السفير العراقي لقمان الفيلي: هناك أكثر من 100 ألف إزيدي في المانيا

24-10-2023
رووداو
سفير العراق لدى ألمانيا لقمان الفيلي مع مذيع رووداو نوينر فاتح
سفير العراق لدى ألمانيا لقمان الفيلي مع مذيع رووداو نوينر فاتح
الكلمات الدالة ألمانيا العراق الهجرة
A+ A-
رووداو ديجيتال

أعلن سفير العراق لدى ألمانيا وجود 400 ألف لاجئ عراقي في ألمانيا، مشيرا الى ان عشرات الآلاف منهم إقاماتهم مرفوضة وسيرحّلون في نهاية المطاف.
 
جاء ذلك في مقابلة خاصة أجراها السفير العراقي في برلين لقمان الفيلي مع مذيع قناة رووداو نوينر فاتح، خلال تواجده في اربيل.
 
وذكر الفيلي أن هناك فكرة رومنسية غير واقعية حول مسالة الهجرة واللجوء الى ألمانيا، مبيناً ان المعيشة صعبة في الدولة الاوروبية والاندماج والحصول على العمل فيه يتطلّب الإيفاء بشروط معيّنة وبذل جهد كبير.
 
السفير العراقي تطرّق في حديثه الى عمل ودور المانيا في العراق، وقال إن ألمانيا داعمة لاستقرار العراق، وداعمة الى التوجّه الدولي ضد داعش، لافتاً وجود نظرة إيجابية لدى الالمان تجاه عملهم في العراق، وان وجود قواتهم وعملها في العراق يعتمد على وجود طلب رسمي عراقي لذلك.
 
وفيما يتعلّق بعقود الحكومة العراقية مع شركة سيمنز الألمانية، ذكر الفيلي ان رئيس الوزراء العراقي يولي اهتماماً كبيرا بهذا الملف وبالعلاقات مع ألمانيا كدولة مهمّة بأوروبا، مؤكداً ان الجانبان انهيا المرحلة الأولى من الاتفاق، وفي المرحلة الثانية هناك دفعات تم تسديدها، وان شركة سيمنز سيمنز ماضية بالموضوع، وهي مرتاحة للموافقات والعقود والدفع والإجراءات والمراحل الموجودة، وترغب بإحداث التسهيلات البيروقراطية بهذا الشان.
 
فيما يلي نص المقابلة:
 
رووداو: عندما نتحدث عن ألمانيا وأوروبا، الملف المهم بالنسبة للناس هو موضوع الهجرة، وهو موضوع مثير للقلق بالنسبة للأوروبيين وللحكومة العراقية ايضاً، لكن عموماً ما هي سياسة ألمانيا تجاه الهجرة وهجرة العراقيين؟
 
لقمان الفليلي: في حديث سابق مع الإذاعة، تحدثت عن وجود 400 ألف عراقي، وهناك نحو عشرات الآلاف لحد الآن إقاماتهم مرفوضة، اما مرفوضة قطعاً من قبل القضاء أو مرفوضة مبدأياً وهناك استئناف قضائي. ومن جانب آخر لدينا جالية متعدّدة الخلفيات في الجغرافية المختلفة لكل ألمانيا، لديها دور نشط في المجتمع ومندمجة بالمجتمع. الإدارة الألمانية من خلال الاشكاليات الاقتصادية التي لديهم والمتغيرات التي حدثت بعد عام 2015 بوجود أكثر من مليون سوري، والآن فيها أكثر من مليون أوكراني، لديها برنامج لسرعة الاندماج. عندها تغييرات في القوانين، خفضت المستوى المطلوب من اللغة، وقضية الشهادات وما الى ذلك، وهي تسعى الى سرعة اندماج العراقيين وغيرهم مع الألمان، في تتجه بهذا الاتجاه. بالمقابل، هناك ضغوطات داخل المجتمع نفسه، هناك استقطابات، اليمين في ألمانيا يحصل على المقاعد والاصوات أكثر من السابق على الاقل في انتخابات الولايات التي حصلت قبل ثلاثة ايام وغيرها، فهناك تحدّ داخلي متعلق باستقطابات داخلية وشعبوية السياسات في بعض الأحيان. لذلك هناك تحد حول عدد العراقيين والإقامات التي لديهم، وهناك توجه ألماني على سرعة اندماج اللاجئين الأجانب او حتى الهجرة، فهي تساعد على الهجرة لكن تريد ذلك بطريقة منظّمة. ألمانيا تعمل ضمن الاتحاد الأوروبي، هناك التزامات عليها ضمن دول الاتحاد الأوروبي، ويمكن ان تقود الاتحاد الأوروبي ضمن سياسات معيّن ومنها الهجرة.
 
رووداو: هناك فكرة لدى الشباب العراقي بأنه مهما كان الحال، لكن عندما تصل الى ألمانيا في النهاية ستحصل بنوع ما على الإقامة وسيكون لك مستقبل هناك، لكن ماهي السياسة الحالية.. ما مدى صحة هذه الفكرة؟
 
لقمان الفيلي: هذه فكرة رومانسية أكثر من حقيقة، العمل في ألمانيا ليس سهلاً، وكذلك المعيشة، مطلوب منك أن تعمل وان تتقن اللغة، كما انه مطلوب منك ان تكون لديك ملكات عمل، شهادات معينة وقدرة على التحمل، حتى لو كنت ترغب بالعمل في معمل فستستغرق 3-4 سنوات لاجتياز المرحلة الابتدائية، وهذا يحتاج الى جهد. هناك قراءة رومانسية بعض الشيء. الحصول على الإقامات وغيرها عملية ليست سهلة، نعم هناك نظام أجتماعي في ألمانيا يمنح الرواتب ويوفر التعليم والخدمات الصحّية لكن ليس بالسهولة التي ترسم بالصورة الرومانسة. ونحن كدولة ومجتمع نعطي حرية السفر، مع وجود ذلك بالدستور، لكن ذلك يلقي مسؤولية على المواطن بأن يحافظ على سلامته واهله. نحن نتأسف لأمور تأتينا أحياناً، مثل حالات وفاة شباب في الغابات نتيجة للبرودة او المكوث في أجواء صحيّة غير صحيحة، أو غرق وغيره. هذه حالات مؤسفة. وكمجتمع عليه ان يراجع سبب هجرة هؤلاء الشباب، هذا يحتاج الى مراجعة مجتمعية ونحن كسفارات نتعامل معها بأن نفتح الباب للكل، نقدم المساعدة للأشخاص الراغبين بالعودة كذلك للأشخاص الذين يريدون البقاء ويعملون على تجديد وثائقهم. ولكن كحالة عامّة هناك سوء فهم رومانسي عن سهولة الهجرة والاستقبال، فالحياة اصعب، وذكرت ان هناك عشرات الآلاف إقاماتهم مرفوضة، وبالنتجية سيرحّلون اليوم او غدا او بعده، هذه نتيجة اجراءات داخلية ألمانية وهي قضية سيادية لا يمكننا التدخل بها.
 
رووداو: فيما يتعلّق بترحيل هؤلاء اللاجئين الى دول المنشأ، هل هناك نية حقيقية لدى الحكومة الألمانية لإعادة هؤلاء؟
 
لقمان الفيلي: هناك قرار في الاتحاد الأوروبي بهذا الموضوع، هل العراق متعاون معهم أم لا؟ هذا قرار وحدثت مباحثات بين العراق والاتحاد الاوروبي ضمن اتفاقات، نحن كدولة مسؤولون عن مواطنينا، ولا يمكننا ان نقول للمواطن ليس من حقك أن ترجع، او إذا الدولة ارادت ان تتعامل معه، نحن بالنتيجة نستقبل أي مواطن عراقي يرغب بالعودة، او سيرجع. بنفس الوقت نقدم الخدمات التي نستطيع تقديمها ونتعاون مع هذه الدول في موضوع ترتيب أمور العراقيين. فليس من مصلحتنا ان يغادر مواطن عراقي حامل للشهادة بسبب اشكال يعاني منه ويذهب الى بلد لا يستطيع العمل فيه بسبب معادلة الشهادة، بنفس الوقت نحن دولة نريد ان نتعافى، جزء من تعافيك هو ان يبقى مواطنوك في بلدهم وان تقدم لهم الخدمات وهذا هنا يحتاج الى مراجعة (لماذا هجرة الشباب العراقي؟).
 
رووداو: الشباب العراقي داخل العراق، أي منطقة داخل البلاد تشهد أكبر عدد من الهجرة، حسب علمكم في ألمانيا؟
 
لقمان الفيلي: نسبة لا بأس بها من الإقليم (كوردستان)، نسبة لا بأس بها من جغرافيا مختلفة يأتون الى ألمانيا، هم متنوعون، لكن هناك نسبة لا بأس بها من الإقليم. ملاحظة أخرى، قد ينتقد البعض ويتحدث عن بعد سياسي، الألمان وغيرهم ينظرون الى الحرية الموجودة في الإقليم، فيقيّمون بأن هذا المهاجر اقتصادي وليس سياسي، يجب ان نميز هنا، فيقومون برفض طلبه باللجوء بسبب تقديمه طلباً سياسيا وهو قادم بعنوان اقتصادي. ومن أجل الحصول على الهجرة الاقتصادية يتطلب ذلك من الشخص تقديم طلب لجوء اقتصادي وإجراء معادلات الشهادات وإتقان اللغة، وإن يقدم عبر السفارات والبعثات الدبلوماسية الأخرى، وهذا هو الخلل الموجود بالنسبة لهجرة العراقيين الى أوروبا.
 
رووداو: إذا رفض اللجوء لأسباب سياسية..
 
لقمان الفيلي: هم يدّعون أنها سياسية..
 
رووداو: يدعون أنها سياسية. لكن يتم رفض الطلب..
 
لقمان الفيلي: عموماً، لأنه توجد حرية، نعم الحالة الإزيدية حالة خاصة من منطلق ألمانيا فهي تنظر بعين عطف وتعاون في موضوع الإزيدية وهناك تشريع داخل ألمانيا يعترف بتعرضهم للإبادة الجماعية، وحتى اليمين الألماني صوت على ذلك، هناك أكثر من 100 ألف إزيدي بحدود 115 ألف إزيدي عراقي، وبنفس الرقم إزيديون من دول أخرى قريبة على العراق، هناك خصوصية إزيدية في السايكولوجية الألمانية بالتعامل مع أقلية اضطُهدت من قبل داعش، بنفس الوقت هناك توجه عام حول هذه الهجرة إن كانت سياسية فتوجد حرية في العراق، وإن كانت هجرة اقتصادية طبيعية فعلى المهاجر ان يجري بالإجراءات الطبيعية.
 
رووداو: أود الحديث حول العلاقات بين ألمانيا والعراق، مدّدت ألمانيا في الأيام السابقة بقاء قواتها في العراق، وهناك دعم مستمر من قبل ألمانيا عسكريا للعراق، لكن التوجه.. هل سيمدد الألمان بقائهم لعام آخر بعد انتهاء هذه المدّة؟
 
لقمان الفيلي: ألمانيا داعمية لاستقرار العراق، وداعمة الى التوجّه الدولي ضد داعش وكذلك داعمة لدورها في الناتو في الدول الأخرى. في العراق التشريع حصل على أريحية في البرلمان، هم انسحبوا من دولة مالي وغيرها، لكن في العراق لا، هناك اتفاق بين اليمين واليسار والوسط والأحزاب المختلفة تؤيد دور ووجود ألمانيا في العراق، ودورها التأهيل والتدريب، هم ليسوا مقاتلين لنكون واضحين، بهذا القدر هناك تعاطف وتفهم لدى الإدارة الألمانية والبرلمان الألماني بدعم العراق، جزء أساسي منه يتعلق بأن العراق يحتاج الى الاستقرار وان المانيا مستعدة لمساعدته بطرق تتوافق مع التوجه الألماني، جزء منه عمليات السلام التي تقوم بها في العالم موجود في العراق ايضاً. لا توجد مخاوف ألمانية بهذا التوجه، هي دعوة الطرف العراقي، اذا العراق استمر بالدعوة اعتقد ان هناك استجابة ألمانية.
 
رووداو: ما عدا المساعدات العسكرية، العراق يحصل على العديد من المساعدات الألمانية، على سبيل المثال "GIZ" تقدم الكثير للعراق، الى اقليم كوردستان وداخل العراق ايضاً، لكن التغيير الداخلي على العموم في المانيا والغرب، مثلاً في اوكرانيا والمشاكل الاقتصادية الموجودة، كيف يغيّر في الداخل الأوروبي حالياً؟
 
لقمان الفيلي: العراق ليس كالسابق تفتح له الدول شيكا مفتوحاً، هذا المنهج لم يبق موجوداً في العالم الآن، ألمانيا من أكثر البلدان كرماً في مواضيع التنمية، باشكال مختلفة وبجغرافيا مختلفة داخل العراق، ونفقاتها في العراق تصل الى مئات الملايين، وهذا المبلغ ليس بقليل والدولة كريمة تجاه العراق ولديها ذات التوجه، هي تحتاج ان تعرف من هذه المشاريع هل تغيرت المعادلة العراقية نحو الأحسن؟ هل ازدادت الشفافية، هل تحسنت جودة الإدارة؟ هل تحسنت الحوكمة، وهل القضايا الديمقراطية ترسخت؟ بالنتيجة هي معابيير متعلقة بالتنمية والاقتصاد والشفافية وهي معايير دولية متبعة، فهي لديها دور وتواجد وتقيّم الأمر بواسطة مسؤولين، لحد الآن لديهم ارتياح في العمل بالعراق ويعتبرون عملهم منتجاً. الشعب العراقي كريم ويقدّر هذا الشيء، سايكلوجيتنا العراقية تجاه ألمانيا إيجابية، بالتالي لا ينظرون أليها كدولة مستعمرة او دولة لديها اجندات خاصة وهذا شيء جيد. لكن هل العراق استفاد بالطريقة الصحيحة المثلى؟ اعتقد انه لم تحدث حوارات حقيقية مع الألمان حول هذا الجانب، لحد الآن المشاريع التي تنفذ هي انفع للقراءة الألمانية وليس الحاجة العراقية، الحاجة العراقية تفترض ان تجري اعادة نظر مع الدول كلها، في قضية التعاون والتنمية وماهي قضية التركيز على التنمية. هذه الـ100 مليون دولار او 200 مليون يورو اين يرغبون انفاقها وبأي مكان تنفع العراق، هل في قضية الديمقراطية او التمنية او الحوكمة او الشفافية، او في اعادة النظر بالنظام البنكي المتبع؟ حتى يساعدنا ذلك، وهم ليسوا من النوع الذين يحبون فرض أنفسهم. لكن كحالة عامة يعتبرون العراق بحاجة الى الدعم ومستعدين لأن يدعموه ولكن العراق يحتاج لأن يعيد النظر في أولوياته. قضية الفساد كحالة مجتمعية يعتبرونه مؤشرا سيئاً، ويدعون الى الشفافية أكثر، كما يدعون لأن يكون العراق رائدا في مجال حقوق الانسان، هذه هي الملاحظات وهذه تنمية المجتمع ومتغيراته التي تحصل داخل العراق نفسه ونحن نشاهده.
 
رووداو: تقوم أميركا يتوجيه اهتماماتها بالتدريج الى ملفات أخرى، بعيدا عن الشرق الأوسط، الى الصين، أوكرانيا، وروسيا، هل التوجه ذاته موجود داخل أوروبا أيضاً؟
 
لقمان الفيلي: هناك اختلاف نوعاً ما، موضوع الهجرة هو الموضوع الرئيس في أوروبا، وهذا لا يتعلق بالأميركان، الأميركان ليست لديهم مشكلة هجرة، لديهم مشكلة الهجرة من المكسيك وليس من العراق هذا من جانب. والهجرة مرتبطة بسوء الإدراة الداخلية او سوء الملف الامني الداخلي مباشرة، هناك حذر أوروبي تجاه العراق في هذا الموضوع. هناك أيضا متغير آخر داخل أوروبا، وهو التغيرات الديمغرافية التي تحصل داخل القارة، سرعة الاندماج في أميركا تختلف عما هي عليه في ألمانيا، انا عشت في أميركا، في اميركا انت لن تشعر بأنك أجنبي لأن الجميع أجانب هناك، في أوروبا الأمر مختلف ويظهر بوضوح انك أجنبي، لذا هناك اختلاف في الاندماج وفي المتغيرات المجتمعية التي تحدث في هذا الموضوع، في موضوع الجندر، وفي موضوع التعامل مع الـ "LGBT" والشذوذ، وملفات اخرى تتعامل فيها أوروبا بشكل مختلف، وعليه فإن نظرتهم الى منطقتنا متعلقة بالجغرافيا اكثر. القرب الجغرافي مثلاً، والطاقة نظرا الى إمكانية ان تعوض الطاقة الموجودة لدينا الطاقة الروسية في شمال إفريقيا وغيرها، بالتالي فإن الجغرافيا هي التي فرضت نفسها على المعادلة.
 
رووداو: كان هناك الكثير من الأحاديث حول سيمنز ومسألة العقود مع شركة سيمنز، الى أين وصل الموضوع؟
 
لقمان الفيلي: المرحلة الأولى انتهت، وفي المرحلة الثانية هناك دفعات تم تسديدها، في الحديث المباشر مع سيمنز ومتابعتي للوزرات العراقية، هناك ارتياحاً بالتعامل مع هذا الملف، وبالسنة الأخيرة ركز دولة رئيس الوزراء على ألمانيا كبلد مهم وكشريك أوروبي مهم، وحصلت لقاءات متكررة بين دولة الرئيس والمستشار الألماني، في برلين وأيضاً في نيويورك الشهر الماضي، هناك اهتمام عراقي بموضوع سيمنز، نعم طموح العراق أعلى من تلبية سيمنز المباشرة ورغبة سيمنز بأن تصبح البيروقراطية العراقية أسهل وأريح في التعامل، هذا يتم الحوار بشأنه حتى هذه اللحظة.
 
رووداو: هل هناك فكرة متى سيبدأ العمل على الأرض؟
 
لقمان الفيلي: سيمنز ماضية بالموضوع، وهي مرتاحة للموافقات والعقود والدفع والإجراءات والمراحل الموجودة. الطموح العراقي أكبر وهذا أمر غير مرتبط بسيمنز، حاجة العراق الى الكهرباء أكبر من موضوع سيمنز ويحتاج الى اعادة النظر بالبيروقراطية العراقية، هذه البلدان وصلت الى قناعة ان المشكلة في العمل هي داخلية عراقية متعلقة بالبيروقراطية او بقضايا اخرى يجب ان يقوم بحلّها. علينا ان نعافي أنفسنا بأنفسنا ولا نتوقع ان يأتي طرف آخر ليقوم بذلك.
 
رووداو: العراق ايضاً يعمل على جذب الاستثمارات الأجنبية، ونحن نتحدث عن ألمانيا كإحدى الاقتصادات العظمى الموجودة في العالم، هل هناك توجه ألماني بشان الاستثمار في العراق ام انه يوجد قلق حيال العراق الآن؟
 
لقمان الفيلي: انا كشخص عملت في اليابان، وكانت الدولة الاقتصاد الثاني حينها، واميركا الاقتصاد الاول وألمانيا، بالنتيجة نحن نتحدث عن شخص لديه خلفية وعمل بالمجال التجاري، في العراق قضية الاستثمار تحتاج الى مراجعة حقيقية، حول معنى الاستثمار في هذه البلدان، ألمانيا مثلاً تحتاج الى بيئة آمنة، آمنة ليس بالمعنى الامني، بل بمعنى إمكانية حل مشكلة في حال ظهورها، سرعة المحاكم، شفافية نقل الأموال، غياب الفساد والإجراءات البيروقراطية. وهذه هي البيئة الآمنة التي يجب ان نفكر بها في قضية استثمارات العالم. لحد الآن نحن غير مدركين، وحتى الدولة غير مدركة لحجم العمل المطلوب لإعادة العافية وخلق بيئة آمنة لهذه الشركات. هذه الشركات عموماً غير مجبرة على الاستثمار في العراق، لديها أموال ويمكنها ان تستثمر في اي بلد آخر. وحتى الدول القربية من العراق. لكن ترى ان هناك في العراق فرص، ولديها استعداد لأن تتحمل بعض الإجراءات البيروقراطية العراقية، لكن عدم وضوح المنهج العراقي وعدم وضوح آليات الدفع أو العقود أو غيرها، هذا الجو مقلق بالنسبة لهم، وبالتالي يتحفظون عن الاستثمار، يبقى في حالة مراقبة ويقوم ببعض الاستثمارات بسيطة. وهذه المشكلة أشكالية عراقية بالتعامل، وبالتالي فإن المنظومات الاساسية الثلاث في العالم تجد صعوبة في الاستثمار بالعراق، وهذا يحتاج الى مراجعة عراقية للاسباب، هل هي منظومة الإدارة، ام هي طريقة تعاطينا مع الآخرين، هل يتم إيصال المعلومات بطريقة غير صحيحة، ام لدى المقابل سوء فهم لم نقم بمعالجتها او انطباعات قديمة لم نصححها؟. هذا يحتاج الى وقفة عراقية، الموضوع غير مرتبط بدولة الرئيس الوزراء بل مرتبط بمنظومة العمل العراقية.
 
رووداو: هل ترى اي تغييرات إيجابية في الداخل حالياً؟
 
لقمان الفيلي: هناك تعاف عراقي، لكن يوجد مليون عراقي يولد ويتخرجون ويدخلون سوق العمل بمئات الآلاف، بالتالي الاقتصاد العراقي بحاجة الى ان ينمو، يتحدث الاقتصاديون عن ان هذا المليون بحاجة الى تحقيق نمو اقتصادي بنسبة 5% لكي يتمكن من موازاة الرقم، و5% نسبة كبيرة جدا، يعني نحن نحتاج الى أكثر من 5% لكي نتعافى. فالمسألة هي انه يوجد تعاف لكن ليس بمستوى الطموح ولا بمستوى الحاجة.
 
رووداو: فيما يتعلّق بحقوق الانسان، لنقُل سمعة العراق في الغرب، في التقارير الأخيرة خصوصاً خلال السنوات الاربع او الخمس الاخيرة لهيومان رايتس ووتش، والخارجية الاميركية في تقريرها السنوي لحقوق الانسان لم يكن فيه الكثير من النقاط الإيجابية حول حقوق الانسان بالعراق، منها بعض التشريعات داخل البرلمان العراقي مثل بيع واستيراد الكحول وبعض النقاط التي تهتم بها الدول الغربية كثيراً، هذا الرأي الاميركي.. أوروبياً ما هي صورة العراق؟
 
لقمان الفيلي: تقريبا فإن المنظومة الغربية أو المنظومة العالمية التي تقودها المؤسسات الغربية قراءاتها متشابهة في هذا الموضوع، هناك وقفة دولية حول العراق، هل العراق يتجه نحو الديمقراطية كاتجاه عام؟ كمجتمع وكتشريعات، ابتعدنا عن حكم الدكتاتور بعد 20 سنة، هم لديهم استفسارات حول الخلل هل هو مجتمعي أم من الطبقة الحاكمة؟ هل هي التشريعات ام المجتمع يحتاج الى التعامل معه؟ فهناك الآن في الغرب وقفة بالتعامل مع العراق، واستطيع ان اقول ان هناك وقفة عراقية أيضاً في التعامل مع الغرب، في موضوع الجندر مثلاً وموضوع التشريعات الأخرى التي تطرح في الغرب بقوة، واعتقد ان هذه قضية حضارية تتصف ببعد حضاري وحواري (هل تحصل حوارات حقيقية بهذا الشأن بعيدا عن الأضواء والكاميرات؟)، حوارات حقيقية بين النخب، استكشافية التي تهم الآخر؟، هذا بحاجة الى وقفة حوله بمعزل عن الغرب بغض النظر عن أحقيته من عدمها، وقد تكون طلباته غير صحيحة مخالفة لقيّمنا او تراثنا أو ديننا، لكن نحن نحتاج لأن نتحاور ونفهم ان كانت معلوماتهم خاطئة اين التصحيح؟. لدي ملاحظة في هذا الموضوع، سرعة التشريعات التي تحدث في العراق تعكس للآخرين غياب مراجعة حقيقية، لايوجد فهم للتبعات الاجتماعية لهذه التشريعات، البنى التحتية المطلوبة لتنفيذ هذه التشريعات، وكأن هذه التشريعات للصدى فقط وليس لكي تترجم على الأرض، هذه الملاحظة العامة العراق بحاجة لأن يتعافى منها بسرعة، يحتاج الى الانفتاح على الغرب بشكل أفضل بحوارات، بالارقام، ان نتسلح بقيمنا في التعامل مع الآخرين، الموضوع ليس عناداً او قضية فرض رأي. وحتى في الغرب، الغرب بطبيعته يحاول أن يستنسخ فهمه وعقيدته وثقافته عليك، هذا منطق قوي، نحن نرفض هذا الشيء وليس لدينا مشكلة في ذلك، لكن نحتاج لأن نتحاور مع الآخر، وان نفهم الآخر ونعرف كيف نؤثر على الآخر، ولا تنسى شيئاً وهو ان لدينا جاليات بمئات الآلاف في هذه المجتمعات ونحتاج الى ان نعرف كيف نستخدم هذا العنصر. موضوع حرق القرآن الذي حصل ولدينا رقم هائل من العراقيين في السويد يعكس للإنسان المراقب والإنسان الفاعل بالدبلوماسية على هذه الساحات قضية لماذا لم نتواصل مع مجتمعاتنا المتواجدة بالغرب، لماذا لم نقم بالتأثير على صاحب القرار وهم مواطنون في هذه البلدان؟ هذا يحتاج الى مراجعة، لدينا جاليات تمثل عمقاً استراتيجياً في الخارج لم نستفد منها في التأثير والاستفادة.
 
رووداو: شكرا جزيلاً لك سيد لقمان الفيلي.. شكرا على هذه الفرصة، سعدت بالحديث معك.
 
لقمان الفيلي: شكراً.
 

تعليقات

علق كضيف أو قم بتسجيل الدخول لمداخلات أكثر

أضف تعليقاً

النص المطلوب
النص المطلوب