رووداو – بغداد
أكد مستشار رئيس الوزراء العراقي، مظهر محمد صالح، اليوم الثلاثاء، (28 نيسان 2020)، أن دفع رواتب الموظفين قضية إنسانية وأخلاقية ترعاها الدولة، مشيراً إلى ضرورة توصل بغداد وأربيل لاتفاق شفاف بهذا الصدد.
وقال صالح في مقابلة مع شبكة رووداو الإعلامية: "اقترح إيجاد تفاهم واقعي وقوي وصريح بين مالية الإقليم ومالية المركز بأسس تشريعية وتنفيذية لتوحيد المالية العامة بشكل صحيح ووضع أسس كونكريتية للمستقبل وإعادة هيكلتها، بحيث نستطيع من خلاله تأمين رواتب الإقليم والمركز بالحدود المتاحة".
وأشار إلى أهمية "أن يكون هنالك إفصاح تام وشفافية وحوكمة للتعاطي مع المالية العامة في المركز والإقليم لتستقر العلاقات بالشكل الذي لا يكون فيه غالب ولا مغلوب ويشعر الجميع بالعدالة"، مبيناً: "أرى أن هذه فرصة لبناء مالية اتحادية حقيقية، وأعتقد أن ما يجري (من مشاكل) هي فقاعات وزوابع ستنتهي إلى تفاهمات مستقبلاً".
وفيما يلي نص المقابلة:
رووداو: كيف تنظرون إلى الأزمة المالية التي يمر بها العراق؟ وما هي الحلول؟
مظهر محمد صالح: كما تعلمون فإن طبيعة الاقتصاد العراقي هي طبيعة أحادية، لأن الموازنة العامة تتمحور حول الإيرادات النفطية بنسبة قد تبلغ 90 إلى 93% وفي الوقت ذاته، تشكل نفقات الموازنة العامة حوالي 50% من الإنفاق الكلي في الاقتصاد أي حوالي نصف الناتج المحلي الإجمالي بشكل مباشر وتصل إلى 80% بشكل غير مباشر؛ أي أن النشاطات الاقتصادية تتمحور حول النفقات الحكومية والإيرادات النفطية، بمعنى أنه إذا انخفضت الإيرادات الحكومية ينخفض النشاط الاقتصادي وهما متلازمان، لذا فإن الاقتصاد يعتمد على نشاط الدولة، والمشكلة أن النفقات الثابتة هي الأكبر وأهمها الرواتب، وبحسب تقديراتي فإن ما لا يقل عن 9 ملايين عراقي يتسلم دخل حكومي بين رواتب أو عقود أو منح وكذلك المتقاعدين والمستفيدين من الرعاية الاجتماعية وهؤلاء يشكلون عدداً هائلاً من السكان وإذا كان كل واحد منهم مسؤولاً عن أربعة أشخاص فهذا يعني أن جل الشعب العراقي يتسلم دخلاً من الحكومة بشكل مباشر أو غير مباشر، والمعضلة الأكبر التي تواجهنا الآن في انخفاض الإيرادات هي الحفاظ على الرواتب ومتسلمي الدخل في جمهورية العراق.
رووداو: من يقف وراء إيقاف صرف 453 مليار دينار المخصصة كرواتب لموظفي إقليم كوردستان؟
صالح: أنا غير مطلع على هذا الإجراء بين المالية والإقليم، وقد سمعت عن الأمر، والمشكلة نابعة عن قانون الموازنة العامة لـ2019 حيث تنص المادة العاشرة على حسم التكاليف أو الأضرار الناجمة عن عدم منح الإقليم للمركز 250 ألف برميل في حينها، ومع مضي عام 2019، الإقليم لم يسلم 250 ألف برميل لكنه استلم الرواتب، وبعدما دخلنا في 2020 ليست هنالك موازنة وهذه هي المشكلة لذا كان يجب صرف 1/12 من موازنة 2019، لكن إيرادات 2019 ليست هي إيرادات 2020 لذا اختلت المعادلة، وأعتقد أن رواتب الناس قضية إنسانية وأخلاقية ترعاها الدولة لكن اقترح إيجاد تفاهم واقعي وقوي وصريح بين مالية الإقليم ومالية المركز لتوحيد المالية العامة بشكل صحيح ووضع أسس كونكريتية للمستقبل وإعادة هيكلتها لا أن نلتحم في الطوارئ ونبتعد في الرخاء، بل يجب أن يكون هنالك إطار موحد متكافئ بين مالية الإقليم ومالية المركز على طاولة واحدة لإيجاد الحل.
رووداو: ما هو موقف رئيس الحكومة عادل عبدالمهدي من إيقاف صرف جزء من رواتب موظفي إقليم كوردستان؟
صالح: أعتقد أن هذه قضية وقتية تعتمد على التفاوض، وأتصور أن لدى الإقليم وفداً زار بغداد مرتين تفاهم خلالها حول حصة العراق من تخفيض الإنتاج في أوبك، أي أن هنالك تفاهمات والمسألة غير مقطوعة لكن أعتقد أننا بحاجة لاتفاق شفاف يرضي الجميع، بحيث نستطيع من خلاله تأمين رواتب الإقليم والمركز بالحدود المتاحة، وهذا يتطلب وجود اتفاق مالي قوي بأسس تشريعية وتنفيذية وليس مجرد نوايا واختبارات.
رووداو: في ظل جائحة كورونا وإفرازاته الاقتصادية، كل الدول تساعد المحتاجين والشركات، هل من المنطق في هذه الظروف إيقاف رواتب جزء من موظفي إقليم كوردستان؟
صالح: هذه القضية أخلاقية وإنسانية بالتأكيد، لكن هنالك التزامات متبادلة وضيق في الموازنة المركزية أي هنالك مشكلة لعدم وجود الأموال بصراحة، والمشكلة أصبحت عامة الآن، وأرى أن التفاهم أمر ضروري، وأن توضع كل الأوراق على الطاولة وأن تكون ماليتي الإقليم والمركز واضحتين وحل المشاكل طويلة الأجل بالتدريج وتطبيق المعالجات للمشكلات قصيرة الأجل، وأرى أن هذه فرصة لبناء مالية اتحادية حقيقية.
رووداو: حسب معلوماتنا، فانه تم التوقيع من قبل وزير المالية على إطلاق مبلغ 453 مليار دينار مخصصة لموظفي اقليم كوردستان لهذا الشهر، هل تمت الموافقة من قبل رئيس الوزراء على ذلك؟
صالح: لا علم لي بهذا الأمر، لأننا بعيدون عن هذه الآليات التنفيذية ونحن معنيون بالآليات الاستشارية، وقد يكون الأخوة في الإقليم على اتصال مع المركز حول هذا الموضوع.
رووداو: ما الذي تطلبه الحكومة العراقية للاستمرار بدفع هذا الجزء من الميزانية لإقليم كوردستان؟
صالح: في تقديري الشخصي نحن بحاجة إلى إعادة بناء المالية العامة في كوردستان والمالية العامة في المركز على أسس حقيقية وليست الهواجس وأن تدخل كل الإيرادات في معين واحد وتوزع بشكل صحيح وبالاتفاقيات الواضحة والشفافة وبدرجة عالية من الحوكمة وأتصور أن تحل هذه المشكلة إلى الأبد إن شاء الله.
رووداو: ما هي الخطة لإنشاء خط إمداد الكهرباء من تركيا إلى العراق عبر إقليم كوردستان؟
صالح: لدى العراق خطوط ربط كهربائي مع المناطق المحيطة به ومنها الربط الخماسي مع الدول العربية، وهذه المسألة طبيعية وعادية جداً لتبادل الكهرباء، وتقوم الدولة التي لديها فائض ببيع الطاقة للدولة التي لديها عجز، وكل أقاليم أميركا وكندا تقوم بتبادل الكهرباء وهذه القضية منطقية واقتصادية وعقلانية.
رووداو: هل هنالك مباحثات بشان إمداد الغاز من إقليم كوردستان لمناطق العراق، وما هي نتيجة هذه المباحثات لحد الآن؟
صالح: هذه المسألة متعلقة بوزارة النفط، والعراق يجب أن يتكامل اقتصادياً لبناء اقتصاد حقيقي، وللغاز أولوية في ذلك، فكما تعلمون نحن لدينا مشكلة في حرق الغاز ما يعتبر خسارة كبيرة في الوقت الذي تعتمد فيه محطات الكهرباء الحديثة على الغاز، واعتقد من المنطق أن يكون هنالك ربط بين الإقليم والمركز في موضوع الغاز وستسير على خطاها المرسومة بالتأكيد.
وأعتقد أن ما يجري هي فقاعات وزوابع ستنتهي إلى تفاهمات مستقبلاً.
رووداو: برأيكم.. هل يجب أن يكون هناك اتفاق جديد بشأن الميزانية ونفط إقليم كوردستان، بين بغداد وأربيل، لأجل حل الموضوع؟
صالح: أتوقع ذلك، ومن الضروري أن المالية العامة في الإقليم والمالية العامة في المركز تعمل بنوتة موسيقية واحدة وهارموني واحد، لأن الشكوك تخلق المشاكل ويجب أن يكون هنالك إفصاح تام وشفافية وحوكمة للتعاطي مع المالية العامة في المركز والإقليم لتستقر العلاقات بالشكل الذي لا يكون فيه غالب ولا مغلوب ويشعر الجميع بالعدالة وهذا مهم.
تعليقات
علق كضيف أو قم بتسجيل الدخول لمداخلات أكثر
أضف تعليقاً