رووداو ديجيتال
عثرت عائلة من مدينة عامودا في كوردستان سوريا، على صورة لفرد من عائلتها، بين الصور التي تم تسريبها من قبل قيصر لمن قضوا تحت التعذيب في سجن صيدنايا السوري.
وتعود الصورة للمواطن الكوردي محمد رشو، والذي تم اعتقاله عام 2013، وهو من مواليد 1972، أب لـ7 أطفال، وكان يعمل في دمشق منذ كان يافعاً، حيث أعاد عائلته لمدينته الأم عامودا عام 2013، ليعود هو إلى دمشق، من ثم يختفي نهائياً، في شهر حزيران عام 2013، ولم تكن عائلته قد علمت باعتقاله.
وقال ديبو رشو، أخو المتوفى محمد رشو، لشبكة رووداو الإعلامية، "لم يكن أخي يتدخل في السياسة، ولا كان يتفوه بأي كلام عن الحكومة، كان ملتزماً بعمله، وكان رجلاً متديناً".
يذكر أن قيصر لقب أطلق على عسكري سوري سابق انشق عن الحكومة السورية، وسرّب عشرات آلاف الصور لضحايا التعذيب من المدنيين السوريين، اعتمدت عليها لجنة التحقيق الدولية المكلفة ببحث جرائم الحرب في سوريا لإثبات وقوع فظاعات على يد الحكومة السورية.
وعمل "القيصر" مجنداً بالجيش السوري مكلفا بالتقاط صور في الإماكن التي جرت فيها جرائم مدنية، ومنذ اندلاع الثورة السورية في مارس/آذار 2011، كلف بتصوير جثث المدنيين من ضحايا التعذيب والقتل على يد قوات الجيش السوري.
لكن كانت "للقيصر" كلمة أخرى، إذ عمل على تسريب عشرات الآلاف من صور القتلى من ضحايا التعذيب الذي تقوم به الأفرع الأمنية للحكومة السورية، تفضح ما يجري داخل السجون، وتسلط الضوء على ما وصفت بأنها من أكبر الفظاعات التي عرفتها البشرية في تاريخها.
البداية كانت بعيد اندلاع الثورة السورية، حيث يحكي "القيصر" أن عمليات القتل بدأت خلال مظاهرات درعا السلمية، إذ نقلت إليهم الأجهزة الأمنية نحو 45 من جثث المتظاهرين السلميين إلى داخل المستشفى العسكري المعروف باسم 601، وقيل إنها جثث "المندسين" من درعا، وبعدها بدأت الأعداد في ازدياد مهول امتلأت معه ثلاجات حفظ الموتى في وقت قياسي، الأمر الذي دفع المسؤولين إلى إلقاء الجثث في أماكن مختلفة، بينها مواقف السيارات.
وبحسب القيصر، فكل جثة مكتوب عليها رقم التوقيف والفرع الأمني الذي اعتقله، وبعدها بثلاثة أيام أو أربعة يأتي الطبيب الشرعي لمعاينة الجثث التي تركت في العراء عرضة للقوارض والحشرات. وبعد أن يكبر العدد ويتجاوز المئتين أو الثلاثمئة، يتم جمعها وأخذها إلى أماكن مجهولة.
وبحسب القيصر، فإنه لا تُجمع سوى الجثث التي يأمر الطبيب الشرعي بجمعها بعد مراجعات بياناتها، بينما تجمع المخابرات بقية الجثث.
وتبدو على جثث القتلى آثار التعذيب بالكهرباء والضرب المبرح، وتكسير العظام، والأمراض المختلفة وبينها الجرب، إلى جانب الغرغرينا والخنق.
وبين القتلى أطفال أعمارهم تترواح ما بين 12 و14 عاما، وشيوخ يتجاوز عمر بعضهم 70 عاما.
وحكى القيصر أن بعض الآراء تذهب في اتجاه أن الجثث التي يتم نقلها تدفن في مقابر جماعية، بينما أشارت إشاعات غير مؤكدة إلى أن جثثا كثيرة يتم إحراقها في فرن خاص.
ووصل عدد الصور المهربة إلى 55 ألف صورة، بمعدل أربع صور تحديداً لكل جثة.
القيصر شرح أن التقاط أجهزة النظام السوري صورا لجثث الضحايا كان بهدف إصدار وثيقة وفاة دون الحاجة إلى تبرير قانوني للعائلة، ثم التأكد من تنفيذ الضباط أوامر الإعدام التي صدرت لهم، وعدم إطلاق سراح أي معتقل لدى الأفرع الأمنية المختلفة.
وبحسب القيصر، فكل جثة تحمل رقما يحدد الفرع الأمني الذي اعتقله، والرقم الثاني يوضع على الجثة داخل المستشفى العسكري كنوع من التدليس على العائلات التي قد تعتقد أنه توفي بالمستشفى العسكري.
وعن قصة هروبه من سوريا، تشير الأنباء إلى أن قيصر خشي على سلامته الشخصية وسلامة أسرته بعد أن بعث بآلاف الصور إلى أحد معارفه الحقوقيين خارج سوريا، فقرر -بدعم من المعارضة السورية- الخروج من البلاد برفقة عائلته.
وفي وقت لاحق، نودي على "القيصر" بالكونغرس الأميركي حيث عرض الصور على لجنة العلاقات الخارجية، في حين تم تشكيل فريق تحقيق دولي لبحث جرائم الحرب المرتكبة في سوريا، تأكد من مصداقية الصور.
ووجه "القيصر" خطابه إلى الكونغرس قائلا "جئت لأوجه رسالة لكم: الرجاء أوقفوا القتل في سوريا"، وأضاف "هناك مذابح ترتكب والبلاد تدمر دون رحمة.. هناك عشرة آلاف ضحية لن يعودوا إلى الحياة، كانت لهم أحلام وطموحات وعائلات وأصدقاء، لكنهم قضوا في سجون الأسد.. السوريون يطالبونكم بفعل شيء مثلما فعلتم في يوغسلافيا السابقة".
وقد صادق مجلس النواب الأميركي في نوفمبر/تشرين الثاني 2016 بأغلبية ساحقة على مشروعي قانونين يفرض أحدهما إجراءات صارمة على داعمي النظام السوري، بينما جدد الآخر قانون العقوبات المفروضة على إيران منذ عقود، في انتظار أن يخطو الكونغرس الخطوة ذاتها، ليصادق بعدها أوباما على مشروع القانون.
واتهم نواب المجلس حكومة الرئيس السوري بشار الأسد بارتكاب جرائم حرب، بينما تشهد أعداد القتلى جراء العنف الدائر في البلاد زيادة مطردة. ووفقا لمشروع القانون الخاص بسوريا، فإن آلة الحرب الطاحنة المستمرة بعد نحو ست سنوات على اندلاع الثورة، أودت بحياة نحو نصف مليون شخص تقريبا.
ويهدف الإجراء -حسب بيان الكونغرس- إلى وقف المذبحة التي يتعرض لها الشعب السوري، وحمل التشريع الأميركي اسم "قانون قيصر لحماية المدنيين السوريين" نسبة لاسم "القيصر".
ترجمة وتحرير: شيرين كيلو
تعليقات
علق كضيف أو قم بتسجيل الدخول لمداخلات أكثر
أضف تعليقاً