أثارت تصريحات عضوي مجلس النواب العراقي عالية نصيف وهادي السلامي احباطاً كبيراً حينما تحدثا عن الفساد وتعطل مصفاة كربلاء الذي افتتح في شهر نيسان الماضي، والحقيقة أنه لا مجال في العراق اليوم بلا فساد، لكن الاحباط في هذه القضية كون المصفاة أثير الكثير عنها في وسائل الإعلام كونها بمواصفات (يورو 5) الصديقة للبيئة.
مصفاة كربلاء بدأت بالفعل في الانتاج وهي تستطيع أن تحقق الاكتفاء الذاتي من مادة الديزل والكيروسين وبنزين الطائرات، لكن مايزال أمام المصفاة شوط طويل للوصول إلى الاكتفاء الذاتي من مادة البانزين عالي الاوكتان، وهنا يجب التنبيه وبمرارة إلى امكانية توفير البنزين المحلي وسد النقص من المصافي الأخرى لو اشتغلت المصافي بكامل طاقتها، لأن المصافي العراقية تخسر ملايين اللترات من البنزين يومياً.
فمثلاً في مصفاة الصمود في بيجي التي تكبد العراق خسائر تصل إلى (1.5 مليون لتر يومياً) نتيجة عدم توفر مادة (النفثا أو النَفْطة) وهي أحد منتجات النفط الوسيطة التي يحصل عليها في مصفاة النفط، ولا تعد النفثا مادة نقية بعينها، بل هي مزيج من عدة قطفات مختلفة، اضافة إلى أن العراق يخسر من مصفاة الدورة جنوبي بغداد الكمية ذاتها من مادة البنزين (1.5 مليون لتر يومياً) لعدم توفر الكهرباء، وهذه حقيقة يفترض أن تقف الحكومة عندها وحل هذه الاشكالية، بمعنى هل يعقل أن العراق لا يستطيع توفير الكهرباء لمصافيه؟
المفروض ان تحل أزمة مصفاة بيجي بأسرع وقت من خلال توفير مادة النفثا، وتوفير الطاقة الكهرباء الكافية لمصفاة الدورة لتشغيل وحدة الأزمرة، وبالأخير سيوفر حل هذه المشكلة مليارات الدولارات سنوياً للخزينة العامة.
ويجب أن لا ننسى بأن وزارة النفط ستفتتح مصفاة البصرة بعد سنة ونصف تقريباً، وستضيف كميات كبيرة من البنزين المحسن عالي الاوكتان، بحدود (6.5 مليون لتر بنزين يومياً)، وهذه الكميات من البنزين ستسد حاجة العراق وبالامكان تصديرها في نهاية 2025، لأن مصفاة البصرة ستكتمل عمليات الإنشاء فيها قبل نهاية 2025.
وبالعودة إلى مصفاة كربلاء فهي من مواصفات (يورو 5) بمعنى انها من أجود المصافي بالعالم وحتى (اليورو 6) موجود كمواصفات، لكن حتى الآن لا توجد شركة بالعالم بنت مصفاة من هذا النوع، لذا فمصفاة من جيل (يورو 5) تعد الأرقى بالعالم كمواصفات؛ ومصفاة كربلاء طاقتها الانتاجية هي (8.7 مليون لتر يوماً) من البنزين عالي الأوكتان الذي تبلغ نسبته 97% باستطاعة وزارة النفط مزجه مع النفوط الأخرى وينقصونه إلى 92%، ومع ذلك يبقى عالي الجودة، وبهذا الحال يمكن أن يتم سد النقص في مادة البنزين بالعراق، خاصة اذا تم رفع اسعارها في السوق المحلية بما يعادل أسعارها في دول الجوار، لأن ارتفاع أسعارها في دول الجوار يشجع المهربين على تهريب كميات من البنزين المحسن عالي الأوكتان، لكن إذا كانت الفروق السعرية غير موجودة سوف لن يتشجع المهربون الفاسدون على سرقة هذه المادة وتصديرها الى الخارج.
أخيراً يجب التذكير بأن مصفاة كربلاء لن تدعم الشبكة الكهربائية بالوقود، لانها تقنية حديثة لا تخرج من مادة النفط الأسود التي تستخدم في المحطات الكهربائية، كون مواصفات مصافي (يورو 5) هي أنها تستثمر كل النفط الخام، بمعنى أن النفط الأسود الذي تخلفه المصافي القديمة يتم تكسيره في المصفاة، ويتحول إلى مشتقات بيضاء، وما يتبقى منه هو قليل جدا لا يزيد على 18%، هذا ممكن أن يستخدموه بنفس المصفاة كوقود لتسخين النفط الخام، لبدء عملية التقطير للمشتقات النفطية، أي عكس باقي المصافي ينتج النفط الأسود.
تعليقات
علق كضيف أو قم بتسجيل الدخول لمداخلات أكثر
أضف تعليقاً