دياسبورا يروي قصة الأم تيريزا الكوردية في الدانمارك

 

 

انتقلت آيسل حاجي إلى الدانمارك من روجآفا سوريا لأنها لم تتمكن من إنجاب الأطفال. ولكن في الدانمارك، لم تصبح أماً فحسب، بل أصبحت أماً للعديد من الأشخاص الذين يحتاجون إلى مساعدتها. 

 

تقوم الآن بجمع المواد الغذائية وغيرها من المواد من محلات السوبر ماركت الدانماركية الكبيرة، وتقدمها كسلال غذائية في المساء للذين لا يكفيهم دخلهم الشهري لشراء الطعام لأنفسهم ولأسرهم.

 

آيسل حاجي، هي تيريزا كوردية في الدانمارك، وتعيش في المهجر منذ أكثر من ثلاثين عاماً، وترأس جمعية الشمس الحمراء الكوردية في الدانمارك، كما تعمل على مشاريع اندماج مختلفة، وتساعد الفقراء والجياع.

 

انتقلت مع زوجها إلى الدانمارك من روجآفا إلى الدانمارك خوفاً من أن يتزوج عليها

 

تقول آيسل حاجي: "عندما كنت في روجآفا، لم أستطع إنجاب أطفال. هناك، إذا لم يكن لدى المرأة أطفال، سيتزوج زوجها عليها. هذا من تقاليدنا البالية السيئة، وكسيدة كوردية كنت أرفض مشاركة زوجي مع ضرة، وقلت له إن عليه أن ينفصل عني قبل أن يتزوج واحدة أخرى، أما زوجي فكان يقول إما أن أبقى بلا أولاد أو إذا رزقت بأولاد فليكونوا منك".

 

وأضافت: "كان الأمر غير سار بالنسبة له أيضاً. عائلته كانت تريد منه الأولاد، لذلك قررنا مغادرة البلاد معاً إلى المهجر، وفي مطلع العام 1990 هاجر زوجي إلى أوروبا وبقيت أنا وعملت مصففة شعر، ثم لحقت به في العام 1991."

 

وأوضحت:"ولدت في منطقة هليل في قامشلو، وإخوتي وأخواتي ولدوا في روجآفا سوريا، وهذا يعني أن والدي جاءا إلى روجآفا من الشمال، ثم بلغت وأصبحت مدرسة للغة العربية".

 

تذهب آيسل وزملاؤها إلى محلات السوبر ماركت لجمع المواد التي اقترب انتهاء مدة صلاحيتها، وبعد الجمع يتم التخلص من تلك الفاسدة ويتم الاحتفاظ بالصالحة للاستهلاك. 

 

آيسل نفسها تعمل مع زملائها، ويجب تسجيل كل شيء ويجب أن يكون واضحاً ما حدث ومن الذي حصل على ماذا. عندما جاءت آيسل إلى الدانمارك، لم تكن تعلم أنها ستفعل هذا يوماً ما.

 

 

وتضيف آيسل حاجي: "عندما وصلنا إلى الدانمارك، كانت البداية صعبة للغاية. لم يكن هناك أي تلفزيون كوردي. كانت القنوات جميعاً دانماركية. ولم تكن هناك عائلات من روجآفاي كوردستان. لكن لحسن الحظ عثرنا على بعض الأشخاص والعوائل من روجآفا ونشأت بيننا صداقة وأسعدنا ذلك كثيراً."

 

 

تقول أيضاً: "لم يكن لدي أولاد في روجآفا طوال 11 عاماً من الزواج، ولهذا هربنا إلى المهجر. أنقذت زوجي منهم، كنا في الأسبوع الثالث من وصولنا، وكانت معنا في المخيم ابنة عم لزوجي، مرضت مرضاً شديداً، لكنها قلت لي: لديك كل علامات الحمل، لكني سخرت من كلامها وقلت إنني لم أنجب طفلاً طوال أحد عشر عاماً وقد بات الأمر صعباً".

 

وتردف: "بعد ذلك فحصني الطبيب ووجد أنني حامل، فرحنا كثيراً وكان يوماً سعيداً، قلت إن عدم حملي لمدة أحد عشر عاماً كان سبب هربنا وتركنا أقاربنا، ثم رزقنا بطفل سميناه روج".

 

يتم دعم مشاريع آيسل الكثيرة من قبل الحكومة الدانماركية، وعلى وجه الخصوص هناك سيدة تثق كثيراً بآيسل وهي دائماً معها كمستشارة وزميلة.

 

 

تقول کاثرین: ""عندما أذكر اسم آيسل أريد أن أخبر الناس شيئاً عنها. أعتقد أنها مصدر قوة المنظمة وأنها تهتم بالناس ولديها قلب كبير جداً يتأثر بالضعفاء، لا أظن أنها انتهت من مشاريعها بعد، تأتي في بداية الأسبوع وتقول: تعالي يا كاثرين أود أن أخبرك شيئاً. ثم نفكر في كيفية إنجاز هذه المهمة وكم نحتاج من المال، وهذا مشروع مشترك ونجمع الناس معاً ونبدأ المشروع."

 

بعد أن أكملت آيسل دراسة اللغة والتدريس في رياض الأطفال، بدأت بمساعدة أولئك الذين لا يعرفون اللغة. من هناك تواصلت مع مؤسسات الدولة وبدأت العمل كمتطوعة. وهناك، وبتشجيع من مواطن من الجنوب، قرروا إنشاء منظمة الشمس الحمراء.

 

 

آيسل حاجي، توضح بهذا الصدد: "قديماً كان الناس يقسمون ويقولون أقسم بهذه الشمس الحمراء، واسم ابني روج، اعجبني هذا الاسم فأطلقناه على المنظمة، كانت البداية صعبة، وكانت نسرين ونجلاء معي، وعملنا الكثير".

 

وتبيّن: "بعد عملنا سنة أو اثنتين احتل داعش سنجار وفر الناس وتشردوا فطلبت توفير مكان لنا هنا، ودعوت إلى العمل الخيري من أجل نازحي سنجار، كنت أبقى هنا كل يوم من الساعة العاشرة صباحاً حتى الرابعة مساءً وأجمع المساعدات ثم كنا نرسلها أسبوعياً للنازحين".

 

وتلفت الى أن "المساعدات لم تكن مخصصة لنازحي سنجار فقط، بل توسعت وقمنا بإيصالها إلى أطراف كوباني وعفرين وكل النازحين الذين بلغتهم أيدينا، كنا نضع المساعدات في صناديق ونرسها بواسطة شاحنات كبيرة."

 

فازت آيسل بالعديد من الجوائز في الدانمارك تقديراً لأعمالها، وأولت وسائل الإعلام الكثير من الاهتمام بها. ويقولون إنه عندما تحمل آيسل مشروعاً إلى بلديتها، يتم قبوله فوراً ولا يقابل بالرفض.

 

 

بهذا الصدد توضح کاثرین: "لقد ساعدنا النساء اللاتي تعرضن للإيذاء والإصابة وعوملن بسوء. كانت لدينا دورة تعليمية صغيرة لهن. بدأت آيسل بشكل جيد وقامت بتدريس الدورة. فحصلت على جائزة من البلدية لا أعرف كيف أترجم اسم الجائزة لكنها كانت عن العمل الاجتماعي. فازوا بأربعين ألفاً وتمثال. قامت آيسيل بتوسيع منظمتها وأضافت عدة أقسام. كل مرة نفوز فيها بجائزة من البلدية، فهذا بفضل آيسل والجميع يهنئها."

 

مشاريع آيسل كثيرة. من مشروع دار حضانة لأطفال المهاجرين إلى مشاريع متنوعة للنساء ورحلات صيفية. أحد مشاريعها هو تعليم الخياطة.

 

 

وتضيف آيسل حاجي: "تأتي نساء كثيرات لتعلم الخياطة، جميع الأعمار تشارك في دورات الخياطة، لكن أغلب المشاركات كبيرات فوق 55 سنة، يقمن لوحدهن في المنزل، ليس لديهن وظائف ولا أحد معهم، وهذا يصيبهن بالضجر فيأتين إلى هنا ويشعرن بالمرح ويتعلمن".

 

"كما نقوم بخياطة الأزياء الكوردية للكبار والصغار. ولما كان استخدام الأكياس البلاستيكية في الأسواق هنا ممنوعاً، نقوم بصناعة الأكياس بأحجام مختلفة من القماش ونبيعها كبديل عن الأكياس البلاستيكية وسوقها رائج، كما نجتمع نحن النساء في أيام الاثنين ونمارس الرياضة، كما أن لدينا دورة لتعليم اللغة الكوردية عبر الإنترنت تقودها فتاة من روجآفا. كان عدد المشاركين كبيراً في البداية، لكنه تراجع الآن، في ذلك اليوم كانت هذه الفتاة تتحدث الكوردية التي لم تكن تعرفها من قبل"، وفق قولها.

 

 

وتبيّن آيسل حاجي: "الحمد لله، الأطفال الكورد هنا أشخاص ناجحون ومعظمهم ناجحون في دراستهم. الشباب الذين جاءوا مؤخراً من روجآفا هرباً من سوء الأحوال هناك، هم أناس أذكياء ومهرة للغاية، وقد أكملوا الدراسة هنا، وهم جادون في العمل ونحن فخورون بهم، الكل يعرفونني وعملي نظيف للغاية، فنحن نعمل بطريقة منظمة."