معد فياض
انهى تكليف مصطفى الكاظمي لتشكيل الحكومة العراقية، السجالات السياسية المثيرة للجدل من اجل وضع الامور في نصابها الصحيح، وعملا بالمثل القائل"ان تاتي متأخرا افضل من ان لا تاتي"، فان هذا التكليف جاء متأخرا وكلف العراق الكثير من الوقت وزاد في تفاقم الازمات، خاصة بعد ان تم ترشيح شخصيات لا تتوفر فيها شروط الشارع العراقي ومتطلبات المرحلة الحرجة التي يمر بها العراق.
وحسب معلوماتنا الموثوقة فان تكليف الكاظمي، الذي حظي بتأييد غالبية القوى السياسية، الكوردية خاصة، كان يجب ان يحصل قبل تكليف محمد توفيق علاوي، ومن ثم عدنان الزرفي، لكن عواصف الصراعات الشيعية - الشيعية، وعدم توافق القوى السياسية السنية والكوردية، ورفض ساحات الاعتصامات في عموم العراق للاسماء التي تم ترشيحها، ونصيحة اصدقاء مخلصين للكاظمي بان لايقبل الترشيح، قبل توافق كلي من القوى الشيعيية عليه، أجل هذه الخطوة حتى تأتي في وقتها المناسب والصحيح.
لقد جاء ترشيح الزرفي مفاجئا للعراقيين وللقوى السياسية التي لم تستشر في هذا الاختيار غير الموفق، وهي خطوة ولدت ميتة منذ البداية ولم تتمتع بقراءة صائبة للاوضاع الراهنة، وكانت ستزيد من عمق الازمات الحالية التي يمر بها العراق. وحتى يوم أمس كان الزرفي مصرا بجهوده لتشكيل الحكومة رغم معرفته برفضه شعبيا وسياسيا، حتى جاء صدور بيان رئيس اقليم كوردستان، نيجيرفان البارزاني، أمس، بتأييد ودعم والموافقة على ترشيح مصطفى الكاظمي لتشكيل الحكومة الجديدة التي طال انتظار ولادتها، خاصة وان اسم الكاظمي كمرشح بقي يتداول باعتباره الشخص المناسب في الظرف الحرج، دون ان تعلن اية قوى سياسية ذلك.
لقد استبق رئيس اقليم كوردستان الاحداث وقرأها بصورة صحيحة، لاعلان تأييده ودعمه للكاظمي بعد ان تاكد من توافق الكتل الشيعية، باعتبارها صاحبة الحق في هذا الاختيار، على اسم الكاظمي الذي اصبح مرشحا متوافقا عليه بدعم كامل من أربيل، وهذا الدعم جاء من اجل انقاذ العراق وتقديم مصلحة الشعب العراقي على المصالح الشخصية والفئوية، ولوضع الامور في نصابها لانهاء سجال مثير للجدل بين الكتل الشيعية والسنية والكوردية من جهة، ومحققا مطالب المتظاهرين من جهة ثانية، ومطمئنا لدول الجوار العراقي، العربية منها وغير العربية، من جهة ثالثة.
تتميز شخصية رئيس الوزراء المكلف بتشكيل الحكومة، مصطفى الكاظمي، بالهدوء وعدم اللجوء لخلق الازمات، بل على العكس من ذلك تماما، فهو يذهب دائما لخيار حل المشاكل المستعصية دون اي ضجيج سياسي او اعلامي، وهناك الكثير من الازمات بين الاحزاب والكتل المختلفة، سواء كانت شيعية او سنية، عمل على تفكيكها، وقرب في احيان كثيرة في وجهات النظر بين اربيل وبغداد، بحكم علاقاته الطيبة المبنية على الثقة المتبادلة بين قادة الاحزاب العراقية والكوردية، من اجل مصلحة البلد، حدث هذا قبل ان يكون رئيسا للجهاز الوطني للمخابرات، بل ولم يكن يتمتع باي منصب رسمي.
السؤال الاهم اليوم، وبعد تكليفه دستوريا من قبل رئيس الجمهورية، برهم صالح، هل سيتمكن الكاظمي من انقاذ ما يمكن انقاذه من الاوضاع العراقية والازمات التي يعيشها العراقيون، وهل سيقود سفينة العراق لبر الامان وسط العواصف السياسية والاقتصادية والصحية التي تضرب اشرعة هذه السفينة.
بالتأكيد سيتمكن من ذلك فيما اذا حصل على دعم العراقيين، واعني االمتظاهرين، لا سيما وان شروطهم تنطبق عليه كونه مستقلا ولا يحمل سوى الجنسية العراقية، وتاريخه يخلو من اي ملفات بالفساد. كما يحوز على تاييد الاحزاب السياسية التي تمثل جميع المكونات الوطنية. نحن متفائلون بنجاح مهمة الكاظمي خاصة وانه حظي بتأييد قوى سياسية عراقية فاعلة وفي مقدمتهم نيجيرفان بارزاني، رئيس اقليم كوردستان، وقادة احزاب شيعية وسنية.
هذا المقال يعبر عن وجهة نظر الكاتب وليس له أي علاقة بوجهة نظر شبكة رووداو الإعلامية.
تعليقات
علق كضيف أو قم بتسجيل الدخول لمداخلات أكثر
أضف تعليقاً