رووداو ديجيتال
ما إن أُعلِن عن اغتيال الأمين العام لحزب الله اللبناني، حسن نصر الله، الذي كان يتجاوز تأثيره الحدود اللبنانية، حتى برز سؤال عمّا يمكن أن تخلفه حادثة اغتياله بالنسبة لدولة مثل العراق. الأخير الذي تنشط فيه فصائل مسلحة عدة تضوي في محور المقاومة الذي تقوده طهران، وترتبط في إطار ما يسمى بـ "وحدة الساحات" بقرارات السلم والحرب بشكل كبير مع مواقف نصر الله وحزبه.
وعلى الرغم من أن اغتيال نصر الله لم يكن مفاجئاً للكثيرين، نظراً للعداء المستمر مع إسرائيل وعمليات الاغتيال التي نفذتها مؤخراً، إلا أن الحادثة مثلت الخطوة الأكثر عدائية التي اتخذتها تل أبيب حتى الآن منذ شن الحرب على غزة في 7 تشرين الأول الماضي، لا سيما في ظل الحديث عن أن تهاون أطراف محور المقاومة، بما فيهم حزب الله، في الرد على تجاوز إسرائيل للخطوط الحمراء، دفع إلى قتل نصر الله بدم بارد.
هذا المشهد وضع خيار حرب إقليمية تشترك فيها جميع دول وأطراف المحور ضد إسرائيل أقرب مما كان بكثير، خاصة وأن ذلك يأتي في سياق رؤية تتحدث عن محاولة للحفاظ على ما تبقى من مكاسب لإيران وأذرعها في المنطقة، وإلا فقد تستغل تل أبيب حالة عدم الرد لخرق قواعد الحرب لمديات قد تطال إيران بشكل مباشر أو حتى العراق واليمن.
في ظل ذلك، يبدو المشهد قاتماً حتى الآن، لكن تساؤلات مثل ما يمكن أن تخلفه الحادثة على العراق بقيت تبحث عن إجابات، وما يمكن أن تتسبب به أي تداعيات على الداخل العراقي، في وقت تؤكد فيه أطراف سياسية ومسؤولة على سعي عراقي لدور دبلوماسي يهدف إلى إبعاد شبح الحرب عنه وعن المنطقة.
"وضع خطير"
في هذا الصدد، يقول عضو مجلس النواب عن ائتلاف دولة القانون، عارف الحمامي، لشبكة رووداو الإعلامية، الأحد (29 أيلول 2024)، إن "التداعيات إذا انزلقت إلى حرب شاملة، فإن العراق لن يسلم منها، حيث سيدخل فيها بشكل مباشر".
ويرى أن "الوضع يبدو خطيراً وهناك من يريد له أن يتطور، ولذلك نحن نحض على التهدئة ووقف الحرب"، مشيراً إلى أن "البرلمان العراقي كان له موقف من الحادثة، فضلاً عن الكتل السياسية التي عبرت عن مواقفها في بيانات رسمية"، مؤكداً أن "القوى السياسية تبحث باقي الخيارات الممكنة".
على هذا النحو، خلف اغتيال نصر الله ردود فعل واسعة في العالم، حيث أكدت دوائر صنع القرار العالمي أن الاغتيال أدى إلى تأجيج المخاوف بشكل كبير من اندلاع حرب شاملة في الشرق الأوسط، وهو الاحتمال الذي كانت الإدارة الأميركية تسعى بشدة منذ شهور لمنعه.
بدوره، قال المتحدث باسم ائتلاف النصر، سلام الزبيدي، لرووداو، إن "ما يجري في لبنان من استمرار العدوان الإسرائيلي على الضاحية الجنوبية ومقرات حزب الله له تداعيات خطيرة، وهذه التداعيات تطورت بعد إعلان اغتيال حسن نصر الله".
وعطفاً على ذلك، تشكل الحادثة منزلقاً كبيراً في جر المنطقة وكثير من دول محور المقاومة إلى دائرة حرب قد تتسع، ومن دون أي شك، فإن العراق سيتأثر بأي تطورات أمنية وسياسية في المنطقة، في حين تبذل الحكومة العراقية جهوداً كبيرة لإبعاد البلاد عن هذه الدائرة من خلال الجهود الدبلوماسية، بحسب الزبيدي.
إلا أن التحدي أمام الجهود الحكومية يتمثل في وجود فصائل مقاومة من الصعب جداً أن تكون تحت أمرة الحكومة العراقية، لا سيما وأنها بدأت بشكل فعلي بالمشاركة في هذه الحرب من خلال إطلاق الطائرات المسيّرة، إضافة إلى ما يمكن أن تقدمه من إمدادات لوجستية للجانب اللبناني، وفقاً للمتحدث باسم ائتلاف النصر.
سياق المواجهة ومحاذير الحرب
ومنذ تفجر الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة الفلسطيني المحاصر، يوم السابع من تشرين الأول الماضي، أعلنت العديد من الفصائل المسلحة العراقية اصطفافها ضمن ما أطلق عليه "وحدة الساحات"، في إشارة إلى تنفيذ هجمات ضد إسرائيل دعماً لحماس.
وخلال الأشهر الماضية، شنت الفصائل العراقية عدة هجمات ضد قواعد عسكرية تضم قوات أميركية في البلاد، قبل أن تتوقف في شباط الماضي، ثم تستأنف ثانية، وتكثف مع تصاعد الهجمات الإسرائيلية على لبنان.
ويضيف الزبيدي، أن "الحرب في حالة اندلاعها ستأكل الأخضر واليابس، ولذلك ترفض الحكومة بشكل تام الانجرار إلى أي صراع وتعمل عبر قنوات دبلوماسية مكثفة لمنع توسع دائرة الحرب"، لافتاً إلى أن "هذه الحرب في حال حدوثها سيكون العراق والمنطقة الخاسر الوحيد فيها".
لكن اغتيال نصر الله، وعلاوة على ما أفرزه من حالة تعاطف كبيرة من جميع أبناء الشعب العراقي، نظراً لكونه أحد زعماء المقاومة الإسلامية بعيداً عن الطائفة، إلا أنه قد يولد حالة نصر جديدة من خلال الالتفاف حول هذه القضية والقضية العربية، فضلاً عن الاستمرار في إجبار "الكيان الصهيوني" على احترام الشعوب العربية وإعطاء الحق للشعب الفلسطيني واللبناني، وفقاً للمتحدث باسم ائتلاف النصر.
ومع كل ذلك، يبقى للعراق إمكانية لعب دور يبعده عن التحول إلى منطقة صراع والمشاركة في حرب إقليمية قد تؤدي إلى خسائر كبيرة، وللعراق في ذلك تجارب كبيرة وجيدة كان قد استفاد منها، ولذلك لا يريد أن يقحم نفسه في حرب استنزافية يمكن أن تؤثر بشكل كبير على واقعه السياسي والاقتصادي، بحسب رؤية الزبيدي.
مساء الجمعة، أعلنت إسرائيل تنفيذ ضربة جوية على مقر لحزب الله في الضاحية الجنوبية لبيروت، مستهدفة من خلالها الأمين العام للحزب، حسن نصر الله، وفي اليوم التالي، أعلن حزب الله "استشهاد" أمينه العام.
وجاء في بيان الحزب، أن "سماحة حسن نصر الله، الأمين العام لحزب الله، التحق برفاقه الشهداء العظام الخالدين الذين قاد مسيرتهم نحو ثلاثين عاماً".
ويأتي استهداف نصر الله في سياق عمليات اغتيال موسعة نفذتها إسرائيل خلال الأيام الأخيرة، طالت قادة الصف الأول في حزب الله، رداً على تنفيذهم عمليات ضد إسرائيل في سياق مساندتهم لحركة حماس التي تخوض حرباً منذ نحو عام مع إسرائيل للدفاع عن قطاع غزة المحاصر منذ 2007.
تعليقات
علق كضيف أو قم بتسجيل الدخول لمداخلات أكثر
أضف تعليقاً