سفير اسبانيا: نسعى الى إعادة وجودنا في العراق لعهد الثمانينيات

22-06-2022
بيستون عثمان
سفير اسبانيا لدى العراق بيدرو مارتنيز آفيال
سفير اسبانيا لدى العراق بيدرو مارتنيز آفيال
الكلمات الدالة اسبانيا العراق بيدرو مارتنيز آفيال
A+ A-
 
رووداو ديجيتال

قال سفير اسبانيا لدى العراق، بيدرو مارتنيز آفيال، في مقابلة مع شبكة رووداو الإعلامية، انه وخلال قصف حلبجة بالسلاح الكيمياوي عام 1988 كان حينها دبلوماسياً شاباً يعمل في السفارة الاسبانية ببغداد، وزار كوردستان، مضيفا: "لم اتمكن من دخول حلبجة، لكني رأيت بعض القرى الصغيرة المدمرة والتي جُمع سكانها في المدن الكبيرة. كان الوضع متزعزعاً كثيرا. أنا شهدت ذلك الوضع".
 
وأوضح انهم حينها كسفراء للاتحاد الأوروبي، أخبروا بلدانهم بالإبادة الجماعية "وقتها كتبنا تقريرا قوياً جداً وقمنا بادانة الواقعة ونقلنا المعلومات عنها لحكومات بلادنا"، لكن الاتحاد الأوروبي لم يتخذ اي موقف بشأن قصف حلبجة بالكيماوي.
 
سفير اسبانيا لدى العراق بيدرو مارتنيز آفيال، اضاف في المقابلة: "حققت شركاتنا أكثر الاستثمارات في اقليم كوردستان، لأننا نعرف ان كوردستان منطقة مناسبة جدا للاستثمار وفيها فرص كثيرة"، مبينا انه كان لاسبانيا تواجد أكبر بالعراق خلال الثمانينيات والآن هم يريدون الوصول لنفس المستوى في العراق، "حكومة بلادي مصممة على إعادة بناء ما كان قائماً في الثمانينيات".
 
وأدناه نص المقابلة:
 
رووداو: سعادة السفير بيدرو مارتينيز آفيال، شكراً جزيلاً على هذه الاستضافة وأهلاً بكم في رووداو.
 
بيدرو مارتينيز آفيال: شكراً بيستون. يسرني أننا هنا معاً.
 
رووداو: شكراً. أود البدء بالعودة إلى التاريخ. كنتم هنا قبل ثلاثة عقود من الآن. جئتم إلى العراق في العام 1987، وعماتم هنا سنتين، وها أنتم هنا من جديد. هل لكم أن تخبرونا عن التغير الذي شهده العراق خلال هذه الفترة؟
 
بيدرو مارتينيز آفيال: تغيرت أمور كثيرة. كنت حينها هنا كدبلوماسي شاب. سنتي الأولى كانت السنة الأخيرة للحرب الإيرانية العراقية. كان عدد سكان العراق حينها 17 مليون نسمة فقط، وقد بلغ الآن 41 مليوناً. المدن تغيرت. النسق السياسي تغير بالكامل. أصبح عندكم الآن بلد حر ومنفتح. عاد الكثير من الناس الذين كانوا هاربين حينها. البلد مختلف تماما. في البداية، ظننت أن تجربتي السابقة ستخدمني في مهمتي الجديدة، لكن الأمر لم يكن كذلك لأن البلد تغير.
 
رووداو: هل تغير كل شيء؟
 
بيدرو مارتينيز آفيال: تغير كل شيء.
 
رووداو: في تلك الفترة، وبالتحديد في العام 1988، تعرضت مدينة حلبجة للقصف الكيمياوي. كنت أنت دبلوماسياً شاباً حينها. هل سمعت عن ذلك؟
 
بيدرو مارتينيز آفيال: أجل، سمعت عنه بالتأكيد. لم أسمع عنه فقط، بل زرت كوردستان أيضاً. لم أتمكن من دخول حلبجة، لكني رأيت عدداً من القرى الصغيرة التي تعرضت للتدمير وتم جمع أهاليها في المدن الكبيرة. الوضع كان غاية في السوء. أنا بنفسي شهدت ذلك الوضع.
 
رووداو: هل جاءت زيارتك تلك في العام 1988؟
 
بيدرو مارتينيز آفيال: أجل كانت في 1988. زرت كوردستان عدة مرات، لكن لا أذكر تواريخ الزيارات. إلا أني ذهبت إلى كوردستان بعد الهجوم على حلبجة وتدمير القرى.
 
رووداو: لكن لم يكن لبلدكم أي موقف من تلك الهجمات حينها..
 
بيدرو مارتينيز آفيال: أذكر أننا كتبنا حينها تقريراً قوياً جداً، بصفتنا سفراء لدول الاتحاد الأوروبي في العراق. قمنا بإدانة ما جرى ونقلنا معلومات عنها لحكومات بلادنا. كان موقفنا بالتأكيد منتقداً لعمليات القتل الجماعي تلك.
 
رووداو: الآن وقد عدتم إلى العراق بعد مرور ثلاثة عقود، تخبرونني بأنكم شهدتم بلداً مختلفاً تماماً. بعد عودتكم مباشرة، أجريت الانتخابات. أعتقد أنها أجريت بعد وصولكم إلى بغداد بشهرين..
 
بيدرو مارتينيز آفيال: نعم.
 
رووداو: لكن مرت ثمانية أشهر على الانتخابات، ولا توجد في البلد حكومة جديدة. ما رأيكم في هذا الركود السياسية؟ ألا ترون أن هذه الأوضاع قد تثير معها العنف؟
 
بيدرو مارتينيز آفيال: كما قلتم، جرت الانتخابات بعد وصولي إلى العراق بشهرين، ولم تتشكل حكومة جديدة بعد. في الحقيقة، هذا الوضع عادي في الأنظمة الديمقراطية. فحتى بعض الدول عندنا في أوروبا تواجه هكذا ظروف، وأحياناً يستغرق تشكيل حكومة وقتاً. لذا فإن ما يجري في العراق ليس أمراً غير طبيعي. الأمر الوحيد الذي على العراق أن يواجهه، هو أن هناك مجموعة قرارات جادة ينبغي أن يتخذها. الأشهر الأخيرة شهدت مجموعة أحداث لا توجد حتى الآن أي قرارات تتعامل معها. لهذا من المهم جداً أن تكون هناك حكومة جديدة تستطيع اتخاذ تلك القرارات. حكومة جديدة ذات برنامج كونكريتي. من دواعي الارتياح أننا رأينا مجلس النواب يصدر قانوناً جديداً يضع موازنة أكبر تحت تصرف الحكومة الحالية. هذه خطوة جيدة في الاتجاه الصحيح. لكن هناك أموراً كثيرة يجب أن تنجزها حكومة جديدة.
 
رووداو: ما هي أهم تلك الأمور؟
 
بيدرو مارتينيز آفيال: مشكلة المياه واحدة من أهم مشاكل هذا البلد. هناك الكثير من الخطوات الجدية التي ينبغي أن تتخذ لحل هذا المشكلة. الإصلاحات الاقتصادية هي من الأمور الأخرى. مساعدة القطاع الخاص. فالعراق كما تعلم يعتمد القطاع العام في الأغلب. كما أن النفط والغاز هما المصدر الاقتصادي الرئيس، وهذا ليس صحياً في اقتصاد بلد. هناك الكثير من الإصلاحات اللازم اتخاذها في المجال الاقتصادي. خلا ذلك، هناك الإصلاحات في قطاع الصحة، وبالتأكيد لا يزال الأمن يمثل مشكلة كبرى في العراق. كذلك الحرب على داعش. هناك أيضاً مجموعة خلافات ترتبط بالدستور تحتاج إلى حل، وقد برزت تلك الخلافات بوضوح في الأشهر والأسابيع الأخيرة.
 
رووداو: كذلك الخلافات بين حكومة إقليم كوردستان وبغداد؟
 
بيدرو مارتينيز آفيال: نعم، ولكن ليس تلك الخلافات وحدها. الدستور العراقي بحاجة إلى تطوير. تمت المصادقة على هذا الدستور في العام 2005، وهناك مواضيع عديدة ينص الدستور على حسمها في ما بعد من خلال إصدار قوانين، ومنها ملف النفط والغاز مثلاً، وليس هذا الوحيد بل هناك أمور كثيرة مشابهة.
 
رووداو: هذا يعني أنك تخبرني أن حل الخلافات بين أربيل وبغداد حول ملف النفط والغاز وتقديم مشروع القانون للبرلمان العراقي والتصويت عليه...
 
بيدرو مارتينيز آفيال: بصفتي سفيراً، لا أستطيع الخوض في تفاصيل السجالات المرتبطة بهذا الموضوع. لكن من المعلوم أن للموضوع جانباً قانونياً، وله في نفس الوقت جانب سياسي أيضاً. سرّني أن سمعت من رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي القول "إن هناك فرصة للحوار والتوصل إلى نتيجة بخصوص هذا الملف". أعتقد أن أفضل الطرق لحل المشاكل، هو بالتأكيد في إطار القانون والدستور، لأن على كل دولة أن تحترم قوانينها الدستورية. بهذا يمكن التباحث بشأن كل المواضيع.
 
رووداو: هذا صحيح، لكن هناك دوراً للفاعلين غير المنتمين للدولة، صحيح أن الكاظمي يبعث رسائل إيجابية، ولحكومة إقليم كوردستان رسائل إيجابية، والبرلمان يعمل بطريقة من الطرق. لكن هناك فصائل مسلحة هي رسمية من جهة ومن الجهة الأخرى خارجة عن القانون، ولها بالتأكيد تأثيرات على مؤسسات الدولة الرسمية. كيف يمكن للحكومة العراقية أن تتعامل مع هذه الفصائل؟
 
بيدرو مارتينيز آفيال: هذا شأن داخل عراقي، ربما بن يكون بإمكاني كسفير الخوض فيه. واضح أن على الحكومة الجديدة، عندما تشكل، حسم موقع هذه الفصائل المسلحة مع الأطراف السياسية. معلوم أن هذا واحد من مشاكل هذا البلد، ووجود هذه الفصائل سبب آخر يدعو لتشكيل حكومة جديدة تعيد تنظيم مكانتها. هذا الموضع شائك للغاية.
 
رووداو: مادمنا نتحدث عن تلك الفصائل المسلحة، أود أن أسألك عن الهجمات التي تشنها على إقليم كوردستان. في الأيام الأخيرة كان لهم هجوم استهدف أربيل، وهو لم يكن الوحيد، بل أنهم يستهدفون أربيل باستمرار. ما هو موقفكم من تلك الهجمات؟
 
بيدرو مارتينيز آفيال: أنا أدين تلك الهجمات بالتأكيد، كل تلك الهجمات التي تستهدف مواقع مدنية وكذلك التي تستهدف مواقع عسكرية. هذا مخالف للقانون تماماً. مهما كان الذي نفذ الهجمات، أنا أدينها بشدة وأعرب عن امتعاضي منها. ليس واضحاً تماماً من الذي يقف وراء تلك الهجمات، هل هي فصائل مسلحة أو أشخاص مدنيون، هذا لا يهم، مهما كان الذي يقف وراء الهجمات فليس مقبولاً منه.
 
رووداو: لو عدنا إلى الخطر الذي يمثله داعش، ألا ترى أن هذا الركود السياسي من جهة، والأوضاع الأمنية في المناطق المتنازع عليها من جهة أخرى، توفر لداعش فرصة العودة بصورة أنشط؟
 
بيدرو مارتينيز آفيال: هذا متوقع. فأمن تلك المناطق أضعف من أمن المناطق الأخرى وداعش يستفيد من تلك الظروف. هذا هو ما أسمعه من أغلب السياسيين من الأطراف المختلفة، بل يمكنك أن تلمس هذه الظروف بوضوح من الأخبار أيضاً.
 
رووداو: هناك منذ فترة طويلة، حوار بين إقليم كوردستان وبغداد لحل الأوضاع في هذه المناطق وتشكيل قوات مشتركة لحمايتها، لكنهما لم يتوصلا من العام 2017 إلى النتيجة التي يجب أن يتوصلوا إليها. صحيح أن هناك عمليات مشتركة، لكن لم يتم حتى الآن نشر قوات مشتركة في المنطقة. ألا ترى أن التحالف المضاد لداعش أو ناتو في العراق، يقع على عاتقهما واجب في سياق نشر قوات مشتركة في هذه المناطق؟
 
بيدرو مارتينيز آفيال: المؤسستان كلتاهما، التحالف المضاد لداعش وناتو في العراق، يعملان في إطار مجموعة قوانين وسياقات، وهذا الإطار حددته الحكومة العراقية. هم يمدون القوات العراقية بالمشورة، واليتولون تدريبهم، وهذا بناء على طلب الحكومة العراقية. بالتأكيد سيستمرون في أداء مهامهم. أنا متيقن أنهم يساعدون القوات العراقية في هذا الإطار وفي حل تلك المشكلة أيضاً، لأنهم يدربون القوات العراقية على مواجهة العدو. لا تزال الحكومة العراقية بحاجة إليهم، ولهذا لم تقل لهم حتى الآن إننا لم نعد نريدكم.
 
رووداو: أنا أقصد في الغالب سؤالك عن نوع من الوساطة الخارجية بين أربيل وبغداد. أنظر، خمس سنوات هي فترة طويلة جداً. هناك حوار بين بغداد وأربيل منذ خمس سنوات، لكن عندما تذهب إلى أرض الواقع، تجد أنهما لم يتوصلا إلى نتيجة بعد. ألا ترى أنه حان الوقت ليكون للمجتمع الدولي دور في الوساطة بين أربيل وبغداد؟
 
بيدرو مارتينيز آفيال: أعتقد أن هذا موضوع غاية في الحساسية. هذه المشاكل الداخلية للعراق، يجب أن تحلها الأطراف العراقية بنفسها، وليست أطراف ثالثة. الوساطة تأتي عندما يطلب الطرفان من أحدهم التوسط بينهما. في تلك الحالة، إذا طلبت أربيل وبغداد كلتاهما ذلك، من الممكن أن يأتي طرف دولي، كأن يكون منظمة أو مؤسسة، ويضطلع بتلك المهمة، ومن المحتمل أن يؤدي ذلك إلى انتقال القضية إلى مرحلة أخرى. أما تدخل دول أجنبية في هذه المواضيع المرتبطة بالداخل العراقي، فلا أتصور أن يكون فكرة حسنة.
 
رووداو: ما دمنا تحدثنا عن التحالف المضاد لداعش، فما هو الدور الذي تمارسه إسبانيا في إطار هذا التحالف؟
 
بيدرو مارتينيز آفيال: إسبانيا تدعم العراق من البداية، في بداية مرحلة نقل العراق من الدكتاتورية إلى الديمقراطية، بدءاً بإسقاط نظام صدام حسين ووصولاً إلى هذه السنوات الأخيرة. ساعدنا العراق باستمرار. مستمرون كذلك في تقديم المساعدة للقوات المسلحة العراقية، وهذا يجري بالتأكيد تلبية لطلب القوات العراقية وإلى الوقت الذي يطلب منا العراق الاستمرار. هذا كلفنا الكثير، لكننا واصلناه. شارك خمسون ألف مواطن إسباني في تلك المساعي الرامية لمساعدة العراق، على طول هذه الفترة.
 
رووداو: خمسون ألفاً؟
 
بيدرو مارتينيز آفيال: أجل، خمسون ألفاً، لأننا كنا نستبدلهم بصورة فصلية.
 
رووداو: طوال تلك الفترة. ليس أن يكون خمسون ألف إسباني متواجدين هنا حالياً.
 
بيدرو مارتينيز آفيال: أجل، على مدى هذه الفترة. حتى أن بعضهم فارق الحياة بينما كانوا يعملون على تثبيت الأمن في هذا البلد، ولا نزال هنا ونشعر أننا قريبون جداً من كل شيء يجري في العراق. سنواصل تقديم الدعم القوي لشعب وحكومة العراق. أعتقد أن هناك مستوى عالياً من التنسيق بيننا. في كل مرة، عندما ألتقي وزير الدفاع ومسؤولي وزارة الخارجية أو مستشار الأمن الوطني، يخبرونني أنهم راضون جداً عن المساعدات الإسبانية للعراق في إطار التحالف الدولي للقضاء على داعش ومهمة ناتو. نحن سعيدون جداً بهذا وسنستمر فيه، وهذا يشهد على قوة العلاقات بين العراق وإسبانيا.
 
رووداو: عن المتانة في العلاقات بين العراق وإسبانيا.. ما هو مصدر أو أساس هذه العلاقات المتينة؟ دعني أطرح السؤال هكذا: ما هي أولوياتكم عند الحديث عن السياسية الخارجية الإسبانية؟
 
بيدرو مارتينيز آفيال: يمكنني القول إن للسياسة الخارجية الإسبانية ثلاثة خطوط رئيسة. أولها، علاقاتنا مع الاتحاد الأوروبي، وقد تحول هذا إلى جزء من سياستنا الداخلية. بعد أوروبا، المجالان الرئيسان في سياستنا الخارجية هما علاقاتنا مع أميركا اللاتينية، لأسباب معروفة للجميع، والآخر هو بالتأكيد علاقاتنا مع الدول العربية. يمكنني أن أخبرك أن علاقاتنا مع الدول العربية تمت تنميتها كثيراً جداً في السنوات الأخيرة، وبصورة أسرع من تلك التي مع أميركا اللاتينية. لدينا جسور علاقات متينة مع أميركا اللاتينية، وكانت لنا دائماً علاقات جيدة للغاية مع الدول العربية. في السنوات الأخيرة، تركزت ثمار هذه العلاقات التاريخية أكثر. هذه العلاقات مستمرة على المستويات السياسية والاقتصادية والأكاديمية والثقافية. هذا مهم لنا جداً. بعيداً عن هذه الخطوط الثلاثة، لدينا بالتأكيد علاقات ثنائية تواصل التقدم مع دول أخرى، مثل الولايات المتحدة، كشريك. لكن للدول العربية مكانة خاصة جداً عندنا. سبب هذه المكانة المهمة هو تواجد العرب ثمانية قرون في إسبانيا. خلال تلك الفترة، ترك العرب آثارهم على مجتمعنا، ومن جميع النواحي. خلفوا لنا تركة جميلة جداً. أجمل مباني العرب في كل العالم قائمة في بلدنا. بل أنهم تركوا أثراً على اللغة الإسبانية أيضاً. فعندنا كلمات إسبانية كثيرة لها أصول عربيسة، فنحن أيضاً نقول (قميصا، بنطلون، ألمادا) وهناك كلمات كثيرة نستخدمها في أحاديثنا اليومية. حتى أنهم أثروا على أسلوب عيشنا، وعلى طريقة تصرفنا، وعلى علاقاتنا الاجتماعية والعائلية. أريد القول إن هناك موروثاً كبيراً يمكن تلمّسه في جميع مجالات الحياة اليومية. في إسبانيا هناك مشاعر كبيرة تجاه الصداقة مع العرب، والناس تحب أبناء الدول العربية، وتحب السفر إلى الدول العربية.
 
رووداو: خاصة إلى دول شمال أفريقيا. لكن عندما نتحدث عن دول الشرق الأوسط، كيف يكون الموضوع؟ مثلاً، أخبرني عن مكان ومكانة العراق في السياسية الخارجية الإسبانية..
 
بيدرو مارتينيز آفيال: هناك أشياء كثيرة يجب إنجازها في العلاقات بين العراق وإسبانيا، وهذا بالضبط ما أعمل على إنجازه. أعتقد أنه قبل 30 سنة عندما كنت هنا للمرة الأولى، كان لإسبانيا حضور أكبر في العراق. لكن للأسف، أدت سنوات الحرب في العراق والأزمة المالية التي مررنا بها في إسبانيا خلال السنوات الأخيرة، قلصت الحضور الإسباني في العراق. علاقاتنا الاقتصادية نمت بدرجة أكبر مع دول أخرى، لأن الأمور كلها كانت تجري في سياقها العادي. لكن عند تعلق الأمر بالعراق، علينا أن نعمل الآن على تطويرها، ونحن حريصون على هذا.. في سنوات...
 
رووداو: الثمانينيات..
 
بيدرو مارتينيز آفيال: كنت هنا في أواخر الثمانينيات، كان يوجد عدد أكبر من الشركات الإسبانية في العراق. كان لنا حينها مركز ثقافي أكثر نشاطاً. حينها كانت عندنا سفارة ضخمة جداً، بينما هي ليست كذلك الآن. الأمور كانت مختلفة جداً، وأنا الآن أحاول، أحاول..
 
رووداو: تحاول إعادة بناء ذلك..
 
بيدرو مارتينيز آفيال: يجب أن نعيد بناءه. حكومة بلدي مصرة على ذلك وعلى إعادة بناء ما كان قائماً في الثمانينيات بل وتعزيز العلاقات، وهذه هي الإرادة الرئيسة لوزارة الخارجية الإسبانية، لأن سياستنا الخارجية الحالية أكثر نشاطاً مما كانت حينها. هذه هي نواياي القلبية ونوايا وزارة الخارجية الإسبانية. بعثوني إلى العراق لهذا الغرض. كما يمكنني القول إني سأعمل على هذا بكل ما أوتيت من قدرات.
 
رووداو: لكن عندما نتحدث عن الجانب الكوردي من العراق، نجد أنه ليست عندكم قنصلية في أربيل...
 
بيدرو مارتينيز آفيال: هذا صحيح.. صحيح.. صحيح جداً.. أنا راغب جداً في أن تكون لنا قنصلية في أربيل، وهذا سيساعدني كثيراً. المشكلة التي عندنا مع افتتاح قنصلية في أربيل مرتبطة بالأزمة المنهكة التي تعرضنا لها في إسبانيا سنة 2009. منذ ذلك الحين عانينا عجزاً مالياً كبيراً، وأثقلتنا ديون كثيرة. لهذا وجدت الحكومة الإسبانية نفسها مضطرة إلى التقشف الأمر الذي أدى إلى إغلاق قنصلياتنا في مختلف مدن العالم. فمثلاً أغلب التي كانت في الدول الأوروبية تم إغلاقها. لهذا فإن اتخاذ قرار فتح قنصلية جديدة صعب للغاية. عندما كنت أعمل في المكسيك، كنا نعاني من نفس المشكلة. كما تعلم المكسيك دولة كبيرة جدية. مساحتها مليونا كيلومتر مربع، وفيها مجتمع إسباني كبير موزع على مختلف أنحاء المكسيك. حينها كانت عندنا قنصلية وحيدة. عملت كثيراً على فتح قنصلية أخرى، لكننا لم ننجح. الآن، السبب الوحيد لعدم وجود قنصلية لنا في أربيل هو العجز في مواردنا المالية.
 
رووداو: أتفهم هذا.. هل تعاملكم مع إقليم كوردستان يدخل في إطار سياستكم الخارجية تجاه العالم العربي؟ لأن إقليم كوردستان عالم مختلف تماماً. أنا متأكد أنكم زرتم إقليم كوردستان ورأيتموه. أود أن أسأل: كيف تتعاملون مع إقليم كوردستان؟
 
بيدرو مارتينيز آفيال: إقليم كوردستان جزء من العراق حسب الدستور العراقي. صحيح أن لإقليم كوردستان لغته وتاريخه وتقاليده الخاصة به. نحن ندرك ذلك، ولكنه يبقى جزءاً من العراق. نحن ملتزمون بالدستور العراقي. إلى جانب هذا، لدينا علاقات جيدة جداً مع حكومة إقليم كوردستان، ونولي اهتماماً خاصاً بإقليم كوردستان. زرت كوردستان عدة مرات. أزور كوردستان مرة في الشهر أو على الأقل مرة كل شهرين. لأنني أعلم أن كوردستان بحاجة إلى اهتمام خاص. لشركاتنا أكبر استثمارات في إقليم كوردستان، عند مقارنتها بالمناطق الأخرى من العراق، لأننل نعلم أن كوردستان مكان ملائم جداً للاستثمار وفيه الكثير من الفرص. وكلما جاءت وفود رسمية إسبانية إلى بغداد، أكملت زياراتها بزيارة أربيل. يزورون أربيل دائماً. نحن ندرك أهمية إقليم كوردستان وتميزه. هذا تم إقراره في الدستور العراقي أيضاً.
 
رووداو: تحدثتم عن العلاقات الاقتصادية والشركات الإسبانية في إقليم كوردستان. هل ستواصل شركتكم الوحيدة العاملة في قطاع النفط والغاز في إقليم كوردستان نشاطاتها؟
 
بيدرو مارتينيز آفيال: في المرحلة الحالية، نعم. شركة ريبسول هي الشركة الإسبانية الوحيدة العاملة في قطاع النفط والغاز في إقليم كوردستان. إلى جانبها، عندنا شركات أخرى صغيرة تعمل في قطاع خدمات الشركات النفطية.
 
رووداو: هي شركات مقاولات، وتعاقدات، وسؤالي هو عن الشركات المشغِّلة.
 
بيدرو مارتينيز آفيال: كشركة مشغلة عندنا شركة ريبسول هناك.
 
رووداو: وهي ستواصل أعمالها.
 
بيدرو مارتينيز آفيال: نعم، على حد علمي هي ستستمر، هم فرحون بعملهم.
 
رووداو: آخر المواضيع التي نتحدث عنها، هو موضوع العلاقات الثقافية. في السنة الماضية حضرت حفلاً فنياً، تم خلاله المزج بين فلامينغو الإسبانية والدبكة الكوردية. كان مزيجاً جميلاً للغاية. أخبرني ما هي خططكم لإرساء المزيد من العلاقات على المستويين الثقافي والتربوي؟
 
بيدرو مارتينيز آفيال: كما أخبرتك، نحن نولي اهتماماً كبيراً بإقليم كوردستان. فكلما جاء فريق ثقافي من عندنا أوفدنا إلى كوردستان، إلى أربيل. كما تعلمون، هناك مزج كثير بين فلامينغو وبين التقاليد العربية في إسبانيا، لكنه متناسق جداً مع الثقافة الكوردستانية. كلما كان لنا نشاط في هذا السياق في كوردستان، حقق نجاحاً كبيراً. سنستمر في هذا. أنا على ثقة أن أهالي كوردستان يستمتعون كثيراً بالموسيقى والغناء الإسبانيين ورقصة فلامينغو. أهالي كوردستان مفعمون بالحيوية ويعرفون كيف يتمتعون، مثل أهلنا في إسبانيا. كما أن الموسيقى رابط مدهش للتقريب بين المجتمع الكوردي والمجتمع الإسباني.
 
رووداو: هل لديكم أي برامج للتبادل العملي أو تنمية الكفاءات لتبادل الطلبة العراقيين والإسبانيين؟
 
بيدرو مارتينيز آفيال: عندنا برنامج لتنمية الكفاءات للأجانب بصورة عامة.
 
رووداو: هل شارك فيه أحد من العراق؟
 
بيدرو مارتينيز آفيال: أعمل على زيادة عدد المقاعد المخصصة للطلبة العراقيين، للعراق العربي ولكوردستان، ليتمكنوا من الذهاب إلى إسبانيا. أعتقد أن برامج تبادل الطلبة هو أضل السبل للتقريب بين البلدان. لدينا تجارب جيدة في أوروبا، فهناك برنامج إيراسموس الذي يمكّن الطلبة الإسبانببن من الدراسة في الجامعات الأوروبية، في باريس وفي السويد وغيرها من دول أوروبا. هذه طريقة جيدة جداً للجمع بين شبابنا. لهذا سيكون من خير الأمور أن نأخذ شباب هذا البلد إلى إسبانيا وبالعكس. سيسعدني كثيراً أن أرى طلبة إسبانببن يدرسون في السليمانية أو في أربيل أو في بغداد. فهذا هو في الحقيقة خير الطرق للتقريب بين مجتمعاتنا من أجل بناء علاقات أفضل.
 
رووداو: بيدرو، شكراً لأنك كنت معنا. على أمل أن يتكرر اللقاء، وهذه المرة في كوردستان.
 
بيدرو مارتينيز آفيال: شكراً جزيلاً بيستون. أرجو أن ألقيك في كوردستان قريباً جداً.
 
رووداو: شكراً.
 

تعليقات

علق كضيف أو قم بتسجيل الدخول لمداخلات أكثر

أضف تعليقاً

النص المطلوب
النص المطلوب
 

آخر الأخبار

 الرئيسة المشتركة لدائرة العلاقات الخارجية في الإدارة الذاتية، إلهام أحمد

إلهام أحمد لرووداو: وجود إدارات ذاتية في سوريا سيخفف العبء عن كاهل دمشق

أفادت الرئيسة المشتركة لدائرة العلاقات الخارجية في الإدارة الذاتية، إلهام أحمد، في مقابلة خاصة مع شبكة رووداو الإعلامية، أن المفاوضات بين المجلس الوطني الكوردي (ENKS) وحزب الاتحاد الديمقراطي (PYD) قد بلغت مرحلتها النهائية، مشيرةً إلى ضرورة عقد المؤتمر الكوردي خلال الشهر الجاري.