الناصرية تنزف.. تهديد يتحدى صراعاً سياسياً على ثاني أكثر المقاعد جنوباً

26-02-2021
مشتاق رمضان
مشتاق رمضان
الكلمات الدالة التظاهرات في العراق ذي قار حقوق الانسان
A+ A-
رووداو ديجيتال

تتسارع وتيرة الأحداث الأمنية في مدينة الناصرية مركز محافظة ذي قار، جنوبي العراق، في ظل عدم توصل الحكومة إلى حل يرضي مطالب المتظاهرين الغاضبين، المطالبين بإقالة المحافظ، كشرط يتصدر مجموعة مطالب أخرى، غالبيتها تخص الخدمات والوظائف ومحاربة الفساد المستشري فيها.
 
متظاهر قُتل وأصيب أكثر من خمسة وثلاثين آخرين في مدينة الناصرية، مركز محافظة ذي قار، إثر اشتباكات اندلعت بين القوات الأمنية والمتظاهرين، وفقاً لنائب محافظ ذي قار، حازم السعيدي، الذي أضاف لشبكة رووداو الإعلامية إن "الاشتباكات التي اندلعت بين المتظاهرين وقوات مكافحة الشغب، أدت إلى مقتل متظاهر وإصابة أكثر من ثلاثين آخرين، أغلبهم من المحتجين".

 

تابعوا قناة رووداو عربية على تليغرام

 
المتظاهرون يطالبون بإقالة محافظ ذي قار وجميع المسؤولين في إدارة المحافظة، ومحاسبة قتلة المتظاهرين، و"الفاسدين"، بحسب سعيدي.
 
وزير الداخلية العراقي عثمان الغانمي ومعه رئيس جهاز الأمن الوطني عبد الغني الأسدي، وصلا الى محافظة ذي قار يوم أمس الخميس، لبحث عودة الأمن والاستقرار إلى المحافظة، واجتمعا مع زعماء العشائر وممثلي المتظاهرين في المدينة، غير أن مسؤولي المحافظة لم يحضروا الاجتماع.
 
محافظة ذي قار تعد بؤرة نشطة للاحتجاجات الشعبية، ويقطنها أكثر من مليوني نسمة، ويحتج الكثير من سكانها منذ سنوات على سوء الإدارة والخدمات العامة الأساسية، وقلة فرص العمل، متهمين المسؤولين فيها بالفساد والمحسوبية والمنسوبية.‎
 
الناصرية تهدد بـ"موقف آخر"
 
قائممقامية الناصرية هددت باتخاذ موقف في حال عدم استجابة الحكومة الاتحادية لمطالب المحتجين الغاضبين، لاسيما بعد سقوط قتيلين في الاحتجاجات الأخيرة، هما علي كامل وسجاد محمد.
 
قائممقام الناصرية منير طاهر البكاء، قال في بيان تلقت شبكة رووداو الإعلامية نسخة منه: "نتابع بحذر شديد وقلق ما ألت اليه أمور مدينة الناصرية الفيحاء من مواجهات دامية بين أخوتنا المتظاهرين والقوات الأمنية، وإصابة العديد من الطرفين"، عاداً ذلك "يهدد السلم الأهلي في مدينة الحرف الأول ورمز الأمن والأمان والتعايش السلمي سابقاً"، في إشارة إلى الناصرية.
 
البكاء أضاف أنه "ومن منطلق المسؤولية الملقاة على عاتقنا كحكومة محلية في قضاء الناصرية وبكافة تشكيلاتها الادارية، نطلب من الحكومة المركزية وضع حل جذري للأمور والاستجابة لمطالب المتظاهرين، ليقف سيل الدم وتعطيل الحياة في هذه المدينة المنكوبة، وفي حال عدم الاستجابة سيكون لنا موقف آخر"، داعياً المتظاهرين إلى "الالتزام بالسلمية والرجوع لحين تنفيذ مطالب المتظاهرين المشروعة، وخلافه ستكون لنا وقفة لصالح مدينة الناصرية ترضي جميع أبنائها".
 
وأقدم متظاهرون يوم الأربعاء (24 شباط 2021)، على قطع جسر النصر وسط مدينة الناصرية مركز محافظة ذي قار، خلال تظاهراتهم المستمرة منذ خمسة أيام.
 
كما تجمع عشرات المتظاهرين أمام مقر المحافظة للمطالبة بإقالة المحافظ ناظم الوائلي، بسبب تدهور الخدمات العامة، حيث أشعل المتظاهرون الإطارات ورشقوا المبنى الإداري بالحجارة قبل وصول القوات الأمنية التي استخدمت الغاز المسيل للدموع والنيران الحية لتفريق التظاهرة.
 
"صراع على ثاني أكبر المقاعد الجنوبية"
 
مفوضية حقوق الانسان في العراق، رأت أن الحكومة "ضعيفة" من حيث الإجراءات في محافظة ذي قار، مشددة على ضرورة تنفيذ خطة واضحة لمعالجة سريعة لأسباب تواجد المتظاهرين في ساحة الاعتصام وتلبية مطالبهم.
 
عضو مفوضية حقوق الانسان علي البياتي، قال لشبكة رووداو الإعلامية اليوم الجمعة (26 شباط 2021)، إن "الأحداث الدامية التي تشهدها محافظة ذي قار، هي دليل ضعف الحكومة ومؤسساتها في المحافظة، وضعف التدابير المتعلقة بالمحتجين وسوء الخدمات بشكل عام".
 
البياتي أشار إلى ضرورة "إبعاد كل الصراعات السياسية من داخل المدينة، التي تعد ثاني أعلى المقاعد من بين المحافظات الجنوبية في مجلس النواب العراقي، بعد محافظة البصرة، ما ينعكس أثره على المظاهر الدموية واستمرار التظاهرات الاحتجاجية وردود الأفعال، ومن ثم سقوط ضحايا وجرحى من الجانبين، سواء في صفوف المتظاهرين أو القوات الأمنية".
 
وشدد على "ضرورة وجود عمل حقيقي وخطة واضحة ومعالجة سريعة وآنية، لأسباب تواجد الشباب المتظاهرين في ساحات الاحتجاج بمحافظة ذي قار، ومن ثم فرض هيبة الدولة وابعاد الجهات السياسية عن المدينة".
 
البياتي حذّر من أنه "في حال استمرار الاحداث على ما هي عليه في الناصرية، لحين اجراء الانتخابات المرتقبة المقبلة، لن تتوفر أجواء سليمة لإقامة الانتخابات".
 
ويشهد العراق احتجاجات مستمرة منذ تشرين الأول 2019، بسبب سوء الأوضاع الاقتصادية، واستمرار الفساد المالي والسياسي، فيما تعهد رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي بمحاربة الفساد وتحسين الأوضاع الاقتصادية.
 
وأكد رئيس مجلس الوزراء مصطفى الكاظمي، مؤخراً، سعي الحكومة "الإستثنائي" الى إقامة مشاريع كبرى في مجال استثمار النفط والغاز بمحافظة ذي قار، في خطوة قد تراها الحكومة تخفف من الغضب الشعبي العارم في المحافظة، جراء انعدام فرص العمل وارتفاع مستوى البطالة فيها، واقتصار التعيينات والوظائف على المنتمين للأحزاب المتنفذة.
 
عقود من الحروب والفساد وقلة الاستثمارات أدت إلى تردي شبكات المياه والكهرباء وغيرها من المرافق العامة في العراق، حيث لا يحصل العديد من المنازل سوى على بضع ساعات من الكهرباء الوطنية التي توفرها الدولة يومياً، كما يشكو الأهالي من تلوث مياه الشرب، وأدى الغضب إزاء تردي الخدمات العامة إلى اندلاع احتجاجات غاضبة في أغلب مدن الوسط والجنوب في العراق.
 
ففي أواخر عام 2019، تحوّل الإحباط العام من سوء الخدمات والبطالة والفساد إلى حركة مناهضة للحكومة غير مسبوقة في جنوب العراق وكذلك في العاصمة بغداد، وقُتل ما يقرب من 600 شخص في أعمال عنف مرتبطة بالاحتجاجات منذ ذلك الحين، بما في ذلك خلال أعمال عنف شهدتها التظاهرات وأيضاً في عمليات اغتيال استهدفت نشطاء.
 

تعليقات

علق كضيف أو قم بتسجيل الدخول لمداخلات أكثر

أضف تعليقاً

النص المطلوب
النص المطلوب