الطائفية تنعش الصراعات الانتخابية المرتقبة عبر بوابة الطارمية

22-08-2021
الكلمات الدالة الطارمية الانتخابات في العراق
A+ A-
 
عبد الله سلام – رووداو – بغداد 

أراض خضراء واسعة، وكتلة مجتمعية تقضي حياتها بشكل بسيط في الزراعة وتربية المواشي، لم يكونوا يفكروا لبرهة أن تلك الحياة ورغم بساطتها، والموقع الجغرافي الذي يتخذونه موطنا لهم، شمال العاصمة بغداد وعلى بعد 50 كم منها، أن تتحول ما بعد الاحتلال الأميركي عام 2003 إلى محرقة كل من فيها ويسعى لها، عليه أن يتجرع المر. فما السر الذي يخبئه قضاء الطارمية؟.
 
فمنذ عام 2006 وحتى الآن، مازال قضاء الطارمية التابع للعاصمة بغداد، يشكل نقطة جدل سياسي وأمني، ويدفع الأهالي ثمن الصراع سنوات من الاعتقال والتهجير والتهميش، فضلا عن سقوط أعداد ليست بالقليلة من عناصر قوات الأمن ضحايا نتيجة ذلك.
 
سيناريو تعيشه المدينة، وتمثل الدماء والتهميش العنصر الأساسي في انتاجه، لاستدامة حدة الاستقطاب المذهبي، وإعادة شحن الجماهير، كلما اقترب موعد الاستحقاق السياسي، أو مع كل اندحار لمشروع إقليمي تسعى له قوى وأذرع داخلية، وفقا لمراقبين.
 
خلل، ما زالت أسبابه مدار بحث وتحليل، فيما إذا كان بنيوياً في منظومة مجتمع الطارمية ذو الطابع السني، أم في موقعها الجغرافي، الذي يمثل مفتاحا من محافظات الشمال وإلى بغداد معقل نظام الحكم، وبخط مستقيم مع مدينتي الدجيل ذات الطابع الشيعي وسامراء التي تحتضن الإمامين العسكريين، وفيما إذا كان يندرج بمخطط تغيير ديمغرافي، تعتقد جهات فيه تأمين خط بغداد - سامراء، وأيضا الطارمية - الكاظمية التي يمكن الدخول إليها بخط مباشر.
 
وشهدت الطارمية عنفا طائفيا، مثلها مثل باقي مدن وقصبات العراق، خلال عامي 2005-2007، كما تشهد بين الحين والآخر خروقات أمنية على خلفية تأثرها في أحداث عام 2014 التي تمكن حينها بعض من مقاتلي تنظيم داعش الولوج إلى بساتينها الكثيفة، وبالتزامن مع اقتراب موعد الانتخابات، وعلى الرغم من أن تلك الخروقات جزء من سلسلة خروقات واسعة في عموم العراق، إلا أن احداث الطارمية ما زالت تشكل عودة إلى الاحتقان، الذي يبرز ويروج له بشكل منهجي في وسائل ومنصات التواصل الاجتماعي، وفقا لمحركات قياس الرأي العام.
 
الواضح، أنه يراد إيجاد منطقة صراع وميدان للاحداث بالقرب من العاصمة بغداد، وبالتالي لتلقي بظلالها على بغداد التي تعد مركز صنع القرار، على اعتبار أن مسافات ميادين الاحداث نجد أن نطاقها يبتعد عن العاصمة، وبالنتيجة سيقل الاهتمام، ولهذا فان إيجاد منطقة في حزام بغداد، وخصوصا على طريق سامراء واستشعار ابعاده، يحقق أغراض البعض في إمكانية تفعيل ملفات تزيد من حدة الاستقطاب في الاوساط المجتمعية، كما يقول السياسي عن الطارمية عمر الفراجي.
 
ويضيف لشبكة رووداو الإعلايمة إن "داعش له أدواته وأجنداته في كل مكان، لكن لماذا يثار الحديث عن الطارمية فقط؟"، لافتا إلى أنها "مدينة مطوقة أمنياً بالكامل، وحتى إبان سيطرة داعش على مناطق واسعة من العراق، الطارمية لم تقع في قبضته بل بقيت تمثل الحصن المدافع عن بغداد".
 
واشار إلى أن "أهالي المنطقة متذمرون مما يجري، لاسيما وأنهم كانوا قد قدموا حلاً عملياً، يتمثل بتطويع ابنائها للدفاع عنها، وذلك ليمنعوا من أن تكون مدينتهم مادة للاحداث والاعلام".
 
"الموضوع لا يتعلق في الطارمية، على اعتبار ان كل التقارير الداخلية والخارجية تؤكد أن تنظيم داعش ما زال موجوداً ومن الممكن أن يستعيد أنفاسه، وبالتالي فان الخلاية الصغيرة يمكن أن تشكل تهديداً للقوات الأمنية بمختلف صنوفها وللمواطنين"، كما يقول عضو مجلس النواب عبد الحسين عبطان.
 
ويضيف عبطان لشبكة رووداو الإعلامية: "كنا نحذر دائما من أن هذا العدو سيستغل هذه الثغرات، وعليه من الضرورة أن نجعلهم في وضع مربك جداً، مما يحول دون تنفيذ عملياتهم الارهابية، وأفضل وسيلة للقضاء عليه أن تكون زمام المبادرة بيد القوات الأمنية، مما ستجعل تلك الخلايا غير قادرة على تنفيذ عملياتها الارهابية"، لافتا إلى أن "الرادع الوحيد هو تكثيف الجهد الاستخباري وضرب كل مناطق تواجده من دون تحديد الطارمية كمنطقة حاضنة للارهاب وعلى اعتبار أنه نشط في مناطق أخرى".
 
بالمقابل، يقول الباحث والمحلل السياسي يحيى الكبيسي لشبكة رووداو الإعلامية إن "الطارمية تقع في قلب مخطط لتطهير طائفي وديموغرافي يمتد شمالا باتجاه سامراء، تماما كما كانت المدائن في العام 2005 مسرحا لتطهير طائفي وديمغرافي"، لافتا إلى أن "هناك محاولة منهجية لاستثمار اي حادث يقع فيها، وتسويقه اعلاميا، لتهيئة الاجواء لتنفيذ ذلك المخطط".
 
من جانبه، رأى المتحدث باسم كتلة صادقون النيابية الجناح السياسي لحركة عصائب أهل الحق، محمود الربيعي، أن "الطارمية غدة سرطانية في خاصرة العاصمة بغداد، ولابد من معالجتها، ولكننا وبشدة نلاحظ أن هناك تقصيراً واهمالاً حكومياً في معالجة هذه المنطقة التي أصبحت مرتعاً وحاضنة للارهابيين".
 
وقال الربيعي لشبكة رووداو الإعلامية إنه "من المؤكد لدينا، أن هناك مجاملات سياسية وهناك قرار أميركي يمنع تطهير هذا المنطقة من هذا الزمر والعناصر المتواجدة فيها"، معربا عن "أمله بأن تكون هذه الدماء الطاهرة التي سالت على أرض الطارمية طوال الفترة الماضية، وخصوصاً ما حدث يوم أمس الأول، منطلقاً لتطهير هذا المنطقة وتخليص بغداد من شرورها".
 
الربيعي لفت إلى أن "الجميع يعرف أن الطارمية لها موقع استراتيجي مهم وخطير ذات طبيعة معقدة، وهي تقع بين طريقين؛ طريق بغداد - كركوك، وبغداد - سامراء، وبالتالي أصبحت مرتعا للعصابات الارهابية وبدعم من جهات سياسية تتواجد هناك وتوفر الغطاء لهذه الجماعات الارهابية، وربما تتعاون معها"، مشددا على ضرورة أن "تتخذ الحكومة موقفا موقفاً جاداً لمعالجتها".
 
وتعد "الطارمية منطقة مهمة جداً، وأهميتها تأتي من موقعها الجغرافي، فأنها تمثل خاصرة بغداد وعقدة التواصل مع سامراء وتكريت والموصل، وهي منفذ بغداد إلى تلك المناطق، والمشكلة أن الجميع يعي وجود داعش في هذه المنطقة، ولكن الدولة قد تأخرت في إجراءاتها"، وفقا للبحاث والمحلل السياسي علاء مصطفى.
 
ويقول مصطفى لشبكة رووداو الإعلامية إن "رئيس الوزاء مصطفى الكاظمي، زار المنطقة قبل أشهر، ووعد بإجراءات أمنية تعيد الاستقرار إلى المنطقة، لكن حدث بعض التماهي ولم تسعف المنطقة بحملة تعيد الأمن إليها"، مشيرا إلى أنه "مع بدء أول عملية أمنية وفي أول يوم سقط عدد من الجرحى والشهداء، ما يؤكد وجود عناصر مسلحة تنتمي للتنظيم في المنطقة".
 
ويضيف أنه "تم استغلال التأجيج الطائفي والعنصري من قبل التنظيم، لاسيما وإننا نقترب من موعد الانتخابات"، لافتا إلى أن "المغذي المنعش للانتخابات هو الطائفية، وأن هناك قوائم انتخابية كثيرة لازالت تعتمد على هذا الاسلوب، في تحريض الناخب للوجه صوب الصناديق وانتخابها كونها تعزف على غريزة الامن".
 
واختتم مصطفى بأن "الحكومة ملزمة بمعالجة الموضوع بطريقة حكيمة، تقوم على تشكيل قوات مشتركة من جهاز مكافحة الارهاب والحشد الشعبي والشرطة الاتحادية لدخول المنطقة، وبالتالي تفويت الفرصة على اولئك الذين يعزفون على وتر الطائفية، ومن ثم تشكيل جهاز من أبناء المنطقة لمسك الأرض بالاشتراك مع العناصر المحررة، وهكذا يتم ضمان سلامة الطارمية وابعاد شبح الارهاب عنها ولجم الأصوات التي تؤجج طائفياً".
 
وأعلنت هيئة الحشد الشعبي مقتل 4 عناصر من الحشد الشعبي بينهم آمر فوج المغاوير باللواء 12 وإصابة 6 آخرين إثر تعرض اللواء 12 بمنطقة الطارمية شمالي بغداد لهجوم من قبل عناصر داعش.
 
وليلة الجمعة، (20 آب 2021)، أعلن الحشد الشعبي أن قوة من اللواء 12 في الحشد الشعبي صدت تعرضا لداعش في منطقة المشاهدة التابعة لقضاء الطارمية شمالي بغداد.
 
وتنخرط الطارمية ضمن قائمة مناطق في العراق ذات حساسية خاصة. 
 

تعليقات

علق كضيف أو قم بتسجيل الدخول لمداخلات أكثر

أضف تعليقاً

النص المطلوب
النص المطلوب