من السلطة الرابعة الى الأولى.. الكاظمي مرشح تسوية للفصائل الشيعية الرافضة للزرفي

06-04-2020
معد فياض
الكلمات الدالة مصطفى الكاظمي عدنان الزرفي تشكيل الحكومة العراقية
A+ A-
رووداو - أربيل

بات من المؤكد ان القوى السياسية الشيعية أجمعت على اختيار رئيس الجهاز الوطني للمخابرات مصطفى الكاظمي، كمرشح لرئاسة الوزراء، بعد أن أصرت وبقوة على رفض عدنان الزرفي، الذي كان قد كلفه رئيس الجمهورية برهم صالح لتشكيل الحكومة المؤقتة.
 
مقرب من الكاظمي، أكد لشبكة رووداو الاعلامية صحة الأنباء التي تتحدث عن اتفاق القوى السياسية الشيعية على ترشيح رئيس الجهاز الوطني للمخابرات، رئيساً للوزراء. وقال إن" الامر صار محسوماً بأن الكاظمي هو المرشح الوحيد لتشكيل الحكومة".
 
ويأتي الاتفاق على تسمية الكاظمي بعد سلسلة من من الترشيحات والرفض، حتى أصبحت العملية أشبه بلعبة كرة المنضدة، حيث تدفع، ما تسمى بالكتلة الاكبر في البرلمان العراقي، الفتح بزعامة هادي العامري، احد المرشحين الى الواجهة، ولكن سرعان ما يأتي الرد سواء من جموع المتظاهرين في ساحات الاعتصام، وكذلك من جانب الرئيس العراقي، بالرفض، وهذا ما اضطر الرئيس صالح لتكليف الزرفي بعد ان اخفق محمد توفيق علاوي، المرشح الاسبق من قبل الكتلة الاكبر في البرلمان، في تشكيل الحكومة، واعتبرت غالبية من القوى السياسية االشيعية ترشيح الزرفي خارج السياقات المتفق عليها بالرغم من تأييد المحكمة الاتحادية لدستورية آلية ترشيح الزرفي.
 
وبالرغم من عدم اعلان رئاسة الجمهورية عن تكليف الكاظمي بصورة دستورية لتشكيل الحكومة القادمة، والتي طال انتظارها، فان عضو الهيئة العامة لتيار الحكمة، رحيم العبودي، أكد امس لشبكة رووداو الإعلامية أن "الاجتماع الذي جرى في منزل، هادي العامري، والذي ضم معظم القوى الشيعية، اتفق على تسمية مرشح جديد وهو مصطفى الكاظمي لمنصب رئاسة الوزراء، وهذا الاتفاق جاء بعد أن كان هناك اختلاف في الآلية التي تم بها ترشيح الزرفي".
 
يذكر أن رووداو كانت أول من تحدثت عن ترشيح الكاظمي لتشكيل الحكومة وقبل ان يتم ترشيح محمد توفيق علاوي، وحسب مصادر موثوقة في رئاسة الجمهورية فان الرئيس صالح كان على وشك تكليف الكاظمي، لكن القوى السياسية الشيعية دفعت باسم علاوي كمرشح متفق عليه، مما أدى الى سحب ملف ترشيح الكاظمي وقتذاك.
 
ويعد مصطفى الكاظمي شخصية سياسية عراقية مستقلة، وليس منحازا لاية جهة سياسية معينة وغير مقرب لايران بالرغم من عدم اعلانه مواقفه ضد سياسة طهران، وتربطه علاقات جيدة مع القوة السياسية السنية والكوردية، بالاضافة، طبعا، الى القوى السياسية الشيعية، وذلك بسبب اعتداله وهدوئه في مواقفه. 
 
كما استطاع الكاظمي بناء علاقات طيبة ومتوازنة مع دول الجوار العربي، وخاصة الاردن والمملكة العربية السعودية ودولة الامارات العربية المتحدة، وهذا ما سيساعده على اجتياز الامتحان الصعب لتشكيل الحكومة في اصعب الظروف السياسية والصحية والاقتصادية التي يمر بها العراق.
 
واذا كان بعضاً من المراقبين السياسيين يعتبرون تكليف الكاظمي رئيساً للجهاز الوطني للمخابرات العراقية كان مفاجئا، كونه كان بعيدا عن مثل هذا المجال، فان ترشيحه لرئاسة الوزراء لم يعد مفاجأة خاصة بعد نجاحه في ادارته لجهاز المخابرات بهدوء ومن دون خوض صراعات داخلية مع غالبية القوى السياسية العراقية.
 
استهل الكاظمي طريقه السياسي مع المعارضة العراقية في لندن ومن باب الصحافة وكتابة المقالات السياسية التي تناولت الاوضاع العراقية في الداخل والخارج، حيث كان مقربا من القوى السياسية الشيعية قبل ان يطلقها بغير رجعة، ويتجه للعمل مع القوى المدنية المستقلة، وكان في نهاية الثمانينات وبداية التسعينيات ناشطا مع المؤتمر الوطني العراقي والذي كان يضم غالبية من القوى السياسية المعارضة لنظام الرئيس العراقي الاسبق صدام حسين. 
 
وقد برز نجمه كصحفي وكاتب سياسي في صحيفة المؤتمر التي كانت تصدر في العاصمة البريطانية لندن في اواسط التسعينيات، كما كانت مقالاته السياسية تنشر في الصحف العربية مثل الشرق الاوسط والحياة اضافة الى بعض الصحف البريطانية والاميركية، وتميزت مقالاته بدقة تحليلاتها للاوضاع السياسية وابتعادها عن الانحياز لهذه الجهة او تلك باستثناء قضية الشعب العراقي. كما عرف ككاتب متميز في صحيفة المونيتور الالكترونية العالمية.
 
بعد تغيير النظام العراقي في 2003 عمل الكاظمي مع المفكر العراقي كنعان مكية على تأسيس "مؤسسة الذاكرة العراقية" والتي جمعت وثائق نادرة ومهمة عن اوضاع العراق في ظل النظام السابق، وحافظت على منشآت توثيقية مثل قوس النصر في ساحة الاحتفالات بجانب الكرخ من بغداد. وتضم المؤسسة عشرات الالاف من الوثائق المهمة للغاية استطاع الكاظمي وفريقه من جمعها بعناية وبجهود شاقة بالفعل.
 
اليوم حيث ينتقل الكاظمي من السلطة الرابعة، الصحافة، الى السلطة التنفيذية الاولى في العراق، رئاسة الوزراء، يحدو الامل فئات عراقية كثيرة بأن يحقق ما عجز عن تحقيقه غيره، فيما اذا دعمته القوى السياسية العراقية.
 
وتشير التسريبات إلى أن زيارة أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني علي شمخاني، إلى العراق مؤخراً، شهدت بحث الكثير من الأسئلة التي تبعث على القلق بشأن مستقبل العراق السياسي، ومنها قضية مرشحي رئاسة الوزراء، وبعد رفض الفصائل الشيعية ترشيح عدنان الزرفي لرئاسة الحكومة، يبدو انها وافقت على مصطفى الكاظمي، رغم انها رفضته سابقاً، بعد ان اضطرت الى القبول بالكاظمي، نتيجة الضغط الذي سببه الزرفي عليها في الآونة الاخيرة، وعدم نجاحها في الاتفاق على مرشح معين.
 

تعليقات

علق كضيف أو قم بتسجيل الدخول لمداخلات أكثر

أضف تعليقاً

النص المطلوب
النص المطلوب