رووداو ديجيتال
منذ 4 أيام، يستمر الجدل حول تسلم قوات البيشمركة لمدافع يصل مداها إلى 40 كيلومتراً من قبل وزارة الدفاع الأميركية "البنتاغون"، على خلفية رفض رئيس حزب تقدم، رئيس مجلس النواب السابق، محمد الحلبوسي، لذلك.
الحلبوسي قال في تغريدة نشرها على موقع "إكس" (تويتر سابقاً): "نرفض رفضاً قاطعاً تسليح قوات محلية واجبها الدستوري يقتصر على حفظ الأمن الداخلي ضمن حدود مسؤوليتها (بمدفعية ثقيلة متطورة)".
وأضاف أن "هذا الإجراء المرفوض قد يكون سبباً في ضرب الأمن المجتمعي الوطني بشكل عام، وفي محافظتي نينوى وكركوك على وجه الخصوص، إذا ما تم الإساءة باستخدام تلك الأسلحة -لا سمح الله- في نزاعات عرقية أو حزبية مستقبلاً".
ورأى أن "هذا النوع من الأسلحة يجب أن يكون حكراً بيد الجيش العراقي فقط، الذي ندعو باستمرار إلى تعزيز قدراته وإمكانياته".
لكن بالمقابل، المفارقة التي أثارها موقف رئيس تقدم كانت في استدعائه لموضوع مضى عليه نحو أكثر من 40 يوماً دون إبداء أي تعليق -سواء منه (الحلبوسي) أو أي طرف آخر- عندما أعلن وزير شؤون "البيشمركة"، شورش إسماعيل، في 6 آب الماضي، تسلم مجموعة مدافع بموافقة الحكومة الاتحادية العراقية.
حلم الرئاسة أم الصالح العام؟
وسرعان ما ربطت أطراف سياسية، بما فيها من الحزب الديمقراطي الكوردستاني، موقف الحلبوسي بأجندات سياسية يسعى من خلالها إلى العودة إلى رئاسة البرلمان أو ضمان المنصب المتنازع عليه منذ 10 أشهر بين القوى السنية لحزبه، وهو ما فنده عضو حزب تقدم، براء النمر، في حديث لشبكة رووداو الإعلامية، اليوم الخميس (19 أيلول 2024).
فيما اعتبر حزب السيادة، بزعامة خميس الخنجر، أن حسابات سياسية "خاطئة" فضلاً عن "غايات ومصالح" حزبية كانت وراء تأجيج هذه القضية، حسبما أكده المتحدث باسم الحزب، خالد المفرجي، لرووداو.
وكان القضاء العراقي قد أنهى ولاية الحلبوسي الثانية -التي لم تدم سوى أشهر قليلة- من رئاسة البرلمان في تشرين الثاني الماضي، على خلفية اتهامه بالتزوير. وبقي المنصب -الذي هو من استحقاق المكون السني- شاغراً منذ ذلك الحين، نتيجة عدم توافق القوى السنية حول من يشغل المنصب.
وكما هو متعارف عليه وفقاً للدستور العراقي، يتم انتخاب رئيس البرلمان بالأغلبية المطلقة لعدد الأعضاء -أي نصف العدد الكلي زائد واحد- بالانتخاب السري المباشر، كما يخضع لحسابات سياسية تراعي مصالح باقي الشركاء في العملية السياسية، بخاصة القوى الشيعية التي تمتلك أكثر من نصف مقاعد البرلمان، وهو ما يحتاجه السنة لتمرير مرشحيهم للمنصب.
وفقاً لتلك الحسبة، اعتبر ساسة كورد موقف الحلبوسي محاولة للتزلف لتحالف الإطار التنسيقي الجامع للقوى الشيعية -باستثناء التيار الصدري- ولإيران، الداعم الإقليمي من ورائهم، والتي طالما كان لها دور بارز في حسم عملية انتخاب رئاسة البرلمان، وذلك بمحاولة لحشد التأييد الكافي للحصول على المنصب، الذي يطالب به أيضاً حزب السيادة.
"الحلبوسي يغمز لإيران والإطار التنسيقي"
إذ قال عضو البرلمان العراقي عن الديمقراطي، ماجد شنكالي، في تغريدة على منصة "إكس": "أحدهم"، في إشارة إلى الحلبوسي، "اغتر كثيراً وتجاوز الحدود وأراد أن يلعب وحده دون الأخذ بتعليمات وتوجيهات الطرف الإقليمي"، قاصداً إيران، "الداعم والراعي للنظام السياسي القائم فتم طرده وحرمانه من اللعب لمدة غير محدودة".
وأضاف: "الآن بدأ بمغازلة ذلك الطرف الإقليمي والمقربين منه بصفقة ديالى مروراً بكركوك وأخيراً وليس آخراً، رفضه تجهيز قوات البيشمركة بالمدافع والأسلحة بحجة الدفاع عن المكون".
ومؤخراً، انخرط حزب الحلبوسي في توافقات سياسية أدت إلى حسم منصبي محافظ ديالى لصالح ائتلاف دولة القانون، ومحافظ كركوك للاتحاد الوطني الكوردستاني، الحليف للإطار التنسيقي والغريم التقليدي للديمقراطي، بعد أن تعطل انتخاب المحافظين نتيجة خلافات استمرت لأشهر حول المنصبين. حيث فضل الحلبوسي الاصطفاف لجانب التحالف الذي حرم السيادة والديمقراطي من مناصب مهمة في كركوك.
في خضم ذلك، قال براء النمر: "إن موقفنا بخصوص قضية تسليح قوات الحزب الديمقراطي بأسلحة أكثر تطوراً مما يملكه الجيش العراقي نابع من حرصنا على وحدة العراق أرضاً وشعباً".
وأضاف في حديثه لرووداو: "لدى أهلنا في نينوى وكركوك مخاوف من استخدام هذه الأسلحة ضد أبناء الجيش العراقي والشرطة الاتحادية، إذا ما حدث خلاف سياسي أو تصادم كما في عام 2017".
وشدد النمر -عضو تقدم- على أن "الشعب الكوردي هم أهلنا وإخوتنا، ولنا معهم مواقف لا تُنسى أيام النزوح. ما يهمنا هو تطوير وتسليح المنظومة العسكرية المركزية نظراً إلى أنها الحامي والحصن الحصين لكل أبناء الشعب العراقي".
البيشمركة قانونية والمدافع ليست قتالية
بدوره، قال المتحدث باسم السيادة، خالد المفرجي: "في البداية، يجب التأكيد والتذكير بأن البيشمركة قوات رسمية بموجب الدستور العراقي النافذ في البلاد. وملف التسليح في الدولة العراقية يخضع لسلطة القائد العام للقوات المسلحة، وقد أوضحت تصريحات المسؤولين الأميركيين والعراقيين والأخوة في أربيل أن تسليح البيشمركة بالمدافع تم تحت إشراف وعلم بغداد".
وأردف: "لكن نعتقد أن الحسابات السياسية الخاطئة لبعض الأطراف جعلتهم يعيدون فتح هذا الموضوع مجدداً رغم مضي قرابة 50 يوماً ولم يكن سراً، بل كان في حفل تسليم معلن".
واستدرك المفرجي في حديثه لرووداو قائلاً: "نحن نعتقد أن غايات ومصالح حزبية وسياسية دفعت إلى إثارة هذه القضية، التي يجب أن تبقى في صلب عمل الحكومة والجهات التنفيذية الأمنية في بغداد وأربيل".
وشدد على أنه "لا توجد مصلحة وطنية في ربط ملف أمني يتعلق بأمن واستقرار العراق وحربه ضد الإرهاب بخلافات سياسية يمكن حلها وفق الحوار والدستور النافذ".
وعبر عن "أمله في إبعاد مختلف صنوف القوات الأمنية والعسكرية عن السجالات السياسية والحزبية لعدم التأثير عليها في مهمة حفظ الأمن والاستقرار -الذي نعده في حزب السيادة- مقدساً ولا يمكن المساس به".
وكانت قوات البيشمركة -التي اعترف بها الدستور العراقي عام 2005 كقوات أمنية للإقليم وعدها جزءاً من القوات المسلحة العراقية- قد تسلمت، ضمن حفل رسمي معلن أقيم داخل مبنى وزارة شؤون البيشمركة في أربيل، 24 مدفعاً من نوع "هاوتزر" الأميركية، عيار 105 ملم من طراز "إم 119".
وبحسب الخبير الأمني علاء النشوع، فإن مدافع "هاوتزر" هي دفاعية وليست هجومية.
وقال النشوع لرووداو: "إن القانون العسكري في الجيش العراقي يتمثل بثلاثة صنوف، وهي القتالية، الدفاعية، والإدارية"، مشيراً إلى أن "الصنوف القتالية تشمل الدرع والمشاة والقوات الخاصة، إضافة إلى القوة الجوية. أما الصنوف الدفاعية فتشمل الدفاع الجوي والمدفعية الميدانية والهندسة العسكرية".
تعليقات
علق كضيف أو قم بتسجيل الدخول لمداخلات أكثر
أضف تعليقاً