مستشار السوداني لرووداو عن تقديم إيران أدلة بشأن هجومها على أربيل: لا توجد حتى الآن

06-02-2024
رووداو
نوينر فاتح وفادي الشمري المستشار السياسي لرئيس الوزراء العراقي
نوينر فاتح وفادي الشمري المستشار السياسي لرئيس الوزراء العراقي
الكلمات الدالة مستشار السوداني فادي الشمري الهجوم الإيراني العراق الحكومة العراقية إقليم كوردستان المحكمة الاتحادية قانون النفط والغاز قوات التحالف الدولي
A+ A-
رووداو ديجيتال

كشف المستشار السياسي لرئيس الوزراء العراقي، فادي الشمري، أنه لا توجد أي أدلة من إيران بشأن ما يثبت إدعاءتها وحججها للهجوم على أربيل حتى الآن، مشيرا إلى أن الهجوم انعكس بشكل إيجابي على مستوى العلاقات بين بغداد وأربيل.
 
وقال الشمري خلال استضافته في برنامج "حدث اليوم"، الذي يقدمه الزميل نوينر فاتح، على شاشة قناة رووداو الإعلامية، الثلاثاء (6 شباط 2024)، إن "هناك توتر كبير يجري في المنطقة ويلقي بظلاله على الشأن العراقي الداخلي".
 
و"ما حصل من اعتداءات كبيرة، سواء أكان من بعض الفواعل الدولية أو بعض دول الجوار، يمثل فرصة وتهديدا لتعميق علاقاتنا مع بعضنا خصوصا أن كثير من دول الجوار تلعب على متناقضاتنا، تحديدا المتناقضات التارخية بين بغداد وأربيل"، أضاف الشمري.
 
وأردف أن "الاعتداء الأخير خلق نوعا من التضامن الكبير بين بغداد وأربيل، بمعنى أنه أثر إيجابا، حيث حصل تعاطف كبير، في وقت كان هناك احتراما ونظرة عالية لموقف الحكومة العراقية الذي كان واضحا وصحيحا".

أدناه نص المقابلة -التي ناقشت إلى جانب ملف الاعتداءات الإيرانية، ملفات عديدة هامة تتعلق بقضية رواتب إقليم كوردستان، وقانوني النفط والغاز والمحكمة الاتحادية، وموضع العراق من الحرب على غزة، وانسحاب قوات التحالف الدولي- كاملا: 
 
رووداو: الأحداث الأخيرة بخاصة القصف الإيراني.. هل أثر على العلاقات الودية بين أربيل وبغداد؟ 

فادي الشمري: بالتأكيد هناك توتر كبير يجري في المنطقة ويلقي بظلاله على الشأن العراقي الداخلي، وإن ما حصل من اعتداءات كبيرة، سواء أكان من بعض الفواعل الدولية أو بعض دول الجوار، يمثل فرصة وتهديد لتعميق علاقاتنا مع بعضنا، خصوصا أن كثير من دول الجوار تلعب على متناقضاتنا، لاسيما فيما يخص المتناقضات التاريخية ما بين بغداد وأربيل، كما أنه يمثل تهديدا للعراق ومس بكرامته وسيادته وناسه، وبالنتيجة أن الدماء التي تسقط على الأرض هي عراقية، والحكومة الاتحادية معنية أولا وآخرا بحفظ حدود البلاد، وحفظ سيادته بالحفاظ على دماء أبناءه. بالتأكيد هذا بحاجة إلى علاقة تكاملية وفق الدستور العراقي الذي ينص على أن هناك اختصاصات للحكومة الاتحادية، واختصاصات لحكومات الأقاليم، بالتالي أننا نقدر أن الاعتداء الأخير خلق نوعا من التضامن الكبير بين بغداد وأربيل، بمعنى أنه أثر إيجابا، حيث حصل تعاطف كبير، وفي الوقت ذاته كان هناك احتراما ونظرة عالية لموقف الحكومة الذي كان واضحا وصحيحا ولا يقبل اللبس في رسالتها إلى مجلس الأمن واعتراضها على هذا الاعتداء الذي سقط فيه عراقيون. بتقديري هي فرصة لنتكامل مع بعضنا البعض، وننظم ملفاتنا السياسية والأمنية والاقتصادية، خصوصا أن في القضايا الأمنية هناك ملفين أساسيين هما في تحدي مستمر، وهما  الملف التركي والإيراني. هناك اتفاق أمني وقع بين بغداد وطهران حول الملفات الأمنية التي طالبت بها طهران، حول قضايا داخل إقليم كوردستان، والإقليم التزم بهذا الاتفاق الأمني، خصوصا أن كل الاجتماعات التي حصلت مع الجانب الإيراني كانت بحضور القادة الأمنيين المعنيين في إقلم كوردستان، وكانت الأمور تمضي بشكل جيد، ولعل موقف العراق في استنكار وضدية هذه الضربة أن "ما حدا بدا". فنحن لدينا اتفاق أمني ونظمنا أوراقنا بشكل جيد، والاتفاق مضى بشكل سلس، وتمكنا من معالجة كل نقاط التهديد التي كانت تسبب إرباكا للجانب الإيراني، خصوصا فيما يتعلق بقضية المعارضة الإيرانية أو التسليح والسلاح وطريقة الانتشار والحدود؛ إذن لماذا هذا التعدي دون إخبار مسبق؟ خصوصا نحن أبلغناهم أنه في حال كانت لديكم معلومة في أي قضية من القضايا عليكم تبليغنا بها ونحن سنعالجها.
 
رووداو: هل قدمت إيران إلى الآن أدلة للدولة العراقية تدعم روايتها للهجوم؟

فادي الشمري: إلى الآن لا توجد أدلة بالمعنى. لدينا لجنة تحقيق، وهذه اللجنة التي شكلت برئاسة مستشار الأمن القومي العرقي، قاسم الأعرجي، ومؤسساتنا الأمنية، هي في لحظاتها الأخيرة لتقديم تقريرها المعني، كما أنها (اللجنة) معنية باستلام أي أدلة أو إشارات من هذا النوع، وعلى أي حال، نحن نتمتع مع الجارة إيران بحدود طويلة 1300 كيلومترا، ولدينا علاقة حياتية وسياسية واقتصادية وهناك وشائج ما بين الشعبين، فعندما رفعنا الصوت منددين، ليس لأن هناك موقف ضدي من الجارة الإسلامية إيران، بل لأننا نعتقد أصبح "خدش" لطبيعة المودة التي تجمع الشعبين وتجمع الجارين الكبيرين. إيران وقفت معنا بشكل كبير في مواجهة أكبر تنظيم كان يهدد العراق بأكمله، بما فيه إقليم كوردستان، حيث قدمت المساعدات الكبيرة ووقفت مع بغداد، وحكومة إقليم كوردستان، لمواجهة تنظيم داعش؛ لذلك عندما نرفع الصوت ونعتب من ساحة وبيئة محبة، ليس من ساحة ضدية، وفي الوقت ذاته لا نقبل أن يأتي أي أحد لمعالجة ملفاتنا الداخلية، نحن لسنا قصيري اليد، خصوصا مع وجود حكومة قوية وفاعلة استطاعت أن تؤسس إلى علاقات متينة مع مختلف الأطراف، سواء كان في البيوتات السياسية الشيعية، السنية، الكوردية، المسيحية، وبقية الأقليات الكريمة، بمعنى هي ليست حكومة منعزلة في بغداد، أو حكومة منعزلة في إقليم كوردستان، مثلما بالنسبة لحكومة الإقليم. لذلك بالتأكيد قلنا لن نقبل تحت أي ظرف أو حجة أو مبرر، في أن يقفز التركي أو الإيراني أو الأميركي أو أي طرف آخر، ويحاول أن يمتد على مساحات داخل الجغرافية العراقية، ويريد من بنات أفكاره يعالج خلل أو تهديد يراه.
 
رووداو: هناك ملفات عديدة بين الحكومة الاتحادية وحكومة إقليم كوردستان ولعل أهمها بالنسبة للمواطن الكوردي والتركماني والمسيحي والآخرين في إقليم كوردستان هو موضوع الرواتب وفي ضوء الجهد المشترك الحالي بين الجانبين.. هل أنت متفائل بأن يكون هناك حل جذري لرواتب الموظفين في إقليم كوردستان؟

فادي الشمري: الأمر مبني على أسس نوع التفاهم الذي يمكن أن يجري ما بين الطرفين. بغداد جربت خلال السنة الماضية في أكثر من محنة وموقف، رغم أن هناك ضغط سياسي كبير في قضية إرسال الأموال لأربيل دون الالتزام ببنود الموازنة الاتحادية الثلاثية، لكن الحكومة العراقية لديها نظرة في هذا الاتجاه، بأن "ناسنا" في إقليم كوردستان هم أهلنا وليسوا في بلد آخر أو مساحة جغرافية أخرى، بالتالي نرى أن من واجبنا أن نذهب إليهم ونساعد ونخفف الأعباء التي تواجههم؛ النظرة الأبوية التي يمارسها رئيس الحكومة العراقية محمد شياع السوداني، في منطقه بالتعامل مع الآخر حتى وإن كانت هناك اختلافات بالجزيئات والتفاصيل، لكن من يدفع ثمن هذه الخلافات هم الناس، وهو (السوداني) وحكومته وفريقه حريصين جدا بأن أي خلاف سياسي يجب ألا يدفع ثمنه الناس، وبالقدر الممكن أن نساعد ونفكك وأن لا نكون متشنجين ونخفف الأعباء، وبالنتيجة إذا كانت القضايا تعالج بالأموال فنحن بلد غني ولديه إمكانيات، وفيه من الخيرات الكثير، لكن في الوقت ذاته نحتاج إلى  تنظيم علاقتنا وأوضاعنا، لاسيما وأن هناك نيات صادقة وواضحة لعلها تختلف عن كل التباين الذي كان في الحكومات السابقة. اعتقد اليوم حكومة السوداني، وهو بشكل خاص يتمتع بعلاقات متينة جدا، مع الأخوة في إقليم كوردستان، لأنه صادق النوايا، كما يأتينا انعكاس جيد، بالتالي يمكن أن ننظم هذه العلاقة ونبني على صدق النوايا بالاتجاهات الصحيحة.
 
رووداو: هناك قرار حكومي بالاستمرار بإرسال ما يقارب 618 مليار دينار شهريا إلى إقليم كوردستان حتى تعديل الموازنة.. هل سيستمر إرسال هذا المبلغ؟

فادي الشمري: الآن الأمور ماضية بهذا الاتجاه، فكما تعلمون أنه حتى عندما ترسل بغداد الأموال إلى إقليم كوردستان، يتم تقيدها ضمن إطار قرض وفي ضمن هذا المسار، مع الحاجة إلى أن يبادر إقليم كوردستان في الالتزام بالتفاهمات والاتفاقات التي عقدها مع الجانب المركزي في بغداد، وبعضها ثبت في الموازنة وبعضها كانت وفقا لإطار التفاهم المشترك ما بين بغداد وحكومة الإقليم. هذا يسهل  على رئيس الوزراء والحكومة في بغداد، بأن تواجه الضغوط السياسية التي تتعرض لها، ويخفف عنها هذا العبء الكبير، وفي ذات الوقت لا يجب أن تستمر معالجة ومناقشة هذا الموضوع  بالطرق الترقيعية، فنحن بحاجة إلى قرارات شجاعة من بغداد وإقليم كوردستان، وبغداد جاهزة لهذه القرارات الشجاعة، لأن نطوي هذه الصفحة ونذهب باتجاه الحلول الجريئة الشاملة الجذرية التي تذهب إلى أبعد ما يكون، خصوصا أمامنا مشاريع وتوجهات تنموية كبيرة، وإقليم كوردستان لن يكون بعيدا عن هذه المشاريع والتوجهات التنموية، وهنا اتحدث عن مجموعة مشاريع ستنطلق في العراق.
 
رووداو: هناك اعتقاد في الأوساط الشعبية بأن بغداد تعمل على إضعاف كيان موجود داخل العراق اسمه إقليم كوردستان.. ما هو ردكم؟

فادي الشمري: هذا حديث سمعناه من الطرفين، وهو ليس وليد اللحظة. منذ سنوات نسمع أن كوردستان تعمل على إضعاف بغداد لكي تكون بديلا مع العالم الخارجي، وبالمقابل هناك كلام داخل إقليم كوردستان أيضا نسمعه، بأن بغداد تعمل على إضعاف إقليم كوردستان سواء كان في المفاعيل الداخلية أو الإقليمية أو الدولية، وبالحقيقة هذا الحديث في المسار الحكومي غير صحيح، وحتى في المسارات السياسية. بتقديري لا ترقى إلى أن تكون حقيقة فاعلة، تؤثر وتتأثر، ويبقى ذلك في إطار السجال السياسي. مصلحة بغداد أن يكون إقليم كوردستان مستقرا ومتصالحا مع ذاته وعلاقته مميزة مع جيرانه من المحافظات سواء كانت حياتيا أو سياسيا أو اقتصاديا، ومشاريع وتنمية، وبالتأكيد يجب أن تكون علاقته مميزة مع بغداد فهي الخيمة التي يستضل بها الجميع، وأي ضرر يصيب إقليم كوردستان ينعكس على الساحة والواقع الأمني في العراق، وبالعكس أي نقطة يجري فيها بالعراق، كما حدث في المحافظات الغربية والشمالية عندما دخل داعش، لم تتأثر فقط محافظات نينوى وصلاح الدين والأنبار وكركوك، فالعالم كله تأثر؛ فكيفما بالتماس الجغرافي سواء كان في إقليم كوردستان أو محافظات الوسط والجنوب وهناك دماء والكثير من الأشياء التي سفكت وضحت من أجل استعادة الأرض، سواء كانت عربية أو كوردية، كما هناك أثمان دفعت من قبل الجميع نتيجة هذا التراخي والاختلاف السياسي وإلى آخره.

رووداو: في الأشهر الأخيرة الماضية كان هناك فكرة وجهد لفتح ممثلية للحكومة الفدرالية في أربيل من أجل تعميق التعاون بين الحكومتين.. إلى أين وصلت؟

فادي الشمري: ليس لدي تفاصيل حول إذا ما كان هذا الشمروع قائما، على الأقل أنا لم اتابع هذا المعنى، لكن الحكومة تبحث عن أي آلية تمكنها من أن تكون العلاقة بين بغداد وأربيل، وبغداد وكل المحافظات العراقية، علاقة تكاملية وودية وتضامنية. والتجربة أثبتت أن متى ما كنا قريبين بعضنا إلى البعض، وننشئ علاقة حميمية وتكون هناك كيمياء تترتب حتى ما بين القيادات، هذا يحل الكثير من الإشكالات. اليوم في ضوء العلاقة المميزة ما بين السوداني، والأخ مسعود بارزاني، حتى عندما تكون هناك إشكاليات في المساحات الأخرى، سواء مع كاك مسعود أو كاك نيجيرفان، أو مع بقية القيادات في إقليم كوردستان، هذا يحل، لأن هذا الطرف يميل على نفسه مرة، ومرة أخرى يميل الطرف الثاني من أجل الوصول إلى الحلول.
 
رووداو: كان هناك ملفين قانونين أساسيين في المنهاج الحكومي لرئيس الوزراء لكنهما بصبغة سياسية وهما قانون النفط والغاز والمحكمة الاتحادية.. متى نرى إرسال مقترح تعديل لهذه القوانين إلى البرلمان من قبل الحكومة؟

فادي الشمري: كما نعرف أن قانون النفط والغاز بدأ الحديث فيه منذ عام 2008 والتنظير والتنضيج، وكانت هناك فرص لتمريره وأن نحل كل هذه المشكلات وننتهي منها، لكن المعرقل الأول فيه كانت القوى الكوردية، وعندما تمكنت نوعا ما في بعض المساحات السياسية كان المعرقل فيه أطراف أخرى. الآن هناك رغبة من قبل الطرفين بأنه هذا هو الأمر انتهى، وإذا أردنا الحلول العميقة والجذرية، يجب أن نذهب باتجاه حل هذا الموضوع وسن القانون، لكن حكومة السوداني لا تمتلك عصى سحرية، ولا تستطيع لوحدها أن تمرر قانون كبير وفيه تراكمات أكثر من 15 عاما، فهي بحاجة إلى توافق سياسي وبيئة سياسية هادئة بعيدا عن التشنجات والاستعراضات وتدوير الزاوية من هذا الطرف أو ذاك، وطبعا هذه أيضا قضية تضامنية وبحاجة إلى خطوة من قبل إقليم كوردستان، والأحزاب الكوردية، بأن تقدم خطوة باتجاه القوى السياسية الأخرى داخل مجلس النواب، وتصنع بيئة من التفاهم. 
 
رووداو: إذن لم تتوفر البيئة المناسبة حتى الآن؟

فادي الشمري: اعتقد أن البيئة إلى الآن لم تتوفر بالمعنى المقبول. نحن حريصيين بأن يقر هذا القانون في ظل حكومة السوداني، ونعتقد أن هذا سيشكل حلا لكثير من الإشكاليات، لكن الآن إذا ما تم وضعه (القانون) في ساحة مجلس النواب، سيكون عرضة للتقطيع والاستعراض والهجوم والتسقيط، وبالنتيجة يفقد القانون قيمته والهدف الأساسي الذي يراد منه بأن يكون قانون حل. لدينا خشية من أن يتحول القانون نتيجة التنافر السياسي والتضاربات السياسية إلى "قانون مشكلة"، لذلك بالحقيقة نحن نريد التأني في القانون، كما نريد أن نخطو في هذا الاتجاه، لكنه بحاجة إلى خطوات من إقليم كوردستان أولا، وأيضا من القوى السياسية الأخرى في البلاد.
 
رووداو: نعتقد أن العراق بحاجة إلى إعمار وإذا ما نظرنا إلى المنهاج الوزاري لرئيس الوزراء كانت الخدمات والإعمار هي الأهم.. ما المتوقع من ما تبقى خلال عام وثمانية أشهر من عمر الحكومة؟

فادي الشمري: استطيع القول بثقة، إن هذه الحكومة ستمثل مصداق لحكومة الخدمات، ومصداق لموضوع حكومة النهضة العمرانية. هناك مشاريع كبيرة أطلقت، ومشاريع في طور الإطلاق، ومشاريع تنتظر دورها على جدول الأعمل لكي تنطلق، وميزة هذه المشاريع أن بعضها استراتيجي وتحل كثير من المشكلات التي يعاني منها المواطنين في مختلف المساحات، في المحافظات الجنوبية، والفرات الأوسط، وبغداد العاصمة، وأيضا المحافظات الغربية والشمالية، وبمختلف القطاعات. اليوم لدينا انطلاقة كبيرة في قطاع الصحة، نحن مقبلين في هذه السنة -على الأقل-  على افتتاح أكثر من 15 مستشفى جديدة كانت متوقفة منذ عام  2011 أو 2015 حسب المشاريع، وكلها مشاريع كبيرة ومستشفيات كبيرة، والأسلوب الذي سنتخذه هذه المرة، لا أن نفتتح المستشفى وانتهى، بل لدينا خارطة طريق بأن تكون هذه المستشفيات مميزة، وبإدارات لشركات عالمية مختصة، وبدلا عن ما كان مواطنينا العراقيون يذهبون إلى دول الجوار لغرض العلاج، هو يستطيع أن يرى ما يوفر له الاطمئنان والاختصاص المناسب للعلاج. وأيضا في قطاعات أخرى ، مثل ملف الكهرباء؛ عانينا في العراق منذ 15 عاما وحتى منذ عهد نظام صدام حسين "المقبور"، بأنه لدينا مشكلة كبيرة، فمنظومة النقل والتوزيع انتهى عمرها الافتراضي منذ عام 2000 لدينا. بالمقابل نمتلك خطة طموحة وواسعة أطلقنها من خلال الاتفاق مع شركتي "جنرال ألكترك، وسيمنز"، وأيضا مع الشركات الأجنبية الأخرى، والشركات المحلية، وهناك ثورة عمرانية كبيرة في مجال تطوير ملف الكهرباء، سواء كان على مستوى قطاع الإنتاج أو التوزيع أو النقل. أيضا هناك انطلاقة كبيرة لم يشهدها العراق منذ 50 سنة تقريبا في ملف المشاريع والطرق والاختناقات المرورية سواء كان في العاصمة، أو على مستوى المشاريع الاستراتيجية مثل الطرق السريعة ما بين المحافظات، فالكثير من طرق العراق الحالية، هي نتاج مجلس الإعمار الذي تكون في الفترة الملكية، ونفذت في فترة الستينات والسبعينات ومنتصف الثمانينات، ومنذ عام 1986 توقفت المشاريع الكبرى الحقيقة، واليوم انطلقت هذه المشاريع من أوسع أبوبها، بخطة واضحة وطموحة وصريحة، وخصصت لها الأموال، والشركات التي تعمل فيها، هي شركات عالمية لها باع طويل في هذا الإطار. طبعا المشروع الحلم الأكبر، والذي نعتقد سيكون طفرة نوعية كبيرة، هو مشروع "طريق التنمية"، فهو ليس معني في المساحة الجغرافية التي يمثلها البلد فقط، بل هو مشروع عالمي ينقل التجارة من الشمال إلى الجنوب ومن الشرق إلى الغرب وبالعكس، ومن العالم الجديد إلى العالم القديم وبالعكس، وهذا المشروع الكبير سيكون غرب العراق، بما يعني أننا نتحدث عن بناء عراق جديد في غرب العراق، بعد ما طالما كانت هذه المنطقة صحراوية تمثل تهديدا لا سيما في السنوات الأخيرة، حيث كانت ساحة للجماعات الإرهابية، غير أننا اليوم نتحدث على أن تتحول إلى ساحة للصراع الاقتصادي والنفوذ الاقتصادي، وأيضا هذا سيكون له انعكاسات على محافظات الوسط والجنوب والعاصمة والمحافظات الغربية وأيضا محافظات إقليم كوردستان، إذ أن هذا سيفجر التجارة الداخلية في العراق، والتجارة الدولية التي ستمر كلها بمنفذ العراق، وهنا عندما نتحدث عن "طريق التنمية"، لا بد أن نتحدث عن مشروع ميناء الفاو، والذي كانت نسب الإنجاز فيه عندما استلمنا الحكومة 28%، غير أننا اليوم نتحدث عن نسب إنجاز بأكثر من 79%، وهذه الطفرة في الإنجاز، لما كانت أن تكون لو لا المتابعة والتدقيق ولجان يومية معني بها رئيس الوزراء بشكل شخصي، وفريق مكتبه في المتابعة. بتقديرنا أن هذه السنة والسنة القادمة، ستشهد عامين استثنائيين في تاريخ العراق منذ 50 عاما في افتتاح المشاريع الكبرى والمتوسطة، وحتى بعض المشاريع الاستراتيجية، وكل المحافظات سيكون لها نصيب في ذلك، من الموصل التي سنشهد افتتاح مطارها ومحطاتها وشوراعها وجسورها ومحطات المجاري ومياه الكهرباء التي تنفذ الآن، ونزولا إلى محافظات كركوك التي فيها الكثير من المشاريع التي تستحق منا أن نقف جميعا إلى هذه المدينة التي تمثل الفسيفساء العراقي، ومن ثم إلى صلاح الدين وديالى والأنبار، وبالطبع العامصة بغداد التي كانت متأخرة ولم تولى الاهتمام المناسب منذ 15 عاما، أو على الأقل منذ 40 عاما كما استطيع القول. الآن تشهد أكبر انطلاقة لمختلف القطاعات فيها، ففي قطاع الصحة سنفتتح 6 مستشفيات في العاصمة في غضون 6 أشهر،  وفي قطاع الجسور والاختناقات المرورية أكثر من 25 مشروعا، وأيضا في مجال قطاعات أمانة بغداد وتطوير المناطق والبلديات هناك أكثر من 190 مشروعا، فهي تشهد نهضة عمرانية كبيرة، وبالتأكيد هناك تحديات ومعرقلات، لكن بفضل متابعة رئيس الوزراء وفريقه والمؤسسات والمعنين، نرى أن بعض نسب الإنجاز في وقتها المحدد، وبعضها يسبق وقتها المحدد.
 
رووداو: الحكومة العراقية تتحدث عن إنهاء وجود التحالف الدولي بالاتفاق لكن وزارة الدفاع الأميركية لا تتحدث عن هذا الشيء وتتحدث عن إعادة صياغة العلاقة ودور التحالف الدولي في البلاد.. هل العراق مصر على إخراج القوات الأجنبية من أراضيه؟

فادي الشمري: العراق عبر عن موقفه بكل وضوح وشفافية وصراحة، بأننا لسنا بحاجة إلى قوات عسكرية على الأرض. لدينا العدة والعدد واستطعنا أن نعيد هيلكة قواتنا المسلحة. نحن ماضون في عملية الإصلاح الداخلي لمؤسساتنا، وهناك لجان تعمل ليلا ونهارا في هذا الاتجاه، ولذلك نرى أن مهمة التحالف الدولي التي كانت لمواجهة داعش، والأخير قد انتهى، كما أننا قادرين على مواجهة الثغرات التي قد تحصل هنا وهناك لبعض جيوب الإرهاب، لاسيما وأننا نعالجها بشكل يوم ولم نتوقف، وهذه المعالجات بحاجة إلى معالجات ميداينة، ونعم بحاجة إلى غطاءات جوية واستخبارية، وهذا يتحول ويتكون من خلال الانتقال مع تحالف واحد إلى علاقات واتفاقات وتفاهمات ثنائية مع دول التحالف.
 
رووداو: دون وجود لقوات مسلحة على الأرض؟

فادي الشمري: دون وجود قوات ملسحة على الأرض، ووجودها يعني بقاء "اللا استقرار قائم في العراق"، واثبتت التجربة أن عدم استقرار العراق، يؤدي إلى انفجارات أو توترات في المنطقة، بالتالي ما يحدث في المنطقة يؤثر على العالم، لذلك نحن نريد أن ننتقل من العلاقة الأمنية العسكرية مع دول التحالف الدولي، بعنوانها كـ "بكج"، إلى علاقة ثنائية في الإطار السياسي والاقتصادي والأمني والتعليمي والتكنولوجي والثقافة في بعض الأحيان.
 
رووداو: التحالف الدولي ضد داعش تشكل بقرار من مجلس الأمن الدولي.. هل سيحتاج أيضا إلى قرار من مجلس الأمن للانسحاب من العراق؟

فادي الشمري: لا. هو مبني على أساس تفاهمات، وبدأنا الحوار مع الولايات المتحدة الأميركية، على اعتبار أنها تقود هذا التحالف، وهناك استعداد حتى من بقة الدول وهي تساندنا نوعا ما بشكل أو بآخر في هذا المنحى، ونعتقد أن التحالف الدولي خرج عن مهامه في بعض الأحيان، لذلك الاعتداءات التي حصلت في مختلف الأزمان، خصوصا الاعتداءات الأخيرة، التي راح ضحيتها ناس أبرياء ليس لهم ذنب في طبيعة الصراع الذي يجري في المنطقة، وبالتأكيد هذا مؤشرا على أن التحالف خرج عن مهامه ويجب أن يعود إلى طاولة التفاهم، حتى نذهب باتجاه تنفيذ الرغبة العراقية بأن يخرج، ولكن بمساحة من الاتفاق والتفاهم والمودة. نحن لا نريد أن ندخل بصناعة مشكلات جديدة، العراق يريد أن يدخل ساحة التنمية والاستقرار، ولكي يتحقق ذلك يجب أن تكون لدينا مساحة من التفاهم الجيد.
 
رووداو: في آخر بيان لتحالف إدارة الدولة يتحدث عن إنهاء دور التحالف الدولي ضمن اتفاق ويرفض الهجوم ضد قوات التحالف بما أنها موجودة بطلب من العراق لكن وجود جماعات مسلحة خارجة عن القانون وصفها رئيس الوزراء بالإرهابية.. ألا يمكن أن يسبب حرجا للحكومة العراقية أمام هذه الدول بحيث يمكن لها أن تقول للحكومة العراقية إنكم واقعيا لا تستطيعون السيطرة على العراق كما تدعون بما أنه لا يمكنكم السيطرة على الجماعات المسلحة وهجماتهم على الأرض؟

فادي الشمري: لكل فعل ردة فعل. بالنتيجة ما يحدث في غزة والمنطقة من توترات وتصعيد كبير، بالتأكيد يلقي بظلاله على كل دول المنطقة، ونرى ما يحدث سواء كان في وسوريا أو اليمن أو فلسطين، والعراق بالتأكيد جزء من هذه المساحة الكبيرة. العراق فيه تعقيد سياسي وحتى في طبيعة النسيج السياسي داخل المكونات أي على مستوى المكون الواحد، كما هو موجود  مثلا في إقليم كوردستان،  اليوم نشهد اختلاف في وجهات النظر وقد يصل في بعض الأحيان لأن يكون صراع سياسي محتدم ما بين حزبين كبيرين مثل "البارتي، واليكتي"، ونحاول قدر الاستطاعة أن نحل ونفكك هذا الاحتدام، في نفس الوقت أيضا هناك اختلاف في وجهات النظر داخل البيوتات السياسية الأخرى، ومنها البيت السياسي الشيعي، هناك قوى تعتقد أن وجود قوات أجنبية هي قوات احتلال، وبالنتيجة هي لديها وجهة نظر في طبيعة مواجهة هذه القوات، والحكومة تعتقد أن معالجة هذا الملف هو من اختصاصها، والغطاءات التي يجب أن تكون في إطارها النقاش هو الإطار السياسي، هو المطبخ السياسي، أي البيت السياسي الذي يتمثل بالإطار التنسيقي وأيضا بائتلاف إدارة الدولة، باعتبار أن مثل هكذا قرار بحاجة إلى غطاءات وطنية.
 
رووداو: وسط هذا أين مكان أو مستوى خط الدولة واللا دولة في العراق؟

فادي الشمري: الحكومة ورثت مشكلات وتعقيدات، وحل هذا التداخل حتى في المصطلحات، لا يأتي بضغطة زر، فهو بحاجة إلى إجراءات وآليات ووقت، بوصفنا حكومة لدينا خارطة طريق في سحب السلاح من المجتمع، فهناك عسكرة واضحة في المجتمع، اليوم إذا ما دخلت أي منزل ستجد أنواع قطع السلاح، وهذه جاءت نتيجة المتغيرات الأمنية التي مرت على العراق، منذ ما قبل عام 2003 وما بعدها، بالتالي هذه لا تأتي بسهولة فهي بحاجة إلى وقت، ولدينا خارطة طريق لسحب السلاح، وسحب المفهوم العسكري من المجتمع، يبدأ من عملية انتقال الملفات الأمنية في المحافظات من القوات المسلحة إلى وزارة الأمن الداخلي، المعنية بها وزارة الداخلية، وتمكنا أن ننجح في انتقال 3 محافظات، ثم الآن 3 محافظات أخرى، ونحن الآن أمام 6 محافظلات استلمت أو في طور استلام الملف الأمني من قبل قوات الداخلية، وعندما نذهب تجاه كل المحافظات والقوات العسكرية سواء كان جيش أو قوات الشرطة الاتحادية، أو جهاز مكافحة الإرهاب، أو الحشد، عندما يخرجون من داخل المدن ويذهبون إلى معسكراتهم النظامية يستقرون  فيها، سيكون مظهر المنتسبين عند نزولهم في إجازتهم، لا تكون الأسلحة في يدهم، ستكون هناك مخازن للسلاح في معسكراتهم، وهذه كلها إجراءات تتداخل وتتضامن وتتكامل مع بعضها البعض، إذ لا يمكن فصل هذا الملف عن الملف الثاني. ومن جانب ثان، هناك جماعات تعلن بشكل واضح وصريح أنها ستسلم السلاح إلى الدولة عندما تخرج هذه القوات التي تعتدي عليها وتهاجمها، بالمقابل أنا كحكومة أريد أن اسحب المبررات لأن هذه الجماعات لم تأتي من المريخ، هي أيضا لها حاضنات شعبية، والحكومة لا تريد أن تدخل باتجاه صراعات ثانوية وجانبية، لاسيما وأنها قادرة من خلال الحوار السياسي أن تذهب باتجاه الحل الهادئ والقدير.
 
رووداو: المنطقة كلها اختلفت بعد الـ7 من تشرين الأول الماضي التاريخ الذي مثل لحظة اندلاع الحرب على غزة.. هل تمكنت الحكومة العراقية من منع انجرار العراق إلى شرارة الحرب؟ ألا تعتقد أن العراق أصبح باحة خلفية لهذه الحرب؟

فادي الشمري: لولا قوة الحكومة وصلابتها لكنا الآن نشهد العراق ساحة صراع مفتوحة الآفاق ومفتوحة أوجه الصراع والصراع المضاد، بالتالي بحكمة الحكومة وقوتها وبحاضنتها السياسية، استطاعت أن تفكك الكثير والكثير من الملفات، والكثير من التشنجات، وأن تقنع الكثير من القوى في الذهاب باتجاه أن يكون المسار والحوار والمقاومة سياسية هو المسار الذي يجب أن يمضي فيه العراق، لتجنيب المنطقة والعراق بشكل خاص تداعيات ما يجري في فلسطين، لكن الشعب العراقي بالعموم والحاضرة الذهنية حتى لرئيس الوزراء، بأنه لا يمكنه أن ينفك أو ينسلخ عنما يجري في فلسطين من اعتداءات وجرائم إنسانية تقوم بها آلة الحرب الإسرائيلية الغاصبة. أنا لا استطيع أن أرى النساء والأطفال والرجال أن يقتلوا ويجري ما يجري في المستشفيات، وأبقى متفرجا ومطأطأ الرأس ولا أفعل شيئا. أنا معني بأن أقوم بكل شيء بإمكانه أن يخفف عن أهلي وناسي في فلسطين، وفي نفس الوقت أعمل على تحسين وضعي الداخلي وأحميه من أن يكون ساحة لصراع إقليميى ودولي، كما أن الرسائل التي ذهبت إلى طهران وواشنطن، وأنقرة وكل دول الجوار، بأننا قادرين على أن نقوم بفعل سياسي، بحكم علاقتنا المميزة مع متناقضاتنا الإقليمية والدولية، ونحن نريد أن نلعب هذا الدور؛ افسحوا لنا المجال وتعالوا معنا لنذهب في اتجاه على الأقل أن نصنع بيئة للتفاهم والتسوية لما يحدث في فلسطين، لكن بعض هذه الدول لم تساعد صانعي القرار في بغداد على الذهاب باتجاه هذه الخطوة، ولكن في الأخير سنذهب على الأقل بأن تكون بغداد واحدة من مفاتيح الحلول التي يمكن أن تصل فيها التسويات. طبعا حديثنا مع العالم والمنظمات الإنسانية الدولية وشركاءنا الأوروبين، وهنا اتحدث عن إسبانيا وألمانيا وفرنسا، وأيضا حديثنا الواضح والمباشر مع شركاءنا في واشنطن، بأنهم يتحملون جزءا كبيرا مما يحدث، وعليهم الآن أن يبادروا بوضع مسارات تسوية شاملة. نسمع الآن عن مفاوضات كبيرة تجري لعله في باريس بشراكة بعض دول الإقليم، ونحن نسعد  ونحث ونتبادل الأفكار مع هذه الدول للذهاب باتجاه مجموعة خطوات تؤدي في النهاية إلى تسوية شاملة تجنب المنطقة الحرب التي يراد لها أن تذهب فيه.
 

تعليقات

علق كضيف أو قم بتسجيل الدخول لمداخلات أكثر

أضف تعليقاً

النص المطلوب
النص المطلوب
 

آخر الأخبار

 وزير التخطيط العراقي السابق نوري الدليمي

وزير عراقي سابق لرووداو: العراق مقبل على تغيير سياسي

أكد وزير التخطيط العراقي السابق نوري الدليمي، أن أحداث السابع من تشرين الأول 2023 تركت أثرًا كبيرًا، وغيرت الخرائط السياسية، مما خلق تفاهمات وتحالفات وتوجهات جديدة في الشرق الأوسط عمومًا، وفي العراق الذي يقع في "قلب العاصفة"، مما يؤهله لتغيير في المعادلة السياسية.