عدنان المفتي لرووداو: عدم وحدة الكلمة الكوردية أحد أسباب مشاكلنا وبغداد تتجاوز على صلاحيات الإقليم

30-06-2024
معد فياض
معد فياض وعدنان المفتي
معد فياض وعدنان المفتي
الكلمات الدالة إقليم كوردستان الاتحاد الوطني الكوردستاني بغداد
A+ A-
رووداو ديجيتال 

في مؤتمر المعارضة العراقية الذي جرى في شهر كانون الاول 2002 في فندق الميترو بوليتان بشارع الادجور روود وسط لندن، كانت احزاب الاسلام السياسي الشيعية، خاصة، تحتد في نقاشاتها، حتى ان اصوات قادتها وممثليهم تخرج من وراء الابواب وهم يقسمون الكعكة العراقية القادمة والامتيازات التي من حق الشيعة كونهم الاكثرية وانهم تعرضوا لما اطلقوا عليه وصف"المظلومية" التي تعرضوا لها على يد النظام العراقي.
 
على العكس تماما من الزعيمين الكورديين، جلال طالباني سكرتير عام الاتحاد الوطني الكوردستاني ومسعود بارزاني رئيس الحزب الديمقراطي الكوردستاني، وكان السياسي الكوردي عدنان المفتي من المشاركين البارزين في اعمال هذا المؤتمر، حيث كانوا واضحين ومصرين بقوة على مطالبهم التي تخص الشعب الكوردي وقضيته حصريا، واصرارهم على ان يكون العراق الجديد فيدراليا، ديمقراطيا، يحترم حقوق جميع العراقيين.
 
بعد اكثر من عام جرى التغيير في 2003، وبقيت القيادات الكوردية مصرة على مطالبها بالاعتراف باقليم كوردستان الذي كان قد أقر خلال التسعينيات، وان يكون العراق اتحادي ديمقراطي يحترم حقوق كل العراقيين، وهذا ما تم العمل عليه في الانتخابات التشريعية في اقليم كوردستان عام 2005، حيث تم انتخاب السياسي الكوردي والقيادي في الاتحاد الوطني الكوردستاني، عدنان المفتي كأول رئيس لبرلمان اقليم كوردستان بعد التغيير، بينما أنتخب زعيم الحزب الديمقراطي الكوردستاني مسعود بارزاني رئيسا للاقليم والقيادي في الديمقراطي نيجرفان بارزاني رئيسا للحكومة.
 
المفتي يفتح امامنا في الحلقة 21 من برنامجنا الحواري"ملفات عدنان المفتي" صفحات ملف هذه الانتخابات ووصوله الى رئاسة البرلمان، واصرارهم على تحقيق مطالبهم بالفيدرالية والديمقراطية التي لم يحيدوا عنها.
 
يقول المفتي:"جرت انتخابات 2005 في اقليم كوردستان بعد الاتفاق بين الحزبين الاتحاد الوطني والديمقراطي الكوردستاني، فالوضع كان واعدا جدا ومسيرة المصالحة بين الاتحاد والديمقراطي ماضية بنجاح ومحاولة دمج وتوحيد الادارتين في السليمانية واربيل تجري بهدوء لهذا دخلنا الانتخابات بقائمة موحدة، وكان النظام الانتخابي دائرة واحدة، كان هناك الحزب الاسلامي والجماعة الاسلامية حسب ما كان اسمهم وقتذاك، والحزب الاشتراكي". منبها الى:"اننا  كنا نتطلع لان يكون الصوت الكوردي موحدا في بغداد والمضي بكتابة الدستور وتكريس الفيدرالية التي كانت مقررة منذ التسعينيات في كوردستان وبناء العراق الديمقراطي الذي كنا نتطلع له بعد سقوط النظام، وضمن اتفاقنا في القائمة الموحدة هو ان تكون رئاسة برلمان الاقليم للاتحاد الوطني الكوردستاني.. وبعد آخر اجتماع مع الديمقراطي الكوردستاني، قبيل الانتخابات، صرح مام جلال قائلا: ان مرشحنا لرئاسة البرلمان هو عدنان المفتي".
 
نساله:اذا كنتم متحالفين وضمن قائمة تضم جميع الاحزاب الكوردية ومتفقين على تسمية رؤساء البرلمان والاقليم والحكومة، لماذا اجريتم الانتخابات إذن؟، يجيب قائلا:"الانتخابات كانت لاختيار أعضاء البرلمان وعددهم (105)، والبرلمان هو الذي اختار الرئيس و نائبه و السكرتير و من الطبيعي ان يكون اتفاق على المناصب بين الكتل الفائزة خاصة و نحن كنا ضمن تحالف فاز باكثرية المقاعد، ثم ان الانتخابات ضرورية وجزء مهم من العملية الديمقراطية..والظرف الذي كان سائدا يتطلب ان يكون موقفنا في بغداد موحد في مرحلة مهمة جدا لبناء علاقات مع الوضع الجديد وكنا نتطلع ان يلعب الكورد دورا بارزا ولتثبيت اقليم كوردستان كامر واقع ولبناء عراق جديد، عراق الشراكة بين العرب و الكورد  وجميع المكونات الاخرى..وفي اول تصريح لي بعد التصويت على الدستور قلت في وجداني لاول مرة اشعر باني عراقي حيث ينص الدستور على ان العراق يتكون من قوميتين رئيسيتين هي العربية والكوردية وكنا مطمئنين بان الدستور ضمانتنا، وكلما التزمنا بالدستور فنحن جزء اساسي في العراق". 

 

الرئيس مسعود بارزاني مع عدنان المفتي في برلمان كوردستان

 

رغم كل هذا لماذا لا يشعر العراقيون بان الكورد هم جزء منهم او من العراق..وهناك شعور بانهم انفصاليون ودائما يفكرون بالانفصال..وانهم يطالبون بكركوك من اجل النفط حتى ينفصلون؟ هل هذه نتيجة التربية السياسية العراقية على مدى عقود، ام هو ذنب الكورد انهم لم يُشعروا العراقيين بانهم جزء منهم ومن العراق، كشعب وليس فقط سياسيا؟. يقول المفتي في رده عن السؤال:"هذا سؤال مهم.. واذا اردنا الاجابة عنه اجابة شافية سوف يستغرق ذلك وقت طويل. باختصار فعلا مثما اشرت انت هي نتيجة تربية وثقافة، ليست فقط في العراق بل ثقافة سائدة في الشرق العربي وعالمنا الاسلامي، هي ثقافة مشوهة بصراحة وهي عدم قبول الاخر وفرض إلارادة على الاخرين وهذه تراكمات مئات السنين وليست وليدة اليوم..والمنطقة خضعت  لحكم امبراطوريات متعددة فرضت ارادتها من الامويين الى العباسيين الى الصفويين ثم العثمانيين، هذه السياسية لفرض الارادة ورفض الاخر، كل من كان يحكم يفرض ارادته على الآخرين حتى لو كان يختلف معه في اللغة والفكر والثقافة والدين..وكوردستان مضطهدة كونها ليس لها دولة ولاسباب كثيرة لا مجال لشرحها هنا"موضحا:"عندما تشكلت الدولة العراقية كان الكورد يتطلعون لان يكون عندهم كيان مستقل كونهم ايضا كانوا خاضعين للامراطورية العثمانية وكل الدول التي كانت خاضعة للسيطرة العثمانية وفي مقدمتها العربية استقلت باستثناء كوردستان حيث خضع القرار لارادة دولية، فرنسا وبريطانيا الذين قسموا المنطقة، يضاف الى ذلك خلافات رؤساء العشائر وشخصيات سياسية واجتماعية كوردية ما كانت موحدة حتى يفرضوا ارادتهم على فرنسا وبريطانيا".
 
يضيف السياسي الكوردي عدنان المفتي قائلا:"حقنا في تقرير المصير طبيعي ومشروع لكن نحن كسياسيين نمارس السياسة حسب الامكانيات المتاحة وحسب رؤيتنا ونريد النجاح والاستقرار لشعبنا ..العراق الجديد بعد  2005 و2006 واقرار الدستور كان واعدا رغم بروز منظمات ارهابية اعاقت المسيرة الديمقراطية والتنمية لكن ايضا كنا نتطلع الى ان الشعب العراقي الذي عانى لعقود طويلة من الاضطهاد والدكتاتورية لا بد وان يكون متسامحا ومتفهما لتطلعات الشعب الكوردي والمكونات الاخرى مثل التركمان والمسيحيين والصابئة و غيرهم ممن لهم الحق ان يعيشو في وطنهم مثلما يعيش العربي والكوردي. كل مرة كنا نقول ان المواطن الكوردي يجب ان يشعر بانه عراقي ويحصل على حقوقه المشروعة وليس ان يمد يده ويطلب الرحمة من بغداد، هذه النظرة كنا نتصورها انتهت لكن للاسف عادت لان الثقافة الفاقدة للتسامح و التعايش المشترك كانت عميقة، بدلا من ان يغيروا الثقافة والتربية نجد انهم رجعوا الى نفس الاسلوب، لا اقول جميعهم لكن غالبيتهم مجرد ان يجلس احدهم على كرسي السلطة كرئيس للوزراء مستندا الى قوة برلمانية تكون عنده نظرة فوقية تجاه الاخرين".
 
وفي رده على سؤالنا: هل تشعر الان ان هناك محاولة جادة لتفكيك اقليم كوردستان؟، يؤكد قائلا:"ليس شعورا وانما هناك بوادر واضحة سواء كان عن طريق تعاملهم او استغلال اخطائنا او تنامي قوتهم من خلال تنظيمهم العسكري والحشد الشعبي جعلهم يندفعون ويقولون مثلا ان صلاحيات الاقليم يجب ان تكون محددة. هناك وجهات نظر مختلفة ومتضادة اتجاه الدستور.. وهم بالفعل قاموا بتحديد بعض صلاحيات الاقليم وفي مقدمتها  توطين الرواتب بطريقة فوقية وهذا تدخل في صلاحيات حكومة الاقليم". يستطرد المفتي قائلا:"اذا نرجع للدستور سنجد ان هناك صلاحيات حصرية للحكومة الاتحادية وصلاحيات حصرية لحكومة الاقليم، وهناك صلاحيات مشتركة ويجب ان تكون بالتفاهم بين الطرفين، مثلا في مجال النفط والغاز، ويقول الدستور ان حقول النفط التي سيتم اكتشافها  سيكون استثمارها مشترك، وفق هذا نحن في برلمان اقليم كوردستان، خلال فترة رئاستي، اصدرنا قانون النفط والغاز مستعينين بخبراء غربيين وعراقيين كورد وعرب وحرصنا على ان لا يتناقض هذا القانون مع حقوقنا بالدستور وانا هنا لا اتكلم عن تنفيذ القانون ربما تكون هناك وجهات نظر حول العقود وغيرها، ولكن هذا القانون ينسجم مع حقوقنا في الدستور العراقي، ثم تاتي المحكمة الاتحادية وتلغي هذا القانون المشرع من قبل برلمان اقليم كوردستان! انا في تصوري هذا تجاوز على حقوق الاقليم..كان من الممكن ان ينتقدوا العقود او عدم شفافية الواردات هذا ممكن جدا ونحن في البرلمان كنا نتحدث عن هذه المسائل". مشيرا الى انه:"في عام 2007 صار اتفاق حول صدور قانون النفط والغاز من قبل مجلس النواب وان هذا القانون سيراعي حقوق الطرفين وان الاقليم يجب ان يعدل قانونه وفق القانون الذي سيصدر، لكن مجلس النواب العراقي لم يشرع هذا القانون حتى اليوم او انه باختصار لم يصدر، لهذا استمرت حكومة الاقليم تعمل وفق القانون الصادر من برلمان اقليم كوردستان".

 

من اليمين: عمر سيد علي، عدنان المفتي، جلال طالباني ، كمال فؤاد وعمر فتاح عام 2001

 

يضيف المفتي قائلا:"وهكذا يتم التعامل مع قرارات اخرى مثل توطين رواتب موظفي اقليم كوردستان، وانا اجد من الصعب تنفيذه، اذا هناك عدم الثقة باجراءات الاقليم في موضوع الرواتب فكذلك هناك عدم ثقة من قبلنا بما يجري في بغداد فهل كل قوائم الرواتب في بغداد فيها شفافية ومعلنة، لماذا لا يكون لنا الحق ان نتسائل عن عدد منتسبي القوات الامنية العراقية بينما هم يطالبون وكقرار قطعي اما ان نزودهم باعداد واسماء منتسبي الاجهزة الامنية في اقليم كوردستان وإلا لا يدفعون الرواتب؟!".
 
ولكن الا تعتقد انتم السياسيين الكورد، الاحزاب الكوردية، كلمتكم ليست واحدة، قسم منكم يؤيد إجراءات بغداد وقسم يرفضها وهكذا تسببتم او ساهمتم في الاقل بهذه المشاكل وجعلتم الاحزاب المسيطرة على السلطة في بغداد تتنمر،إن جاز التعبير، عليكم وفي تعاملها معكم والضحية هو الشعب الكوردي؟..يجيب قائلا:"اصبح معروفا بديهيا، عدم وحدة الكلمة الكوردية احد الاسباب الرئيسية لما تجري من مشاكل داخليا وحتى في العلاقات مع بغداد.. لكن لو انني مسؤول عراقي وحريص على وحدة الشعب العراقي ما كنت ساستغل الخلافات الكوردية الكوردية، بل انظر لها واتعامل مع الامور من منظور قانوني.. لكنهم مستفيدون من هذه الخلافات وهذا هو الخطأ ..هل يجب ان يفرحوا للخلاف الكوردي الكوردي؟.. وهل يجب ان افرح انا ككوردي عدما يكون هناك صراع شيعي شيعي؟ بالتاكيد لا..انا لا افرح لان نتائج هذا الصراع ستكون سلبية علي ..على بغداد ان تقلق من الخلافات بين الحزبين الكورديين بدلا ان تفرح لتلك الخلافات وتستغلها لان ذلك يتسبب بعدم استقرار في المنطقة والبلد وخلل امني ويفتح الأبواب لمن هم خارج الاقليم بالتدخل". مشخصا بان:" حكومة محمد شياع السوداني الحالية تحاول ان تجد الحلول لكنها ايضا هي محاصرة من قبل بقية المنضوين فيها فهي حكومة شيعية ائتلافية بالرغم من اننا مشتركين بها". 
 
ويختتم السياسي الكوردي عدنان المفتي حديثه قائلا:" كلنا ندعو للشفافية والعدالة والى محاسبة كل من يسرق قوت الشعب..وعلينا ان نكون منصفين لا ان نحاسب من لا نحبه ونترك من هو قريب منا".

 

تعليقات

علق كضيف أو قم بتسجيل الدخول لمداخلات أكثر

أضف تعليقاً

النص المطلوب
النص المطلوب