رووداو ديجيتال
حث السفير الياباني في العراق، فوتوشي ماتسوموتو، جميع العراقيين على زيارة حلبجة سنوياً، بغض النظر عما إذا كانوا كورداً أم لا، مشدداً على ضرورة أن تبقى "الجرائم ضد الإنسانية" عالقة في ذاكرة الناس، كي لا تحدث مجدداً.
وقال فوتوشي ماتسوموتو في مقابلة مع شبكة رووداو الإعلامية، إن "تحويل حلبجة إلى المحافظة العراقية الـ 19 خطوة جيدة جداً من الحكومة العراقية"، مؤكداً في الوقت نفسه ضرورة تكون هناك جهود فردية هادفة للتذكير بما حدث.
يشار إلى أن مجلس الوزراء العراقي وافق في (13 آذار 2023) على مشروع قانون استحداث محافظة حلبجة في جمهورية العراق، وإحالته إلى مجلس النواب.
أدناه نص مقابلة شبكة رووداو الإعلامية مع السفير الياباني في العراق، فوتوشي ماتسوموتو:
رووداو: لنتحدث أولاً عن جولتك هنا (اليابان) مع عدد من أعضاء البرلمان العراقي. هل لكم أن تتحدثوا عنها باختصار؟
فوتوشي ماتسوموتو: في الحقيقة عدت (إلى اليابان) مع أربعة نواب عراقيين، اثنان منهم كورد، أحدهم من أربيل والآخر من السليمانية. رافقتهم، ونحن هنا معاً في طوكيو، كيوتو وهيروشيما. كانت جولة استغرقت نحو أسبوع، كي يتمكن النواب العراقيون من الاستفادة من التجربة اليابانية، وأن يتبادلوا (الآراء) مع السياسيين اليابانيين. وكانت جولة ممتعة.
رووداو: الوفد زار النصب التذكاري للقصف النووي لهيروشيما كما علمنا. ونعلم أن هيروشيما وناكازاكي ستستضيفان اجتماعات G7 في شهر أيار القادم. أو أن أسأل عن الذي قدمته الحكومة اليابانية للمدينتين اللتين تعرضتا إلى القصف النووي؟
فوتوشي ماتسوموتو: هيروشيما وناكازاكي باقيتان في قلوبنا، في قلوب اليابانيين. هما نوع من رمز السلام. لقد مات نحو 210 آلاف شخص بلمح البصر عند القاء القنبلتين عليهما. ما حدث كان مأساوياً جداً. يجب أن يبقى حياً في قلوبنا، ليس في قلوبنا وحسب، إنما في قلب كل إنسان، لذلك يدفعنا للعمل من أجل السلام في اليابان، لأن السلام جزء أساسي من دبلوماسيتنا في العالم.
رووداو: مع اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية، برز التهديد النووي من جديد. ما أود قوله أن هيروسيما وناكازاكي بإمكانها أن يشكلاً منطقاً للضغط من أجل منع الأسلحة النووية وأسلحة الدمار الشامل بشكل عام.
فوتوشي ماتسوموتو: هذا صحيح. في الحقيقة رئيس الوزراء فوميو كيشيدا من هيروشيما. وهو مُصر على استضافة عدد من اجتماعات G7 في شهر أيار القادم، ويأتي ذلك لأن اليابان تولي أكبر قدر من الاهتمام بأسس السلام، ونحن نقف بالضد من استخدام والتهديد بالأسلحة النووية تماماً.
في هذا الوقت الحساس حيث تتصاعد الأزمات في أوكرانيا يوماً بعد يوم، والتي تتضمن التهديد باستخدام السلاح النووي، أعتقد بأنه في غاية الأهمية ليابان كي تظهر إصرارها على توجيه رسالة السلام للعالم الذي يمكن للبعض فيه أن يتصوروا استخدام الأسلحة النووية.
رووداو: تعلمون بأن ذكرى القصف الكيماوي لحلبجة والتي كانت مأساة كبيرة تمر هذه الأيام. أين ترون القاسم المشترك بين ملفات هيروشيما وناكازاكي وحلبجة؟
فوتوشي ماتسوموتو: بالتأكيد فإن الظرف التاريخي يختلف بين هيروشيما وناكازكي وبين حلبجة، لكن هذا العام، وبالتحديد هذا اليوم، 16 آذار 2023، تمر 35 عاماً على ذلك الحدث المأساوي الذي وقع في حلبجة إثر استخدام الأسلحة الكمياوية والقتل الجماعي لآلاف الأشخاص الأبرياء.
جميعنا نؤمن بأن ذلك عمل ضد الإنسانية، وعلينا أن نقوم بإحياء هذا اليوم من أجل الإنسانية، وهذا نوع شائع من التفكير نتشاركه بين هيروشيما وناكازاكي وحلبجة. علينا أن نذكّر أنفسنا والعالم بضرورة الاستمرار على أسس السلام، كي لا يتجرأ أحد أبداً على اللجوء للاسلحة الكيماوية أو النووية.
رووداو: لقد وافقت الحكومة العراقية على مشروع قانون استحداث محافظة حلبجة، لكنه مازال بحاجة إلى إقراره في البرلمان، كما أن الخدمات لا تزال قليلة هناك. بودنا أن نعرف هل استجابت الحكومة اليابانية لاحتياجات هيروشيما وناكازاكي؟ نعلم بأننا نتحدث عن سنوات طويلة قبل قصف حلبجة.
فوتوشي ماتسوموتو: هذه نقطة مثيرة جداً. كل شخص في اليابان، في المدارس من المرحلة الإبتدائية إلى الإعدادية، أينما كانوا، يزورون هيروشيما وناكازاكي، حيث يزور كل شخص المتحف التذكاري للسلاح النووي، ويتذكر ما حدث هناك، وفي الحقيقة فإن هذا الأمر ضروري جداً في العراق.
أعتقد بأنه يجب أن يزور كل المواطنين العراقيين حلبجة. وأنا أود زيارتها بعد عودتي إلى بغداد، حيث يجب أن تبقى الجرائم ضد الإنسانية عالقة في ذاكرة الناس، ليقوم كل شخص بتذكير نفسه بأن ذلك يجب ألا يحدث مجدداً، وعليه أحث جميع العراقيين زيارة حلبجة سنوياً، بغض النظر عما إذا كانوا كورداً أم لا.
رووداو: هيروشيما وناكازاكي معروفتان على صعيد العالم، وتشكلان جزءاً من تاريخ اليابان. لقد بُذلت مساعي للإعتراف بحلبجة كإبادة جماعية للكورد بصورة عامة، لكن هناك الكثير من العقبات. ندرك بأن مأساة هيروشيما وناكازاكي أكبر بكثير، لكن ما حدث في حلبجة لا يزال جريمة ضد الإنسانية. لماذا تسلط الأضواء على بعض الجرائم أكثر من غيرها؟
فوتوشي ماتسوموتو: أعتقد بأن تحويل حلبجة إلى المحافظة العراقية الـ 19 خطوة جيدة جداً من الحكومة العراقية، لكن في الوقت نفسه يجب أن تكون هناك جهود فردية هادفة للتذكير بما حدث. أتصور بأن هذا هو ما قام به اليابانيون فرداً فرداً لاستذكار هيروشيما وناكازاكي، لأن الجروح كانت عميقة جداً، حيث قضي على 210 آلاف شخص بلمح البصر. لذا، أرى بأن الحزن والألم لما حل بهيروشيما وناكازاكي كانا عميقين في دواخلنا، وأعتقد بأن ذلك يصح أيضاً بالنسبة لحلبجة. آمل أن يتذكر الشعب العراقي ذلك إلى الأبد.
ترجمة وتحرير: اياد عاشور
تعليقات
علق كضيف أو قم بتسجيل الدخول لمداخلات أكثر
أضف تعليقاً