رووداو ديجيتال
يتداول العراقيون، ومنذ اكثر من يومين، على مواقع التواصل الاجتماعي سجالات واحاديث وصلت حد التطرف في الآراء حول ما الذي جرى وحدث لنجم الكرة العراقي أيمن حسين، كابتن المنتخب العراقي لكرة القدم. الامر لا يتعلق بجدارته وابداعه ومهاراته المتفوقة في لعبة كرة القدم وما حققه من انجازات كروية وما سجله من اهداف لصالح المنتخب الوطني، كما ان المواضيع التي ما زالوا يتداولونها، لا علاقة لها بابتسامة او اخلاق ايمن.
الامر وببساطة، سيداتي سادتي يتعلق بالمستشفى التي نُقل اليها الكابتن العراقي ايمن حسين بعد اصابته في المباراة التي جرت بين المنتخبين العراقي والعُماني في ملعب جذع النخلة بالبصرة والتي فاز فيها العراق بهدف حققه ايمن الذي واصل اللعب بالرغم من اصابته.
وايضا موضوع السجالات والمعارك والشتائم والصراخ المسموع والصامت الذي يدور على مواقع التواصل الاجتماعي لا علاقة له باصابة ايمن حسين ومدى خطورتها او بساطتها وتاثيرها على لاعبنا حفظه الله، بل الامر يتعلق بالمستشفى التي نقل اليها ايمن بعد نهاية المباراة والتي تقع في البصرة، ومن ثم نقله الى مستشفى اخرى في الكويت. العراقيون في مواقع التواصل الاجتماعي ما زالوا يهاجمون المؤسسات الصحية العراقية، خاصة في البصرة، وانه بعد اكثر من 21 سنة لا توجد مستشفى متميزة لعلاج ايمن حسين مما ادى الى نقله الى مستشفى في الكويت.
بدورها انتفضت مستشفى دار الشفاء في البصرة التي نُقل اليها ايمن حسين اولا وقبل نقله الى الكويت، وخرجت عن صمتها ببيان نفت فيه" أن يكون سبب نقل نجم المنتخب الوطني أيمن حسين إلى الكويت لضعف إمكانات المستشفى من حيث الكوادر والأجهزة الطبية" موضحة في الوقت نفسه إلى قيامهم بالإجراءات المطلوبة لحالته "لكن الاتحاد رغب بنقله إلى الكويت".
وعرفنا بان أيمن كان قد تعرض حسين لنزيف في الشريان الأبهر بعد إصابته في مباراة يوم الخميس 5 ايلول 2024، بين العراق وعمان في ملعب جذع النخلة بالبصرة ضمن تصفيات كأس العالم 2026.وبعد "تداول الأخبار حول عدم قدرة مستشفى دار الشفاء بالبصرة على معالجة حالة نجم المنتخب بسبب ضعف إمكاناته ونقله الى الكويت، أوضح المستشفى أن كل ما يتم تداوله غير صحيح وان المستشفى مجهز بالكامل بالأجهزة الحديثة والطواقم الطبية المتخصصة لاحتواء جميع الحالات الطارئة".
إذن مستشفى دار الشفاء في البصرة والتي تكفلت بعلاج الكابتن ايمن حسين بريئة حسب بيانها من تهمة التقصير، بل ذهبت الى ابعد من ذلك عندما اوضحت في بيانها وبدقة " إلى أنه تم استقبال أيمن حسين بعد الوعكة الصحية التي تعرض لها في المباراة في طوارئ المستشفى، وأجريت له الفحوصات الأولية في قسم الأشعة التشخيصية..وبناء على حالته أجريت له عملية وضع (جيست تيوب لتصريف الدم)". ووضعت الكرة في ملعب الاتحاد العراقي لكرة القدم عندما اوضحت بان" نُقل أيمن حسين إلى الكويت جاء بناء على رغبة اتحاد كرة القدم العراقي المتمثل بالكابتن عدنان درجال والكابتن يونس محمود".
لكن هل هذا يبرئ المؤسسات الصحية العراقية، الحكومية والاهلية، عن تقصيرها، او يجعلنا نطمئن بان مستشفياتنا متطورة من حيث الكفاءة والاجهزة والحرص على ارواح المرضى؟، ولو كانت كذلك لما قرر كل من درجال ومحمود، ولشدة حرصهما على ايمن حسين نقله على وجه السرعة الى الكويت باعتبارها اقرب مكان الى البصرة تتوفر فيه مستشفيات متطورة ويمكن فيها الاطمئنان على صحة الكابتن ايمن، لا سيما وان الجمهور العراقي كما درجال وحمود كان قد فجع سابقا برحيل الكابتن احمد راضي بسبب سوء الخدمات والرعاية الصحية في المستشفى التي كان يرقد بها خلال اصابته بكوفيد كورونا.
لو كانت مستشفيات العراق متطورة وحريصة على ارواح المرضى، لما ذهب المئات او الالاف من العراقيين للعلاج في الهند وغيرها سنويا؟ ولنسال لماذا يفضلون مستشفيات اقليم كوردستان على سواها في المدن العراقية؟
وحسب اعتراف وزير الصحة والبيئة العراقي الاسبق، جعفر علاوي، الاستاذ بجامعة لندن، وفي حديثه لرووداو، المنشور يوم الاربعاء 4 ايلول 2024، بان:"أوضاع الصحة والبيئة في العراق سيئة للغاية". مشيراً الى أن "الجامعات والمؤسسات الصحية في اوروبا والولايات المتحدة سحبت ومنذ سنوات عديدة الاعتراف بشهادات خريجي الجامعات الحكومية والاهلية العراقية، خاصة كليات الطب وطب الاسنان والصيدلة". موضحا وبصراحة ان احد اهم اسباب تردي عمل وزارة الصحة العراقية ومؤسساتها "تفشي الفساد والفراغ الاداري، حيث ان الوزارة لم تكن لخدمة العراق وانما تعمل لصالح حزب سياسي اسلامي (شيعي)"، منبها الى ان "اخطر المشاكل التي واجهت وماتزال تواجه الحكومات العراقية هي تخصيص وزارات بعينها لخدمة وتمويل احزاب الاسلام السياسي، وليس لخدمة العراق والعراقيين".
حادثة اصابة الكابتن ايمن حسين وتعليقات وكتابات الجمهور العراقي والمعبرة عن حرصها الشديد على حياة نجم الكرة العرقي كشفت عن خلل كبير في ثقة المواطن العراقي بمؤسساته الصحية، وبإجراءات اتحاد الكرة العراقي، وعبرت للاسف عن انقاساماتهم وتخندقهم في اكثر من معسكر، واطلقت عنان الاتهامات لهذا وذاك.
باعتقادي ان إجراءات اتحاد الكرة العراقي وخاصة تصرف كل من عدنان درجال ويونس محمود صحيحة وانطلقت من حرصهم وشعورهم بمسؤوليتهم عن صحة الكابتن ايمن حسين الذي يستحق، كما باقي اعضاء المنتخب، واي عراقي آخر، كامل الاهتمام والرعاية.
تعليقات
علق كضيف أو قم بتسجيل الدخول لمداخلات أكثر
أضف تعليقاً