية مشاركة الكورد في إدارة البلاد كأحد أبرز التحديات والفرص على حد سواء. فالكورد، بوصفهم ثاني أكبر قومية في سوريا، ليسوا مجرد مكوّن ديمغرافي، بل شريك أصيل في التاريخ والجغرافية والسياسة، ولا يمكن الحديث عن مستقبل سوريا دون مشاركتهم الفاعلة في بنائه.