رووداو ديجيتال
من بين آلاف اللبنانيين الذين دخلوا العراق لاجئين هربا من بطش آلة الحرب الإسرائيلية المستمرة بقصف الضاحية الجنوبية لبيروت -معقل حزب الله- منذ نحو 10 أيام، وصلت شهد (16) عاما مع عائلتها إلى كربلاء، حيث توفر العتبة الحسينية لهم مأوى في مجمعات سكنية خاصة.
وحتى قبل 4 أيام، عندما كانت شهد عاصي وعائلتها المكونة من 5 أفراد تحت قصف "وحشي" كما تصفه؛ تقول إسرائيل أنها تستهدف فيه قادة حزب الله ومقراته ومخازن أسلحته ردا على هجماته التي يشنها منذ تشرين الأول الماضي دعما لحماس، لم تتخيل أن تترك منزلهم في منطقة البابلية في الجنوب اللبناني، دون معرفة متى يمكن أن يعودوا، كما تقول.
وأجبر القصف الإسرائيلي شهد -التي كانت تحلم بأن تكون يوما رسامة ومصممة- على ترك مقاعد الدراسة في المرحلة الثانوية، ومغادرة جنوب لبنان، مثل معظم أهالي الجنوب الذين نزحوا نحو شمال البلاد، وإلى سوريا والعراق.
وتقطن شهد حاليا في مدينة "سيد الأوصياء" وهو منتجع يستوعب آلاف الوافدين، تقع عند مدخل مدينة كربلاء، على الطريق الرابط مع العاصمة العراقية بغداد، خصص لإيواء عدد من اللاجئين اللبنانيين الفارين من الحرب.
وتروي بحزن شديد في حديثها لشبكة رووداو الإعلامية، اليوم الاثنين (7 تشرين الأول 2024)، عندما التقينها صحبة أخيها الصغير كريم، الذي يبدو في ربيعه الخامس، داخل مدينة "سيد الأوصياء"، حيث استقروا مع مئات النازحين اللبنانيين، قائلة إن "الغارات الجوية التي تشنها إسرائيل كانت تحاوط الأهالي في جنوب ضاحية بيروت من كل مكان".
وتضيف، أن "آثار القصف طالت تقريبا كل مكان في الجنوب، حيث لا يمكن رؤية شيء سوى الأدخنة المتصاعدة نتيجة القنابل التي تقليها الطائرات الإسرائيلية بشكل عشوائي"، حيث رأى أهالي الجنوب "ما لم يرونه من قبل(...) كان الوضع بشعا للغاية"، على حد تعبيرها.
آلاف اللاجئين في العراق
في بداية الأمر، نزحت عائلة عاصي إلى مدينة صيدا، قبل أن توسع إسرائيل دائرة القصف، ومع اغتيال الأمين العام لحزب الله اللبناني حسن نصر الله في 27 أيلول الماضي، بغارة استهدفت تواجده في أحد مقرات الحزب في الضاحية، والإعلان عقب ذلك عن بدء عملية برية، اضطرت شهد وأهالها مع الآلاف من أهالي جنوب لبنان للجوء إلى العراق، بعد أن طال القصف صيدا.
ودخلت شهد العراق مع 5 آلاف لبناني حسب أرقام أعلنتها الحكومة العراقية، على شكل دفعات، واستقر بعضهم عند أقاربهم في أماكن متفرقة من البلاد، غير أن الغالبية العظمى منهم تم استقبالهم وإيوائهم من قبل العتبات الدينية الشيعية، التي خصصت لهم مرفقات في مدينة كربلاء، إضافة إلى عدد من الجرحى الذين تم نقلهم لمستشفى خاص بالعتبة الحسينية، لازال البعض منهم يتلقى فيها العلاج.
ويقول المسؤول الإعلامي لمدينة "سيد الأوصياء" علي الحسيني، لرووداو، إن "هناك 500 شخص تمت رعايته في المدينة، حيث تم تخصيص 6 مجمعات فندقية داخل المدنية لاستقبالهم، إضافة إلى مركز صحي، ومضيف يقدم 3 وجبات للاجئين".
وبدأت مدينة "سيد الأوصياء"، استقبال اللاجئين اللبنانيين منذ 10 أيام، ولا تزال تستقبل آخرين من القادمين، فيما هناك أعداد من اللاجئين تم إيوائهم في مجمعين سكنيين آخرين تابعين أيضا للعتبة الحسينة، أحدهما يقع على طريق محافظة الحلة، والثاني على طريق محافظة النجف، بحسب الحسيني.
على الجانب الآخر، خصصت الكثير من الفنادق في كربلاء مبانيها للاجئين اللبنانيين، في حين قرر بعضهم الذهاب إلى أقاربهم، علاوة عن الكثير من أهالي المحافظة الذين بادروا في استقبال عدد من اللاجئين، وفق مسؤول إعلام مدينة "سيد الأوصياء".
آلاف القتلى والجرحى
وبينما أشار إلى أن من حق اللاجئين التحرك كما يشاؤون دون تقييد، بين الحسيني، أن "هؤلاء اللاجئين بعضهم دخل عن طريق البر، وبعضهم وصل عبر مطار بيروت".
في غضون ذلك، وبينما بدت شهد تحتضن أخيها بحرص شديد، كما لو أن الخوف من الغارات الجوية لا يزال يلازمها، أكدت على أن "بلادها يتعرض لظلم كبير من خلال هذه الحرب التي تشنها عليه إسرائيل، وأن الحرب قد دمرت أحلام الجميع هناك".
ولكن في الوقت ذاته، عبرت عن أملها بأن تنتهي هذه الحرب في أقرب وقت، وأن تعود إلى منزلها مع عائلتها لتحقيق أحلامها، قائلة بإصرار كبير: "ستتوقف الحرب وسننتصر، ونحقق أحلامنا".
بالمقابل، لا يزال اللبنانيين يتوافدون إلى العراق، حيث تعلن الجهات الرسمية بشكل شبه يوم عن استقبال المئات منهم، بوقت تتفاقم فيه الأوضاع الإنسانية في لبنان نتيجة اشتداد القصف المتبادل بين حزب الله والجيش الإسرائيلي، واستمرار طيرانه بقصف مواقع عدة يقول إنها تابعة لحزب الله.
وأسفر التصعيد الإسرائيلي الحالي على لبنان عن مقتل أكثر من 1200 شخص وإصابة 3400، بينهم عدد كبير من النساء والأطفال، وأكثر من مليون و200 ألف نازح في داخل وخارج البلاد، وفق بيانات رسمية لبنانية.
تعليقات
علق كضيف أو قم بتسجيل الدخول لمداخلات أكثر
أضف تعليقاً