رووداو ديجيتال
رغم مرور 21 سنة على سقوط النظام العراقي السابق، الا أن العديد من الكورد الفيليين لم يحصلوا لحد الآن على تعويضات أبنائهم الذين قام النظام السابق باعدامهم أو سجنهم أو إجراء التجارب الكيمياوية عليهم أو مصادرة أموالهم المنقولة وغير المنقولة.
الإبادة الجماعية للكورد الفيليين في العراق بدأت على عدة مراحل، من النظام الملكي إلى نظام البعث، فبعد عام 1980، ووفقاً لمرسوم حزب البعث رقم 666، طُرد الفيليون من منازلهم وحرموا من جميع ممتلكاتهم، وصودرت عقاراتهم وأموالهم المنقولة وغير المنقولة، وأعدم آلاف الشباب منهم.
محكمة الجنايات العليا العراقية، كانت قد أصدرت حكمها في العام 2010 بشأن جرائم التهجير والتغييب ومصادرة حقوق الكورد الفيليين، وعدتها من جرائم الإبادة الجماعية.
بحسب احصائيات رسمية في مؤسسات الدولة العراقية، فإن عدد الشهداء المسجلين رسمياً بشكل عام في مؤسسة الشهداء يبلغ نحو 60 ألفاً، يشكل الكورد الفيليون ربع هذا الرقم.
مصادرة مليارات الدولارات
بهذا الصدد، يقول المدير العام في مؤسسة الشهداء طارق المندلاوي، لشبكة رووداو الاعلامية إنه "ليست هنالك أرقام دقيقة على حصول الكورد الفيليين على تعويضات لأبنائهم الشهداء"، مبيناً أن "النظام الدكتاتوري المباد استهدف أكثر من قضية فيما يخص الكورد الفيليين، منها قضية مصادرة الأموال المنقولة وغير المنقولة، ولم يكتفي بذلك، بل وبحسب الاحصائيات المذكورة بشكل تقريبي على أن حجم هذه الأموال تقدر بمليارات الدولارات".
وبيّن طارق المندلاوي أن "النظام السابق استخدم هذه الأموال لصالحه، والتي هي عبارة عن عقارات سكنية وتجارية وأرصدة مالية في البنوك العراقية والمقتنيات الذهبية ومئات المحال التجارية، لاسيما اذا علمنا أن الكورد الفيليين هم تجار العراق وخصوصاً في الاسواق التجارية المهمة مثل سوق الشورجة وسط بغداد".
ولفت الى أنه "تم حصر التجار من الكورد الفيليين في غرفة تجارة بغداد عندما استدعي الكثير منهم، وتم اقتيادهم الى دهاليز السجون للنظام البعثي، حيث تم اعدام البعض منهم، فيما تم تهجير الباقي منهم قسراً الى ايران".
إعدام شباب الكورد الفيليين على وجبات
"كذلك قام النظام السابق باعتقال أكثر من 22 ألف شاب واقتيادهم الى سجون أبو غريب والشعبة الخامسة والشعبة رقم 1 والأمن العامة ونكرة السلمان وسجون أخرى، كانت تمتلأ بشباب الكورد الفيليين عندما تم تهجير ذويهم الى ايران"، وفقاً لطارق المندلاوي، الذي نوّه الى "احتجاز هؤلاء الشباب لسنوات طويلة وخاصة في سجن نكرة السلمان، عندما أعدم العديد منهم على شكل وجبات، حيث كان النظام السابق يقتادهم ليلاً في صحراء السماوة ويتم حفر مقابر جماعية لهم وقتلهم بدم بارد".
وشدد على أن "النظام السابق كان يمارس أبشع أنواع الإجرام بحق الكورد الفيليين، حتى أنه قام بمصادرة أرصدتهم الموجودة خارج العراق، من خلال متابعة من قبل أجهزته القمعية وخصوصاً جهاز المخابرات".
وأكد المدير العام في مؤسسة الشهداء على أن "هنالك العديد من الكورد الفيليين لم ينالوا استحقاقاتهم المالية أو التعويضات التي نص الدستور العراقي في المادة 132 منه على أن تكفل الدولة برعاية ذوي الشهداء والسجناء السياسيين والمتضررين من الممارسات التعسفية للنظام الدكتاتوري المباد".
"تعويضات لا تسد الرمق"
وأوضح المندلاوي أن "هؤلاء لم ينالوا استحقاقاتهم في مؤسسات العدالة الانتقالية ومنها مؤسسة الشهداء ومؤسسة السجناء السياسيين، فضلاً عن القوانين التي تم تشريعها بعد سقوط النظام الدكتاتوري المباد، منها قانون هيئة دعاوى الملكية، حيث لازال الكورد الفيليون يذهبون الى المحاكم والى هيئة دعاوى الملكية منذ سقوط النظام ولحد الآن ويتم دفع هذه التعويضات على شكل دفعات قليلة جداً لا تسد الرمق".
وتطرق أيضاً الى "تعويضات السجناء والمعتقلين، حيث لم يوصفوا للأسف الشديد من خلال قوانين مؤسسة السجناء السياسيين ولم يحتسب العديد منهم سجناء أو معتقلين"، واصفاً ما يجري بحقهم أنه "حيف طال أبناء الكورد الفيليين".
تسجيل 15 ألف شهيد فيلي لحد الآن
وأضاف طارق المندلاوي أن "عدد الشهداء المسجلين رسمياً أكثر من 15 ألف شهيد كوردي فيلي، من أصل 60 ألف شهيد عراقي مسجلين في مؤسسة الشهداء السياسيين لشهداء جرائم حزب البعث، أي أن ربع هؤلاء من الكورد الفيليين".
وشدد على أن "النظام الدكتاتوري المباد أراد أن يمحو هوية الكورد الفيليين من خلال الاعتقالات العشوائية والتهجير القسري ومصادرة الأموال المنقولة وغير المنقولة فضلاً عن إسقاط الجنسية عنهم، كما أراد إبادة هذا الشعب إبادة كاملة من خلال إلقاء الالاف منهم في حقول الألغام على الحدود بين العراق وإيران، وكان أغلبهم حفاة لا يمتلكون شيئاً".
إجراء تجارب كيمياوية على شباب الكورد الفيليين
كما قال طارق المندلاوي أن "هنالك عمليات قتل جماعي طالتهم في الحدود بين العراق وإيران، وألقي الشاب منهم في حقول الألغام عبر المروحيات، وكانت هنالك تجارب كيمياية على شباب الكورد الفيليين عندما كان يستخدم هذه الأسلحة المحرمة دولياً ضد ايران، فكان يختبر هذه الأسلحة على شباب الكورد الفيليين، وهنالك شواهد وأدلة على ذلك من خلال قتل هؤلاء الشباب، ومن ثم احتسبهم النظام المباد على أساس أنهم شهداء حرب القادسية، والوثائق أشارت بشكل واضح وصريح بهذا الصدد، ولدينا هذه الوثائق موجودة لدى مؤسسة الشهداء".
بخصوص التعويضات المالية، بيّن طارق المندلاوي أن "حجم الجريمة كبير جداً بحق الكورد الفيليين، ولا يمكن إحصاء حجم الأموال التي تم تعويضهم اياها بشكل دقيق، كما لا يمكن إحصاء حجم الأموال المتبقية وهي كثيرة جداً بذمة الدولة العراقية"، مشيراً الى أن "هنالك قلة في حجم هذه التعويضات واجراءات إعادة الجنسية وغيرها من الاشكالات والقوانين الموجودة، وهو ما يؤسف له".
"شهداء لكنهم أحياء بسجلات النفوس"
كما تطرق الى أن "الكثير منهم مغيبون لم يتم تسجيلهم، وتم تشكيل لجنة في مؤسسة الشهداء من قبل مجلس القضاء ومكتب رئيس الوزراء برئاستي، وتم بدء إحصاء هذه الأعداد وتم إصدار حجة الوفاة لهم من أجل ترويج معاملاتهم في مؤسسة الشهداء، لكون هؤلاء لازالوا أحياء في سجلات النفوس، ويجب أن يكون هنالك إصدار حجة وفاة لهم، وبعد ذلك يتم ترويج معاملاتهم عبر قنوات مؤسسة الشهداء من أجل احتسابهم كشهداء".
أما بشأن مبالغ التعويضات، أوضح طارق المندلاوي أن "تعويضات الفصل السياسي وبدل سكن ورواتب متراكمة وغيرها تتم بموجب قانون مؤسسة الشهداء رقم 2 لسنة 2016، حيث يتم تعويض ذوي الشهيد الواحد كبدل سكن من خلال منحه مبلغاً قدره 83 مليون دينار، واذا كان في العائلة الواحدة شهيدان يتم احتساب الشهيد الثاني بنصف هذا المبلغ مضافاً الى المبلغ الاول، أي نحو 124 مليون دينار، والشهيد الثالث 166 مليون تدريجياً وهكذا".
يشار الى أن قانون الجنسية العراقية رقم 26 الصادر عام 2006، تشير المادة 17 منه الى اعادة الجنسية العراقية والغاء قرار رقم 666 الصادر عن مجلس قيادة الثورة المنحل، والذي تسبب بتهجير الكورد الفيليين.
تعليقات
علق كضيف أو قم بتسجيل الدخول لمداخلات أكثر
أضف تعليقاً