"الصيغة الحالية دعائية".. مساعي لإضافة فقرات جديدة لقانون العفو العام

21-09-2024
عبد الله سلام
الكلمات الدالة قانون العفو العام العراق
A+ A-
رووداو ديجيتال

"على سياسيي السنة الذين يعتقدون إنهم يمثلوننا، إن لم تسحبوا هذا القانون فأنتم لم تمثلوا سوى أهوائكم"، بهذه الكلمات عبر خطيب صلاة الجمعة في جامع أبو حنيفة النعمان، عبد الستار عبد الجبار، مؤخرا عن موقف المجمع الفقهي -أكبر مرجعية سنية في العراق- من تعديل قانون العفو الذي تطالب به القوى السنية منذ سنوات.


فبدل الإفراج عن المعتقلين السنة الذين تكتظ بهم السجون، الذين اعتقلوا بتهم "كيدية" -حسب تأكيدات سياسية- بالانتماء لتنظيمات إرهابية، بوشاية من "المخبر السري" خلال سنوات 2006-2013، فضلا عن سنوات سيطرة داعش، ويفترض أن يخدمهم القانون، يجري التحذير من أن صيغة تعديل القانون الحالية يمكن أن تزيد أعداد المعتقلين بدل أن تنقصه.

على هذا النحو يشهد العراق جدلا حادا وواسعا على المستويين الشعبي والسياسي، حول مشروع تعديل قانون العفو العام، رغم استكمال القراءة الثانية لمسودة القانون داخل البرلمان، الاثنين الماضي، حيث تتصاعد الاتهامات، بأن صيغة التعديل المطروحة للتصويت، لن تمثل سوى مكسب دعائي لمن يريد تمرير القانون سواء من القوى السنية أو الشيعية، بخاصة السنة، باعتبارهم المتبنين للقضية.

ويهدف قانون العفو إلى إطلاق سراح آلاف النزلاء من السجون العراقية بعد اعتقالهم وفق قانون المادة "4 إرهاب" واستخدام ذرائع كيدية وتهم شخصية وبلاغات من المخبر السري في اعتقالهم.
 
خلال السنوات الماضية، تقول منظمات حقوقية وجهات سنية سياسية، إن آلاف العراقيين اعتقلوا بناء على وشايات "المخبر السري"، وهو نظام عملت به القوات الأمنية خلال سنوات 2006-2014، حيث يتم انتزاع الاعترافات تحت التعذيب وتصدر الأحكام بحقهم بظروف غير طبيعية.
 
وبهذا الصدد، قالت عضو مجلس النواب العراقي، عن تحالف "العزم"، نهال الشمري، لشبكة رووداو الإعلامية، اليوم السبت (21 أيلول 2024)، إن "صيغة مشروع تعديل القانون التي تخضع لمناقشات حالية في مجلس النواب، من أجل التصويت عليها، لن تخدم المعتقلين من السنة، الذي قبض عليهم بتهم كيدية".

وتضيف، أن "مشروع القانون الحالي، بدل أن يعالج قضية المعتقلين، يمكن أن يزيد أعدادهم، بعد التصويت على القانون وإقراره بشكل رسمي، ذلك لأن صيغته الحالية تنص على أن المتهم هو كل من ورد اسمه في سجلات التنظيم (داعش)" مشيرة إلى أنه "في المحافظات التي سيطر عليها داعش، استحوذ على السجلات الحكومة، وتصرف بالأسماء".

"قانون العفو العام يضاعف أعداد المعتقلين السنة"

بناء على ذلك، فإن مشروع تعديل القانون، على هذا الوضع، "لن ينفع بشيء، ولن يمثل سوى مكسب دعائي للقوى السياسية التي تقف خلفه"، بحسب الشمري، مضيفة أنه "حاليا يمكن أن يعتقل البعض بوشاية أو شيء من هذا القبيل، لكنهم لم يتم الحكم عليهم ويمكن أن يخرجوا فيما بعد، لكن عندما يصبح القانون رسميا سيتم الحكم بشكل مباشر على المتهمين".

وأكدت الشمري، أن "هناك مساعي يجري العمل عليها لإضافة فقرات جديدة لمشروع القانون"، مبينا أن "البدائل التي يجب أن يتضمنها مشروع تعديل القانون، بدل التي يحتويها الآن، هو أعادة محاكمة الأبرياء الذين اعتقلوا عن طريق المخبر السري، والاشتباه، ومن اعتقل فقط لبقائه في محافظته التي سيطر عليها داعش، لعدم تمكنه من الخروج منها".

بالمقابل، قال محمد المحمدي، عضو مجلس النواب عن حزب "تقدم" الذي يتزعمه محمد الحلبوسي، لرووداو، إن "قانون العفو العام مهم جدا لكل المكونات وليس فقط المكون السني، إذ أن فيه انصاف وهو واجب شرعي وقانوني، للأبرياء الذين سجنوا ظلما خلال أيام الحروب، ولعدم التأكد من المعلومات عن المتهمين، عندما كانت تهمة الانتماء غير معرفة".

وتسائل: أن "إذا كان عنصرا داعشيا استوقف صاحب سيارة وطلب منه إيصاله لمكان معين، وهنا سيرى الناس أن فلان قام باصطحاب داعشيا فهل سيكون هذا الشخص متهما أم لا؟ كذلك صاحب الأسواق الذي تعاملوا معه؟".

وتابع المحمدي، أن "كل تلك الأمور كانت ملابسات، واليوم بعد أن تم تشكيل قوات الشرطة والمحاكم والعودة لمزاولة عملهم، على الدولة أن تتأكد وتنصف الأبرياء الذين اعتقلوا نتيجة اتهامات من المخبر السري، ونتيجة العداوات".

"لا نريد تبيض السجون"

وأكد، "إننا لا نسعى إلى تبيض السجون وإخراج متهمين ثبتت إدانتهم بالقتل والمبرز الجرمي، هؤلاء مجرمون لا أحد يبحث عن إخراجهم من السجون، ولكننا نبحث عن إخراج الأبرياء"، مبينا أنه "بالنسبة لأهم ما في قانون العفو، هو تعريف (من المنتمي)".

ولفت المحمدي، إلى أن "اليوم تم تفصيل الانتماء في القانون، وهو من قام بتجنيد، أو نقل، أو عمل إرهابي واضح، وهكذا تشعب القانون لإيضاح تهمة الانتماء من خلال قوائم داعش المثبتة فيها الأسماء والكنى والراتب"، مبينا أن "هذه إحدى وسائل دلائل إثبات الانتماء".

ومضى بالقول، إن "عدة فقرات تم تفصيلها في مجلس النواب وتوضيحها، والكل متفق عليها"، مؤكدا أن "جميعنا تضرر من الظلم بالتالي لا نقبل أن يكون هناك مظلومين في السجون، وكذلك جميعنا تضررنا من الإرهاب، ولذلك لا أحد يبحث عن إخراج إرهابيين، بل نبحث عن إبعاد الأبرياء عن المجرمين".

وأردف، أن "السجون العراقية مكتظة بنسبة 300٪، وهذا ما جعلنا أن نداعي بهذا القانون، وأن الجميع مؤمن بإخراج الأبرياء من السجون وخدمة ذويهم"، لافتا إلى أن "منفعة القانون، هو بمجرد تعريق (الانتماء)، سينصف عدد كبير من الأبرياء في السجون".

يشار إلى أنه خلال سنوات نشاط الجماعات المقاومة للقوات الأميركية والعنف الطائفي التي شهدها العراق ما بعد العام 2003، بدأ العمل بنظام "المخبر السري"، كأحد أساليب تحصيل المعلومات الأمنية، بمنح مكافآت مالية للأشخاص الذين يقدمونها، وعادة ما تتبنى قوات الأمن هذه المعلومات في التحرك ضد الأشخاص الذين يستهدفهم المخبر السري.

 ويرفض قانون أصول المحاكمات الجزائية لعام 1971 في المادة 73، الكشف عن هوية "المخبر السري" الذي قدم إخبارا بالجرائم الماسة بأمن الدولة الداخلي والخارجي والجرائم المعاقب عليها بالإعدام أو السجن المؤبد.

وتؤكد منظمات إنسانية وقانونية، فضلا عن مصادر سياسية، أن قضية "المخبر السري"، استثمرت في الصراع الطائفي والسياسي ضد العرب السنة، ما أدى لاعتقال الآلاف منهم تحت تهم "كيدية"، وفقا لتقارير.

جدل ومخاوف حول القانون

في غضون ذلك، أوضحت عضو مجلس النواب، عن اللجنة القانونية، إيمان عبد الرزاق، في تصريح لرووداو، أن "هناك عدة قوانين لدى اللجنة، وأكثرها على طاولة المناقشة، ومنها قانون العفو العام، وكثير من تلك القوانين تم التصويت عليها، وبعضها تمت قراءتها للمرة الثانية، وهي تحت المناقشات والتعديلات والإضافات لتصل إلى مرحلة التصويت".

ولفتت عبد الرزاق، أن "هناك ضغوطات سياسية على بعض القوانين، وكانت هناك قوانين مقابل قوانين أخرى، وهذا ليس في صالح الشعب العراقي"، مبينة أن "هناك مخاوف من القوى الشيعية بشأن قانون العفو العام، على أساس أنه يشمل الكثير من المجرمين الذي سالت على أيديهم دماء عراقيين خلال المعارك ضد داعش".

ويكمن الخلاف بين القوى السنية والشيعية بشأن قانون العفو العام، حول من هو "الإرهابي" وإعادة تعريف "الإرهاب"، حيث ترى قوى شيعية أن القانون يمكن أن يتيح لمن أدينوا بالإرهاب فرصة للخروج من المعتقلات. 
 
وكان مجلس الوزراء العراقي، قرر في تموز الماضي، قيام الدائرة القانونية في الأمانة العامة لمجلس الوزراء، بإعداد مسودة لمشروع تعديل قانون العفو العام، استنادا إلى وثيقة الاتفاق السياسي الذي شكلت بموجبة الحكومة الحالية.
 
وشُرع قانون العفو العام أول مرة في آب 2016، لكن قوى سنية اعتبرت أنه أفرغ من محتواه، بعد حذف عدد من البنود والفقرات المتعلقة بمراجعة ملف المحكومين وظروف محاكمتهم.
 
وعلى أساس ذلك، ذهب مجلس النواب لإجراء التعديل الأول للقانون في تشرين الثاني 2017، وتضمنت أبرز التعديلات شمول الأشخاص المعتقلين من الذين تجرى تسوية بينهم وبين ذوي الحق الشخصي بالعفو، إضافة إلى شموله من يتم تسديد ما في ذمتهم من أموال للمصلحة العامة عن جرائم الفساد.
 
كما عدلت في حينه فقرة تمنع العفو عن جميع من أدينوا وفقا لقانون مكافحة الإرهاب المعمول به في البلاد، بعد العاشر من حزيران 2014، أي بعد سيطرة "داعش" على مدينة الموصل، كما عدلت أيضا الفقرة الخامسة في المادة الثالثة من القانون، والخاصة باستثناء جرائم الخطف والاغتصاب من إجراءات العفو.
 
كما منح وفق التعديل من أمضى ثلث مدة محكوميته بجرائم التزوير إمكانية العفو، مع استبدال ما بقي من فترة سجنه بواقع 50 ألف دينار (نحو 33 دولارا) عن اليوم الواحد.
 

تعليقات

علق كضيف أو قم بتسجيل الدخول لمداخلات أكثر

أضف تعليقاً

النص المطلوب
النص المطلوب