رووداو ديجيتال
أكد راعي كنيسة الاتحاد المسيحي في ديرك، نعيم يوسف، عن قلقه من مسودة الدستور المطروحة للنقاش، مشيراً إلى أن بعض موادها، وخاصة المادة الثانية، التي طالب بتعديلها، تكرس التمييز الديني وتتناقض مع مبدأ المواطنة الكاملة.
وقال نعيم يوسف، لشبكة رووداو الإعلامية، اليوم الخميس (13 آذار 2025): "لا يمكن الحديث عن حرية دينية حقيقية طالما أن الفقه الإسلامي هو المصدر الأساسي للتشريع. هذا يجعل جميع القوانين الأخرى رهينة للتفسير الديني، مما يتناقض مع مبدأ المواطنة الكاملة."
نشرت وسائل إعلام عديدة وصفحات على مواقع التواصل الاجتماعي نسخة مسربة من الإعلان الدستوري المؤقت، تتضمن 43 مادة، وتخلو من نصوص 5 مواد.
كما أعرب عن قلقه بشأن المادة الأولى المتعلقة بحقوق القوميات، لكنه شدد على أن المشكلة الأكبر بالنسبة للمسيحيين تكمن في المادة الثانية.
بحسب المادة الأولى فإن "الجمهورية العربية السورية دولة مستقلة ذات سيادة كاملة، وهي وحدة جغرافية وسياسية لا تتجزأ، ولا يجوز التخلي عن أي جزء منها".
أما المادة الثانية فنصت على أن "دين رئيس الجمهورية الإسلام، والفقه الإسلامي هو المصدر الرئيسي للتشريع. وحرية الاعتقاد مصونة، والدولة تحترم جميع الأديان السماوية وتكفل حرية القيام بجميع شعائرها على ألا يخل ذلك بالنظام العام".
حرية دينية أم وهمية؟
نعيم يوسف رأى أن مفهوم الحرية الدينية في الدستور المقترح ليس سوى "حرية مزيفة"، موضحاً أن "كل ما يتعارض مع الفقه الإسلامي سيبقى مرفوضاً".
"الحرية الحقيقية تعني المساواة بين الجميع، لكن وفقاً للفقه الإسلامي، يمكن للمسيحي أن يصبح مسلماً، ولكن لا يحق للمسلم أن يصبح مسيحياً. هذا تناقض صارخ مع حقوق الإنسان"، وفق راعي كنيسة الاتحاد المسيحي في ديرك.
واستشهد بحوادث حصلت في سوريا التي بات فيها "التدخل في الحريات الشخصية كارثة" مؤخراً، مشيراً إلى حادثة تعرض مسيحي للضرب لأنه كان يمضغ العلكة في المرآب، وأخرى لشخص تعرض للإهانة بسبب التدخين.
انتقد طريقة إعداد مسودة الدستور، معتبراً أنها تعكس "توجّهاً من لون واحد"، حيث لم تُؤخذ جميع المكونات في الاعتبار.
وقال في هذا السياق، إن "الدستور يجب أن يكون محايداً تجاه الأديان، وليس أن يكون دين معين هو المرجع الأساسي. نحن لسنا جالية طارئة، بل جزء أصيل من هذه الأرض منذ آلاف السنين."
كما شدد على أن الدولة يجب أن تكون مدنية، يحكمها القانون والمواطنة، وليس التشريعات الدينية التي تميز بين المواطنين على أساس معتقداتهم.
"لا نعوّل على الدول"
راعي كنيسة الاتحاد المسيحي في ديرك أكد أن المسيحيين لا يعوّلون على الحماية الخارجية، بل على الوحدة الداخلية بين أبناء الوطن، قائلاً: "الدول تتبع مصالحها، لكن حمايتنا الحقيقية تأتي من تكاتفنا مع جميع المكونات. نطالب بأن يكون رئيس الجمهورية ممثلًا لكل المواطنين، بغضّ النظر عن دينهم."
وعن الخطوات القادمة، أوضح أنهم لم يقدموا طلباً رسمياً بعد، لأن المسودة لا تزال قيد النقاش، لكنه أشار إلى أن الاعتراضات ستصل إلى الجهات المعنية، خاصة أن المسلمين المعتدلين أيضاً لا يقبلون بهذا الطرح.
انضمام قسد إلى السلطة "قد يخلق توازناً"
فيما الاتفاق بين الرئيس السوري أحمد الشرع وقائد قوات سوريا الديمقراطية مظلوم عبدي، أبدى نعيم يوسف تأييده لانضمام "قسد" إلى السلطة، معتبراً أن ذلك قد يخلق توازناً ويحدّ من هيمنة الشعارات الدينية.
"عندما تضم الدولة جميع أبنائها، تقل نسبة التطرف والاحتقان. الجيش الوطني والأمن يجب أن يمثلا جميع المكونات تحت راية الوطن، لا تحت شعارات دينية."
كما أكد رفضه للشعارات الطائفية التي باتت منتشرة في المشهد السوري، معتبراً أن "القتل تحت شعار ديني أمر خطير، لأن الدين يجب أن يكون رسالة محبة، لا أداة للقتل".
بخصوص مجلس الأمن القومي الذي أعلن الشرع تشكيله برئاسته، أبدى تحفظاته، قال إن "هناك أموراً أكثر أهمية من تعديل بعض بنود الدستور، مثل تشكيل حكومة قادرة على مواجهة الأزمات الاقتصادية وتوفير الأمن للمواطنين."
كما شدد على ضرورة إعادة النظر في وجود الأجانب داخل الأجهزة الأمنية والعسكرية، مشيراً إلى أن "المواطن لن يشعر بالأمان إلا إذا كان بجانب مواطنين سوريين مثله".
نعيم يوسف ذكّر بأن إقصاء المكونات المختلفة من صياغة هوية الدولة سيدفع البلاد نحو مستقبل مظلم، محذراً من أن بناء دولة على أساس ديني سيجعلها "دولة عرجاء".
وخلص إلى القول: "نحن بحاجة إلى تكافؤ الفرص والمواطنة الكاملة، لأن أي دستور لا يحقق ذلك، لن يؤدي إلا إلى مزيد من الانقسامات والاضطرابات."
وكان الرئيس السوري أحمد الشرع قد شكلّ في (2 آذار 2025)، لجنة من سبعة "خبراء" تتولى صياغة "مسودة الإعلان الدستوري للمرحلة الانتقالية".
تعليقات
علق كضيف أو قم بتسجيل الدخول لمداخلات أكثر
أضف تعليقاً