رووداو ديجيتال
تصاعدت احداث الاضراب عن العمل الذي قام به مجموعة من المعلمين والموظفين امام مبنى الامم المتحدة في محافظة السليمانية، بسبب عدم استلامهم لرواتبهم، بعد وصول وفد نيابي من بغداد، ومن ثم توجه اعداد كبيرة من المتظاهرين الى اربيل، أمس الاحد 9 شباط 2025، ومنعهم من دخول حدود عاصمة اقليم كوردستان من قبل قوات البيشمركة التابعة للحزب الديمقراطي الكوردستاني عند سيطرة ديكلة.
حيث اوضحت وزارة الداخلية في إقليم كوردستان على أنها "مع احترام الحق في التظاهر"، لكنها ستمنع "أي محاولة لزعزعة استقرار إقليم كوردستان".
عصام الفيلي، استاذ العلوم السياسية في الجامعة المستنصرية في بغداد، تحدث لشبكة رووداو الاعلامية اليوم الاثنين (10 شباط 2025) عن احداث أمس قائلاً: "كنت اتمنى من هؤلاء النواب، الذين زاروا خيم المضربين في السليمانية لبحث موضوع الرواتب، ان يناقشوا الامر تحت قبة البرلمان".
ونوه الى: "اننا لم نسمع اصوات برلمانيين عراقين بالدفاع عن حقوق الموظفين الكورد منذ ما يقرب من 11 سنة عندما منعت الحكومة العراقية تسليم رواتب اقليم كوردستان لحكومة الاقليم، ولم نشاهد وصول برلمانيين من بغداد الى الكورد وملامسة جراحهم وحاجاتهم وحتى التحدث معهم".
وأوضح عصام الفيلي: "يبدو ان هناك رغبة لفصل ادارة السليمانية عن اقليم كوردستان وهذه تبدأ بخطوات استمالة. نعم هم نواب عن الشعب العراقي كله، لكنني اريد ان اسال كباحث اكاديمي متخصص، كم هي عدد اللوائح والقوانين التي قدمت من قبل من ينادي بحقوق الشعب الكوردي ضمن العراق الاتحادي من بقية المحافظات الاخرى؟ اقولها بوضوح ان هناك من يريد خلق فتنة بين المركز والاقليم".
ورأى أنه "كان الاحرى بهذه القوى ان تسرع بموضوع المطالبة بحقوق موظفي اقليم كوردستان، والامر لا يحتاج الى زيارة النواب من بغداد الى السليمانية، بل ان موضوع رواتب الاقليم بحاجة الى إجراءات تشريعية او تحرك جماعة الضغط، وان هذه حقوق قانونية ويجب الفصل ما بين الموقف الانساني والموقف السياسي".
وشدد على انه "يجب ان لا يتم استخدام ازمة الرواتب سياسياً، لان هذه الاشكالية تمس قوت يوم المواطن الكوردي، والمفارقة ان الذين يستغلون موضوع الرواتب سياسياً غالبيتهم ينتمون للقوى الاسلامية والقرآن حذر من (الذين يمنعون الماعون) وهذا يؤكد انه من الثابت والبديهي ان الذي يمنع قوت الانسان سيكون حسابه عسيراً عند الله".
واوضح عصام الفيلي انه "من الناحية العملية ليس هناك ما يحدث بالصدفة، ونحن نتحدث عن سياسة، وعن بلد محاط بدول لا تريد له الاستقرار، وبالتالي انا ارى ان امتدادات المكون الكوردي يكاد يكون في ثلاث دول محيطة بالعراق، تركيا وايران وسوريا، وهذه ترى ان القومية الكوردية تشكل واحدة من اهم التحديات بالنسبة لاستقرارها الداخلي، والمشكلة بالنسبة لهذه الدول هي ان قيادة اقليم كوردستان حققت وتحقق نهضة غير متوقعة على أصعدة العمران والثقافة والتعليم والصحة والامن والاستقرار والاقتصاد والسياسة وعلى صعيد مكانته الدولية، وهذا ما يقلق الاطراف الدولية التي ترى ان هذه الانجازات، في الاقليم، سوف تحفز الاطراف الاخرى في بلدانها، حتى غير الكوردية للمطالبة بحقوقها والاتجاه نحو النظام الفيدرالي".
وتابع عصام الفيلي: "لذلك نجد انه كلما كانت هناك مقاربة حقيقية لخلق اوضاع مستقرة بين المركز والاقليم، تعمل بعض الجهات في هذا الاطار، لتحريك الشارع الكوردي مرة، وتحريك بعض السياسيين الذين يعملون على تقويض هذه العلاقة، مرات"، مستندا الى أن "الدليل على كلامي هذا هو ان المحكمة الاتحادية عندما اصدرت قرارها في موضوع تسديد رواتب موظفي اقليم كوردستان اسوة بالموظفين العراقيين في باقي مناطق العراق والذهاب نحو رسم علاقة جديدة، حتى عندما صار تحرك في موضوع الموازنة، نجد ان بعض الاطراف تحركت ضد هذا الاتجاه مستغلة بعض الاحداث (تظاهرات السليمانية) لتأجيج الشارع الكوردي، بمعنى ان هنالك جهات تؤمن ان عملية اللااستقرار في اقليم كوردستان خاصة والعراق عامة يمثل بالنسبة لها متنفساً سياسياً لخلق ازمة داخلية في العراق".
وعما انجزته زيارات رئيس الاقليم نييجرفان بارزاني ورئيس حكومة الاقليم مسرور بارزاني الى بغداد والاجتماع مع المسؤولين هناك من تقدم في موضوع الرواتب، قال الفيلي ان "المسؤولين الكورد يؤمنون بالعراق الفيدرالي بما يضمن حقوق الكورد ضمن هذه الرقعة، وبالتالي هم يرون ان لحل كل أزمة أو مقاربة يجب ان تكون في بغداد، وبالتالي فان هذه المقاربات يجب ان تكون على اسس واضحة ولا تخضع لأمزجة بعض القوى السياسية التي تعودنا منها انها دائماً سعيها لاصدار اتهامات وتصريحات عبر شبكات تواصل اجتماعي مجندة لها لخدمة هذه المهام".
وتابع: "أنا غالباً ما اقول ان المشكلة تكمن في ان الطبقة السياسية في العراق لم تهضم تاريخ الكورد ومطالبهم على المدى الطويل، يعني المطالب الكوردية عبر جميع الحكومات سواء كانت في النظام الملكي والجمهوريات، منذ عبد الكريم قاسم والاخوين عبد السلام وعبد الرحمن عارف ورئاسة احمد حسن البكر وحتى نظام صدام حسين القاسي، ان جميع هذه الانظمة كانت تنظر لمطالب الكورد في العراق بخصوصية"، موضحاً: "حتى في عهد صدام حسين الذي كان يمارس تصرفات تعسفية تجاه الكورد لكنه تعامل معهم وفق مفهوم بيان 11 آذار 1970، وعمل على تأسيس المجلسين التشريعي والتنفيذي، بمعنى انه وضع نواة النظام الاتحادي، وتعامل معهم وقتذاك بخصوصية".
ولفت الى ان "هناك قوى في العراق مازالت تؤمن، واقولها بصراحة، بالتعامل مع الكورد بلغة التهديد والوعيد وكذلك بلغة السلاح، عندما فشلت في هذا الاسلوب بدأت بخلق تناقضات داخل البيت الكوردي، وبرز هذا واضحاً حتى في موضوع مجلسي محافظتي كركوك ونينوى. هذا الوضع جعل بعض الجهات ترى انها تحقق نصراً بالنسبة لها ومن خلال وسائل الاعلام الخاصة بها بعدما اخفقت في تقديم منجز اقتصادي او اجتماعي او خدمي او سياسي لجمهورهم من سكان مناطقهم من خارج اقليم كوردستان".
وتحدث الفيلي، عن دعوة رئيس الجمهورية عبد اللطيف رشيد، ضد رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، ووزير المالية الاتحادية طيف سامي قائلاً: "كنت اتمنى على رئيس الجمهورية ان يسأل مستشاريه القانونيين والسياسيين قبل اتخاذ هذه الخطوة، لا يمكن لرئيس الجمهورية ان يقيم دعوة على رئيس الوزراء الاتحادي ووزير المالية الاتحادية، اذ ان حكومة اقليم كوردستان لم تقم مثل هذه الدعوة فكيف اقامها رئيس الجمهورية؟".
وتساءل فيما اذا كانت هذه الدعوة صادرة "عن قناعة شخصية او بدفع من قبل قوى اخرى؟ هو ليس رئيساً للاقليم او رئيس وزراء اقليم كوردستان، نعم هو كوردي لكنه رئيس جمهورية العراق ولا ادري كيف قرأ الموقف، وكان عليه على الاقل الاخذ باستشارة قانوني والاستعانة بفقرات قانونية من اجل ان لا يقع في مثل هذا الحرج".
وكان محافظ أربيل، قال في مؤتمر صحفي امس الأحد، بشأن المضربين في السليمانية ومحاولة عدد من المعلمين والموظفين التوجه إلى أربيل: "المعلمون والموظفون وأصحاب الرواتب وجميع سكان إقليم كوردستان غير راضين، لكن أين يكمن سبب عدم الرضا؟ في بغداد فهي من تمارس هذا الظلم علينا"، مضيفاً أنهم لا يعارضون مطالب المضربين في السليمانية، لكنه أشار إلى أن "من يقفون وراء الخيمة قد قلبوا القضايا رأساً على عقب وخلطوها بقضايا أخرى، ويتحدثون عن أن الرأي العام يؤيدهم (وهذا غير صحيح)".
وتطرّق محافظ اربيل إلى زيارة بعض أعضاء الوفد البرلماني العراقي يوم الجمعة (7 شباط 2025) لموقع المضربين، قائلاً: "الذين اقترحوا في بغداد قطع رواتب وميزانية إقليم كوردستان، يتحدثون الآن ووراءهم الخيمة. والذين رفعوا أيديهم في بغداد وصوّتوا وعارضوا تجربة إقليم كوردستان، جاؤوا الآن إلى الخيمة ليذرفوا دموع التماسيح تحتها".
تعليقات
علق كضيف أو قم بتسجيل الدخول لمداخلات أكثر
أضف تعليقاً