عدنان المفتي شاهد عيان فجيعة 1 شباط لرووداو: عشت تفاصيل اول تفجير انتحاري في كوردستان

01-02-2025
معد فياض
الكلمات الدالة إقليم كوردستان أربيل
A+ A-
 
رووداو ديجيتال

في اول ايام عيد الاضحى، الاول من شباط عام 2004، خرج اثنان من الارهابيين من وكرهما المظلم في اربيل وهما يرتديان حزامين ناسفين، كل منهما حزام، احدهما توجه الى الفرع الثاني للحزب الديمقراطي الكوردستاني، مقابل بنايتي برلمان ورئاسة حكومة اقليم كوردستان، والمركز الثالث للاتحاد الوطني الكوردستاني الذي يقع على طريق كركوك، بمدينة أربيل، ما أدى إلى استشهاد 103 أشخاص وإصابة 246 آخرين، بينهم قادة حزبيون رفيعو المستوى ومدنيون.
 
بهذه المناسبة الاليمة، أقيمت اليوم السبت، 1 شباط، 2025، مراسم إحياء الذكرى الـ21 لفاجعة الأول من شباط، في أربيل. وشارك رئيس حكومة إقليم كوردستان، مسرور بارزاني، إلى جانب مسؤولين حكوميين وحزبيين وعوائل الشهداء، في المراسم التي أقيمت أمام نصب شهداء الأول من شباط في متنزه سامي عبد الرحمن بأربيل.
 
العيد الحزين 
 
كان كلا الحزبين قد تهيئا لاستقبال حشود المهنئين الذين بلغوا الالاف، لا سيما وان اقليم كوردستان كان يعيش حالة من الانفتاح ومشاعر من السعادة تغمر الناس، فهذا اول عيد بعد تغيير نظام صدام حسين، كما ان الاوضاع السياسية مستقرة بين الحزبين الكورديين الرئيسيين.. فجأة اهتزت بنايتي المكتبين السياسيين للحزبين الكورديين وعلا صوت انفجارين سمعا في غالبية مناطق عاصمة الاقليم.
 
السياسي عدنان المفتي، القيادي السابق في الاتحاد الوطني الكوردستاني، تحدث كشاهد عيان واحد ضحايا التفجير الارهابي، اذ اصيب بجروح بليغة وما يزال جسده يحمل شضاياها..كان قد تحدث لشبكة رووداو عربية، وهنا نعيد نشر حديثه بذكرى هذه الفاجعة، حيث يصف ذلك اليوم  بانه " كان وما يزال واحدا من اصعب ايام حياتي".
 

الارهابي الذي فجر مقر الديمقراطي الكوردستاني

يوم الفاجعة
  
تحدث المفتي قائلا:" " في اول ايام عيد الاضحى، الاول من شباط عام 2004، وبعد اقل من سنة على سقوط نظام صدام حسين، والناس كانت فرحانة ومستبشرة بوضع جديد والعلاقات بين الحزبين الكورديين، الاتحاد الوطني والحزب الديمقراطي الكوردستاني اصبحت طبيعية.. انا كنت مسؤولا عن الاتحاد الوطني الكوردستاني في اربيل، وقاعدة تنظيماتنا وجماهيرنا توسعت كثيرا، وكعادة اجتماعية ان الناس تتبادل التهاني (تتعايد) خلال ايام العيد، ويتبادلون الزيارات، هذه العادة ما زالت موجودة ولو بدرجة اقل، وكانت الاحزاب في بداية التسعينيات تستقبل المهنئين بالاعياد في المكتب السياسي او في مقرات التنظيمات المحلية، وصار كالأمر الواقع مع الديمقراطي الكوردستاني ان نستقبل الجماهير المهنئة في المكتب السياسي أو أي مكان مخصص، كل على حدة، يعني نحن نستقبل جمهورنا والديمقراطي يستقبلون جمهورهم، وكان المهنئين مندفعين بالالاف ، حتى لا يصير ضغط على زيارات بيوت المسؤولين، وفي ذاك اليوم نحن كنا في مقر الاتحاد، على طريق كركوك، حيث تتسع قاعته لاكثر من 200 شخص وكان المهنئين يدخلون من باب ويخرجون من الباب الاخرى بعد تقديم التهنئة لان القاعة لا تتسع لهذا العدد من الزوار".
 
يضيف المفتي الذي كان على رأس المستقبلين للضيون المهنئين في مقر الاتحاد" عند الساعة 10و55 دقيقة سمعنا صوت انفجار هائل والقاعة اهتزت واحسست ان جسمي صعد إلى فضاء القاعة.. والمكان صار ابيض بسبب الغيبار الذي نتج عن التفجير وآثار التهديم الذي حل بالبناية وفقدت الوعي لدقائق معدودة وقيل لي لاحقا بان عصف الانفجار دفعك للاعلى ثم سقطت ارضا، وعندما فتحت عيني لم استطع ان اتحرك فهناك عدد من الشضايا، غير التي اصابت ساقي، هناك شضية اصابت فكي الاسفل من جهة اليمين وكسرت اسناني وعبرت لساني لتستقر في الجهة اليسرى من عنقي وما زالت موجودة، والشضية الثانية اصابتني في الجهة اليمنى من عنقي واستقرت بالجهة اليسرى، الطبيب اندهش عندما فحصني وقال ان الشضية استقرت على مسافة مليمتتر واحد  عن الحبال الصوتية والا لما تمكنت من الكلام طوال حياتك، ووصف سلامة الحبال الصوتية بالمعجزة..  وهناك 6 شضايا بساقي اليسرى ولم اكن استطع حركتها. عندما التفتت بصعوبة شاهدت جثث الشهداء ولم استطع التعرف عليهم وكان قد استشهد 50 شخص في هذا الحادث، وغالبيتهم من تنظيمات الاتحاد وهناك آخرين من غير تنظيماتنا".
 

يظهر في آخر الصورة الارهابي الذي فجر مقر الاتحاد الوطني

كيف تسلل الارهابيون؟
 
لكن كيف تم دخول انتحاريين وواضح انهما غريبان سواء عن الديمقراطي او الاتحاد؟ اين التفتيش او الجانب الامني في مقري قيادتين لاكبر حزبين كورديين، وفي صورة كاميرا المراقبة للديمقراطي الكوردستاني واضح ان الانتحاري يضع اصبعه على زر التفجير؟ نعم ويبدو كانه مخدر وليس في وعيه، بينما الانتحاري الذي فجر نفسه في مقر الاتحاد يبدو في الصورة مبتسما . يوضح المفتي في رده عن هذا السؤال قائلا:" كان التركيز الامني على سيارة مفخخة او حقيبة وليس انتحاري واحزمة ناسفة، فهذا كان اول تفجيرين بكوردستان لانتحاريين بواسطة الاحزمة الناسفة، بعد هذا الحادث صار هناك خشية وتدقيق وحرص بالتفتيش.
 
الارهابي الاول كان قد نفذ جريمته في مقر الاتحاد، ولكن الى اين توجه الارهابي الآخر؟، يقول المفتي:"وانا في المستشفى علمت بانه في نفس الوقت، او بفارق دقائق قليلة حدث انفجار آخر وبنفس الاسلوب، هناك انتحاري ثاني فجر نفسهبواسطة حزامه الناسف وسط حشود المهنئين في مقر الحزب الديمقراطي الكوردستاني المقابل للبرلمان والحكومة، وكان عدد الضحايا اكثر من تفجير الاتحاد بواحد، 51 شهيد، وكانت تصلني اسماء شهداء الديمقراطي تباعا، بحيث اني نسيت حالتي وآلامي واهتمامي انصب على اسماء الشهداء من كلا الحزبين، فبالتاي هؤلاء رفاقي واصدقائي، كان بينهم سامي عبد الرحمن وسعد عبد الله وشوكت والعديد من اصدقائي، ومن جهتنا شاخوان عباس وخسرو شيره من أعضاء قيادة الاتحاد، وعدد من الكوادر المتقدمة في الاتحاد الوطني، اضافة الى  ستة من افراد حمايتي بينهم مسؤولهم واحدهم التحق قبل شهر واحد ووالده من مقاتلينا القدماء في البيشمركة واسمه جبار، جاء لزيارتي في المستشفى وابنه استشهد توا، وكانت حالتي الصحية تمنعني من الحديث، ثم ماذا اقول له وكيف انظر اليه، ولن انسى ما قاله لي: (المهم انت سالم، هذا ثالث شهيد من ابنائي والباقين سيلتحقون لحمايتك)".
 
يصف لنا المفتي تفاصيل حادث التفجير قائلا: "لم اكن بعيدا عن الانتحاري وكان بيني وبينه من جهة اليمين، شخص اسمه سمكو دزيي الذي اصيب اصابة كبيرة ثم عدد من الرفاق الذين استشهدوا كلهم، وفي الجانب الأيسر خسرو وشاخوان واسو معلم و عدد كبير من الأعضاء كلهم من الكوادر المتقدمة". 
 
مفارقات الحياة والموت
 
يتامل المفتي قليلا وتذهب نظراته بعيدا ويتابع الحديث قائلا: "للقدر لعبته الغريبة خاصة في مفارقة الحياة والموت، انا انتبهت كثيرا لذلك في حادث التفجير هذا، مثلا قبل ان يفجر الانتحاري نفسه، طلبت من مسؤول العلاقات الخارجية بالمركز، الملا محمد بحركه، اختيار 3 او 4 من الرفاق وكذلك الفريق فؤاد چلبي الذي كان ممثل مام جلال في اربيل القيام بزيارة الاحزاب والجهات التي زارتنا وعايدتنا وتقديم التهاني لهم بالمثل، وكان ضمن من اختير لهذة الزيارة  ديدوان الذي جاء وقال لي اذا تسمح لي اني ما اريد اروح ورشح شخص آخر وهو الدكتور برور.. قلت له كما تشاء انت وهو نفس الشي، لهذا ديدوان ما راح وبدلا عنه ذهب برور.. ديدوان استشهد وبرور بقي على قيد الحياة. مقدّر آخر كان عندي ضيف من السليمانية (جلال سام اغا) في البيت، طلبت من مسؤول حمايتي هاوار ان يذهب للبيت ويسأل الضيف اذا يرغب ان ياتي إلينا هنا أو يود الذهاب الى بيت والدي، حيث كنا نجتمع كلنا هناك في اول ايام العيد، فقال هاوار لي انا ما احب اتركك خلي هوشنگ يروح بدلا عني، وهوشنگ من فريق حمايتي ايضا، وكان والده قد استشهد في حادث محاولة اغتيال دانيال ميتران، زوجة الرئيس الفرنسي، من قبل المخابرات العراقية حسب وثائقهم التي اطلعنا عليها لاحقا. هاوار استشهد وهوشنك بقي سالما. كان هناك ايضا محمود بنزين من قيادة الفرع وهو مدخن وانا منعت التدخين في القاعة، انسحب قبل دقائق من التفجير الارهابي الى مكتبه للتدخين ثم حدث الانفجار.. السيكارة انقذته، فيما بعد مزح معي قائلا (لا تقول لي بعد التدخين مضر)".
 
ولكن من كان وراء هذه التفجيرات التي كبدت الحزبين الكورديين الرئيسيين، الاتحاد الوطني الكوردستاني والحزب الديمقراطي الكوردستاني؟ يؤكد السياسي الكوردي عدنان المفتي بان ما يسمى بـ ( انصار السنة) وهم احدى تنظيمات القاعدة، اعلنوا مسؤوليتهم عن حادثي التفجيرين حسب بيانهم، والانتحاريين وحسب معرفتي لم يكونوا عراقيين او كورد، لكن الذي جاء بهم وسهل لهم دخولهم ومهمتهم وقام بالخدمات اللوجستية لهما هم كم الكورد بالتاكيد".
 
يصف المفتي ذلك اليوم الذي: "لن انساه"، حسب قوله، مضيفا: "كان يوما فضيعا وحزينا.. كنت في المستشفى وتوافد لزيارتي مام جلال وكاكا كوسرت وكاكا نوشيروان ومعظم القيادات والأصدقاء مع مرور الساعات ومتابعة الأخبار ومعاينة الأطباء لحالتي عرفت أن إصابتي كبيرة لكنّ العدد الكبير من الشهداء كان هو الهاجس والحزن الذي عشته و لا ازال.. كان واحدا من اصعب ايام حياتي".
 

 

 

تعليقات

علق كضيف أو قم بتسجيل الدخول لمداخلات أكثر

أضف تعليقاً

النص المطلوب
النص المطلوب
 

آخر الأخبار

المتحدث باسم إبيكور مايلز كاغينز

أبيكور: ينبغي التعامل مع شركات النفط العاملة في كوردستان بنفس تعامل نظيراتها بالعراق

رأى المتحدث باسم إبيكور، مايلز كاغينز، أن من المهم أن يتم التعامل مع شركات النفط التي تعمل في إقليم كوردستان بنفس الطريقة التي تعامل بها الشركات التي تعمل في العراق، عازياً ذلك الى أنه في العراق "تعرف هذه الشركات متى وكيف تستلم أموال النفط وليست لديها مشاكل مالية".