رووداو ديجيتال
يشعر السياسي الكوردي عدنان المفتي بالاسف لعدم التحقيق الموضوعي مع نرمين، التي دست لهم سم الثاليوم واوصلتهم الى حافة الموت، حسبما تحدث بالتفصيل عن هذه الحادثة في الحلقة الماضية، بل انها تسببت بالفعل بموت ثلاثة ابرياء، قبل قتلها من قبل المنتفضين عام 1991، وقبلها اعدام زوجها جبار، وهو مقاتل في بيشمركة الاتحاد الوطني الكوردستاني دون اخضاعه لمحكمة عادلة وضياع الحقائق والمعلومات حول تجنيد زوجته من قبل المخابرات العراقية.
في الملف، او الحلقة 19 من برنامجنا الحواري "ملفات عدنان المفتي" الذي يُبث من خلال رووداو عربية حصرياً، يتحدث المفتي عن مصير نرمين، وعن قصة اعتقاله من قبل المخابرات السورية بعد انشقاقه عن الاتحاد الوطني وانضمامه في الحزب الاشتراكي الكوردستاني الذي كان قد اسسه تواً محمود عثمان ورسول مامند وآخرين.
نسأله عن مصير نرمين التي دست له ولمحمود عثمان وسامي شورش وآخرين سم الثاليوم في قرية سيروان بناحية مرگة عام 1987، حيث يقول: "بسبب الفوضى التي حدثت في قرية سيروان ووفاة ثلاثة اشخاص استطاعت ان تخرج من المنطقة وتصل الى السليمانية، وتمكن مقاتلو البيشمركة من القاء القبض على زوجها في منطقة اخرى واعدامه".
ورأى أنه "كان يجب ان يتم التحقيق معه ومعرفة الحقيقة وفي اغلب ظني انه لم يكن على علم بما قامت به زوجته فانا اعرفه كان مقاتلاً معنا وعندما التقيته لم يبد عليه انه متعاون مع المخابرات، او انه يعرف بعلاقة زوجته بالمخابرات العراقية، والا كان بقي في السليمانية ولا يعود الى المنطقة وينظم مرّة أخرى للبيشمركة".
المفتي، أوضح: "أما زوجته (نرمين) فقد قتلها المنتفضون عام 1991 مباشرة وكان يجب محاكمتها ومعرفة تفاصيل علاقتها بالمخابرات العراقية وكيف دست السم، لكن للاسف لم يتم ذلك والقصة كانت معروفة ومنتشرة والأمر تم في ظل جو مشحون بالانفعال والانتقام، وقيل انه اجريت لها محاكمة صورية وسريعة. كنت أتمنى بالفعل ان يتم اعتقالها والتحقيق معها ذلك ان قتلها بهذه الطريقة حرمنا للأسف من معرفة تفاصيل أكثر".
ولكن كيف تأكدتم انها، نرمين، هي من دست السم؟ يجيب المفتي قائلاً: "لأنها هي من جلبت اللبن وهو مصدر التسمم لأن بقية الطعام، الدجاج والرز وغيره من الطعام تم تجربته على القطط واكلته ولم يحدث لها اي شيء، واللبن كان طعمه غريب وغير طبيعي، ثم أنها وابنها الوحيدان، من بين الحضور على مائدة طعام البيت، لم يصابا بأي أعراض، وهروبها المفاجئ الى السليمانية كذلك في خضم الفوضى السائدة دليل آخر على تورطها في الحادث".
ضمن ملف محاولات الاغتيال والاعتقالات، يعرج السياسي الكوردي على قصة اعتقاله من قبل المخابرات السورية، بعد ان كان يعتبر دمشق الملجأ الامن ومنذ سنوات طويله له ولرفاقه.
يقول: "بعد أشهر من انشقاقي عن الاتحاد الوطني الكوردستاني وانضمامي للحزب الاشتراكي الكوردستاني، قررت السفر الى دمشق عام 1979، ولقاء عادل مراد، الذي كان قد أكد انه معنا في الحزب الاشتراكي، وكان قد ترك سوريا وغادر الى لبنان للعمل محرراً في جريدة السفير البيروتية، اتصلت به من طهرات وطلبت منه ان نلتقي في دمشق، وبالفعل التقينا هناك واقمنا في غرفة بسريرين بفندق البرج الفضي الواقع بين الصالحية والمرجة. كانت الاجواء وقتذاك متوترة (مكهربة) خاصة واننا منشقون عن الاتحاد الوطني الذي كان له حضور قوي في دمشق وبسبب العلاقات المؤثرة لمام جلال، ثم ان الاتحاد كان قد تأسس اصلاً في سوريا".
يستطرد المفتي بحديثه قائلاً: "بعد يومين من وصولنا الى دمشق كنا عائدين، عادل وانا، بعد الغداء الى غرفتنا في الفندق، فوجئنا باتصال موظف الاستقبال بنا وقال لي: هناك ناس يريدون ان يلتقوا بك، قلت له انا ما عندي موعد مع احد وطلبت التحدث معهم عبر الهاتف، فقال احدهم: (رفيق عدنان احنة جايين من حلب وحابين نسلم عليك). قلت لعادل (هؤلاء من المخابرات وجايين يعتقلوني لأن ما عندي موعد مع احد ولا اعرف من هؤلاء)، لكن عادل لم يأخذ كلامي بجدية، قلت له اذا لم اعد خلال 5 دقائق خذ حقيبتي وانزل بواسطة السلم حتى لا يأخذونها، ومع ذلك لم يأخذ كلامي بمحمل الجد، ونزلت ووجدت هناك 3 اشخاص".
ويضيف المفتي: "قال احدهم رفيق عدنان تفضل معنا، انا قلت لهم تفضلوا حتى لا يمسكوا عادل، واخذوني واودعت في غرفة انفرادية وفي اليوم التالي بدأوا يحققون معي، كان اثنان من المحققين لا اعرفهم بالشكل ولم التقي بهم سابقاً، ولاحقاً قيل لي ان احدهم ربما كان علي دوبا (الرئيس السابق للاستخبارات العسكرية السورية، وكان مستشاراً مقرباً للرئيس السوري حافظ الأسد). سالوني: انت كنت رايح لبغداد. رايح للعراق؟ قلت نعم رحت للعراق ولكن يا عراق تقصدون؟ وكانت اسئلتهم توحي بانني مع النظام العراقي".
ويسترسل المفتي في كلامه: "قلت لهم انا كنت في المناطق المحررة من العراق الذي فيه جلال طالباني ومحمود عثمان ورسول مامند، وصرت اعدد لهم اسماء قيادات كوردية، وانا كنت قد سافرت بعلمكم ومعرفتكم، وانتم (عن طريق قيادة قطر العراق) منحتوني جواز سفر (مهمة) عام 1978، ايام مشروع الوحدة بين العراق وسوريا وقبل سفري التقيت بالرفيق عبد الله الاحمر (الامين العام المساعد لحزب البعث) الذي حملني رسالة شفوية لرفاقنا، وسافرت مع فؤاد معصوم وعمر دبابة وعادل مراد، وتحدثت عن تواجدي وعن المشاكل الموجودة هناك، حتى وصلت بحديثي الى اننا تركنا الاتحاد الوطني وشكلنا الحزب الاشتراكي الكوردستاني".
المفتي، يبين: "هنا سألني قائلاً: اي. ليش انشقيتوا عن الاتحاد؟ قلت له انا جاي هذه السفرة حتى احكي عن هذا الموضوع، المهم حكينا بأمور كثيرة. ثم سألني عن امور لم اعرف الاجابة عنها مثلاً عن بعض الاسلحة التي وصلت من سوريا الى كوردستان وعن اعدادها وانواعها؟ اجبت انا اعرف ان هناك اسلحة وصلت من سوريا لكن لا اعرف تفاصيلها ولا اعدادها، وهي اسلحة كانت للاتحاد الوطني لكنهم يريدون ان يعرفوا كم منها وصلت عبر قامشلو. مثلاً كانت هناك 3 الاف قطعة سلاح رايحة لكن حسب معرفتي وصلت 500 قطعة منها".
يوضح المفتي: "في السجن تصير عندي حالة من الانسجام مع الوضع الجديد، غرفة وفيها ضوء 24 ساعة، وقلت من الافضل ان انام على ظهري هذا مفيد لمفاصلي، ثم ادركت ان لا احد يتحدث معي، في اليوم الثاني جاءني احد السجانين وقال لي: انت منو؟ قلت له لماذا؟ قال بلغونا ان لا نتحدث معك".
يستطرد بحديثه قائلاً: "بعد ايام بعثوا علي وبدأوا يهددوني وقالوا اذا لم تقول لنا الصدق سوف نفعل كذا وكذا، فأجبتهم بأن الذي قلته هو هذا الصدق ولا شيء غيره، واسألوا غيري وسوف تتأكدون من صدق ما أقوله".
وماذا جرى لعادل مراد بعد ان تم القاء القبض عليك في الفندق؟ يجيب المفتي قائلاً: "بعد ان غبت عنه في الفندق 10 دقائق سأل الاستقبال في الفندق عني فأخبروه باني أُعتقلت، عاد مسرعاً الى الغرفة ووجد احدهم يفتش بحقائبنا وتفاجأ بوصول عادل، وقال انا هنا لترتيب الغرفة، فجمع اشياءنا وذهب الى بيت محمود عثمان وحاول الاتصال بعبد الجبار الكبيسي، وهو صديقي، الذي كان عضو القيادة القومية، لكنه كان خارج سوريا، وذهب عادل الى بيروت وبعد 5 ايام اطلقوا سراحي وقالوا يجب ان تأتي غداً لأن المعلم يريد اللقاء بك، دون ان نعرف من هو المعلم".
ويتابع المفتي حديثه: "اتصلت بالكبيسي وكان قد عاد الى دمشق والتقيت به وأخبرته بأنهم يريدونني غداً الساعة 10 صباحاً، فقال اذهب واذا لن تعد الساعة 12 فسوف اتصرف. كان الكبيسي مقرباً من الرئيس حافظ الاسد وصوته مسموع جداً في سوريا".
يذهب السياسي الكوردي عدنان المفتي في اليوم التالي الى المخابرات، وحسب قوله: "أخبروني بأن المعلم غير موجود، وطلبوا مني الحضور في اليوم التالي، عدت والتقيت بالكبيسي وقلت له انا افضل الذهاب الى بيروت ولا اريد الذهاب مرة اخرى الى المخابرات السورية، واعتقد ليس عندهم أمر جدي معي والا كان التقوا بي اليوم. استحسن الكبيسي الفكرة، وكانت لديه علاقة جيدة مع ايران في ذلك الوقت وخاصة مع محمد منتظري، وطلبت منه ان ابعث له جواز سفري من بيروت ويحصل لي على تأشيرة من ايران لأعود من بيروت الى كوردستان عن طريق طهران. ذهبت الى بيروت مع الصديق عبد الرزاق العاني (ابو جمال) الذي ارسلت معه جواز سفري الى الكبيسي واعاده لي بعد 3 ايام وعدت الى كوردستان".
تعليقات
علق كضيف أو قم بتسجيل الدخول لمداخلات أكثر
أضف تعليقاً