حيدر العبادي لرووداو: المادة 140 وضعت بطريقة لا تنفذ

21-03-2024
رووداو
حيدر العبادي ودلدار هركي
حيدر العبادي ودلدار هركي
الكلمات الدالة حيدر العبادي المادة 140
A+ A-
رووداو ديجيتال

اعتبر رئيس الوزراء العراقي الأسبق حيدر العبادي، منهجية المادة 140 من الدستور العراقي، الخاصة بالفصل بين حكومتي بغداد وأربيل، بشأن الأراضي المتنازع عليها، بأنها غير قابلة للتطبيق.
 
وقال العبادي في حوار خاص لشبكة رووداو الإعلامية، إن من وضع المادة 140 "كأن لا تصل إلى نتيجة"، حيث "وضعت بطريقة لا تنفذ، الأطراف كلها اتفقت على شيء يعلمون أنها لا تنفذ، لكن وضعت لتحقيق نوع من التوازن".
 
وأضاف أن مشكلة المادة 140 تتمثل بأنه يجب أن يكون المنهج عادلا، ويمكن تطبيقه على كل المناطق المتنازع عليها، متسائلا على أي مقياس يتم الاعتماد؟ في حال تطبيق المادة، فهل سيتم على مستوى التصويت على قضاء وآخر، أم على كل المحافظة؟  
 
وأدناه نص المقابلة: 

رووداو: السيد العبادي نشكرك على قبول دعوتنا لهذا الحوار.. نأمل أن نتحدث بصراحة رمضانية بعيدا عن التكتيكات السياسية

حيدر العبادي: شكرا لكم، وأبارك لكم هذا الشهر ولمشاهديكم الكرام وكل المسلمين.
 
رووداو: نوروز هو العيد القومي للأمة الكوردية ورأس السنة الكوردية.. هل لديك رسالة توجهها  إلى الكورد بهذه المناسبة؟

حيدر العبادي: نعم، بصراحة نوروز هو متعلق بوضع طبيعة، وهو الربيع، هو الانتقال من حالة إلى حالة، حيث يكون النهار في هذا اليوم منتصفا، أي الليل يساوي النهار، وكما تعرف أكثر العبادات في الإٍسلام مرتبطة بظواهر طبيعية، التي هي حركة الشمس والقمر، إذن له أساس بالإنسان كإنسان. أنا أعرف أن هناك أمما كبيرة وليست صغيرة مترامية الأطراف، تحتفل بهذا العيد، لكن أنا أحيي هذا العيد باعتباره متعلقا بالطبيعة وبالإنسان، فهو لا يتعلق بقومية دون أخرى، لأنه ظاهرة طبيعية، وعندما تبحث في الكتب الدينية الإسلامية ستجد أثرا متعلقا بنوروز، حتى اسم (نيروز) ويسمى باسم آخر، الذي هو نفسه انتقال الشمس، أو الفصل من مكان إلى مكان، ومن زمان إلى زمان. 
 
العيد بشكل عام هو الاحتفال وفرح الإنسان، وأفضل فرح هو نعمة الله للإنسان؛ أعطاه هذه الشمس وتغير المناخ والأجواء التي تساعد الإنسان على الزراعة ومسائل أخرى، وهو بالأصل يعيدنا إلى علاقة الإنسان بالإنسان، أنا أتمنى أن نكون شعبا وبلدا واحدا، واختلاف الأعراق مثل اختلاف الجو، واختلاف الجو لا يسمح لك أن تكون ضد الجو والمناخ، لأن هذا اختلاف واختلاف مصلحة، مرة باردا وأخرى حارا، ومرة خريفا ومرة ربيعا، ونفس الشيء تنوع البشر، كما يقال (إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا)، بالتالي إذا ما كنت أنا محاربا للقومية بناء على اختلاف القومية والأعراق، يعني إعلان حرب على سنة الله. الله خلقنا مختلفين وبعدة أمم لنتعارف ونتكامل، لأننا في حال كنا نسخة واحدة لن نتعرف على شيء جديد.

رووداو: لنتحدث عن علاقاتك مع الكورد قبل سقوط نظام صدام حسين.. هل كانت لك أو لعائلتك صداقات مع الكورد؟

حيدر العبادي: نعم كثيرة. كنا نعيش في إنجلترا، وهناك عراقيون بأعداد كبيرة، وتلتقي بالعراقيين من كل نواحي العراق، الآن أنت في العراق لكن قد لا تكون لك فرصة لتلتقي بأناس من سنجار، أو أماكن بعيدة من أقضية البصرة، هناك تلتقي بعراقيين من مناطق أنت لم تزرها ولم تراها وتطلع على ثقافة معينة، وطريقة لبس معينة، وطريقة إعداد الطعام، وتتعلم الكثير من الأشياء، وهذه بصراحة تفتح أفق تعاملك ولن تصبح متحيزا، وبالأخير هذا هو  العراق، يضم هؤلاء الناس المختلفين، ونعم كان لدينا أصدقاء وعلاقات عائلية، بالإضافة إلى العلاقات السياسية، أكثر القادة السياسيين في إقليم كوردستان، كانت لدينا علاقة بهم في عملنا السياسي عندما كنا في الخارج.
 
رووداو: الكورد لديهم كل المقومات القومية لإنشاء الدولة ولكن هناك عوامل سياسية إقليمة ودولية تمنعهم من تحقيق ذرلك.. برأيك هل الكورد لديهم حق الاستقلال؟

حيدر العبادي: بهذا نحن نعود إلى فترة تاريخية لم نصنعها نحن، وهي "سايكس بيكو"، انتهاء الحروب السابقة سواء الحرب الأولى وجزءا من الحرب الثانية، لكنه بالأساس في الحرب الأولى عندما تم تقسيم العالم الإسلامي، فكما تعرفون كان هناك الدولة العثمانية والدولة الصفوية ولعل الدولتين كانتا تحملان اسم الإسلام وتحكمان باسمه، ومقسم العالم الإسلامي بينهما، انهارت هاتين الدولتين، وأصبح شيئا آخرا، ودخل الاستعمار قسم هذه البلاد وجزئها، وضمن هذه التجزئة، أصبح للعرب عدة دول، وهكذا للفرس وللأرمن، وللأذرين، والأتراك، ولكن الكورد تركوا في هذا التقسيم، بالتالي أصبح شيئا عالميا في مرحلة من الزمن، وتكونت هذه الدول الآن. اليوم أنت تريد أن تزيل الحدود،  وبالرغم من أننا تعلمنا في المدارس أن "سايكس بيكو" هي مؤامرة على المنطقة وتجزئتها، لكن اليوم أصبحت هناك مصالح على هذه الحدود، بمعنى أن تزيل الحدود وتعيد تقسيمها من جديد، بمعنى تقتطع هذا الجزء من مكان وتلحقه بمكان ثان، وبهذه الحالة عندما تقطع شيئا ستعرض مصالح الناس إلى خطر من جديد. كما تعرفون داعش حاول إزالة الحدود، الذي كان من المفروض هناك مسعى من آخرين لإزالتها، لكن داعش أزالتها عن طريق العنف والقتل، والتهجير والتصفيات.

رووداو: وفقا للواقع.. ضد أو مع الاستقلال؟

حيدر العبادي: أنا احترم أي مجموعة بشرية تقرر مصيرها بنفسها، هذا حق.
 
رووداو: من ضمنهم الكورد؟

حيدر العبادي: بالتأكيد، وعندما كنت رئيسا للوزراء قلتها علنا، بأنني احترم رغبة أبنائنا ومواطنينا الكورد بأن يكون لهم وطنا، ولكن نحن الآن شركاء في البلاد، فهل يحق لك أن تقرر فجأة بأن تقتطع هذا الجزء وتأخذه لك؟ نحن في بلد ضمن حدود واتفاق، وضمن الدستور الذي صوت عليه كل العراقيين. حتى الدستور، هل يجوز لجزء أن يقتطع من هذا الدستور ويقرر شيئا لوحده؟
 
رووداو: هذا مهم جدا وسنتكلم عنه.. لكن لنقترب قليلا وندخل إلى القضايا المتعددة وأولها وأهمها قضية رواتب موظفي إقليم كوردستان ومنتسبي قوات البيشمركة والأمن.. ألا يعتبر ما يجري الآن بحق موظفي إقليم كوردستان ظلما؟

حيدر العبادي: أنا أعتبر أن المواطن ليس مذنبا، وبالأخير في حال كان هناك ذنب للقادة السياسيين في عدم الاتفاق أو بالاختلاف السياسي، لا يجوز أن ينعكس على المواطن، لا يجوز أن يعاقب المواطن. بهذا المقدار، أنا اعتبره ظلما على المواطن لإن تمت معاقبته بسبب سلوك أو قرار لقادة سياسيين. المواطن يبقى مواطن، ونحن في الدولة العراقية يجب ألا نفرق بين المواطنين، سواء أكانوا كردا أو عربا، مسلمين أو غير مسلمين، من أي قومية ودين كانوا، بالأخير هو مواطن ضمن الحدود العراقية وعلينا أن نعامله بعدل ومساواة.
 
في عهد ولايتي إبان أحداث كركوك، بعد استعادة سلطة كركوك من قبل الحكومة الاتحادية، صارت هناك مشكلة في إقليم كوردستان، وجاءت وفود من إقليم كوردستان، أن كان هناك باعتبار تصدير النفط تأخر أو تباطأ بعد استعادة بعض الحقول من قبل الحكومة الاتحادية، كانت هناك مأساة في إقليم كوردستان، وأخبرت من قبل أناس بأن التعليم ممكن أن ينهار، أو ممكن انهيار الاقتصاد، بالتالي أنا بدون أي تنازل أو أي مطلب، قمت بصرف الرواتب، لأن هذا حق المواطنين.
 
كانت هذه الحادثة في شباط أو آذار 2018، وكانت الانتخابات في شهر أيار، ومن كان يبحث عن الفوز في الانتخابات حينها لن يقدم على هذه الخطوة، لأنه كما تعرفون هناك انطباعا معينا بين الناخبين بشكل عام فيما يخص هذه المسألة، ومع ذلك قدمت مصلحة المواطنين على المصلحة السياسية التي تخص ربما فوز كتلة على أخرى. أقول هذا حق لا يجوز أن نتعامل معه بشكل شعبوي، ولا يجوز التعامل معه بخلاف سياسي؛ أنت تحبه أو تكره لهذا السياسي لكن بالأخير هذا مواطن عراقي، وعليك أن تكون منصفا وعادلا.
 
رووداو: هل لديكم في الإطار التنسيقي قرار أو استراتيجية فيما يخص تضيق الخناق على إقليم كوردستان لوقف عجلة التقدم العمراني والاقتصادي؟

حيدر العبادي: أنا لم أرى هذا مطلقا في نقاشات داخل الإطار التنسيقي، وحتى النقاش في تحالف إدارة الدولة لا يشمل ذلك. جاءتنا وفود من إقليم كوردستان في موضوع الرواتب، واستمعوا لكل الدعم لهم في هذا الموضوع، وكما تعرفون حسب ما يذكر الأخ رئيس الوزراء بأنه جاد بفعل شيء في هذا الموضوع، لكنه عند إقرار الموازنة في البرلمان، تمت إضافة فقرات معينة جعلت من الصعب على الحكومة تجاوزها، باعتبار أن في تجاوزها تصبح مسؤولة عن خرق قانوني، وهذا بالطبع أدخلنا في مشكلة، بالإضافة إلى إيقاف تصدير النفط عبر تركيا بسبب الموقف التركي بعد الحكم الذي صدر في باريس.
 
رووداو: هذا فقرة مهمة أيضا نود الحديث عنها.. لكن دعني أضرب لك مثلا؛ في كركوك هناك مدرسين اثنين في مدرسة واحدة أحدهم على ملاك وزارة التربية التابعة لإقليم كوردستان والآخر على ملاك وزارة التربية الاتحادية والأخير يتسلم مرتباته شهريا ويمكنه الاستفادة من قروض المصارف والأول لا يتسلم مستحقاته ومحروم من امتيازات زملاءه.. كيف تنظرون إلى هذا التعامل غير المنصف في إطار دولة واحدة؟

حيدر العبادي: أنا أدعو ألا يسيس الجانب التعليمي في هذا الموضوع، أنت تتحدث عن حقبة سابقة والتي لا تزال ممتدة حتى الآن، والتي يتحدث عنها الآخرون، بأن هناك مقيمين في إقليم كوردستان لكن يحسبون على كركوك، وهذه أدت إلى نزاع، كما عملها صدام حسين في السابق، أتى بأناس من القومية العربية من باقي المناطق العراقية وأسكنهم في كركوك، بغية تغير التكوين الديموغرافي للعراق، وأيضا العمل المقابل غير صحيح.

رووداو: لكن هناك مدرسيين للدراسة الكوردية يسكنون كركوك؟

حيدر العبادي: يمكن يسكنون في إقليم كوردستان.

رووداو: لا. يسكنون في كركوك وهم كركوكيين مختصين باللغة الكوردية ضمن ملاكات وزارة التربية الاتحادية.

حيدر العبادي: أنا غير داخل في هذه التفاصيل لوزارة التربية، لكن أدعو إلى توحيد آلية القوانين والتعليمات، فعلا لا يجوز على اعتبار أنه يؤدي نفس الوظيفة وفي نفس الموقع الجغرافي، لكن كل واحد يتبع إلى تعليمات مختلفة عن الآخر، اعتقد  هذا جزء من عدم العدالة والإنصاف في التعامل.
 
رووداو: برأيك كيف يمكن حل مشكلة رواتب وميزانية إقليم كوردستان سيما وأن قانون الموازنة الاتحادية ومنذ سنوات ماضية وحتى اللحظة لم يحل المشكلة.. هل الحل سهل؟

حيدر العبادي: نحن عملنا على ذلك عام 2017-2018، وشكلنا لجنة لتوحيد الرواتب، وتعرفون أن آلية الرواتب في إقليم كوردستان وطريقتها تختلف عن باقي العراق، وفي هذه الطريقة عندما تريد أن تصرف سيكون هناك عدم عدالة، أن تصرف في مكان بشكل مختلف عنما تصرفه في باقي العراق، وحسب ما أذكر قمنا بتوحيدها واطلعنا على قوائم الرواتب في إقليم كوردستان وباقي العراق، وبدأنا بدفع الرواتب إلى الإقليم على ضوء هذه المعطيات، وفي الإقليم تعاونوا معنا وتم تزويدنا بقوائم الرواتب في الإقليم ووحدناها مع العراق، وبدأنا بالصرف، وكان الأمل أن يستمر ذلك، لكن بعدها أصبح هناك خلاف.
 
أتصور أن المشكلة كالتالي: أما اعتبار هؤلاء موظفين حكومين اتحاديين، وبالأخير الحكومة الاتحادية هي من يدفع رواتبهم، أما اعتبارهم موظفين محليين لإقليم كوردستان، ومن ثم تريد من الحكومة الاتحادية أن تدفع رواتبهم سيكون هناك عدم انسجام في الحالة. في الدولة الاتحادية هكذا هو الأمر، حتى في أميركا هناك موظفين اتحاديين الحكومة تدفع رواتبهم.
 
رووداو: إذا اعتبرناهم موظفين اتحاديين في إقليم كوردستان.. ماذا سيكون دور حكومة إقليم كوردستان؟ 

حيدر العبادي: هذا هو الأمر؛ هؤلاء هم الآن موظفين اتحاديين أم محليين؟ إذا محليين أنت مسؤول عنهم، بالأخير هناك موارد لك، وأنت تقرر القرار.
 
رووداو: لكنهم عراقيين؟

حيدر العبادي: صحيح، لكن عندما يقول الإقليم أنا أقرر لهم، وأنا أقرر حجم رواتبهم، وأنا أقرر كيف الترفيعات ومن أعين ومن لا أعين، بعدها لا يجوز أن تُحمل الحكومة الاتحادية تبعات قرارك الذاتي الذي تتخذه أنت، هناك نوعا من التناقض، يجب أن تتفق على شيء، هل هؤلاء اتحاديين؟ بمعى يعينون من الاتحاد ووظائفهم وترفيعاتهم من الحكومة الاتحادية، وإلا يكون هناك عدم عدالة، أنت في الإقليم تقرر أن تعطي زيادة في الرواتب، وتريد من الحكومة الاتحادية أن تدفع؟ ماذا عن باقي مناطق العراق؟ لماذا لم يحصلوا على هذه الميزة؟ بالتالي يجب أن يكون نوع من العدالة، من الذي يعين ومن الذي يرفع ومن الذي يضع نظام التعيينات ومن الذي يدفع؟ ربما هو الإقليم مضى في اتجاه معين، وقال أنتم غير مسؤولين عن هذا في الحكومة الاتحادية، ونحن مسؤولين عن كل شيء، لكن أعطونا حصة.
 
رووداو: كما اتفقوا سابقا.

حيدر العبادي: عندما اعطوهم صح. الآن هم لا يستطيعون أن يدفعوا الرواتب.

رووداو: النفط توقف والميزانية معلقة.

حيدر العبادي: صح
 
رووداو: دعنا نتحدث في مسألة توقف تصدير النفط.. في شباط الماضي تم إيقاف تصدير النفط من إقليم كوردستان بناء على دعوى قضائية رفعت أثناء ترأسك للحكومة.. ماذا كنت تريد من الدعوى؟ هل الوضع الحالي المعلق وإيقاف تصدير النفط من إقليم كوردستان كان هدفك؟

حيدر العبادي: قطعا لا، كان هدفنا الضغط على الأخوة في إقليم كوردستان، وعلى تركيا، لأن يأتوا إلى اتفاق،  لأن هذه الطريقة  غير صحيحة، كنا نتحدث بأن هذا النفط عراقيا وملكا لكل العراقيين، ويتم التصرف به باتفاقيات غير واضحة لدينا. لا نعرف الاتفاقيات بين إقليم كوردستان، والجانب التركي، ونريد الاطلاع عليها وهذا من حقنا، بالأخير هي أموال الشعب، ولم يطلعونا، كان شيئا سريا غير واضح أبدا، وأنا ما زلت أصر على ذلك، حاولنا أن نتفق من أجل مصلحة الناس، ولم يحصل ذلك، فصار ضغط للذهاب للمقاضاة إلى أن انتهت من دون تفاهم، ووقع ما كنا نخشاه. لو كان هناك تفاقهم ما قبل الحكم الذي صدر من باريس، لكان مصلحة للجميع، لكنه نوع من العناد والاستئثار ونوع من التصور بأن هذا تنازل للآخر، غير أنها مصلحة المواطنين، فهل الوضع أفضل الآن؟ هذا نوع من الإصرار والعناد السياسي الذي لم يصب بصالح البلاد.
 
رووداو: ألم يؤثر إيقاف تصدير النفط من إقليم كوردستان على الميزانية الاتحادية؟ 

حيدر العبادي: الكل تأثر، العراق الآن حرم من نفط إقليم كوردستان، الذي كان يكفي الإقليم، لأنه كان هو من يصدر ويأخذ الأموال ليصرفها على احتياجاته، والآن توقف، لذلك على بغداد حاليا أن تمول الإقليم من باقي أموال العراق، بمعنى هناك تبعية جديدة يجب أن تحل لأنها مضرة لكل المواطنين، لذلك أكرر بأنه لا يجوز أن يدفع المواطن العادي سبب هذه المشكلة التي لم يخلقها هو، إنما خلقت لسبب سياسي.
 
رووداو: بحسب معلومات من أطراف في الإطار التنسيقي إن الأحزاب الشيعية تريد استمرار وقف تصدير النفط من إقليم كوردستان لتضيق الخناق على إقليم كوردستان ولغرض سياسي.. هل بحثتم موضوع تصدير النفط من إقليم كوردستان وفوضتم رئيس الوزراء بذلك سياسيا؟

حيدر العبادي: نعم بحثنا هذا الأمر، والحكومة دخلت في حوار مع إقليم كوردستان حول هذا الموضوع، وأظن توصلا إلى نوع من الاتفاق، لكن كما ذكرت أن إدخال بنود معينة في قانون الموازنة، حددت من صلاحيات الحكومة في هذا الجانب، والحكومة لا تستطيع الخروج عن قانون الموازنة، كما أن هناك قرارا قضائيا من المحكمة الاتحادية فيما يتعلق بتوطين رواتب الموظفين في إقليم كوردستان، وحسب توضيح المحكمة أن القرار من صالح موظفي إقليم كوردستان، وبالأخير إن اختلفنا المحكمة الاتحادية هي تبت في الخلاف السياسي بين الأطراف، وليس لدينا احتكاما آخرا نلجأ إليه غير هذه المحكمة، حتى وإن اختلفنا في تركيبة وأحكام المحكمة، في النهاية هذا الموجود حاليا في العراق، المحكمة الاتحادية تحكم في الخلافات بين الأقاليم والمحافظات أيضا.
 
رووداو: هل أنتم مع استئناف تصدير النفط من قبل حكومة إقليم كوردستان خصوصا وأن محكمة باريس أعطت الحق لحكومة إقليم كوردستان بالاستخراج والتصدير عدا الحمل في الميناء الذي كان بعلم شركة تسويق النفط العراقية "سومو" سابقا؟

حيدر العبادي: لم تكن بعلم "سومو" أساسا، ولم يكن لديها أي سلطة على هذا الموضوع، وكانت هذه مشكلة حقيقة، لأن تصدير النفط يجب أن يكون اتحاديا، وأظن هذا الخلاف الحقيقي، هو محاولة فعل عدة أشياء متناقضة، أنت تريد الحكومة الاتحادية تسندك وتعطيك الأموال وتغطيك، في حين تتصرف بالمال العام الذي هو تصدير النفط.
 
رووداو: اعتقد ليس هذا الجواب الذي أبحث عنه.. السؤال كان هل أنت مع استئناف تصدير النفط مجددا من قبل حكومة إقليم كوردستان؟

حيدر العبادي: أتصور هذا يتضمن تناقض، أنا حاليا اتحدث عن أن التصدير يجب أن يكون اتحاديا وهذا هناك اتفاق عليه، أما أن يتم التصدير بشكل وبكميات غير واضحة.
 
رووداو: مع استئناف التصدير بإشراف "سومو"؟

حيدر العبادي: يجب أن يكون من قبل "سومو" وليس بإشرافها فقط، هذه ثروة عراقية، يجب أن تعرف هذه الأموال أين تذهب ولمن تصدر، يمكن الملاحظة يوميا أن البنك المركزي ووزارة المالية ينشرون كم تم تصديره من النفط العراقي من باقي موانئ الجنوب، وبأي سعر تم بيعه، وما هي الكميات، كما يمكن معرفة كيف هي المبيعات، وهذا غير موجود في إقليم كوردستان، أظن هذا نوعا من الاعتراض وهو من الخطأ، هذه ثروة الشعب العراقي، وبالأخير يجب أن تكون واضحة ومكشوفة، وأنا أدعو إلى ذلك، لكي يتم حل المشكلة بشكل نهائي، ومن حق الموظفين في إقليم كوردستان أن يتسلموا رواتبهم، ومن حق الإقليم أن يهتم بشؤونه، وهناك صلاحيات واسعة لسلطة الإقليم على مستوى الإقليم، لكن النفط يجب أن يكون اتحاديا في مسألة البيع.
 
رووداو: في لقاء تلفزيوني أخير انتقدت تبعية قوات البيشمركة للحزبين الكورديين في إقليم كوردستان وقلت أن الحشد ليس كذلك.. أليست مجموعات الحشد مقسمة على الأحزاب والكتل السياسية لذلك نرى من حين إلى آخر مناوشات واقتتالات صغيرة بينها؟ ألا ترى بأنه يجب إبعاد السياسية والقوات المسلحة عن بعضها؟

حيدر العبادي: اتفق جدا؛ وبصراحة لم أقل بهذا المعنى، وإنما قلت أن منظومة الحشد هي تابعة للدولة العراقية لكن للأسف هناك تبعية داخل الحشد لجهات سياسية، وهذا خطأ كما موجود في إقليم كوردستان، أن هناك تبعية للبيشمركة لهذا الجانب السياسي وذاك، وهذا أيضا خطأ، نحن يجب أن نعالج الجميع، ليس لنا مصلحة بأن تكون أي جهة سياسية تابعة لفصيل مسلح، الأحزاب التي تمتلك فصائل مسلحة كيف تخوض الانتخابات؟ ومن ليس لديه فصيل مسلح ما ذنبه؟ لأنه لا يمكنه المنافسة على أرض متساوية، أنت لديك سلاح وقد تهدد وتبتز الآخرين، والآخر ليس لديه سلاحا، لذلك سيكسب المسلحين، القوات الأمنية يجب أن تبقى حيادية في الجانب السياسي، فهي يجب أن تحمي المواطن وليس الأحزاب، وإذا صارت لها تبعية لحزب، ستحمي الحزب وليس المواطن، والناس سيشعرون أن هذه القوات الأمنية ليست لهم، وإنما لأحزابها وهذا خطأ، لأن كل مواطنا يجب أن يشعر بالأمن، وبالتالي أنا أدعو أن يكون النظام الأمني والعسكري بعيدا عن الأحزاب، وهذا منهج الدولة الديمقراطية العادلة، أما تريد دولة اسميتها ذات مرة بـ "دولة عصابات" مع الاعتذار للكتل السياسية، في ذلك الوقت ستكون هناك ميليشيات تابعة لأحزاب، وكانتونات اقتصادية أيضا تابعة للأحزاب، وبالأخير هذا يؤدي إلى فقدان الثقة بين  المواطنين والطبقة السياسية.
 
نظامنا ليس مثل نظام صدام حسين، ذلك النظام استمر 35-40 سنة لأنه قمعيا، ولأ أحد يستطيع أن يعترض أو يتكلم، ومن يتكلم يقطعون لسانه ويدفنونه حيا كما فعل بالأنفال، والآن نظامنا ليس قمعيا، وإذا فقدت الثقة بين الناخب والطبقة السياسية سينهار النظام السياسي، ولا يستطيع أن يستمر.
 
رووداو: أثناء توليك رئاسة الوزراء قلت أن هناك 50 ألف فضائي في الحشد الشعبي.. أين وصل هذا الملف؟

حيدر العبادي: كان هناك فضائيين في الجيش، لأن فرقا كبيرة انهارت بالكامل، وكانت أعداد كبيرة، حيث كنا ندفع مبلغا ضخة للرواتب، ولكن عندما تبحث في القتال لا يوجد لدينا مقاتلين بهذا العدد، فبدأت أبحث في هذا الموضوع، وعملت تحقيقا أوليا، والتقرير الأولي الذي وصلني أفاد بأن 50 ألف لا وجود لهم في الجيش، وبالطبع هذا ليس اتهاما، وإنما محاولة إصلاح لأنه صار لدينا انهيارا، والانهيار له أسبابا ومن أسبابه الفساد، أنت عندما لديك أعدادا لأناس يتسلمون مرتبات وهم غير موجودين، بالأخير لذلك حدث الانهيار، لعدم وجود قوة كافية على الأرض، مثلا أنت لديك في الفوج الواحد 800 شخص وفي الواقع الموجود 200 شخص، هذا لا يصمد في المعركة، ولهذا أنا أردتها حربا على الفساد، واستطعنا تغير المنظومة الأمنية، وتحول الجيش العراقي الذي كان يواجه الانتقادات والحديث عنه بشكل غير مناسب إلى جيش وطني. 
 
أتذكر اتفقنا مع الأخوة في إقليم كوردستان، على أن تدخل قواتنا إلى داخل إقليم كوردستان، لتحرر الموصل من الشمال والشرق، وفعلا دخلت قوات الجيش العراقي إلى إقليم كوردستان، وكان مرحبا بها بشكل غير طبيعي، والعلاقات طيبة جدا بين مقاتلين الجيش العراقي وقوات البيشمركة، أصبحوا مثل الأخوة يقاتلون معا ويتقاسمون حتى الطعام في أحيان كثيرة، وأصبح هناك قبولا للقوات الأمنية وللجيش العراقي في إقليم كوردستان، ولهذا تمكنا من تحرير أراضينا، لو كانت الناس ترفضنا لما وصلنا إلى ذلك.
 
إن الذي أطلعت عليه؛ أن الفساد هو عدو رقم 1و2و3 الذي أدى إلى انهيار المنظومة الأمنية.
 
رووداو: كانت لحضرتكم تجربة حياتية في الغرب لسنوات عديدة.. هل يمكن تأمين الاستقرار السياسي الدائم وحكم المؤسسات المدنية في العراق مع وجود هذه المجاميع المسلحة التي تختلف من الحين إلى الآخر.. كيف يمكن تحقيق الاستقرار؟

حيدر العبادي: لا يمكن أن يستقر البلد من دون مؤسسات متينة، الغرب لم ينشئ مؤسساته بشكل مفاجئ، وربما استغرق الأمر معهم 100 سنة، مثلا في بريطانية تاريخ الديقراطية التي نراها اليوم أقل من 100 سنة، لكنها بنيت تدريجيا، يحب أن نبني مؤسسات ولا أريد القول بـ100 سنة، ولكن ربما بعدد قليل من السنين، لكن يجب أن نتعاون لخلق مؤسسات. المشكلة هناك لدى البعض قصورا في النظر، يتصور من مصلحته أن لا تبنى المؤسسات لكي يتمكن من التحكم في البلد كما يشاء، وهذا ليس صحيحا، في الأخير حتى المستفيد الآن قد يخسر فيما بعد، والمؤسسات تضمن نوعا من العدالة ونوعا من الاستمرارية، إذ لا يمكن مع وجود مؤسسات أن تأتي جهة وتمحيك بالكامل، لأن هناك مؤسسات رصينة تنظر إلى القوانين، ففي دول أوروبية هناك حكومات ائتلافية، والسؤال هذه الحكومات الائتلافية كيف تسير أمورها؟ هل يتقاسمون المناصب والتعيينات؟ عندما تطلع على الأمر تجد أن هناك مؤسسات رصينة في داخل الدولة تمنع ذلك، بحيث لا يستطيع حزبا يأتي في الانتخابات ويعين ويخرج من يشاء، لأن المؤسسات العميقة التي لها الاستمرارية وغير التابعة لحزب تمنع ذلك، وهذا ما نحتاجه وهو من مصلحة كل الأحزاب، وكما قلت بعضهم نظره قاصر ويتصور من مصلحته هو الآن يتحكم ويعين جماعته وهذا منحى خطير.
 
هناك قسم يضع ذلك تحت عنوان المكون، ولكن في الواقع هو ليس في مصلحة المكون، وإنما من مصلحة الشخص والحزب، وبدليل عندما تأتي له بأحد من مكونه لكن غير تابعا له، يحاربه ولا يقبل به، لأنه يريد فقط من يتبعه أو من أقاربه وأصدقائه، وهذا ليس فيه عدالة، ويجب أن نفتح المجال لكل المواطنين، ويكون هناك تنافسا على إمكانية الشخص، إذا أتيت بشخص مهني في موقع ما، ذلك الوقت هذا الشخص المهني سيحافظ على المنصب، وأنت سواء كنت في السلطة أو خارجها سيتعامل معك بعدل.
 
رووداو: قلت أنك لم تعطي الأوامر في 16 تشرين الأول 2017 لضرب قوات البيشمركة.. هل مازلت تعتقد بأن تحرك القوات العراقية كان بقرار عراقي في حين كانت قيادة إيرانية لها دورا بما حدث وهذا لم يخفه الإيرانيون وكذلك الرئيس مسعود بارزاني ذكر في كتابين له عدة أسماء لضباط إيرانيين شاركوا في المفاوضات الميدانية مع القوات العراقية وقوات البيشمركة في الجبهات.. ما هو ردك؟

حيدر العبادي: أدعي أن القرار عراقي بحت في هذا الجانب، ولكن لا أنفي أن هناك مصالح متداخلة، كما تعرفون أن حتى علاقة الإقليم بالإيرانيين كانت متينة وبشكل مباشر، وإيران وتركيا لديهم أقليات كذلك، وكانت لديهم خشية هائلة أكثر من خشية العراق بصراحة من إنشاء دولة كوردية، باعتبار نحن في العراق متعايشين، لدينا إقليم له نظام اتحادي وصلاحيات واسعة، والأخوة الكورد تمكنوا خلال السنوات الماضية أن يحققوا شيئا لهم ووجود حقيقي في الدولة العراقية، وهذا غير موجود في تلك الدول، نحن لا نخشى العلاقة الاتحادية داخل الدولة العراقية، لكن تلك الدول لديها خشية، لهذا كان هناك تحركا من تلك الدول من خلال علاقتهم المتينة بالإقليم آنذاك مع التشكيلات الأخرى ليمنعوا هذا الموضوع، أنا لا أخفي ذلك، نعم كان لتركيا وإيران تحرك مصالح بأن لا يتحقق ما يريد الكورد، لكن هذا ليس له علاقة بنا، نحن أيضا لدينا تحرك، وهذا التحرك ليس ضد الكورد وطموحهم، ولكن وقتها قلت للأخوة أننا خرجنا لتو من قتال داعش الذي أراد أن "يشق" العراق ويدمره، فلا نذهب إلى معركة أخرى قد تؤدي إلى تفتيت العراق، وهذا ما كان يريده الإرهاب، ذلك لأن الانفصال من جهة واحدة قد يؤدي إلى التفتت، وبالأخير لا تستطيع الحفاظ على وحدة البلد، والبلاد في حال تفتت ستفقد السيطرة، وتنهار مصالح الناس ويسقط السقف فوق رؤسهم، وهذا ظلم للناس، وهذا ما كنت أسعى له، ولا زلت مصر بأن لا أواجهه، بل منعت توجيه أي بندقية إلى البيشمركة وغيره، وأتذكر كانوا يقولون لي أن بيشمركة أمامنا يطلقون النار علينا، وكنت أقول لهم ابحثوا عن طريق آخر وتحاشوهم، لأني كنت حريصا بأن لا يراق أي دم عراقي، فكفانا الدم العراقي الذي أراق في مقاتلة الإرهاب، ونحن قاتلنا الإرهاب معا في صف واحد، لهذا حرصت بأن لا يراق أي دم عراقي سواء من الأكراد أو غيرهم.
 
رووداو: ذكرت في الآونة الأخيرة أن هدف تحرك القوات العراقية في 16 تشرين الأول كان مقر قيادة الفيلق في ضواحي كركوك.. هل يعني ذلك ضمنا أن الهدف كان الخط 36 أو ما يسمى الخط الأزرق؟

حيدر العبادي: كان لفرقة 12 معسكر ضخم غرب كركوك، وبعد دخول داعش انهارت الفرقة، وتم السيطرة على المعسكر من قبل قوات البيشمركة بالكامل، وقواتنا بعد تحرير قضاء الحويجة كاملا تجمعت بأعداد كبيرة في العراء غرب كركوك، وليس لدينا معسكر، لذلك طلبنا بأن يعاد هذا المعسكر، وأن يسمحوا للقوات بأن تدخل وتأخذ معسكرها لتستقر هناك، كل بحثنا كان عن ذلك، لكن كان هناك عناد ورفض حتى الآن لم أعرف سببه، بالرغم من أني أدخلت وساطات وأرسلتها إلى الإقليم ليسمحوا بدخول هذه القوات لغرب كركوك لعدم وجود مكان لها وبقيت في العراء ولا نستطيع أن ننسحب لأننا لتو حررنا الحويجة، ووقتها كنا لم نقضي على كل الإرهابين الذين منهم من هرب ومنهم من بقي  في المناطق، بالتالي لا استطيع أن أجازف وأسحب هذه القوات، ومازلنا لم نطهر كل الإرهابين، كان الأمر بحاجة إلى فترة للتطهير خصوصا أنه بحاجة إلى جوانب دينية وسياسية وثقافية واجتماعية للقضاء على الإرهاب. 
 
هذا ما حصل كان هناك عناد غير مبرر، وحتى الوساطات التي بعثتها ليذهبوا ويتحدثون، أخبروني أنه لا فائدة والجماعة لا يستجيبون، وتحدثت مباشرة مع قيادات في إقليم كوردستان وترجيتهم بأن نترك هذا الموضوع خلفنا، وفقط أريد مكان للقوات غرب كركوك والذي هو معسكر فرقة 12، هذا كان الهدف، لكن ما حصل فيما بعد أن قواتنا بقيت تضغط وحدث هناك انهيار في المنظومة الأمنية الكوردية، وفتحت أمامنا الأرض.

رووداو: من فتح أمامكم الأرض؟

حيدر العبادي: حدث انهيار في البيشمركة.
 
رووداو: انهيار أم اتفاق؟

حيدر العبادي: انهيار. بحيث أنا خشيت لأن في الطوز حدث انهيار ولم تكن لدينا هناك قوات، وعندما حصل الانهيار اضطريت أن أدفع قوات إلى هناك لأحافظ على الأمن، لأنه اندلع قتال بين التركمان والكورد، فبعد أن كانت السيطرة للبيشمركة، فجأة انهارت البيشمركة وانسحبوا، وحدث خلل، وتطور إلى مرحلة حرق المنازل. وعلى النحو ذاته اضطررت للسيطرة على كركوك لتجنب الفوضى.
 
رووداو: من حرق المنازل؟

حيدر العبادي: في الطوز؟ خلاف بين التركمان مع البيشمركة.
 
رووداو: إذن التركمان أحرقوا منازل الكورد؟

حيدر العبادي: أظن حسب التحقيق الطرفين قاموا بتجاوزات، والمهم سيطرنا على الأمن، وأجرينا تحقيقات في الموضوع، وعاقبنا بعض الذين تمكنا من معاقبتهم، وأوقفنا سفك الدماء وحرق البيوت بهذا الشكل. أقول لم يكن لدينا توجه للقتال في هذا الموضوع، وإنما حدث انهيار في البيشمركة واضطررت أن أذهب للسيطرة على الوضع. واجبي أن أحافظ على مصالح الناس وأمنهم.
 
رووداو: هل اتفقتم مع جهة سياسية دون غيرها؟

حيدر العبادي: كنت اتواصل مع الجميع، لكن هناك جهات رأت ماذا سيحصل، بأن هذا العناد يمكن أن يؤدي  إلى سفك دم وصدام، خصوصا كانت هناك صيحات في إقليم كوردستان وقتئذ، تتحدث بأنه سنتصدى لها بالدم وندافع عنها بالدم، كان خطاب تصعيدي، لم يكن يحصل من قبلنا.
 
رووداو: على ذكر كركوك.. حضرتكم وكل السياسيين تتحدثون عن ضرورة تطبيق الدستور والمادة 140 تمثل صلب القضية الكوردية في العراق وحضرتك وكل رؤساء الوزراء الذين سبقوك ومن أتى من بعدك.. لماذا لم تطبقوا المادة؟

حيدر العبادي: بصراحة يفترض أنا مستثنى من ذلك، لأنني استلمت عراقا حدوده إلى مدينة سامراء، وفي نهاية عهدي تمكنت من تحرير المناطق وبدينا نريد أن نصلح الوضع، وحصل موضوع الاستفتاء وغيره الذي كان مؤسفا في ذلك التوقيت، لذلك لم يكن بيدي أن أفعل هذه المادة أو لا أفعلها، لأن هذه المناطق أساسا تحت سيطرة داعش، ولم استلم عراق تحت سيطرة الحكومة الاتحادية. نعم لماذا لم يتم الاتفاق سابقا؟ أيضا تقع المسؤولية على حكومة إقليم كوردستان، أين كانت من هذا الموضوع؟ ولماذا حدث فرض الأمر الواقع ولم يتم التفاهم؟

رووداو: شخصيا هل أنت مع تطبيق المادة 140؟

حيدر العبادي: المادة 140 لها ظروف حسب الدستور؛ بصراحة لأكون واضحا، طلب مني ذات مرة بترايوس (قائد القوات الأميركية السابق في العراق) بعد استعادة كركوك لقاء، حينها كنت في ألمانيا بمؤتمر أمني و"ألح" على ذلك، وقال إن بتصوري من وضع المادة 140 كأن لاتصل إلى نتيجة، حيث وضعت بطريقة لا تنفذ، الأطراف كلها اتفقت على شيء والكل يعلم أنها لا تنفذ، لكن وضعت لتحقيق نوع من التوازن، وقال أن ما حققته أنت "شيء عجيب" بدون الذهاب إلى هذه المادة التي لا تنفذ، واستعدت السيطرة على كركوك للحكومة الاتحادية، وحسب تصوره أن في الدستور تكون كركوك تحت سيطرة الحكومة الاتحادية إلى أن يتم الاتفاق، المادة 140 لو يتم الرجوع لها فيها نوع من التوازن، فعلى أي مقياس يتم الاعتماد؟ تريد التصويت على قضاء وآخر، أم على كل المحافظة؟ المحافظة إذا كلها ستكون أغلبية، وإذا على قضاء قضاء هل ستطبق بذات الطريقة في الموصل وفي كركوك؟ 
 
لا يوجد اتفاق، وكان هناك تقرير للأمم المتحدة في العام 2009، كان متوازنا وجيدا، رفض من قبل إقليم كوردستان، هناك جهة مستقلة في الأمم المتحدة درست الموضوع وقدمت حلول، لكنه رفض من قبل إقليم كوردستان، لأنها ذكرت نفس المشكلة؛ المشكلة يجب أن يكون المنهج عادل وأن يطبق على كل المناطق المتنازع عليها، وأظن في إقليم كوردستان، لم يكن هناك استعدادا للتفاهم، كانوا يريدون فرض الأمر الواقع، وأدى ذلك إلى هذه الكارثة.
 
في بغداد أنا معك، لدينا مشكلة في العلاقة القومية، نظام البعث الذي أقام به ليس بقليل، في قتل الكورد وتهجيرهم والإبادة واستخدام الكيمياوي، ما أثار العنصرية، بحيث أصبحت هناك عنصرية عربية كوردية، وولدت ردة فعل كوردية على هذا الفعل، ونحن واجبنا أن نخفف هذا الشحن، لأن جميعنا  في بلد واحد، وكما ذكرت سابقا "جعلناكم شعوبا وقبائلة للتعارفوا" لا أن "تتعاركوا".
 
رووداو: العراق بشكل عملي ومؤسساتي.. مركزي أم مؤسساتي؟

حيدر العبادي: العراق على مر تأريخة مركزي، منذ تأسيس الدولة العراقية عام 1920، في العهد العثماني كان مركزيا في "الأستانة"، ولكن نوع من نوع الولايات، ولاية الموصل وولاية بغداد وولاية البصرة، فكانت صلاحيات الولايات، ولكن حكم كأنه مركزي في تركيا "الأستانة"، وتحول مع تأسيس الدولة العراقية إلى مركزي في بغداد. العراق عمره مركزي، ولكن في العهد الجديد عام 2003 تحول إلى اتحادي وفق قرار دستوري، لذلك ترى تاريخيا أكثر السلطات مركزة في بغداد، وحتى في توزيع السلطات بالمحافظات لدينا مشكلة، لا توجد مؤسسات رقابية قوية لا في إقليم كوردستان ولا في المحافظات، لذلك نحتاج التأسيس من جديد، لأن كل مسيرته هو مركزي في داخل بغداد، لكن الآن هو اتحادي، وعلينا أن نسعى أن نقوي مؤسساتنا في إقليم كوردستان وفي المحافظات.
 
رووداو: لماذا لم تؤسس المؤسسات الاتحادية التي نص عليها الدستور العراقي؟

حيدر العبادي: هذا خلل. أظن بعض المؤسسات حتى في الدستور لم تكتمل مواصفاتها، كان هناك تصور أن تناقش بعد ذلك ولكن لم يتم، مثلا مجلس الاتحاد، لم يوضع له مواصفات واضحة في الدستور، وأنا اعتبر هذا خلل بكل صراحة، والآن هل ينتخب؟ أم يعين؟ وما هي صلاحياته؟ وكم عدد أعضائه؟ هذا هو خلل غياب مجلس ثان، نحتاج إلى مجلس رقابي آخر على مجلس النواب، والذي هو مجلس الاتحاد.
 
في كل الدول الديمقراطية هناك مجلس دون ومجلس أعلى، مثلا في أميركا واللوردات في بريطانيا، كما أن هناك مجالس في ألمانيا وفرنسا، لكن في العراق لدينا غياب؛ الآن لا توجد راقبة على القوانين.
 
رووداو: أليس من المفترض أن تكون المحكمة الاتحادية مراقبة على ذلك وتعمل على توضيح المواد الدستورية؟

حيدر العبادي: المحكمة الاتحادية تحكم في الخلاف وفي تفسير النصوص الدستورية، ولكن نحتاج إلى جهة تساهم في التشريع، إذا حدث تشريع فيه خطأ تنبه بشأنه وتعدله، نحتاج إلى سلطة أخرى من أناس لديهم تاريخ طويل ومعرفة في الجانب القضائي السياسي والاجتماعي والقانوني، لذلك أظن نحتاجها، وكما تعرفون أن الدستور العراقي تم تمريره بسرعة نتيجة وضع حرج وسط احتلال أميركي وإرهاب، وكان هناك ضغط من كل الجهات بأن يقام دستور عراقي بأسرع ما يمكن، لذلك أظن بعض الفقرات لم يأتي عليها بحث كافي، فتم تمريرها بسرعة.
 
رووداو: هل أنت مع إعطاء الحق في إنشاء أقاليم فدرالية داخل العراق كما نص عليه الدستور؟

حيدر العبادي: هذا حق ليس لي أن أقرره، هذا حق دستوري، من حق كل المحافظات في العراق أن تنشئ إقليم لوحدها أو بالاتفاق مع محافظات أخرى، أما كيف يستخدم هذا الحق فهو موضوع ثان، قد أرى أن هذا الحق من غير الصحيح تستخدمه الآن لذلك لدي وجهة نظر، والطرف الثاني لديه وجهة نظر، وفي حال تريد من خلال الحوار أو الاتفاق والآليات الدستورية نتوصل إلى نتيجة.

رووداو: بما يخص مسألة إنهاء الوجود العسكري الأميركي والتحالف الدولي ضد داعش في العراق.. برأيك كيف تحل هذه القضية؟

حيدر العبادي: وفق المصلحة العراقية، كما تعرفون أن التحالف الدولي دخل عندما كان داعش يحتل جزءا كبيرا من الأراضي العراقية، وداعش كان تهديدا للعراق ولأمن العالم، والآن نحن في عام 2024 بمعنى مضى على ذلك 10 أعوام، ومن غير الصحيح أن نستمر على ذات الصيغة، داعش الآن لا يسيطر على الأراضي العراقية، بالرغم من أن الإرهاب ما زال تحدي، ولكن يختلف الوضع، بالتالي يجب أن نغير آلياتنا، لا يجوز ألاستمرار بنفس الآليات السابقة، ولكن أيضا من الخطأ أن نقول لهم أذهبوا مطرودين، بالأخير أنت استعنت بهم، وجاؤوا بطلب من الحكومة العراقية، بالتالي على الحكومة العراقية أن تجلس وتقرر ما هو الصالح، كم تبقي من هذه القوات، وماذا نريد من هذه القوات، الحكومة الاتحادية هي من دعتهم وهي من تقرر، ولا يجوز على أطراف أخرى أن تتحرك خارج الحكومة الاتحادية وتفرض أمرا على كل الناس، هذه مصلحة عراقية، فإن أردتهم أنتهى، وإن لم تريدهم هناك آليات لإخراجهم، وهي ضمن الحوار بين الحكومة العراقية، أما كل من يأخذ القانون بيده، هذا يمثل إضعاف لوحدة العراق وللحكومة الاتحادية ومصادرة لإرادة المواطنين بشكل عام.
 
رووداو: برأيك هل يجب إبرام اتفاقية عسكرية استراتجية جديدة بين العراق والولايات المتحدة؟ 

حيدر العبادي: هذا الأمر متروك للحكومة والبرلمان.
 
رووداو: رأيك؟

حيدر العبادي: لا أرى بأننا إلى حاجة الآن، لكن نعم لدينا اتفاقية الإطار الاستراتيجي بين العراق والولايات المتحدة الأميركية، وممكن أن تكون هناك اتفاقيات مع دول أخرى مع الدول التي كانت مشاركة في التحالف الدولي ضد داعش، والتي نرى من مصلحة العراق الدخول معها في اتفاق ثنائي.
 
رووداو: مثل أي دولة؟

حيدر العبادي: الدول المشتركة، فرنسا، إيطاليا، بريطانيا، اليابان، أستراليا، مجموعة دول كثيرة؛ التحالف الدولي تشكل من 61 دولة، وهناك 21 دولة حد أقل التي ساهمت بالدعم العسكري، والدول الرئيسية في التحالف الدولي هي حول 10-11 دولة. هذه رؤية عراقية، ما هي المصلحة العراقية؟ يجب أن نقرر. نعم أيضا تلك الدول يجب أن تكون لديها مصلحة، لأن الدول لا تأتي لتحقيق مصلحتك وهي ليس لها مصلحة، يجب أن تكون مصلحة مشتركة بيننا وبينهم، وهذا ليس معيب، بالعكس هو الصحيح، هناك دوائر متعددة نلتقي فيها مع دول أخرى، نتفق على هذه الدائرة التي مصلحة لنا ومصلحة لهم، ونسير بإرادة عراقية، وليس إرادة غيرنا. أن تعسى لإرادة غيرك على حساب المصلحة العراقية، أراها خيانة للأمانة العراقية، أنت مؤتمن لتحقيق مصالح الناس، ولست مؤتمن لتحقيق مصالح غيرك على حساب مصالح الناس.
 
رووداو: شكرا لك
 
حيدر العبادي: شكرا لكم

 

تعليقات

علق كضيف أو قم بتسجيل الدخول لمداخلات أكثر

أضف تعليقاً

النص المطلوب
النص المطلوب