أ ف ب - رووداو
بعد ست سنوات على طرد تنظيم داعش من سنجار، يهدد التوتر المستمر بسبب تدخلات إقليمية لتصفية حسابات بين خصوم، بأعمال عنف جديدة تشكل خطراً على الكورد الإزيديين الذين يتركز وجودهم في المنطقة.
يشكل قضاء سنجار مثلثا يجمع العراق بتركيا شمالاً وسوريا غرباً ما يجعله منطقة استراتيجية مهمة، وكان قبل عام 2014 منطقة متنازع عليها ثم سقطت في قبضة تنظيم داعش، وتعرضت آلاف الفتيات والنساء الإيزيديات للخطف والاغتصاب والسبي، بينما قتل مئات الرجال وجند أطفال بالقوة.
ورغم طرد داعش على أيدي قوات بيشمركة كوردستان بدعم من التحالف الدولي في تشرين الثاني 2015، ما زالت البلدة تعيش عدم استقرار يقطع الطريق أمام عودة النازحين لمناطقهم.
في المناطق المحيطة بالقضاء، انتشرت فصائل من قوات الحشد الشعبي وأدى تواجد هذه التشكيلات المسلحة إلى عرقلة عودة النازحين الى سنجار حيث لا يوجد تواجد كبير للحكومة الاتحادية ومنظمات الإغاثة الدولية.
ويقول المحلل السياسي ياسين طه الذي يسكن القضاء إن "سنجار اليوم بؤرة لتجمع الاجندات المتضاربة والأطراف المتخاصمة".
ويضيف لوكالة فرانس برس "سنجار تعيش حالياً وضعاً معقداً وتوتراً يمكن أن يؤدي الى انفجار الأوضاع في أي لحظة".
واتفقت حكومة بغداد مع حكومة إقليم كوردستان في تشرين الأول 2020 على إدارة مشتركة في سنجار تستند الى تواجد قوات من الحكومة الاتحادية فقط وإخراج كل الفصائل المسلحة وبينها قوات حزب العمال الكوردستاني.
لكن طه يقول إن "الواقع على الأرض أقوى من هذه الاتفاقات، وكل طرف في سنجار يرفض التخلي عن النفوذ الذي حصل عليه".
ــ "نأتي فجأة ذات ليلة" ــ
حكومة إقليم كوردستان لا تنظر بارتياح الى تواجد حزب العمال الكوردستاني في سنجار، حيث يتخذ الحزب معاقل له في القضاء ما يثير غضب أنقرة ودفعها لعبور الحدود ومهاجمة معاقله هناك مراراً.
ويشير طه الى أن "تركيا تراقب وضع سنجار وتزايد نفوذ حزب العمال فيه".
في كانون الثاني الماضي، صعدت أنقرة تهديداتها بقصف منطقة جبلية قرب سنجار مهددة بغزو المنطقة.
كما هدد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان قبل أيام قائلاً "بخصوص إخراج الإرهابيين من سنجار: لدي وعد دائم يمكننا أن نأتي فجأة ذات ليلة".
وأضاف "نحن مستعدون دائما للقيام بعمليات مشتركة، لكن هذه العمليات لا تتم بالكشف عنها".
وتعطي هذه التهديدات ذريعة لفصائل الحشد الشعبي للتمسك بالبقاء في سنجار.
ونقل بيان لحركة "عصائب أهل الحق"، وهي فصيل في الحشد، استعداد الحركة "للتصدي لأي سلوك عدواني" من جانب تركيا.
ويفسر طه الأمر بأن "الفصائل الشيعية تعتبر سنجار محطة مهمة للوصول الى سوريا" حيث توجد فصائل أخرى شيعية تقاتل الى جانب حكومة الرئيس السوري بشار الأسد.
وأكد مسؤول أمني عراقي رفيع في سنجار لفرانس برس أن الجميع يبحثون عن مصالحهم في المنطقة.
ويوضح "تركيا تقول إن عناصر حزب العمال يتواجدون في سنجار (...)، والكورد يدعون عدم استقرار سنجار بهدف العودة مجدداً إلى هناك، والفصائل تقول نريد الاستقرار لسنجار".
ـــ معاناة مستمرة ــ
وحاول رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي نزع فتيل التوتر، وفق مسؤول كبير في رئاسة الوزراء أشار الى وجود اتصالات مستمرة بين بغداد وأنقرة لمنع أي توغل تركي في المنطقة.
وتقول الباحثة في "المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية" نسيبة يونس إنه إذا وقع نزاع في سنجار فسيخسر الكاظمي كثيراً.
وتتابع يونس أن النزاع "سيقوض الانتصار السياسي الذي حصل عليه الكاظمي من اتفاقية سنجار وسيلمع صورة باقي الميليشيا (الحشد) كمدافعين عن العراق، على حساب الحكومة المركزية".
في هذا الوقت، يدفع النازحون الأيزيديون المغلوبون على أمرهم، الثمن، وفقا ليونس.
وكشف المتحدث الرسمي باسم وزارة الهجرة والمهجرين علي عباس لفرانس برس عن استمرار وجود حوالى 90 ألف عائلة مهجرة من سنجار، 90% منها لجأت إلى إقليم كوردستان.
ويقول فيصل صالح، وهو إزيدي في السادسة والأربعين يسكن إحدى قرى سنجار مع والدته وثلاثة من أشقائه، لفرانس برس "ظروفنا صعبة نعيش وسط تهديدات مختلفة".
ويعمل صالح بأجر يومي، ويسعى لإيجاد منزل خارج القضاء للجوء إليه في حال تدهور الأوضاع.
ويقول لفرانس برس "أكثر ما يخيف أهالي سنجار هو وقوع مواجهات بين قوات تركية من جهة والفصائل الشيعية وحزب العمال" من جهة أخرى.
ويقول قائممقام سنجار محما خليل الذي يسكن خارج القضاء حاليا "وجود عناصر حزب العمال الكوردستاني بمباركة بعض فصائل الحشد الشعبي، يعرقل ويعيق عودة النازحين وإعمار سنجار واستقرارها".
ويضيف "يجب التوصل الى حل من أجل استقرار سنجار(...) يجب الاستفادة من دروس الماضي".
تعليقات
علق كضيف أو قم بتسجيل الدخول لمداخلات أكثر
أضف تعليقاً