رووداو ديجيتال
وصف رئيس الوزراء العراقي، مصطفى الكاظمي، الانتشار المسلح لحركة "ربع الله" في شوارع بغداد الخميس الماضي بأنه "محاولة بائسة من مجموعة من الشباب، ضحايا الحروب لإرباك الوضع أو تصفية خلافات مع رئيس الوزراء، وما حصل حالة طبيعية لبلد يعاني من امتدادات ما بعد التحرير من داعش ففي بعض المناطق ساهمت هذه الجماعات في المعارك ولكن هذا السلاح يبحث عن دور في المشاركة وقد طرحنا حواراً وطنياً ستراتيجياً لكل العراقيين إلى طاولة الحوار"، وفيما أكد على عدم السماح "بأي سلاح خارج إطار الدولة إلا أن هذا يحتاج إلى وقت لأن المؤسسات الأمنية في مرحلة بناء، وهناك صراع على السلطة أكثر مما هو صراع على بناء نظام الدولة وهناك من يبحث عن اللا دولة في العراق"، شدد على أن "البعض يراهن على فشل هذه الحكومة أو محاولة إعاقة أي عمل وأخذنا قرارات جريئة وتقديم مجموعة إصلاحات تبدأ بالورقة البيضاء وقد نجحنا خلال فترة قصيرة في توفير رواتب موظفي الدولة وعددهم 7.5 مليون موظف ومتقاعد".
وقال الكاظمي في مقابلة ضمن برنامج "الحكاية مع عمرو أديب" على قناة إم بي سي مصر نشرت مقتطفات منها رداً على سؤال بشأن الفارق بين صورة العراق في الإعلام وبين الواقع الحقيقي: "نحن اليوم جميعاً ضحايا للسوشيال ميديا والتكنلوجيا ودائماً تنقل الصور المبالغ فيها، ليس في العراق فقط بل في كل دول العالم من تضخيم الأمور".
ويوم الخميس الماضي، شهدت عدد من مناطق العاصمة العراقية بغداد، انتشاراً مسلحاً لفصيل "ربع الله" حيث رفع عناصر الحركة صوراً مشوهة لرئيس الوزراء العراقي وعليها عبارة "حان وقت قطع أذنيه".
وتعليقاً على هذا الاستعراض، أوضح الكاظمي أن "ما حصل كان محاولة بائسة من مجموعة من الشباب أحد ضحايا الحروب في العراق فهم من نتاج الحروب، ونحن في مرحلة الخروج من مرحلة العناية من أجل استعادة الدولة ونقول إن الاستعراض كان الهدف منه هو إرباك الوضع أو تصفية خلافات مع رئيس الوزراء وليس مع أطراف أخرى".
وأضاف: "نحن في الدولة والحكومة العراقية أخذنا قراراً منذ اليوم الأول لتسلمي هذا المنصب بأنه لا وجود لمن يريد أن يكون خارج الدولة ولن نسمح بأي سلاح خارج إطار الدولة وهذا يحتاج إلى وقت لأن المؤسسات الأمنية في مرحلة بناء وجيشنا يعيد الاعتبار لنفسه بعدما تعرض إلى ظلم كثير بعد 2003 على يد المحتل الأميركي ولكن الجيش استعاد قوته ووضعه ومعنوياته بعد الحرب على داعش واليوم هو أقوى من الماضي بكثير وسوف يستعيد كل قوته في فرض الأمن على كافة الأراضي العراقية".
وكان رئيس الوزراء العراقي طرح في 8 آذار الجاري دعوة إلى "حوار وطني ليكون معبراً لتحقيق تطلعات شعبنا"، شملت أهدافه "التوصل لاتفاق نهائي للعلاقة بين الحكومة المركزية وإقليم كوردستان"، وايجاد البيئة والتوقيتات لإخراج جميع القوات المقاتلة من أرض العراق ضمن آليات فنية زمنية متفق عليها مع التحالف الدولي.
وربط الكاظمي بين تلك الدعوة وإنهاء السلاح المنفلت بالقول إن "وجود السلاح خارج الدولة غير مقبول، وما حصل حالة طبيعية لبلد يعاني من امتدادات ما بعد التحرير من داعش في بعض المناطق وهذه الجماعات ساهمت في بعض الأحيان في الحرب ضد داعش ولكن هذا السلاح يبحث عن دور في المشاركة وقد طرحنا حواراً وطنياً ستراتيجياً لكل العراقيين إلى طاولة الحوار فالسلاح لا ينفع، كفى دماءً في هذا البلد وعلينا أن نبحث عن فرصة للعيش والحياة والاستمرار، والدولة سوف تستمر".
وأشار إلى أن "هنالك نظام سياسي فتي وجديد في العراق وهناك صراع على السلطة أكثر مما هو صراع على بناء نظام الدولة وهناك من يبحث عن اللا دولة في العراق فيخرج بتصريحات ومحاولات لإبعاد العراق هو واقعه الجغرافي والتاريخي ولن نسمح بذلك".
وكان من المقرر أن تستضيف بغداد أمس السبت القمة الثلاثية بين العراق ومصر والأردن بحضور الرئيس المصري، عبدالفتاح السيسي، وملك الأردن، عبدالله الثاني قبل تأجيلها إلى "القريب العاجل" إثر حادث اصدام قطارين في سوهاج ما أدى بحياة العشرات، وبيّن الكاظمي أن "العراق بدأ يستعيد وضعه العربي وامتداداته الإسلامية وكذلك الدولية، والتفضيل للأفضل، فمن يخدم ويحمي مصالح الشعب العراقي له الأولوية وهنالك أولوية لكل أصدقاء العراق وبالخصوص المستثمر المصري والأردني والعربي".
الكاظمي تابع: "نحن منفتحون على كل أشقائنا في الخليج العربي والمحيط العربي ونحن منفتحون أيضاً على جيراننا في الجوار العراقي سواء أكانت إيران أم تركيا، وسنكون قريباً في الرياض ونعمل على تطوير الاستثمارات لإعادة التنمية في العراق الذي يشهد زيادة سكانية قدرها مليون نسمة سنوياً و250 ألف من خريجي الجامعات العراقية يبحثون عن فرص العمل والاستثمار يوفر الفرصة لهم، ونعمل بكل قوة على تشجيع الاستثمارات ونتمنى المجيء وعدم الخوف من أي محاولات لإعطاء الانطباع بأن العراق بيئة غير صالحة للاستثمار".
ويشهد العراق احتجاجات شعبية وخاصة لفئات الخريجين وأصحاب الشهادات العليا، على نحو متقطع منذ انطلاق تظاهرات تشرين الأول 2019، التي نجحت في الإطاحة برئيس الوزراء العراقي السابق عادل عبدالمهدي.
وشدد الكاظمي على أن "العراق مر بظروف صعبة ومعقدة جداً بسبب الحروب فالعراق بلد غير مستقر منذ فترة طويلة، وما بعد عام 2003 هنالك نظام ديمقراطي جديد في العراق وهذا النظام فتي وتعرض للأسف الشديد بسبب ارتداد سياسات النظام السابق إلى محاولات اصطدام اجتماعي ونحن الآن عبرنا مرحلة الحرب الأهلية والعراق يحاول بناء نفسه من جديد ولهذا الأمر تداعيات على الوضع الأمني".
وحاول إرسال رسالة اطمئنان إلى المستثمرين بالقول إن "الحكومة جادة بمنع أي تجاوزات على المستثمرين، والوضع الأمني في تحسن يومي مستمر رغم محاولات البعض فرض صورة معاكسة على الواقع ولكن الحكومة جادة في حماية المستثمر المصري والأردني وأي مستثمر آخر، وسوف نعمل على إعادة بناء مؤسساتنا وقدراتنا الأمنية لكي نوفر بيئة آمنة لكرامة المواطن العراقي وكذلك المستثمرين".
وعن الانتخابات المبكرة المقرر إجراؤها في 10 تشرين الأول المقبل، شدد رئيس الوزراء العراقي على أنه "كان هناك محاولة أو سوء تقدير من البعض بوجوب الاستحواذ على السلطة وتصفية بعض نشطاء المجتمع المدني وهذا الوضع أنتج حكومة مطلوب منها بالاتفاق مع الكتل السياسية والقوى الشعبية أن تؤسس لانتخابات نزيهة مبكرة عادلة وتقوم بواجبها بتوفير هذه الظروف والوضع الأمني الضامن للانتخابات النزيهة والعادلة ووضع اقتصادي".
ومضى بالقول: "جئنا بهذه الظروف وكان البعض يراهن على فشل هذه الحكومة أو محاولة إعاقة أي عمل وأخذنا قرارات جريئة وتقديم مجموعة إصلاحات تبدأ بالورقة البيضاء وهي ورقة إصلاح اقتصادي – إداري في مؤسسات الدولة العراقية، فالعراق لم يتعرض لعملية تحديث في نظامه منذ عقود طويلة وهذه أول مرة تقدم ورقة إصلاح فيها إصلاحات اقتصادية وإدارية فالعراق يعتمد على النفط في ميزانيته للأسف الشديد بنسبة 96% أي أن قطاعات التجارة والزراعة والسياحة مستبعدة والورقة الإصلاحية محاولة لاستعادة أهميتها".
وخلال الفترة الماضية، وجدت الحكومة صعوبة في توفير الرواتب بسبب الأزمة المالية الناجمة عن انهيار سعر النفط وجائحة كورونا لكن تعافي النفط وتغيير سعر صرف الدولار مقابل الدينار مكنها من تلافي تأخر الرواتب، وقال الكاظمي"نجحنا خلال فترة قصيرة في توفير رواتب موظفي الدولة وعددهم 7 ونصف مليون موظف ومتقاعد الدولة تلتزم بتوفير المال لهم كما أن لدينا شريحة الفقراء الحكومة توفر لهم الدعم المالي، وفي النتيجة مع احتساب المعادلة، الموازنة تذهب إلى 50% من الشعب العراقي لتوفير الالتزامات المالية".
وأطلقت الحكومة العراقية "الورقة البيضاء" الإصلاحية لمعالجة ظاهرة الفساد الإداري والاقتصادي المتفشية في البلاد وتقوية الاقتصاد العراقي وتمتد الورقة في نحو 100 صفحة، على أن يكون تنفيذها بين 3 و5 سنوات، وأشار رئيس الوزراء العراقي إلى أن "ورقة الإصلاح تهتم بشريحة الفقراء وتوفير فرصة لتطوير القطاع المصرفي ونجحنا في توفير احتياطي إضافي للبنك المركزي فخلال شهرين وفرنا أربعة مليارات دولار بالإضافة إلى محاولة إعادة الثقة بالجيش العراقي البطل وبقي محافظاً على هويته الوطنية".
وحول أزمة الطائفية والانتماء، ذكر الكاظمي أن "العراق تعرض خلال أزمة السنوات الماضية إلى شرخ في الهوية الوطنية، ومع الأسف هنالك من حاول أخذ العراق إلى اصطفافات طائفية ومذهبية تبعدنا عن مفهوم المواطنة والوطن، لكن نحن في الحكومة منذ اللحظة الأولى قمنا بإجراءات لكي يكون العراق لكل العراقيين ومنها منع التصنيفات المذهبية والطائفية في المؤسسات الأمنية وكذلك في عموم مؤسساتنا".
واختتم قائلاً: "هنالك تحديات أمام الحكومة التي تعمل على استعادة دور العراق الدولي والإقليمي لذلك كان هنالك انفتاح كبير للعراق مع أهلنا وأشقائنا في العالم العربي والخليج العربي بعد الفجوة الطويلة في هذه العلاقات".
تحرير: شونم عبدالله
تعليقات
علق كضيف أو قم بتسجيل الدخول لمداخلات أكثر
أضف تعليقاً