رووداو ديجيتال
أعلن ممثل WFP في العراق، أن أزمة أوكرانيا تسبب في قلة الغذاء بالعالم، كاشفاً أن أسعار المواد الغذائية في العراق ارتفعت بنسبة 11%، مشيراً إلى أن العراق سيستورد 3 ملايين طن من القمح هذا العام.
ممثل برنامج الأغذية العالمي WFP في العراق، علي رضا قريشي، تحدث في مقابلة مع شبكة رووداو الإعلامية عن وضع الأمن الغذائي في العراق وإقليم كوردستان، عن المخاطر التي يواجهها الأمن الغذائي، تغير المناخ وتأثيره على الزراعة ودور WFP في الحد من تفاقم الأضرار.
بشأن تأثير تغير المناخ على العراق، أشار إلى أن "العراق يعد من بين الدول الخمس الأكثر تأثراً بتغير المناخ".
وحول قلة محصول القمح في العالم، قال: "حتى لو كان لديك المال، قد لا تجد مكاناً تشتري منه القمح".
فيما يلي نص مقابلة رووداو مع ممثل WFP في العراق:
رووداو: ما مدى خطورة وضع الأمن الغذائي في العراق وإقليم كوردستان؟
علي رضا قريشي: شكراً لضيافتكم، نرى أن أكثر ما يجري الحديث عنه اليوم في الأخبار، هي الصدمة العالمية الناجمة عن ارتفاع أسعار الغذاء والنفط. إن أزمة أوكرانيا وعدم إمكانية تصدير الغذاء منها، أديا إلى ارتفاع الأسعار عالمياً، وقلة المعروض منها. نرى بأن الأسعار مرتفعة في كل الدول. حتى في العراق، ارتفعت الأسعار بنسبة 11%، على الرغم من وجود نظام لتوزيع المواد الغذائية تديره الحكومة، ويوفر الاحتياجات الأساسية للمواطنين العراقيين. في بعض المحافظات الأسعار أعلى بكثير. هناك ظاهرة أخرى مؤثرة وهي تغير المناخ الذي ترك تأثيراً ملحوظاً على العراق. وكثيراً ما يشار إلى أن العراق من بين الدول الخمس الأكثر تأثراً بتغير المناخ.
رووداو: من صفر إلى 10 درجات، كم الدرجة التي تمنحونها لوضع الأمن الغذائي في العراق وإقليم وكوردستان؟
علي رضا قريشي: أعتقد بأننا عندما نتحدث عن تغير المناخ، وقد قلت ذلك بوضوح، فان العراق واحد من الدول الخمس الأكثر تأثراً بتغير المناخ، وأضعه في مستوى عال من الخطورة. لقد شاهدنا بعض تأثيرات ذلك في العواصف الغبارية، ونشاهده أيضاً في شح المياه. هذه بعض التحديات التي يواجهها العراق. ومع انخفاض مستوى مياه السدود والأنهار، وجفاف الآبار، بسبب قلة مياه الأمطار التي صبت في نهري دجلة والفرات، ستكون كمية المياه المتوفره للزراعة أقل.
رووداو: كيف يؤثر تغير المناخ على الزراعة في العراق وإقليم كوردستان، وما هي المحصولات الأكثر تأثراً؟
علي رضا قريشي: هذا سؤال جيد جداً. القطاع الزراعي هو الأكثر تأثراً بتغير المناخ، سواء الزراعة التي تعتمد على الأمطار، أو تلك التي تعتمد على الري. في كوردستان، تعتمد نسبة ملحوظة من الزراعة على الأمطار، وقد شهدنا الجفاف العام الماضي، ما أدى إلى اتلاف الحبوب. وهذا يعني إيرادات أقل للفلاحين وفقدانهم لمحاصيلهم. يعملون بمشقة، يصرفون أموالاً، ثم لا تمطر ويخسرون، كيف سيعوضون هذه الخسائر؟ ذلك يعني محصولاً أقل للبلد وإيرادات أقل للفلاحين. هذا بالنسبة للزراعة التي تعتمد على الأمطار. لكن وبسبب قلة الأمطار، فان الزراعة التي تعتمد على الري، تتعرض إلى خسائر كبيرة ايضاً. السؤال المهم الآن هو، ما الذي يجب فعله؟
رووداو: ما هو دور WFP، وما الذي قمتم به للحد من الأضرار؟
علي رضا قريشي: نعمل بالتنسيق مع الحكومة العراقية وحكومة إقليم كوردستان ومع جميع أقسام الأمم المتحدة لمواجهة هذا التحدي. في البدء علينا أن ندرك أن معظم المحاصيل الزراعية في العراق لا تواءم الظروف الناجمة عن تغير المناخ. كما أن معلومات أغلب الفلاحين تعتمد على ما حصلوا عليه من آبائهم وأجدادهم، والتي كانت تواءم الظروف المناخية في ذلك الوقت. لقد تغير المناخ، وتغيرت درجات الحرارة ونسبة تساقط الأمطار، كما تغيرت نسبة المياه المتوفرة، وفي بعض مناطق العراق بلغت الملوحة نسبة عالية. والآن نحتاج إلى تزويد الفلاحين بالمعلومات الجديدة.
رووداو: لقد تغير كل شيء في العراق، لكن الطريقة التي يعمل فيها الفلاحون في حقولهم مازالت كماهي، كما أن سياسات الحكومة لم تتغير، مع أن الأشياء الأخرى تغيرت، قلت المياه وزاد التصحر وقلت الأمطار، لذا ما الذي تريدون أن تقوموا به، وما الذي بإمكانكم أن تقدموه لنا؟
علي رضا قريشي: في مثل هذا الوضع تتدخل منظمات مثل منظمتنا. نحن نعمل مع القطاع الخاص، ومع المؤسسات الحكومية في البحث وجلب تكنولوجيا الأحدث. ما يمكن القيام به هو استخدام حبوب محسنة، أو حبوب مختلفة يمكنها تحمل الجفاف. وهناك طرق جديدة للري تستهلك كمية أقل من المياه، بالإضافة إلى تقنيات تتوقع حالة الطقس بشكل أفضل. إن توقع حالة الطقس بشكل أفضل بإمكانه أن يساعد الفلاحين في اتخاذ القرار بشأن الوقت المناسب لزراعة الحبوب. نحن منشغلون بمشاريع ونشاطات من هذا القبيل، لكي نرى استجابة الفلاحين، وما إذا كانوا يتقبلون المعلومات الجديدة التي نقدمها لهم، وكيف بإمكاننا أن نبني قدراتهم. الأهم هو أن نحقق نتائج من خلال استحداث هذه الطرق الجديدة بشكل ميداني مع المجتمع والفلاحين، ثم نبيّن النتائج للحكومة ونطلب منها أن تنقل التجربة لجميع الفلاحين.
رووداو: هل أسعار المواد الغذائية في العراق أعلى أم أقل بالمقارنة مع دول الجوار؟
على رضا قريشي: أسعار الاحتياجات الأساسية، لنختصرها إلى ثلاث احتياجات أساسية، اثنتان منها لدينا معرفة جيدة بهما ونعمل عليهما، وهما القمح ومحصولات القمح، وزيت الطعام، والثالثة دون شك الوقود.
لقد شاهدنا ارتفاعاً عالمياً في أسعار هذه المواد الثلاث الأساسية، ومن ثم ارتفاعاً في أسعار الكثير من المواد الأخرى المرتبطة بها، والأسعار متفاوتة من بلد إلى آخر. كما يجب أن نفهم ديناميكية هامة أخرى، ومن ثم سأجيب على سؤالك، والديناميكية تتعلق بالكمية التي ينتجها أي بلد من الغذاء. هناك بلدان مستوردة تلبي الطلب الاستهلاكي من الخارج، أي أنها تعتمد على دول أخرى في أمنها الغذائي.
مع الأسف، فان العراق يقع في الفئة التي تستورد الغذاء، خصوصاً وأن العراق يحتاج هذا العام إلى استيراد قمح أكثر بالمقارنة مع السنوات السابقة، بسبب قلة محصول العام الماضي، الناجمة عن تغير المناخ. كما ذكرت سلفاً. التوقعات تشير إلى أن العراق سيستورد ثلاثة ملايين طن من القمح هذا العام، في وقت تعد أسعاره في العالم في حدها الأعلى، أي أن العراق سيدفع مالاً أكثر لأن الأسعار في الأسواق العالمية مرتفعة الآن، وعليك أن تدفع مالاً أكثر لاستيراد الغذاء لأن المحصول قل العام الماضي بسبب تغير المناخ. هناك دول في المنطقة تعد أسعار هذه الاحتياجات فيها أعلى بكثير من العراق. في العراق وعندما أنظر إلى سؤال لماذا الأسعار ليست مرتفعة كثيراً رغم أن العراق من البلدان المستوردة، ندرك أن أحد العوامل يتمثل في نظام توزيع المواد الغذائية من قبل الحكومة، والذي بموجبه يتم استيراد كمية كبيرة من القمح. لو لم يكن هذا النظام موجوداً، أعتقد بأن التأثير كان سيكون أكبر بكثير. الآن يمكن القول، بأن سعر القمح المستورد تتحمله الحكومة، لكن في القطاع الخاص، وتحديداً في المناطق التي تعيش فيها نسبة كبيرة من غير العراقيين، فانك تلاحظ بأن الأسعار قد ارتفعت بنسبة 30%.
رووداو: هل يمكن أن تقيموا لنا بصراحة خطة الحكومة العراقية وحكومة إقليم كوردستان لمواجهة الوضع الحالي، وهل هي مناسبة؟
علي رضا قريشي: هناك الكثير من العوامل، العراق في الوضع الجيوسياسي العالمي، المخاطر التي تهدد الأمن الغذائي العالمي، وكذلك الأمن الغذائي العراق. هناك تحد عالمي يتعلق بتخصيب التربة، والعراق معني به أيضاً. دعنا لا نتحدث مرة أخرى عن تغير المناخ، وإلا سأبقى أدور في هذه الحلقة، لكنه مازال قائماً ولم يتغير شيء، وهذا التهديد مازال قائماً.
مشكلة شح المياه مازالت قائمة، السؤال هو ما إذا كان العراق قادراً على إنتاج الكمية نفسها من القمح، أسوة بالسنوات الماضية؟ أعتقد، كلا. ما تم تحقيقه على صعيد انتاج القمح في عام 2019 كان بسبب الأمطار الغزيرة، والآن لا نشاهد هطول هذه النسبة من الأمطار.
علينا أن نتقبل حقيقة أن هناك تأثيراً للمناخ. لكن كيف سنحد من هذا التأثير على المدى الطويل ونتواءم مع المتغيرات؟ أقول مرة أخرى، هناك بلدان تتأثر بتغير المناخ، وهناك بعض الدول في أوروبا التي ينخفض محصولها من القمح، ودول أخرى في آسيا أوقفت تصديره. هل نتجه إلى وضع ستكون فيه كمية أقل من الغذاء متوفرة على مستوى العالم، وذلك بسبب تأثر الجميع بالمتغيرات؟ حتى لو كانت هناك أموال متأتية من بيع النفط، لكنك قد لا تجد أي مكان تشتري منه ما تحتاجه من القمح، كيف ستواجه هذا التهديد؟ عن طريق سياسة مناسبة تستطيع من خلالها مساعدة فلاحيك على تحسين زراعتهم، والتكيف مع تغير المناخ عبر الاستثمار في التكنولوجيا، والاستثمار في الحلول الذكية.
قبل فترة شاركت في مؤتمر بأربيل، ودهشت للحلول التي يقدمها القطاع الخاص هنا للتكيف مع تغير المناخ. يجب خلق بيئة مناسبة لتمكين الفلاحين. لماذا لا نستيطع أن نمتلك بعض الأنظمة أسوة ببعض الدول المتقدمة، حيث يتم تنظيم الري على مستوى الحقول. هنا تشاهد حقولاً لا تستخدم أساليب صحيحة للري، وتعتمد فقط على مياه الأمطار. كيف نستطيع مساعدتهم من خلال الأفكار الجديدة؟ من خلال تمكين الفلاحين ليحققوا إيرادات أكبر، وبذلك سيتم إحياء القطاع الزراعي، وعند ذاك سيكون الأمن الغذائي للعراق بيد العراق نفسه، لا أن يعتمد بشكل دائم على الاستيراد.
تعليقات
علق كضيف أو قم بتسجيل الدخول لمداخلات أكثر
أضف تعليقاً