ما هو العرض الذي قدّمته موسكو لوفد مسد؟ ما موقف واشنطن منه؟

01-11-2021
حسين عمر
الكلمات الدالة موسكو واشنطن سوريا حسين عمر
A+ A-

ماذا عن التهديد التركي؟


أثناء زيارة الوفد المشترك لمجلس سوريا الديمقراطية  والإدارة الذاتية برئاسة إلهام أحمد إلى موسكو واللقاء، في يوم الأربعاء، 15 أيلول/سبتمبر 2021، في وزارة الخارجية الروسية، مع المبعوث الخاصّ للرئيس الروسي إلى الشرق الأوسط وأفريقيا، نائب وزير الخارجية ميخائيل بوغدانوف، طرح الروس مشروعاً على الوفد الزائر بشأن الاتفاق بين الحكومة السورية والإدارة الذاتية. وحسب مصادر مطّلعة على فحوى المباحثات، تضمّن الطرح الروسي أربع نقاط رئيسية، وهي:


- رفع العلم السوري في مناطق الإدارة الذاتية.
- تقاسم واردات نفط المنطقة بنسبة 75% للحكومة المركزية، و25% للإدارة الذاتية.
- الإقرار ببقاء الرئيس السوري بشار الأسد في السلطة.
- القبول باللامركزية في إطار توسيع قانون الإدارة المحلية بما هو أدنى من الإدارة الذاتية بشكلها القائم حالياً.

حسب المصادر ذاتها، طالب الوفد المشترك لمجلس سوريا الديمقراطية والإدارة الذاتية بإضافة نقطتين، وهما:

- الإقرار بحقوق الشعب الكردي في سوريا.
- الاعتراف بخصوصية قوات سوريا الديمقراطية ومؤسسة الأسايش.
لم يقبل الروس بإضافة هاتين النقطتين، ولكن أبدوا الاستعداد للنقاش بشأنهما.

حمل الوفد المشترك الطرح الروسي إلى الأمريكيين في زيارته إلى واشنطن. اعتبر الأمريكيون الطرح الروسي مثيراً للاهتمام، وحينما سأل الوفد عمّا يمكن للأمريكيين أنّ يقدّموا من دعم للإدارة الذاتية في هذا الإطار، كان الجواب بأنّه ليست لهم علاقات مباشرة مع الحكومة السورية لممارسة ضغوط عليها، ويمكنهم فقط بذل مساعي مع روسيا من أجل حثّها على ممارسة ضغوط على الحكومة السورية لإظهار المزيد من المرونة في الاستجابة لمطالب الإدارة. 

في الإطار ذاته، كشفت مصادر مطلّعة أنّ هناك مقترحاً بشأن قوات سوريا الديمقراطية والأسايش يتمثّل بدمجها مع القوات السورية على أن تكون واجباتها العسكرية والأمنية في مناطق تواجدها الحالية. 

بشأن التهديدات التي تُطلقها تركيا ضدّ مناطق الإدارة الذاتية، لم يعد الأمريكيون الوفد الزائر بأكثر من بذل المساعي الدبلوماسية من أجل ثني تركيا عن تنفيذ تهديداتها، مذكّرين بالعلاقة التحالفية مع تركيا في إطار الناتو. كما أنّ الروس لم يقدّموا وعوداً واضحة بمنع تركيا من تنفيذ تهديداتها. ولكن في الوقت ذاته، تؤكّد المعلومات أنّ أمريكا وروسيا لم تمنحا أيّ ضوءٍ أخضر لتركيا – حتى الآن – لإطلاق يدها في تنفيذ تهديداتها. 

بشأن منطقة الشهباء التي يتمّ التركيز عليها كثيراً، لا يقتصر التواجد العسكري فيها على القوات الكردية، بل أنّ هناك تواجد للقوات السورية والإيرانية والروسية، بل أنّ مطار منغّ مسلّم للروس تماماً. كما أن هذه المنطقة حسّاسة جدّاً بالنسبة إلى الروس والسوريين والإيرانيين، إذ أنّ احتلالها من قبل تركيا والفصائل المتطرفة الموالية لها، سوف يجعل مدينة حلب مرّة أخرى في مرمى قذائف المتطرفين ويفتح باب الاختراق عليها، كما سيكون من شأن ذلك تعريض بلدتي نبّل والزهراء، اللتين عانتا سابقاً من الحصار لسنوات، إلى خطرٍ كبير.  

وفي المشهد العام، تسعى روسيا وسوريا، منذ إحكام السيطرة على كامل الجنوب السوري، إلى تظهير صورة الانتصار، لا سيما مع خطوات الانفتاح العربي على الحكومة السورية وفي ظلّ التراخي الغربي حيال دمشق، بما فيه الأمريكي، عملياً. ومن شأن أيّ عملية احتلال تركية جديدة لمناطق سورية تحطيم هذه الصورة والانتقاص من الدور الروسي وتضخيم الدور والنفوذ التركيين في سوريا. 

المناطق الأخرى التي تُذكَر بالترافق مع التهديدات التركية مشمولة باتفاقيات وقف إطلاق نار وترتيبات أمنية سابقة بين روسيا وتركيا وليس بعيداً عن التفاهم مع أمريكا. قد لا يجعل كلّ هذا عملية تركية عسكرية مستبعَدة، ولكنّه أيضاً يجعل من الصعب على تركيا تحويلها إلى عمليات اجتياح واسعة. 

في ظلّ هذه المعطيات، يبدو واضحاً أنّ التعاطي الأمثل من قبل الإدارة الذاتية، بغطائيها السياسي والعسكري، هو التعاطي السياسي الهادئ والمسؤول، وليس الدعائي والانفعالي كما شاهدنا في حالتي عفرين وسري كانيه وكري سبي، والسعي للاستفادة من هاتين التجربتين السابقتين. والمدخل إلى ذلك هو أن تأخذ الإدارة الذاتية التهديدات التركية على محمل الجدّ وألا ترتهن إلى عجز تركيا عن تأمين دعم أمريكا وروسيا.    


تعليقات

علق كضيف أو قم بتسجيل الدخول لمداخلات أكثر

أضف تعليقاً

النص المطلوب
النص المطلوب
 

آخر الأخبار

جليل إبراهيم المندلاوي

العيد بين الهلال والسياسة

في عالمنا الإسلامي، لا شيء يُوحِّدنا كما تفعل الخلافات، فبينما تفشل جهود الوحدة السياسية والاقتصادية، نثبت مراراً وتكراراً أننا نستطيع الاختلاف حتى على المسائل التي يُفترض أن تكون بديهية، وآخر حلقات هذا المسلسل الممتد منذ قرون كان "لغز" عيد الفطر المبارك لهذا العام، أو كما يحلو للبعض تسميته: "حرب الأهلة الكبرى".