تشرين.. جدل متجدد بين العراقيين في ذكراها الرابعة

02-10-2023
مجاشع التميمي
الكلمات الدالة تشرين
A+ A-
 
رغم مرور أربع سنوات على تظاهرات تشرين، التي أسقطت حكومة عادل عبد المهدي واجبرت القوى السياسية على الذهاب إلى انتخابات مبكرة وتعديل النظام الانتخابي، ماتزال تفاصيلها ونتائجها تثير جدلاً بين كثيرين.
 
فهناك من يرى أن هذه "الثورة الشعبية" كانت تحمل أهدافاً نبيلة ووطنية، لكن من قاموا بها لم يتمكنوا من تحقيق أهدافها، ومن بين هؤلاء من لا يزال يعتقد أن "الثورة مستمرة"، وهناك فريق يرى أنها كانت مجرد "مؤامرة" لنشر الفوضى في العراق، وهناك آخرون يعتقدون أنها كانت ضرورية، لكنها "سُرقت" من أصحابها، وباتت سبباً في مزيد من التدهور الاقتصادي والسياسي على حد سواء.
 
ورغم تدني عدد المتظاهرين في الذكرى الرابعة للتظاهرات، الا أن التاريخ لا يعول على اختلاف الأرقام، فأحياناً بسبب الظروف التي يمر بها البلد وطبيعة الوضع الإقليمي وطبيعة المزاج الشعبي، يتأثر عدد المتظاهرين، لكن السؤال الاهم هل أسباب خروج ثورة تشرين عام 2019 باقية إلى الآن؟ أنا اقول نعم باقية لأن جماهير تشرين كانت قد خرجت تحت لافتة مكافحة الفساد والمحاصصة، إضافة الى أن القضاء لا يستطيع مواجهتهم لأنهم محميون من السلطة نفسها وأحزابها، وهذا ربما سبب مهم وجوهري في استمرار تشرين، واعتقد أن هنالك سبباً أعمق من المحاصصة والفساد في العراق، وهو وجود أحزاب مسلحة في إدارة الدولة وهذه الظاهرة غير مقبولة في اي دولة في العالم .
 
إلا أن الإسهام الحقيقي للشعب العراقي في التظاهرات يكمن في أمرين؛ الأول: أن وسائل الإعلام، وخاصة مواقع التواصل الاجتماعي قامت بدور القيادة والتوجيه، وذلك بتعبئة الجماهير وتنظيمها والدعوة لخروج الملايين ضد الواقع الذي شُخص من قبل الجميع بما فيهم القوى السياسية الماسكة للسلطة حتى اليوم. 
 
والثاني: ان الشعارات التي رفعت في ساحة التحرير ببغداد وباقي الساحات في المحافظات الأخرى بشأن ارتفاع حالات الفقر، وانتشار الفساد، والحرية، والعدالة الاجتماعية، والكرامة الإنسانية حلت محل البرنامج التفصيلي، وشكلت تحدياً حقيقياً لأي حكومة من أجل تحويلها إلى برامج وسياسات قابلة للتطبيق بما فيها حكومة مصطفى الكاظمي التي جاءت كنتاج لتشرين.
 
لكن بعض السياسيين من الأحزاب القابضة على السلطة ومدونيهم وكتّابهم وإعلامهم، والذين فشلوا فشلاً ذريعاً في انتخابات 2021، التي تعد احدى نتائج تشرين، استهدفوها من خلال الهجوم الحاد عليها والتقليل من أهميتها ودورها في كسر حاجز الخوف لدى الشعب العراقي، وفي الدفع بهم إلى المشاركة السياسية الفاعلة، الا أن عودة القوى السياسية التقليدية أثرت على نسب الإقبال.
 
وربما كانت من سمات تشرين هي كثرة الانقسامات التي مرت بها وكان الجميع يخشى على تشرين من نزعة الزعامة، والمقصود بها هو الإصرار على التصدي في ضوء عدم وجود إمكانيات لهذا التصدي أو في ضوء وجود نيات غير نقية وغير حقيقية لهذا التصدي، وكثرة المتصدين أوقع تشرين في شرك تعدد الزعامات، وفي الأنانية والتشرذم والتشتت.
 
تشرين التي انطلقت عام 2019 كان فيها تناغم واضح بين الساحات، وتناغم واضح بين المنسقين العامين الذين كانوا ينسقون الاحتجاجات والجمهور العام بصورة عامة، لكن للاسف تعدد القيادات والتدخلات تسبب بخدعة انتخابات عام 2021 عندما تم الإعلان عن إجراء الانتخابات على أنها تحقيق لمطالب تشرين، في حين أن تشرين لم تطالب بالانتخابات، وإنما هنالك أسس للانتخابات، تشرين قالت نريد انتخابات مبكرة ونريد قانون انتخابات جديد ومفوضية جديدة، ونريد تطبيقاً لقانون الأحزاب.
 
انا ارى ان هنالك تغيرات قادمة في المنطقة ومن غير المعقول أن الدولة تستمر بأدائها وتريد تحمي نفسها من أي غضب قادم، واعتقد إن الاستمرار بنفس النهج منذ عام 2003، إلى الآن بشكل متصاعد بغض النظر عن التظاهرات سيؤدي بالأخير إلى أن الشباب سينتفض ولن يلتفت وسينفجر الشباب إلى الإحباطات.
 

تعليقات

علق كضيف أو قم بتسجيل الدخول لمداخلات أكثر

أضف تعليقاً

النص المطلوب
النص المطلوب
 

آخر الأخبار

جليل إبراهيم المندلاوي

العراق بين الحياد والتصعيد.. تداعيات حرب اليمن

مع تصاعد التوترات العسكرية في المنطقة نتيجة للعمليات العسكرية الأميركية ضد الحوثيين في اليمن، يطرح تساؤل جوهري هام حول احتمالية امتداد هذه التداعيات إلى العراق الذي يشكل نقطة التقاء للعديد من المصالح الإقليمية والدولية، والذي يواجه تحديات متزايدة في ظل التعقيدات الجيوسياسية في الشرق الأوسط، كما يثار السؤال عن مدى قدرته على الحفاظ على استقراره في ظل العلاقات المعقدة بين الفصائل المسلحة في العراق وإيران، والتي يمكن أن تتسبب في زعزعة الأمن الداخلي للبلاد، ومن الممكن أيضا أن تؤدي التفاعلات الإقليمية المعقدة في الشرق الأوسط إلى انخراطه في هذا الصراع، مما قد يعرضه لتهديدات مباشرة من القوى الكبرى.