رووداو ديجيتال
فجأة ومن دون سابق انذار، سيطرت فصائل المعارضة السورية المسلحة على أجزاء من محافظتي حلب وإدلب السوريتين، لتفتح صفحة توتر أمني جديدة في المنطقة، قد تمتد الى دول أخرى، وقد يكون العراق احداها.
ولم تكد هدنة وقف اطلاق النار بين اسرائيل وحزب الله اللبناني تلتقط أنفاسها، حتى شهدت منطقة الشرق الأوسط تطوراً أمنياً خطيراً، بعد أن كانت شعوب المنطقة تأمل الهدوء والاستقرار عقب حرب دامية بين اسرائيل وحزب الله اللبناني، استنزفت الكثير من البنى التحتية اللبنانية، وأوقعت عشرات الآلاف من القتى وأضعافهم من الجرحى فضلاً عن نزوح مليوني من لبنان، داخلي وخارجي، حتى تدخلت قوى دولية كبرى للإسهام بالتوصل الى وقف لإطلاق النار.
وتزداد المخاوف في العراق من وصول هذه التطورات الأمنية الى داخل الحدود العراقية، في مشهد يعيد الى الأذهان ما تسبب به تنظيم داعش من دمار ألحق الخسائر البشرية والمادية بنحو ثلث مساحة العراق، وبالتحديد في المحافظات ذات الغالبية السنية، مثل نينوى والأنبار وصلاح الدين، وأجزاء من ديالى وكركوك وبابل وحتى من العاصمة بغداد.
بالتكبير وإطلاق الرصاص.. فصائل المعارضة توسع سيطرتها داخل حلب وتتجه نحو ساحة سعد الله الجابري وسط المدينة pic.twitter.com/vxR3oYkYPr
— Rudaw عربية (@rudaw_arabic) November 29, 2024
الجاهزية لرد أي تسلل
الموقف العراقي الراهن يأخذ وضعاً هادئاً، في ظل تأكيده على جاهزية قواته الأمنية في المناطق الحدودية مع سوريا، والتي تبلغ نحو 600 كيلومتراً، وتجلى هذا الموقف عبر بيان مقتضب لوزير الدفاع العراقي ثابت محمد العباسي، أكد فيه أن "جيشنا الباسل بصنوفه وتشكيلاته كافة جاهز ويواصل مهامه لحماية حدود العراق وسمائه من أي خطر، جنباً الى جنب مع بقية أبطالنا في القوات الأمنية الأخرى".
وأضاف العباسي: "ساهرون ليلاً ونهاراً لأمنكم وأمن العراق، ولن نسمح بتسلل أي إرهابي أو مخرّب الى أرض بلدنا الحبيب"، في رسالة تطمين الى الشعب بجاهزية القوات الأمنية لصد أي تسلل محتمل من الجارة سوريا.
بات نصف مدينة حلب في شمال سوريا تحت سيطرة هيئة تحرير الشام وفصائل حليفة، وفق ما أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان فجر السبت، بعد يومين على هجوم مباغت شنّته تلك الفصائل على مناطق سيطرة الحكومة السورية في شمال سوريا وشمال غربها.
ودخلت مجموعات مسلّحة بينها هيئة تحرير الشام وفصائل مدعومة من تركيا الجمعة مدينة حلب في شمال سوريا، بعد قصفها في سياق هجوم مباغت وسريع بدأته مساء الأربعاء على القوات الحكومية، هو الأعنف منذ سنوات، مكّنها أيضاً من السيطرة على مدينة سراقب في محافظة إدلب، وفق المرصد.
وهذه أول مرة تدخل فصائل مسلحة إلى حلب منذ استعادة الجيش السوري السيطرة الكاملة على المدينة عام 2016.
مشاهد من سيطرة فصائل المعارضة على مناطق في ريف حلب الغربي حيث تمكنت من الاستيلاء على دبابات تعود للجيش السوري pic.twitter.com/L8ko0CEtjR
— Rudaw عربية (@rudaw_arabic) November 29, 2024
"أميركا واسرائيل وراء الأحداث في سوريا"
لكن فصائل المقاومة العراقية، تؤكد من جانبها أنها لن تقف مكتوفة الايدي، بحال وصل الخطر من فصائل المعارضة السورية (السنية) الى العراق، وتتهم الولايات المتحدة الأميركية واسرائيل بالوقوف خلف هذه الأحداث في سوريا.
ويقول المتحدث باسم كتائب سيد الشهداء، كاظم الفرطوسي، لشبكة رووداو الاعلامية: "نعتقد أن هذه الحركة التي تقف وراءها الولايات المتحدة وإسرائيل بالتحرك ضد الجمهورية السورية عبر جيوش متعددة الجنسيات من مناطق مختلفة بحجة الثوار".
ويرى كاظم الفرطوسي أن "المتضرر الأكبر والأخطر في هذه المنطقة هو العراق، لأنه يتهدد عبر تحريك بعض العناصر الارهابية التي ترتبط بتنظيم داعش الارهابي سواء كانت في المعسكرات أو في سوريا أو الخلايا النائمة في العراق أو في بعض السجون القريبة داخل العراق أو خارجه".
المتحدث باسم كتائب سيد الشهداء، يعدّ هذا "خطراً كبيراً، وإذا دعت الحاجة لأي موقف من أجل دفع هذا الخطر، لن نتأخر، والعراق لديه إجراءات بهذا الصدد بدرء الخطر عليه"، مشدداً: "لن نخطئ مرة أخرى وننتظر قدومهم للعراق، بل سنقاتلهم هذه المرة قبل أن يصلوا إلى الحدود العراقية".
تأمين الحدود بكتل خرسانية
على الصعيد الميداني، أفادت قوات حرس الحدود العراقية، بتشديد الرقابة على الحدود مع سوريا في ظل الأحداث الأمنية، مشيرة الى قرب نصب جدران اسمنتية على الحدود.
ويقول المتحدث باسم قوات حرس الحدود العراقية العقيد حيدر الكرخي، لشبكة رووداو الإعلامية، إنه "بالإضافة إلى الاستعدادات وتشديد الرقابة على الحدود، قمنا بتكثيف عملنا بعد ظهور الوضع الجديد في سوريا، وقواتنا في حالة تأهب قصوى".
ويضيف حيدر الكرخي أنه "تم تركيب أكثر من 210 كيلومترات من الجدران الخرسانية في حدود محافظة نينوى باتجاه محافظة الأنبار، وسيتم نصب جدران أخرى بطول 100 كيلومتر الأسبوع المقبل، موضحاً أن "العمل الذي تم إنجازه حتى الآن لتشديد الحدود مع سوريا والعمل الذي سيتم إنجازه في المستقبل لم يتم إنجازه طوال تاريخ العراق ولا توجد فرصة للتسلل والتحرك غير القانوني في هذه المناطق".
المتحدث باسم قوات حرس الحدود العراقية، يلفت الى "بناء جدار خرساني بطول أكثر من 160 كيلومتراً وارتفاع 3 أمتار على الحدود الغربية العراقية في منطقة القائم بمحافظة الأنبار، مقابل الحدود السورية، وسيتم ربطه بالجدار الذي سيمتد من نينوى".
من جانبه، قال محمد كاكيي، رئيس اللجنة الأمنية بمجلس محافظة نينوى، لشبكة رووداو الاعلامية: "اجتمعنا مع لجنة الأمن والدفاع في البرلمان العراقي الأسبوع الماضي واتفقنا على تركيب المزيد من كاميرات المراقبة على طول الحدود".
قوات المعارضة تقول إنها "تمشط" حي الأعظمية في حلب السورية pic.twitter.com/A2Jb5Tw6Wk
— Rudaw عربية (@rudaw_arabic) November 29, 2024
وأودت العمليات العسكرية بحياة 277 شخصاً، وفق المرصد، غالبيتهم مقاتلون من طرفي النزاع، وبينهم 28 مدنياً قضى معظمهم في قصف من طائرات روسية تدعم القوات السورية.
وتعرّض سكن جامعي بمدينة حلب الجمعة للقصف، ما أدى إلى مقتل أربعة مدنيين، حسب وكالة سانا الرسمية.
وأدت المعارك إلى نزوح أكثر من 14 ألف شخص، نصفهم تقريباً من الأطفال، وفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية.
تزامناً مع الاشتباكات، شنّ الطيران الحربي الروسي والسوري أكثر من 20 غارة على إدلب وقرى محيطة بها، وفق المرصد السوري.
تعليقات
علق كضيف أو قم بتسجيل الدخول لمداخلات أكثر
أضف تعليقاً