ناجون كورد باليونان يروون لرووداو تفاصيل الغرق: كانت الجثث تطفو على الماء

23-06-2023
زنار شينو مع الناجيين علي وخالد وآخرين بجانبهم في اليونان
زنار شينو مع الناجيين علي وخالد وآخرين بجانبهم في اليونان
الكلمات الدالة اليونان الكورد كوباني ليبيا إيطاليا
A+ A-
رووداو ديجيتال  

التقى مراسل شبكة رووداو الإعلامية، زنار شينو، بخمسة ناجين كورد، جرى إنقاذهم من حادث القارب الغريق في السواحل اليونانية، وتحدثوا عن تفاصيل الرحلة من ليبيا إلى لحظة النجاة. 
 
وفقد أكثر من مئة شخص حياتهم في غرق قارب مكتظ بالمهاجرين قبالة السواحل اليونانية، فيما لا يزال غالبيتهم في عداد المفقودين، وأنقذ منهم القليل، حيث كان على متنه أكثر من 700 شخص بينهم سوريون ومصريون. 
 
أدناه نص حوار مراسل رووداو مع الناجين الكورد المقيمين في مخيم يوناني حالياً: 
 
رووداو: اليوم، انتهت الأوراق اللازمة لأولئك الناجين من القارب الغريق صبيحة يوم 14 الشهر الجاري.. الآن، خمسة من أولئك الناجين إضافة لشاب آخر وهو عربي سوري هنا معنا. 

علي، كان قد تحدث لرووداو وهو في المخيم. خالد ومحمود وثلاثتهم من كوباني والشاب الآخر صديقهم، انضم إليهم في المخيم. أحد الناجين يرغب في الظهور على التلفاز من أجل طمأنة ذويه وأهله ومعارفه. 

رغيان، اسم أرمني يحمله كوردي من كوباني وكذلك آزاد.. هؤلاء الشبان الخمسة من كوباني قد نجوا.

علي.. لا أعلم كيف أبدأ، كم شخص كنتم من كوباني؟ 

علي: كنا 11 شخصاً.  
 
رووداو: ومن هم الآخرون؟ وما مصيرهم؟

علي: أحدهم أخي والآخر ابن أختي وابن عمي وابن قريتي والإثنان الآخران صديقان لنا كانا معنا في ليبيا. 
 
رووداو: حين وقعت الحادثة، بات المشهد مشابهاً للآية القرآنية "يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ" كما حال يوم القيامة، هل التفتّ لأمر أخيك وابن أختك، ألم تعلم أين كانوا على متن القارب؟ 

علي: لا، انقلب القارب حوالي الساعة 2 ليلاً، وأنا ابتعدت عنهم ولم أشاهدهم، لم أر شيئاً سواء أكانوا أموات أم أحياء.. لم أر هذه اللحظات، كانت الساعة الثانية ليلاً.  
 
رووداو: كيف حدث الأمر علي، كل امرئ يتحدث بشكل مختلف عن الحدث، هناك من يقول إنهم سحبونا وجرّونا.. وآخرون يقولون إننا كنا ساكنين في مكاننا.. ناج مصري أخبرني إنه منذ أن ركبنا القارب لم يكن سالماً، الشاب قال إنه القارب لم يكن طبيعياً. 

علي: صحيح، قاربنا لم يكن طبيعياً لأنه كان يحمل على متنه 750 شخصاً ولم يكن يعمل، زعموا أن محركه معطل وغير ذلك.. في تلك الليلة قاموا بسحبنا، لا نعلم من قام بذلك، يعني أننا انقلبنا بعد الجرّ. 
 
رووداو: خالد، هل أنت سعيد لأنك لا زلت على قيد الحياة؟

خالد: أية سعادة!، الحمد لله، لكن لم تتبق لنا السعادة، لسنا سعداء لأننا فقدنا أصدقاءنا. 
 
رووداو: من بين الأصدقاء الذين كانوا برفقتكم، أخرجتم معاً من كوباني أم التقيتم في ليبيا؟ 

خالد: نعم أنا وعلي و5 شبان آخرين خرجنا سوياً من كوباني حتى ليبيا. 
 
رووداو: في أي يوم خرجتم من كوباني؟ 

خالد: لا أتذكر بالضبط، لكنه كان في الشهر الثاني أو الثالث، في الشهر الثالث.. 
 
رووداو: هل أقمتم طويلاً في لبنان وليبيا؟ 

خالد: نعم، بقينا طويلاً في لبنان، لما يقارب الشهرين وانتقلنا أخيراً إلى ليبيا وركبنا القارب وجئنا إلى هنا. 
 
رووداو: إذاً الأشخاص الآخرون من كوباني، التقيتم بهم في ليبيا، أي أولئك المفقودين الآن، لا يمكننا القول إنهم لا زالوا أحياء أم لا.. 

خالد: نعم، كلهم جاؤوا من كوباني، نعرفهم جميعاً. 
 
رووداو: ألم يسألوكم هنا قط، مثلاً علي شقيقك بين المفقودين، أن تجروا فحص DNA لمعرفة ما إذا كان ضمن المفقودين أم المختنقين؟ 

علي: قمنا بإجراء الفحص وأخبرونا أنهم سيردّون علينا وإلى الآن لم يقولوا شيئاً، نذكّرهم في كل مقابلة برغبتنا في معرفة مصيرهم إذا كانوا موتى أم ناجين، لكنهم لا يفعلون لنا شيئاً.. يقولون دائماً اليوم وغداً.. اليوم وغداً. 
 
رووداو: علي، كم يبلغ عمر شقيقك؟ 

علي: 21 عاماً.  
 
رووداو: وابن شقيقتك؟ 

علي: 14 عاماً.  
 
رووداو: 14 عاماً.. والأخرون هل تعلم أعمارهم؟ 

علي: عمْر أحمد 18 عاماً وديار 16 عاماً وحمي 18 عاماً وكاميران أيضاً 18 عاماً.  
 
رووداو: بقيتم لمدة 5-6 أيام في القارب، هل كنتم تعرفون أنكم الكورد الوحيدون في القارب أم كان هنالك كورد آخرون، لأنه يوجد 47 ناجياً يقولون إنهم يحملون الجنسية السورية، أم كنتم الكورد الوحيدين عليها؟ 

علي: لا أعلم، لم نجد كورداً غير هؤلاء الـ 11، لم يكن هنالك كورد في الطابق العلوي، كنا نحن فقط 11 شخصاً، أما إذا كان هنالك كورد في الطابق السفلي وغيره، لم نر أحداً.. لم يكن بمقدورنا التحرك. 
 
رووداو: خالد، ذاك القارب هل كان مكوناً من 3 طوابق أم طابقين فقط ؟ 

خالد: ثلاثة طوابق، نعم..
 
رووداو: الآن، مسؤول في وزارة الهجرة والمهجرين في اليونان صرح لنا بالقول يوجد جثمان لامرأة واحدة فقط بين المختنقين، هل كان هنالك نساء وأطفال، أرأيتموهم؟ 

خالد: نعم كان هنالك نساء وأطفال، رأيت امرأتين حينما تحدثتا عبر لاسلكي القبطان.. رأيتهما فقط، ولا أعلم إذا كان هنالك غيرهن في الأسفل.. وكان هنالك أطفال صغار، رأيناهم. 
 
رووداو: لأن من بين الناجين الـ 104 لا توجد بينهم أي امرأة، بينما يوجد أطفال دون 18 عاماً.. لكن بين المخنوقين توجد امرأة فحسب، السؤال هو، أين هذا العدد الهائل الـ 750 شخصاً، لقد وجدوا عدداً قليلاً منهم، كيف لهذا العدد الكبير أن يبق مفقوداً، ألا يشكل ذلك هاجساً لديكم أيضاً؟ 

خالد: نعم صحيح، البقية كلهم طافوا فوق سطح الماء. 
 
رووداو: رأيتهم بنفسك؟ 

خالد: نعم، حين بقينا ساعتين فوق الماء، رأينا الكثير من الأشخاص موتى فوق سطح الماء. 
 
رووداو: من منكم كان قريباً على الآخر؟ هل كنتم قريبين من بعضكم حين انقلب القارب أم كل شخص قذف إلى جهة؟ 

علي: لم أر أحداً، ابتعدت عنهم كثيراً حتى جاءت سفينة الإنقاذ وبقينا فيها، عدا ذلك لم أشاهد أحداً. 
 
رووداو: التقيتم بعضكم هناك؟ 

خالد: لا، كنت عندهم، وكذلك غالبية أصدقائنا من كوباني  
 
رووداو: هؤلاء الأصدقاء كانوا معكم 

خالد: نعم، آزاد ورغيان ومحمود كذلك كانوا معنا وصديقنا الآخر من كوباني المفقود الآن. 
 
رووداو: أنتم من كوباني، وتبدون شباناً كفوئين، من كان أكثركم خوفاً خلال تلك اللحظات، هذا سؤال طبيعي، هل كلكم تعرفون السباحة أم ماذا كنتم تحملون حتى قمتم بحماية أنفسكم؟ 

خالد: لم نكن نحمل شيئاً 
 
رووداو: اكتفيتم فقط بالسباحة.. 

خالد: نعم، كنا نسبح، والجميع دون استثناء شعر بالخوف من هذه الصدمة. 
 
رووداو: أمر طبيعي، والظلام دامس في جنح الليل.. 

خالد: لا ليس عن الظلام. كانت صدمة سيئة.. الناس تموت، هنا كمن الخوف. 
 
رووداو: الأكل والشراب.. هل أعطاكم أحد المعونة حين كنتم ساكنين، لأن شاباً أخبرني أنكم طلبتم المساعدة، فأتت سفينة سويدية وتلتها أخرى أميركية، هل أتاكم أحد قبل أن تصل فرق خفر السواحل؟ 

علي: نعم جاؤوا إلينا، وأعطونا قليلاً من الماء لكننا لم نشرب من ذاك الماء لأنه لم يصلنا نظراً لكثرة الأفراد. كنا نشرب مياه المحرك ومياه الصدأ إلى أن اضطررنا لشرب مياه البحر. لم يكن هنالك طعام، وهذا ما حدث. 

رووداو: أي خرجتم من ليبيا دون غذاء؟ 

علي: لا لم نحمل شيئاً معنا، لأنهم كانوا يلقون كل ما في الحقائب، كانوا يوزعون التمر علينا إلى أن جاء القبطان أو أحد غيره وأخذوا التمر وألقوا به في البحر.. 
 
رووداو: السؤال هنا الآن، حينما انطلقتم، هل أخبروكم كم المدة التي ستستغرق الرحلة لتصلوا من ليبيا إلى إيطاليا؟ 5 – 6 أيام طريق طويل ليبق فيه المرء ضمن البحر، ألم يكن يسير قاربكم؟ 

علي: قاربنا لم يكن يسير، أصدقاؤنا الذين سبقونا وصلوا إلى إيطاليا في غضون يومين وقد استلمهم خفر السواحل أما نحن فأخبرونا أن الرحلة ستستغرق 2-3 أيام لنصل إلى إيطاليا ويستلما الخفر، لكن مضت 5-6 أيام ولم نر شيئاً. 

رووداو: خالد، الشباب الذي في أعماركم، أنت الآن تبلغ 21 عاماً وعلي 29 عاماً ومحمود أخبرني أنه يبلغ 24 عاماً.. الشبان الذي بأعماركم ويشاهدونكم الآن في كوباني وروجآفاي كوردستان وعموم كوردستان، وأتوا ليستفسروكم، هل ستنصحونهم بهذا الطريق أم ستخبرونهم أن يبقوا في أماكنهم؟ 

خالد: لا، فليبقوا في أماكنهم ومنازلهم ولا يسلكوا طريق البحر، حتى لو كان مؤمناً 100%، إنه خطأ كبير.  
 
رووداو: إلى أين تودون الذهاب، لقد أخبرني علي هاتفياً أنه يود السفر لألمانيا، هل كلكم لديكم ذات الرغبة؟ 

خالد: لا، أنا ذاهب إلى هولندا، لأن خالي يقيم هناك ووصل إليها قبلي وقبل أن تحدث هذه المسألة. 
 
رووداو: وأنت علي، عائلتك في ألمانيا..

علي: نعم، عائلتي وأخوتي وأبناء عمومتي جميعهم يقيمون في ألمانيا. 
 
رووداو: في هذه المناسبة الآليمة، سعدت بلقائكم وأتمنى لكم جميعاً عمراً مديداً وألا تتكرر مأساة أخرى وأتمنى أن تكون حياتكم المقبلة أطول من سابقتها وأفضل. 


ترجمة وتحرير: محمد عيسى 
 
  

تعليقات

علق كضيف أو قم بتسجيل الدخول لمداخلات أكثر

أضف تعليقاً

النص المطلوب
النص المطلوب